تقرير : رجاء كامل : يعد القطاع الصناعى الركيزة الأساسية والمحرك الأكبر للتنمية الاقتصادية والاستثمار فى الصناعة التحويلية هدف قومي ومصدر لاستغلال الموارد المتنوعة والهائلة التى تزخر بها البلاد لتنفيذ برامج تنموية وتنويع مصادر الدخل وتوفير فرص عمل وتحقيق قيمة مضافة مقدرة. يبلغ عدد المنشآت العاملة فى قطاع الصناعة التحويلية أكثر من «25 » ألف منشأة موزعة على ولايات السودان المختلفة ، ويبلغ عدد الأنشطة الصناعية الرئيسية « 25 » نشاطاً رئيسيا و «85» نشاطاً فرعياً حسب التصنيف الصناعى المعيارى الدولى. في ولاية مثل البحر الاحمر حيث الميناء التي تسهل حركتي الصادر والوارد ما يسهم في تقليل التكلفة وبرغم ذلك يبدو التدهور ماثلا ، اذ لحق بقطاع الصناعة بدلا عن ازدهارها وذات الواقع نجده في كسلا التي توقفت كل مصانعها وطال الامر ولاية شمال كردفان ، وقد انسحب تراجع الصناعة في هاتين الولايتين على اقتصادياتها وانعكس التأثير علي المواطنين اذ فقد أكثرهم الوظائف التي كانت تدر عليهم دخلاً يجنبهم الفاقة وتحولوا الى البطالة والفقر . ان أسباب تدهور الصناعة بالولايات يعود الى عدم حماية الدولة لهذا القطاع الحيوي الهام من المستورد ، اضافة الي عدم السعي لتقليل تكلفة الانتاج التي تعد الاعلى بين دول الاقليم ، في وقت اتجه فيه معظم رواد الصناعة و المستثمرين لدول الجوار لمواصلة نشاطهم الصناعي والدليل هو المشاريع الصناعية الضخمة التي استقطبتها دول مثل اثيوبيا وتشاد وافريقيا الوسطى، وغالبية هذه الصناعات تعود ملكيتها لسودانيين هربوا من جحيم الأجواء الطاردة للصناعة في السودان ،وعطفا على كل ذلك تتحمل الدولة المسؤولية المباشرة في تراجع دور الصناعة في الاسهام الاقتصادي بداعي الرسوم والضرائب والجبايات المتعددة المفروضة من قبل المحليات والولايات . الامين العام لاتحاد الغرف الصناعية عباس علي السيد يري ان قطاع صناعة الاغذية والمشروبات يشكل نسبة 70% من اجمالى الصناعات التحويلية العاملة ، ويبلغ عدد المنشآت بهذا القطاع اكثر من « 18000 » منشأة صناعية وتستخدم حوالى 57% من اجمالى القوة العاملة فى الصناعة ونسبة مساهمة تبلغ «46% » من اجمالى صادرات الصناعات، ويشمل القطاع الصناعة التحويلية صناعة السكر، الزيوت النباتية، المطاحن، التعليب، المياه الغازية، الحلويات، البسكويت،المركزات، تجفيف البصل، العصائر، السجائر، النشأ والجلكوز. ويري الامين العام لاتحاد الغرف الصناعية ، ان الصناعات التحويلية في قطاعات الغزل والنسيج والزيوت والجلود تواجه مشاكل وتحديات تهدد بتجفيفها ، ودعا عدد من الخبراء الاقتصاديين الى ضرورة اعطاء قطاع الصناعات التحويلية من الاهتمام بمثل الذي تجده النهضة الزراعية. ذلك الحديث هو ذاته الذي اشار اليه عدد من الخبراء الوطنيين الذين اجمعوا علي ان الصناعات التحويلية بالبلاد تواجه تحديات منعتها من المنافسة في الاسواق الاقليمية والدولية، كما عجزت عن مواجهة المنتجات المستوردة من الخارج ، بجانب السياسات الجمركية، وعدم سداد المديونيات. واكد الامين العام لاتحاد الغرف الصناعية على ظهور قطاعات جديدة في الصناعة مثل قطاع البترول والتعدين ، ومنتجات مدينة جياد الصناعية في الصناعة التحويلية التي تشمل قطاع صناعة المتحركات في خطوط تجميع التراكتورات ووسائل النقل المختلفة وقطاع الصناعات المعدنية الذي يشمل منتجات مصنع الحديد والصلب، ومصنع الألمنيوم والنحاس والكوابل ومصنع المواسير ومنتجات مجمع سارية الصناعي بدءا بمصانع الأحذية والبطاريات والملبوسات الجاهزة قبل ان تتحول ملكية المجمع للقطاع الخاص ، ليبدأ انتاج سلع مثل مصنع الأجهزة الكهربائية ، مصنع البلاستيك ومصنع التغليف . و رغم هذه التطورات الجديدة في القطاع الصناعي، الا أن قطاع الصناعات التحويلية ظل يعاني من مشاكل الطاقة، وضعف القدرات التسويقية،و مشاكل التمويل سواء من المكون المحلي أو الأجنبي لتوفير قطع الغيار، ومن المعيقات ايضا القوانين المتعلقة بالاستثمار. مصدر بوزارة الصناعة طلب حجب اسمه اكد «للصحافة» ان قطاع الصناعات التحويلية مواجه بالعديد من التحديات حصرها في البنية التحتية والخدمات، بجانب الضرائب، التمويل، والتقانات الحديثة. ودعا الى ضرورة اعادة النظر في كافة التشريعات ذات الصلة بالقطاع الصناعي وعلى رأسها قانون تشجيع الاستثمار وقوانين الجمارك، ويرى المصدر انه لا بد من اجازة قانون التنمية الصناعية. ودعا الخبراء والاجهزة التشريعية لمراجعة التشريعات المتعلقة بالصناعة وابتدار قوانين تسهم في النهوض بالقطاع الصناعي مع اعادة النظر في قانون العمل، اضافة الي اعطاء القطاع الصناعي اولوية قصوى في اطار البرنامج الاقتصادي الوطني بجانب الغاء أو تخفيض الرسوم والضرائب والجبايات المفروضة على القطاع الصناعي لتقوية قدراته التنافسية. ويرى الخبير الاقتصادى ومدير قطاع الاقتصاد دكتور عادل عبدالعزير ان مجمل النشاط الصناعى بالبلاد يواجه عددا من المشاكل متمثلة فى الرسوم والضرائب العالية التى تؤثر على تكلفة الانتاج وتجعله غير منافس للمنتجات المتدفقة من الخارج خصوصا من مصر والصين ، واشار عادل الى المشاكل المتعلقة بالمناخ العام للاستثمار فى البلاد حيث يعاني الاستثمار الصناعى من صعوبة الحصول علي التمويل المصرفى و العملات الاجنبية بغرض استيراد الاسبيرات ، بجانب ضعف العائد من الصادر فى حالة التصدير بعد ان تراجع البنك المركزى عن نسبة الحافز للصادر بصورة كبيرة كما توجد معيقات اخري تتمثل في عدم توفر الاراضى للنشاط الصناعى فى المناطق التى توجد بها خدمات مياه وكهرباء وصرف صحى، وبهذا لاتوجد فرصة لصناعات جديدة ولايمكن للصناعات القديمة ان تتوسع بانشاء خطوط انتاج جديد وهذه المشكلة تبدو اكثر بروزا فى ولاية الخرطوم التي تعتبر الاكثر تهيئة فى مجال الاستثمارات الصناعية. بعض الخبراء الاقتصاديين اوصوا بضرورة تكاتف الجهود والأخذ بعين الاعتبار للتغيرات التي حدثت في الاقتصاد الكلي حتى ينطلق القطاع اضافة الى الانتباه الى ما يحدث عالميا من عولمة للتجارة وظهورتكتلات اقتصادية اقليمية وعالمية ، وأمنوا على ضرورة تشجيع الاستثمار خاصة أن المرحلة المقبلة وفقا لحيثيات الاستراتيجية ربع القرنية الامر الذي يستوجب زيادة الانتاج الزراعي رأسيا وأفقيا في قطاعي الزراعة والثروة الحيوانية حيث أن الرابطة وثيقة بين الزراعة والصناعة.