أنا وعادل إمام    القمة العربية تصدر بيانها الختامي.. والأمم المتحدة ترد سريعا "السودان"    كواسي أبياه يراهن على الشباب ويكسب الجولة..الجهاز الفني يجهز الدوليين لمباراة الأحد    ناقشا تأهيل الملاعب وبرامج التطوير والمساعدات الإنسانية ودعم المنتخبات…وفد السودان ببانكوك برئاسة جعفر يلتقي رئيس المؤسسة الدولية    مدير الإدارة العامة للمرور يشيد بنافذتي المتمة والقضارف لضبطهما إجراءات ترخيص عدد (2) مركبة مسروقة    إسبانيا ترفض رسو سفينة تحمل أسلحة إلى إسرائيل    منتخبنا فاقد للصلاحية؟؟    إدارة مرور ولاية نهر النيل تنظم حركة سير المركبات بمحلية عطبرة    اللاعبين الأعلى دخلًا بالعالم.. من جاء في القائمة؟    جبريل : مرحباً بأموال الإستثمار الاجنبي في قطاع الصناعة بالسودان    قيادي سابق ببنك السودان يطالب بصندوق تعويضي لمنهوبات المصارف    شاهد بالصورة.. (سالي عثمان) قصة إعلامية ومذيعة سودانية حسناء أهلها من (مروي الباسا) وولدت في الجزيرة ودرست بمصر    شاهد بالصورة والفيديو.. الفنان أحمد محمد عوض يتغزل في الحسناء المصرية العاشقة للفن السوداني (زولتنا وحبيبتنا وبنحبها جداً) وساخرون: (انبراش قدام النور والجمهور)    الخارجية تنفي تصريحا بعدم منحها تأشيرة للمبعوث    آفاق الهجوم الروسي الجديد    كيف يتم تهريب محاصيل الجزيرة من تمبول إلي أسواق محلية حلفا الجديدة ؟!    شبكة إجرامية متخصصة في تزوير المستندات والمكاتبات الرسمية الخاصة بوزارة التجارة الخارجية    مناوي: وصلتنا اخبار أكيدة ان قيادة مليشات الدعم السريع قامت بإطلاق استنفار جديد لاجتياح الفاشر ونهبها    مانشستر يونايتد يهزم نيوكاسل ليعزز آماله في التأهل لبطولة أوروبية    يوفنتوس يتوج بكأس إيطاليا للمرة ال15 في تاريخه على حساب أتالانتا    إنشاء "مصفاة جديدة للذهب"... هل يغير من الوضع السياسي والاقتصادي في السودان؟    عثمان ميرغني يكتب: السودان… العودة المنتظرة    واشنطن تعلن فرض عقوبات على قائدين بالدعم السريع.. من هما؟    د. الشفيع خضر سعيد يكتب: لابد من تفعيل آليات وقف القتال في السودان    الكشف عن شرط مورينيو للتدريب في السعودية    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني في الموازي ليوم الأربعاء    رسميا.. كأس العرب في قطر    وسط توترات بشأن رفح.. مسؤول أميركي يعتزم إجراء محادثات بالسعودية وإسرائيل    عالم آثار: التاريخ والعلم لم يثبتا أن الله كلم موسى في سيناء    "تسونامي" الذكاء الاصطناعي يضرب الوظائف حول العالم.. ما وضع المنطقة العربية؟    "بسبب تزايد خطف النساء".. دعوى قضائية لإلغاء ترخيص شركتي "أوبر" و"كريم" في مصر    شاهد بالصورة.. حسناء السوشيال ميديا "لوشي" تنعي جوان الخطيب بعبارات مؤثرة: (حمودي دا حته من قلبي وياريت لو بتعرفوه زي ما أنا بعرفه ولا بتشوفوه بعيوني.. البعملو في السر مازي الظاهر ليكم)    حتي لا يصبح جوان الخطيبي قدوة    5 طرق للتخلص من "إدمان" الخلوي في السرير    انعقاد ورشة عمل لتأهيل القطاع الصناعي في السودان بالقاهرة    أسامه عبدالماجد: هدية الى جبريل و(القحاتة)    "المايونيز" وراء التسمم الجماعي