تقرير: صديق رمضان: كل المعطيات كانت تشي بان صبر السلطة الاقليمية قد وصل الي منتهاه ، وبات راجحا حسب هذه المعطيات صدور قرار بتعليق مشاركتها في السلطة علي الاصعدة كافة مركزيا وولائيا تعبيرا عن عدم رضا الحركة من سير تنفيذ اتفاقية الدوحة ،علاوة علي تعمد الحزب الحاكم وضع المطبات في طريق مشاركتها بولايات دارفور بحسب قادتها، وهو الامر الذي دفع قيادة الدولة الي الدخول في اجتماعات مطولة امس مع رئيس السلطة الاقليمية ونوابه للحيلولة دون حدوث انهيار لاتفاقية سلام الدوحة . ولم ترشح انباء عن مخرجات اجتماعات الامس التي استمرت لفترتين صباحية ومسائية حتي كتابة هذا التقرير،الا ان ماحدث بولاية غرب دارفور كان رسالة واضحة من حركة التحرير والعدالة مفادها انها يمكن ان تمضي بعيدا في اتخاذ قرارات حاسمة فيما يتعلق بالمشاركة في السلطة وهو الامر الذي ربما يضع اتفاقية الدوحة في مهب الريح ،واذا كانت السلطة الاقليمية بقيادة الدكتور التجاني السيسي ظلت تؤكد عدم رضائها من سير كافة بنود الاتفاقية ،فان قيادة التحرير والعدالة بغرب دارفور ومنذ بداية مشاركتها في السلطة كانت تشكو من تعامل الشريك حزب المؤتمر الوطني،وكان قرار حجب الثقة من وزير الصحة أحمد اسحق مدني المنتمي للحركة بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير ،وهو السبب الذي جعل حركة التحرير والعدالة تلوح باتخاذ قرار بتعليق المشاركة في السلطة مركزيا وولائيا. وكان تشريعي غرب دارفور حجب الثقة من وزير الصحة أحمد اسحق مدني بثلثي الاعضاء ،وارجع رئيس المجلس التشريعي جعفر اسماعيل القرار الي مخالفة الوزير للمادة «10» من دستور الولاية والمتعلقة بفرض رسوم اضافية علي العمليات الجراحية دون اعتماد مالي ،لافتا في حديث ل«الصحافة» الى أن السبب الثاني يعود الي ادلاء الوزير بمعلومات غير صحيحة حول مستشفى هبيلا،وكان المجلس التشريعي قد رفض من قبل اجازة بيان وزير الصحة حيث صوت ضده 23 عضوا ،بينما اجازه 12 عضوا وقام بتكوين لجنة للتحقيق فيه واوصت بعد رصدها 23 مخالفة بحجب الثقة عن الوزير، وينتمي الذين صوتوا ضد بيان وزير الصحة للمؤتمر الوطني ،فيما يتبع 12 عضوا المساندون للوزير الي حركة التحرير والعدالة وعدد من الاحزاب المشاركة في السلطة. و ذات الوزير وقف قبل عام وراء تأخير اعلان حكومة الولاية لمدة 6 اشهر عقب تعيين الوالي الحالي وذلك بسبب الخلاف بين الشريكين المؤتمر الوطني والتحرير والعدالة حول استمراريته ،وبدأت حينها الاسباب التي يستند عليها الحزب الحاكم في رفضه غير معلنة ،الا انه تردد بان المؤتمر الوطني يعتبر الوزير احد الذين عملوا علي تدويل قضية دارفور لذلك ظل يقف ضده ،فيما يشير مراقبون الي ان وزير الصحة نجح في تحقيق العديد من الانجازات التي خلقت له ولحركته كسبا سياسيا كبيرا لم يرض الحزب الحاكم . وكانت حركة التحرير والعدالة قد سارعت الي اصدار بيان عقب حجب الثقة من الوزير اكدت من خلاله رفضها، أي اتجاه لتغيير أعضائها بولاية غرب دارفور، وأعلنت تمسكها بحقها في الشراكة الكاملة مع الحكومة بحسب نص اتفاقية سلام الدوحة، واعتبرت حركة التحرير والعدالة الخطوة بانها محاولة لتقليص نسبة مشاركتهم فى الحكومة الولائية. من جانبه يبدي رئيس الكتلة البرلمانية للتحرير والعدالة بتشريعي الولاية عبدالله ابكر خشيته من انهيار شراكة حزبه مع المؤتمر الوطني بصورة كلية ،وقال ان هناك عراقيل تواجه الحركات المشاركة في السلطة من قبل الحزب الحاكم ،مؤكدا ان هذا من شأنه تنفير الحركات الاخري من الانضمام الي وثيقة الدوحة،معتبرا في حديث