فى تطور يعتبر الأول من نوعه بدارفور والولايات قاطبة ، حجب أعضاء المجلس التشريعي بولاية غرب دارفور الثقة عن رئيس المجلس مصطفى محمد إسحاق وذلك فى أول جلسة للمجلس الذى تم تشكيله قبل شهرين، وجاءت الخطوة مفاجئة للعامة ،الا ان مقربين من دوائر الأحداث كشفت عن انها كانت متوقعة لجملة من الأسباب، وكان تشريعي الولاية المنتخب في 2010 قد تم حله عقب زيادة ولايات الإقليم وانقسام ولاية غرب دارفور الى ولايتين «وسط وغرب»، حيث تم اعلان تشكيلة المجلس منتصف شهر مايو الماضي، وطوال السبعة أشهر الماضية لم يعقد جلساته، الا انه كان من المقرر ان يعقد جلسة يوم الاثنين الماضي وهي الأولي له منذ تشكيله ،ولكنها لم تنعقد بسبب عدم اكتمال النصاب، بينما انعقدت يوم «الثلاثاء» الأول من امس ،وهي الجلسة التي وصفت بالعاصفة وشهدت مفاجأة لم تكن تتوقعها قيادة المجلس وذلك حينما تقدم ثلاثون عضوا من مجموع عضوية المجلس البالغة 41 عضوا بمذكرة تطالب بحجب الثقة عن رئيس المجلس، وتم التداول حول المذكرة وأجيزت لتسحب علي أثرها الثقة من رئيس المجلس، وسيعقد المجلس جلسة في غضون الأيام المقبلة وذلك لانتخاب رئيس جديد للمجلس . يتشكل تشريعي غرب دارفور من أحزاب متعددة أبرزها المؤتمر الوطني الذي ينتمي إليه الرئيس المقال، علاوة علي نواب حركة التحرير والعدالة والمؤتمر الشعبي والاتحادي الأصل وأحزاب أخري، ومن بين الموقعين علي المذكرة منتسبون للحزب الحاكم ،وارتكزت المذكرة بحسب رئيس كتلة التحرير والعدالة بالمجلس عبد الله ابكر علي عدد من الاسباب قال انها دفعت الأعضاء الثلاثين لحجب الثقة عن الرئيس أجملها في «انفراد الرئيس المقال بالقرارات، والتماطل فى إدارة شؤون المجلس» فضلا عن غياب دور المجلس فى ممارسة مهامه الرقابية والتشريعية لأكثر من خمسة اشهر. وأشار عبدالله في حديث ل«الصحافة» إلى ان ذلك كان له اثر سلبي على الأداء التنفيذي والتشريعي، وقال عبدالله ان انشغال الرئيس بأعماله الخاصة طوال الفترة الماضية في ظل عدم وجود أمين عام للمجلس احدث فراغا كبيرا، واضاف»رئيس المجلس لم يراع الشراكة بين الحزب الحاكم والتحرير والعدالة والتي نصت علي منح الاخير رئاسة عدد من اللجان ». وعلي الصعيد ذاته، كشف مصدر مطلع تحدث ل«الصحافة» عن دوافع أخري قال بانها وقفت وراء قرار الأعضاء بحجب الثقة عن رئيس المجلس، تمثلت في الخلافات الحادة بين قيادات حزب المؤتمر الوطني بالولاية، إضافة الى عدم صرف اعضاء المجلس مرتباتهم لاكثر من ثلاثة أشهر، فيما اعترف رئيس المجلس المقال مصطفى محمد إسحاق في حوار مع «الصحافة» - ينشر لاحقا - بضعف تشريعي ولاية غرب دارفور، عازيا الامر الى عدم وضوح الرؤية حول الجهاز التنفيذي ، الذي أشار الي ان المجلس التشريعي لا يستطيع استدعاء او محاسبة أي من الوزراء بالولاية، وأضاف «لا نستطيع استدعاء الوزراء وذلك لانهم مكلفون ولم يؤدوا اليمين الدستوري حتي الان وفي هذا الحالة يصبح الوزير مواطنا عاديا ليس من حق المجلس محاسبته وهذا يعتبر خللا واضحا عطل من عمل المجلس» على حد قوله. الا ان عضو المجلس التشريعي وممثل الاتحادي نورالدين اسحاق قال ان الدواعي التي استندت عليها المذكرة وخطوات حجب الثقة موضوعية، واشار الى انهم في الاتحادي الأصل أحصوا الكثير من الإخفاقات بالمجلس وحكومة الولاية التي اكد عدم وجود ملموس لها علي ارض الواقع ، وأضاف» هنالك مشكلة غياب تام من حياة المواطن الذي يعاني الكثير علي كافة الأصعدة، معتبرا ان حجب الثقة من رئيس التشريعي خطوة في الطريق الصحيح لإعادة الأمور في الولاية الي نصابها. من ناحيته يشير الناطق الرسمي باسم لجنة حجب الثقة من رئيس المجلس التشريعي والقيادي بالمؤتمر الوطني صلاح ادم عمر الي ان ضعف دور المجلس في الرقابة والتشريع وغياب المؤسسية وعدم اهتمام الرئيس بقضايا المجلس والمواطن وعدم وجود امين عام للمجلس من الاسباب المباشرة لإقالة الرئيس ، ولفت في حديث ل«الصحافة» الي ان المجلس ونسبة للاخفاقات الكثيرة للجهاز التنفيذي بالولاية طالب باستعجال تشكيل الحكومة في مهلة أقصاها عشرة ايام . وقال ان رئيس المجلس لم يتابع هذا القرار الذي اصدره المجلس قبل أشهر، مؤكدا علي ان عدم وجود حكومة تنفيذية بالولاية له اثار سالبة علي حياة المواطن ومجمل الأوضاع السياسية والاقتصادية، وقطع بقانونية خطوة حجب الثقة من رئيس المجلس وذلك لانها جاءت في جلسة رسمية تقدم خلالها اكثر من ثلاثين عضوا بمشروع قرار الإقالة وتمت اجازته والمصادقة عليه عبر ثلثي أعضاء المجلس ، مؤكدا عدم التراجع من الخطوة التي اتخذوها ،لافتا الي ان ما حدث ليس رأي المؤتمر الوطني او الأحزاب الاخري بل قرار نبع من الأعضاء حسب قناعاتهم واستشعارهم للمسؤولية، وأضاف»عدم وجود رقابة علي الجهاز التنفيذي اثر علي دولاب العمل بالولاية». بحسب مراقبين ان ما حدث بالمجلس التشريعي من تطورات تعتبر انعكاسا طبيعيا لما يدور بولاية غرب دارفور التي لم تشهد الاستقرار السياسي المأمول برغم الشراكة التي جمعت بين المؤتمر الوطني وحركة التحرير والعدالة، ويتخوق متابعون من الآثار التي قد تنجم عن عدم الانسجام بين الحزبين الشريكين.