بأحد مطاعم الرياض    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    باحث مصري: قصة موسى والبحر خاطئة والنبي إدريس هو أوزوريس    أصحاب هواتف آيفون يواجهون مشاكل مع حساب آبل    الفيلم السوداني وداعا جوليا يفتتح مهرجان مالمو للسينما في السويد    بنقرة واحدة صار بإمكانك تحويل أي نص إلى فيديو.. تعرف إلى Vidu    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    روضة الحاج: فأنا أحبكَ سيَّدي مذ لم أكُنْ حُبَّاً تخلَّلَ فيَّ كلَّ خليةٍ مذ كنتُ حتى ساعتي يتخلَّلُ!    هنيدي ومحمد رمضان ويوسف الشريف في عزاء والدة كريم عبد العزيز    أسترازينيكا تبدأ سحب لقاح كوفيد-19 عالمياً    الصحة العالمية: نصف مستشفيات السودان خارج الخدمة    تنكُر يوقع هارباً في قبضة الشرطة بفلوريدا – صورة    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    العقاد والمسيح والحب    أمس حبيت راسك!    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السيد الصادق المهدي وانتفاضته الانتخابية (2-2)
نشر في الصحافة يوم 06 - 05 - 2010

قلت في الجزء الأول من هذا المقال إن السيد الصادق المهدي إمام الأنصار ورئيس حزب الأمة القومي كان يقول إن الطريقة الوحيدة لإزالة نظام الإنقاذ هي الانتفاضة الانتخابية ولكنه فشل في قيادتها لأنه لم يخطط لها لان السيد الصادق المهدي ورغم الاتفاق على نظافة يده وعفة لسانه وغيرته على مصالح السودان والسودانيين ،يعاني من نقاط ضعف خطيرة جداً فهو شخص غارق في المثالية ويجهل او يتجاهل التخطيط ويتأرجح ويتردد كثيراً في اتخاذ وانفاذ القرارات .
وقد قلت في نهاية الجزء الأول من المقال إنه قد آن الأوان لكي يتفرغ السيد الصادق المهدي لمشغولياته الكثيرة الفكرية وغيرها ويترك المجال للآخرين لتوحيد حزب الأمة القومي وتمليكه أسباب القوة ليكون له وجود مؤثر في الحياة السودانية.
لماذا إعادة بناء حزب الأمة و ليس التخلى عنه ؟
إتصل بي أكثر من أخ وصديق عزيز بعد قراءته للجزء الأول من هذا المقال يقول كم بقى لنا من العمر حتى نضيعه في محاولة بناء حزب الأمة الذي تحول من رمز للقوة الى رمز للضعف والهوان .
واعتقد أن ذلك تساؤل مشروع ولكن هناك اكثر من سبب في تقديري للتمسك بحزب الأمة وإعادة بنائه وتمليكه كل اسباب القوة الناعمة والخشنة :
اولاً تتطلب عدالة وفاعلية وكفاءة ونزاهة الحكومة وجود معارضة قوية تكشف وتفضح القصور فى الأداء وتبديد الموارد والفساد والظلم وتطالب بالمحاسبة وتشكل تهديداً جاداً لإنتزاع الكراسى من تحت الحاكمين. ويقول الله تعالى فى كتابه العزيز إنه لولا دفعه للناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض ( البقرة 251 ) ولهدمت البيوت التى يعبد فيها الله ( الحج 40 ) ويؤمرنا تعالى بالأمر بالمعروف والنهى عن المنكر وهذا ما لا يطيقه المستبدون فى كل مكان و زمان .
وثانياً ضحى الأنصار بحياتهم من أجل التحرر الوطني وإقامة الدين عبادة وحرية وشورى وأمناً ويسراً في المعايش وعدلاً ورحمة واحتراماً للخصوصية الدينية والثقافية لكل أصحاب الأديان والثقافات ويدين لهم كل الذين يؤمنون بمشروع الثورة المهدية بإكمال المشروع .