ل«الصحافة» اصرار كتلة المؤتمر الوطني بالتشريعي علي سحب الثقة من وزير الصحة بالولاية سلوكا ليس له مبرر لجهة ان الوزير يعتبر احد افضل الوزراء اداء ،وقال ان الاحزاب والحركات المشاركة في حكومة الولاية تري ضرورة استمرار الوزير الا ان المؤتمر الوطني كشف عن لجوئه الي استعمال الاغلبية البرلمانية لتمرير مقترحه دون اسباب مقنعة ،واردف»حتي ائمة المساجد تناولوا هذا الامر عبر منابرهم « ،ويقول ان تعليقهم المشاركة مركزيا يأتي لعدم الرضاء من سير تنفيذ الاتفاقية ،وولائيا من تخوفهم من استعمال المؤتمر الوطني لاغلبيته النيابية لاقصاء كافة منسوبي الحركة المشاركين في السلطة ،ويناشد رئيس الكتلة البرلمانية لحركة التحرير والعدالة الدولة بالتدخل لانقاذ الشراكة بغرب دارفور من الانهيار الكامل بسبب ممارسات المؤتمر الوطني ،خاتما حديثه بلهجة حادة» يريدون من الحركات المسلحة الاخري الانضمام لوثيقة الدوحة ،كيف يحدث ذلك ، فالتي اختارت السلام تتعرض لمضايقات من الحزب الحاكم»؟. الا ان رئيس المجلس التشريعي جعفر اسماعيل ينفي وجود ظلال سياسية علي قرار حجب الثقة من وزير الصحة ،نافيا في حديث ل«الصحافة» اتهام المؤتمر الوطني بالوقوف خلف حجب الثقة من وزير الصحة ،لافتا الي انهم مارسوا حقا دستوريا يندرج ضمن مهام المجلس التشريعي ،رافضا بشدة اتهام الحزب الحاكم بتعمد استهداف وزير الصحة بداعي ماتردد انه من الذين لعبوا دورا في تدويل قضية دارفور ونسبه لنجاحاته ،وقال «لم اسمع بهذا الحديث من قبل ،وهي اتهامات لا اساس لها من الصحة ، ويعود رئيس المجلس التشريعي لينفي مجددا استهدافهم للوزراء غير المنتمين للمؤتمر الوطني ،ويكشف عن اخضاعهم لثلاثة وزراء منتسبين للحزب الحاكم للمساءلة تحت قبة المجلس ،مؤكدا عدم علاقتهم بالتقاطعات والظلال السياسية المرتبطة بقرار حجب الثقة من وزير الصحة ،مشيرا الي انهم مارسوا حقا دستوريا ، وزاد «اذا اراد البعض من المجلس عدم ممارسة ادواره الدستورية تكون هذه كارثة حقيقية». ويقول أحمد أسحق مدنى انه فوجئ بعملية التصويت لسحب الثقة عنه، موضحا ان الحكومة لم تخطره بوجود قصور من جانبه فى وزارته، وقال:»ما حدث أن أعضاء المجلس جاءوا لمؤسسات الصحة وبدون علمي أنا، ورصدوا كمية من الأخطاء في الوزارة، وظهرت في شكل توصيات في المحاسبة، اذا كانت هذه التوصيات أو الملاحظات تم تقديمها لي لتم تصحيح الأوضاع منذ وقت بعيد»،وأضاف مدنى: ان الأخطاء التي تم رصدها، 50% منها ليست مسؤولية وزارته. ويعتقد المختص بملف اتفاقية الدوحة ودارفور عبدالله نيل ان اسباب تعليق حركة التحرير والعدالة لمشاركتها في السلطة امر كان متوقعا ،ويشير في حديث ل«الصحافة» الي ان السلطة الاقليمية ظلت تشير الي عدم رضائها من سير تنفيذ الاتفاقية مركزيا وولائيا خاصة بغرب وشمال دارفور ،وذلك لعدم ايفاء الدولة بتعهداتها وللمضايقات التي يتعرض لها منسوبو الحركة في الاجهزة التنفيذية والتشريعية ،وقال انه رغم مرور عامين علي توقيع الاتفاقية فان كل المبالغ التي استلمتها السلطة الاقليمية لم تتجاوز 150 مليون دولار، وان بند ملف الترتيبات الامنية لم يتم حسمه ،وكذلك نصيب الحركة في الوظائف المدنية والدبلوماسية وغيرها من ملفات،معتبرا ان احجام الدول الخمس دائمة العضوية بمجلس الامن عن تقديم دعم في مؤتمر الدوحة للمانحين الاخير يعود الي عدم رضائها من ضعف تعهدات الحكومة، كما اشاروا في كلماتهم ،لافتا الي ان الحركة وجدت نفسها امام مفترق طرق ولم يكن امامها خيار سوي اتخاذ قرار حاسم وهو تعليق المشاركة الي ان تظهر الحكومة جدية في تنفيذ اتفاقية الدوحة.