حينما تم تكوين المجلس القومي للآداب والفنون في الخرطوم كان ذلك استجابة لنداءات بعض المثقفين. وكانت المبادرة للراحل الأستاذ عبد الله حامد الأمين على صفحات مجلة القصة السودانية التي صدرت في عام (60-1961م). وتقلبت بالمجلس الأحوال، عبر عهود مختلفة في سياساتها ولكنها أبقت على المجلس وسيلة اتصال بين (السلطة) والأدباء والفنانين. وفي تجارب الدول المماثلة لنا ظل مثل هذا المجلس بتسميات مختلفة موجوداً منذ عقود، وفاعلاً في النشاط الثقافي.. والآن تتردد نغمة حل المجلس... وفي ساحات هذا المجلس كان يتم احياء النشاط الثقافي، وبميزانية شحيحة لا تكاد تفي بالنذر اليسير الذي يكفي لتسيير نشاط ثقافي.. ولكن احساس القائمين بهذا المجلس، وهم ممن شهدوا تلك الفترة التي كانت تجتمع فيها لجان المجلس في الشعر والقصة والرواية والتشكيل والمسرح والنقد والدراسات،ويؤمها كبار الأساتذة من الراحلين: عون الشريف قاسم، عثمان علي نور، جعفر حامد البشير، مهدي محمد سعيد، محي الدين فارس، مصطفى سند، مصطفى طيب الأسماء، ...الخ، ومن الأحياء أمد الله في أيامهم سيف الدين الدسوقي، صالح عركي، البروفيسور يوسف فضل ...الخ. والمجلس تحمل عبء النشاط الثقافي، وكان المطلوب أن تكون له فروع في كافة الولايات السودانية، وهو يختلف في طبيعته ووظيفته وتكوينه عن المؤسسات الثقافية (الرسمية) باحتضانه للنشاط الأهلي. فالعمل الثقافي عمل فردي وذاتي وأهلي لارتباطه بالابداع.. فالمجلس ينبغي أن يدعم، وأن يزود بالميزانيات الكافية لابراز وجه السودان الحضاري المشرق، لا أن يلغى ويحل، وكفى بدرس الهيئة القومية للثقافة والفنون، وهذا الدرس وحده يكفي لنعرف كيف تخبطنا في سياساتنا الثقافية!