وثالثاً أثبتت تجارب الحياة في السودان ان التمرد على الاحزاب الطائفية قد انتج ماهو أسوأ منها فالأحزاب العقائدية المتطرفة من اليسار (الشيوعيين) واليمين (الأخوان المسلمين) وبحكم نفوذها القوى وسوط المتعلمين وسكان المدن قد لعبت دوراً كبيراً في اضعاف حكومات العهود الديمقراطية ولم يجد منها شعب السودان عندما اتيحت لها فرصة الحكم في مايو والانقاذ لم يجد منها غير الإستبداد والفساد والظلم وقد جربت أنا شخصياً وجرب غيري من أبناء وأحفاد الأنصار والختمية التمرد ورأوا بعيونهم الخروج على قواعد الحرام والعيب التى رضعوها مع لبن أمهاتهم ولهذا اعتقد ان التمسك بالأحزاب الكبيرة تمسك بالموروث الأخلاقي الذي تقوم عليه.
ورابعاً انني اعتقد ان اعادة بناء حزب الأمة ممكنة وسيعود ان شاء الله قوياً ومهاباً لأن الإيمان بقضية الاجداد لازال قوياً مشتعلاً وزاده اشتعالاً الاستهداف والاستفزاز اليومي .
ماهي الأمراض التي يعاني منها حزب الأمة القومي ؟
اعتقد ان حزب الأمة القومي يعاني من ثلاثة امراض رئيسية قد سهلت كثيراً مهمة الذين يعملون ليل نهار على قبره وهى:
اولاً مرض العمل الفوقى والاهمال الكامل للعمل التحتي وسط الجماهير الذي يقوم به عادة اعضاء وانصار الحزب في الأحياء والقرى والفرقان.
وثانياً مرض الإفتقار لأسباب القوة المالية وغيرها. وثالثاً وهذا هو المرض الخطير جداً اختزال كل الحزب في شخص واحد هو رئيسه الذي لايخضع للمحاسبة من أية جهة .
مرض العمل الفوقي:
تدار الدولة عن طريق صناعة (making) واتخاذ (taking) وتنفيذ (implementing) القرارات التي تتعلق بأمن أرواح الناس واعراضهم واموالهم وبمعايشهم . و في النظام السياسي الديمقراطي اي الذي فيه حريات للتعبير والتنظيم يستطيع اي مواطن ان يشارك في صناعة القرارات (decision making) لوحده بالتعبير عن آرائه وأفكاره وترويجها مثلما أفعل أنا أحياناً عن طريق الكتابة في الصحف او يحاول ان يكون اكثر فاعلية (مقدرة على تحقيق مقاصده) وكفاءة (تحقيق المقاصد بأقل تكلفة ممكنة) عن طريق العمل مع آخرين تربطهم به افكار او أشواق او مصالح مشتركة او بمعنى آخر الانضمام الى حزب سياسي . وفروع أو خلايا او وحدات الحزب فى الاحياء والقرى والفرقان تخلق بين اعضائه وأنصاره روابط وعلاقات مباشرة تمكنهم من (أ) المشاركة في ادارة الدولة عن طريق تجميع المعلومات وعقد الاجتماعات المنتظمة لمناقشة هموم الناس ومشاكلهم الخاصة بالامن والصحة والتعليم والبيئة والمعيشة وغيره وتحريك الناس وتحريضهم للمطالبة بحقوقهم و (ب) مراقبة اداء أجهزة الدولة وكشف وفضح القصور في الأداء وتبديد الموارد والفساد والظلم والمطالبة بالمحاسبة و (ج) ترويج أفكار وبرامج ومواقف الحزب والدفاع عنها .
والحزب الذي لديه فروع او خلايا او وحدات تضم اعضائه وانصاره وتقوم بانتظام بالانشطة (أ) و (ب) و (ج) التي ذكرتها اعلاه يلعب دوراً فاعلاً في ادارة الدولة سواء كان حاكماً أو معارضاً ويكون مستعداً لدخول أية معركة انتخابية وفي أي وقت ولا يحتاج لإستجداء المال أو الوقت من المؤتمر الوطني أو أية جهة أخرى .
ولكن كانت قيادة حزب الأمة تتحدث عن اعداد المؤتمرات التي عقدت واعداد الذين حضروها وعن الطواف الذي قامت به قيادات المركز ولم تهتم على الاطلاق بالعمل اليومي التحتي وسط الناس الذي يقوم به اعضاء وانصار الحزب في الأحياء والقرى والفرقان .
مرض الضعف التنظيمي والمالي وغيره :
أظن ان الناس يعرفون أن الامام عبدالرحمن المهدي رحمه الله قد بنى كيان الانصار وحزب الأمة على التنظيم المحكم وعلى تمليكه اسباب القوة المالية وغيرها . واذكر حتى اليوم كيف كنا ونحن صغار نتفرج على شباب الانصار يدربهم على العمل العسكري ويقودهم خالي سعيد التليب كبرو بقامته الطويلة وقسماته الجميلة وكان ذلك مصدر فخر واعتزاز لي أغيظ به الآخرين .ووقتها كان حزب الأمة رمزاً للقوة ولكلمته وزن كبير ، لان السيد عبدالرحمن رحمه الله كان يعرف ان القوة الناعمة (طق الحنك) لاتساوي شيئاً اذا لم تكن مدعومة بالقوة الخشنة وهى قوة الاعضاء والانصار المنظمين والمتراصين وعلى استعداد لحماية حقوقهم وانتزاعها وقوة المال وغيرها من اشكال القوة . ولكن أين نحن اليوم من ذلك الزمن ؟
مرض اختزال الحزب في رئيسه :
المسؤول التنفيذي في أية مؤسسة institution مثل الحزب او الحكومة أو الشركة او النادي الرياضي او الجمعية الخيرية الخ هو الشخص الذي يتخذ القرارات اليومية المتعلقة باستخدام الموارد البشرية والمالية المتاحة لتحقيق مقاصد أو اهداف المؤسسة ولكن قد يعمل ذلك المسؤول بطريقة عشوائية وبدون تخطيط أو يتقاعس (يدقس) ويقصر في الأداء او قد يستخدم المؤسسة ومواردها لمصلحته هو ومصلحة أقاربه وغيرهم . ولذلك استقرت التجربة والمعرفة البشرية في علوم السياسة والإدارة على أن الحوكمة الرشيدة (good governance) لأية مؤسسة (institution) أياً كان نوعها دولة أو حزب أو شركة أو جمعية خيرية أو نادي رياضي تتطلب مراعاة بعض المبادئ الأساسية أولها إخضاع المسؤول التنفيذي للإشراف والمحاسبة عن طريق جهاز إشرافي. .والمقصود بالجهاز الإشرافي أو التشريعي الجهاز الذي يقوم بدراسة ومراجعة القوانين والخطط والبرامج والسياسات التى يقوم بإعدادها المسؤول التنفيذى ويعتمدها ويتابع التنفيذ ويحاسب على القصور . أما الجهاز التنفيذي فهو الذي يقوم بالإبتدارinitiation عن طريق تجميع المعلومات وتحليلها واعداد القوانين والخطط والبرامج والسياسات وطرحها على الجهاز الاشرافي او التشريعي لمراجعتها واعتمادها وتنفيذ مايعتمد منها وتحمل المسؤولية عن التنفيذ . وثانياً لضمان سلامة أداء كل من الجهازين الاشرافي والتنفيذي لايجوز لاي شخص ان يكون عضواً في الجهازين في نفس الوقت لان فى ذلك تعارض بين الدورين الاشرافي والتنفيذي . والمبدأ الثالث هو ضرورة مراعاة عدم تداخل وتعارض الاختصاصات والسلطات .والمبدأ الرابع هو ضرورة تفادي التمدد الرأسي للأجهزة الادارية او بمعنى آخر أن لا يتكون الجهاز التنفيذي او التشريعي من مستويات متعددة لان في ذلك اضاعة للوقت وتأخير في اتخاذ وانفاذ القرارات ومدعاة للصراع بين المستويات .والمبدأ الخامس هو الرشاقة أو ضرورة مراعاة الحجم المعقول للأجهزة الاشرافية والتنفيذية لتسهيل الحركة واعطاء الوقت الكافي للاعضاء وخاصة في الأجهزة الاشرافية للنقاش . والمبدأ السادس هو ضرورة وضع سقوف زمنية لتولي المناصب التنفيذية والاشرافية لتفادي التخندق (entrenchment) واتاحة الفرصة لتجديد الدماء وانماط التفكير وطرق العمل و إكتشاف مواضع الضعف المخفية . و كمثال لتلك السقوف نص المادة (57) فى دستور السودان الإنتقالى لسنة 2005 الذى يقول بأنه لا يجوز لأى شخص تولى منصب رئيس الجمهورية لأكثر من دورتين متصلتين ( عشر سنين).
وتذكير القارئ بمبادئ الحكومة الرشيدة ضروري جداً لان السيد الصادق المهدي من أكثر ان لم يكن أكثر السياسيين السودانيين اطلاعاً. و هو يعرف تلك المبادئ وقد تحدث كثيراً في السنوات الأخيرة عن الحوكمة الرشيدة .وكنت أتوقع منه أن يطبق مبادئ الحكومة الرشيدة في حزبه ليؤكد انه يعني فعلاً مايقول ويقدم نموذجاً للآخرين . فماذا يقول دستور حزب الأمة القومي لسنة 1945المعدل لسنة 2009؟
يحتاج دستور الحزب إلى مراجعة جوهرية واكتفى هنا بالإشارة إلى أمور قليلة توضح إبتعاد الدستور عن مبادىء الحوكمة الرشيدة.يقول دستور حزب الأمة القومي في الفصل الرابع منه ان اجهزة الحزب الإدارية تتكون من : (1)المؤتمر العام و (2) مؤسسة الرئاسة و (3) الهيئة المركزية ( 864 عضواً) و(4) مجلس التنسيق و (5) المكتب السياسي ( حوالى 160عضواً ) و (6) الأمانة العامة . ويحدد دستور الحزب اختصاصات وصلاحيات كل من الأجهزة المذكورة أعلاه .
و يقول دستور الحزب حول اختصاصات وصلاحيات رئيس الحزب :
«يعتبر الرئيس المسؤول السياسي والتنفيذي الأعلى في الحزب والذي يمثل الحزب في كافة المحافل القومية والإقليمية والدولية ، ودون المساس بما تقدم ، تكون للرئيس السلطات والصلاحيات الآتية :
أ- تعيين نوابه ومساعديه ويحق له تفويض المكتب السياسي في ذلك .
ب- إصدار التوجيهات التي يراها لازمة و /أو مناسبة للأمانة العامة .
ت- تعيين مستشاريه وتحديد مهامهم.
ث- تكليف أي من أعضاء الحزب لينوب عنه في القيام بمهام محددة ولفترة زمنية محددة .
ج- تعيين 5 % من عضوية المكتب السياسي .
يكون الرئيس مؤسسات أفقية تساعده في انجاز مهامه في نطاق هيكل الحزب على ألا تتولى أو تمارس أي عمل تنفيذي . «
وتقول النصوص أعلاه بوضوح أن رئيس الحزب هو المسؤول السياسي والتنفيذي الأعلى في الحزب وهناك نص آخر في الأحكام العامة يقول :
( يكون الرئيس والأمين العام مسؤولين بالتضامن عن أداء الجهاز التنفيذي ) .
وتلك النصوص الواضحة جداً تؤكد ان السيد الصادق المهدي هو المسؤول التنفيذي الأول الذي عليه حسب قواعد الحوكمة الرشيدة ان يبتدر ويعد الخطط والبرامج والمشاريع والسياسات ويقدمها إلى الجهاز الإشرافي ليعتمدها ويتابع تنفيذها ويحاسبه على القصور في الأداء . فهل يحدث ذلك في حزب الأمة القومي وأين هو الجهاز الإشرافي المناط به المراجعة والاعتماد والمتابعة والمحاسبة على القصور في الأداء ؟. لا يوجد ذكر لهذا الجهاز في دستور حزب الأمة القومي . وهناك نص واحد يقول انه من ضمن إختصاصات المؤتمر العام للحزب انتخاب الرئيس ومساءلته . ولكن نسبة لأن المؤتمر العام يعقد كل أربع سنوات فإن هذا النص يعنى عملياً ان رئيس الحزب لا يخضع لأي اشراف او محاسبة على القصور في الاداء ، كما أن عمر السيد الصادق المهدي ووضعه الاجتماعي يجعل من الصعب ان يتجرأ الآخرون على محاسبته على القصور . وهذا الوضع الشاذ الذي لا يتفق مع مبادئ الحوكمة الرشيدة ولا مع مايقول به السيد الصادق المهدي حول المساءلة يجب أن يصحح بأن يكون رئيس الحزب سواء كان السيد الصادق المهدي أو شخصاً آخر على رأس الجهاز الاشرافي ويكون مسؤولاً عن التأكد من قيام ذلك الجهاز بدوره بفاعلية وكفاءة في المراجعة والاعتماد والمحاسبة على القصور وأن لا يتولى رئيس الحزب مسؤوليات تنفيذية في الحزب . وعند مراجعة اختصاصات وسلطات أجهزة الحزب نلاحظ التداخل وعدم الوضوح حول الأدوار وهذه المسألة يجب أن تعالج . كما هناك تمدد رأسى في الأجهزة وخاصة الأجهزة الرئيسية وأعني بها الهيئة المركزية ومجلس التنسيق والمكتب السياسي والامانة العامة وأعتقد أن هناك ضرورة لذهاب نصف تلك الأجهزة وبقاء جهازين فقط يقوم احدهما بالدور الاشرافي ويقوم الآخر بالدور التنفيذي والأرجح عندي ذهاب مجلس التنسيق والمكتب السياسي وتظل الهيئة المركزية لتقوم بدور السلطة الاشرافية ويكون على رأسها رئيس الحزب بحكم منصبه وان تؤول الاختصاصات والصلاحيات التنفيذية الى الأمانة العامة التي يجب أن تكون مسؤولة مسؤولية كاملة عن ابتدار واعداد وتنفيذ الخطط والبرامج والمشاريع والسياسات الخاصة بالحزب وبإدارة الدولة وان تتكون من أمانات تكون نظيرة للوزارات المركزية أعني أمانة للشؤون المالية والاقتصادية وأمانة للتجارة والصناعة وأمانة للسياسة الخارجية وأمانة للدفاع والأمن وهكذا حتى يكون للحزب وجود فاعل ومؤثر في ادارة الدولة قومياً وفي ادارة الولايات في صناعة القرارات وفي كشف وفضح القصور في الأداء وتبديد الموارد والفساد والظلم وكل ما تتطلبه المعارضة الجادة والمؤثرة والضرورية جداً للحوكمة الرشيدة في السودان . كما يلاحظ على أجهزة الحزب عدم الرشاقة وخاصة الهيئة المركزية التي تتكون من (864) عضواً وتشبه إمرأة تفطر وتتغدى وتتعشى بالدكوة والكمونية . ويجب في تقديري تخفيض عدد الهيئة المركزية الى ما لا يزيد عن (150) عضواً لتكون قادرة فعلاً على الحركة السريعة والقيام بدور فاعل في الاشراف على أداء الأمانة العامة .
وينص دستور الحزب على حق رئيس الحزب في تعيين نوابه واعتقد ان هذا النص خاطئ وضار ومن الأفضل ان يعدل دستور الحزب لينص على انتخاب نائب رئيس الحزب بواسطة المؤتمر العام . وأرى ضرورة أن تضاف الى دستور الحزب نصوص حول المسائل التالية:
أولاً لا يوجد أي نص في الدستور بخصوص الاعفاء من المسؤولية بالنسبة لرئيس الحزب او الأمين العام أو أي شخص آخر مسؤول في الحزب ويجب في تقديري أن تكون هناك نصوص واضحة حول الحالات التي يجوز فيها الاعفاء من المسؤولية ومن يملك سلطة الاعفاء والاجراءات التي يتم بها الاعفاء . وثانياً هناك ضرورة لوضع نص بأنه لايجوز لرئيس الحزب او نائب رئيس الحزب تولي أية مسؤولية تنفيذية في الدولة وذلك لتقوية السلطة الاشرافية سواء كان ذلك الهيئة المركزية للحزب او البرلمان الولائي او القومي وقد أثبتت تجربة السنين الماضية ان تولي السيد الصادق المهدي رئاسة الحكومة قد أضعف كثيراً الدور الاشرافي للبرلمان القومي ولا يجوز لأى شخص سواء كان ذلك الشخص هو السيد الصادق المهدي او الدكتور آدم موسى مادبو أو اللواء معاش فضل الله برمة أو غيرهم يتطلع لأن يكون رئيساً للجمهورية أو والياً أو وزيراً أو أي منصب تنفيذي آخر ان يحتل منصب رئيس أو نائب رئيس الحزب على المستوى القومي أو الولائي، وفي حالة سعيه لاحتلال موقع تنفيذي في أجهزة الدولة يعتبراً مفصولاً من المنصب الذى يحتله فى الحزب . وثالثاً أرى ضرورة إضافة نص إلى دستور الحزب بأنه لايجوز لأي شخص أن يشغل موقع رئيس الحزب أو الأمين العام على المستوى القومي او الولائي لمدة تزيد عن عشرين عاماً متصلة أو متقطعة . ورابعاً ينص دستور الحزب في أكثر من موقع على حق رئيس الحزب في التعيين ويجب أن تراجع هذه النصوص ليقوم التعيين في كل الحالات بناءً على توصيات ترفعها الى الرئيس لجان تشكلها الهيئة المركزية حتى لا ينبنى التعيين على قرارات فردية . وماذكرته أعلاه هو مجرد أمثلة ويحتاج دستور الحزب الى مراجعة شاملة كما قلت أعلاه . وفي حالة إعادة توحيد حزب الأمة القومي وبنائه على ضوء قواعد الحوكمة الرشيدة فإنه يجب على الهيئة المركزية للحزب ان تبذل أقصى درجات الحرص في اختيار الأمين العام للحزب الذي يجب أن يتحلى بالشجاعة والاستعداد للمواجهة وأن يتحلى بالنزاهة و بالحزم والحسم في اتخاذ وانفاذ القرارات وأن يتحلى بمقدرات ادارية عالية لان الأمين العام هو القلب المحرك للحزب حسب المقترحات التي أوردتها أعلاه . وأن يطبق الأمين العام نفس المعايير التي ذكرتها اعلاه عند اختيار الأمناء الآخرين وترشيحهم للإعتماد بواسطة الهيئة المركزية. وأخيراً أرجو أن أوضح أن كل ماجاء في هذا المقال هو آرائي الشخصية التي لم أناقشها مع أي شخص وقد طلب البعض أن يرى الجزء الثاني من المقال قبل نشره ، ولكن رفضت أن أتيح لهم تلك الفرصة لأنني لا أريد أن أعبر عن رأي شخص آخر وأنا أتحمل وحدي المسؤولية الكاملة عن ماورد في هذا المقال . وقد طلب مني البعض عدم نشر الجزء الثاني من المقال وإرساله الى رئيس الحزب وقد رفضت ذلك لأنني أعتقد أن رئيس الحزب يعرف أكثر مني ومن أي شخص آخر أن حزب الأمة القومي يقوم على العمل الفوقى وليس له وجود وسط الناس في الأحياء والقرى والفرقان من خلال فروع او خلايا او وحدات نشطة، ويعرف رئيس الحزب انه يعاني من الضعف التنظيمي والمالي وغيره ويعرف ان الحزب مختزل في شخص رئيسه ويعرف السيد الصادق المهدي مبادئ الحوكمة الرشيدة التي ذكرتها أعلاه كما أن ما آل اليه حزب الأمة يهم أعضاءه وأنصاره وأي سوداني وسودانية حريص على ان يقوم نظام الحكم في السودان على الحريات ووجود معارضة قوية تكشف وتفضح القصور في الأداء وتبديد الموارد والفساد والظلم وتطالب بالمحاسبة لأن الانتصار الساحق الذى حققه المؤتمر الوطني في انتخابات أبريل 2010 يشير بوضوح الى أن السودان يسير بسرعة صاروخية باتجاه هاوية دولة الحزب الواحد .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.