تقرير: ماجد محمد علي: قال القيادي في الحزب الشيوعي الدكتور الشفيع خضر ان ما طرحه النائب الاول للرئيس علي عثمان طه في شأن الحوار مع الاحزاب المعارضة ليس بمبادرة، واعتبره « مجرد كلام عن الحوار»، وأشار في تصريح خص به الزميلة «الاخبار» لعدم توافر جو مناسب يمهد لاجراء أي حوار. والاشارات المضمنة في كلام الدكتور تعيد الكرة الى ملعب النائب الاول، مع رسالة تأكيد على قيمة الحوار وتنويه لمتطلباته. فهل جانب القيادي الشيوعي البارز الحقيقة،ام ان القوى السياسية المعارضة لا ترى غير النصف الفارغ من الكوب،وهل يدعم الواقع الماثل دعوات النائب الاول للحوار مع قوى المعارضة السياسية، مقارنة بانفتاح الحكومة على غيرها بشكل لا يمكن تجاهله؟. رئيس قوى الاجماع الوطني فاروق ابوعيسى يؤيد ما ذهب اليه الدكتور الشفيع خضر ويقول انه «عين الصواب»، مشيرا الى ان رئاسة الجمهورية سبق وارسلت للمعارضة مندوبا في شأن مبادرة للحوار، ومضيفا « ولما سألنا اتضح لنا ان دعوة الحوار هي المبادرة»، ويواصل ابوعيسى بالتوضيح « طلبنا شيئا مكتوبا لان السودان الان في أزمة حالكة، ولا يحتمل الأمر عدم الجدية وهو ما لم يحدث». ويرى ابوعيسى ان الحكومة اكتفت بالحديث عن الحوار بدلا عن الحوار ذي الاجندة، وهو ما لن يوصل الى طريق واضح، ذلك في وقت تعاملت فيه المعارضة مع الامر بشكل يقدر مصلحة اهل السودان، ويشير» بعد ان طلبنا من الحكومة مبادرة مكتوبة باجندة واضحة، اكدنا على اتخاذها اجراءات ترفع الظلم عن الانسان السوداني والحركة السياسية ، مردفا « لكن تمخض الجبل فولد فأرا، وهذا ما يؤكد ان العملية كانت مناورة و محاولة من المؤتمر الوطني لاجتياز أزمة من الأزمات المختلفة التي دخلها وادخل البلاد فيها». ويقول رئيس التحالف المعارض ل» الصحافة» ان المعارضة وهي تناقش امر الحوار، كان لابد لها من الحديث عن تجميد المواد التي تجعل مؤسسة أو أخرى مكتوفة الايدي، لان بقاءها لايساعد الحوار، ولا بد من المطالبة برفع القهر عن الاحزاب، لان هذا هو ما يجعل الجو يسمح بالحوار». ويشدد فاروق ابوعيسى على ان قوى المعارضة لا ترفض الحوار ، وان لا سياسي يرفض الحوار، لكنه يضيف « لكن لن نتسول الحوار مع النظام، ولن نجرب المجرب،فالاتفاقات السابقة أكلها الطير». حديث القيادي في الحزب الاتحادي البرفيسور بخاري الجعلي «للصحافة» يذهب الى وضع هذه الدعوة من الحزب الحاكم في خانة المناورة، فالرجل يشير الى ان تجربة الاحزاب في الحوار مع الحزب الحاكم بينت انه لا يأتي في اغلب الاحيان للتحاور، بقدر ما يأتي لفرض رؤى وافكار مسبقة يرغب في ان تلتف القوى السياسية حولها. ويتابع الجعلي : ولهذا السبب فان اغلب الحوارات التي دعا لها لم تؤت اية ثمار مقبولة لاي من القوى السياسية بما فيها الحزب الحاكم. ويضيف القيادي في الاتحادي «الاصل»، « السؤال الجوهري في هذا الصدد: هل وصل المؤتمر الوطني الى قناعة تامة وارادة سياسية صادقة بانه لا يمكن لفصيل سياسي واحد ، مهما أوتي من قوة وسلطة، ان يعالج قضايا السودان المتعددة والصعبة؟ «. حزب المؤتمر الوطني من جانبه يؤمن على وجود مطلوبات للحوار ينبغي توفرها ولكنه يرفض اشتراطات المعارضة الموضوعة مسبقا ، حيث يقول القيادي بالحزب الدكتور أمين حسن عمر في حوار صحفي أمس انه ليس هناك حوار فيه شروط كل من يريد أن يحاورنا بشروط فليلزم داره. ليس هناك مفاوضات بشروط مسبقة وليس هناك حوارات جادة بشروط موضوعة ابتداءً من الأحزاب التي نريد أن تحاورنا ولا من المؤتمر الوطني، ويضيف أمين «صحيح أن لنا قناعات راسخة ووضعنا شرعي ولنا إمكانات ولنا قدراتنا على القيادة ولكن ينبغي أن لا يوضع هذا شرطاً بين يدي الحوار كذلك الأحزاب ينطبق عليها هذا ولا ينبغي أيضاً أن تضع شروطاً للحوار لأنه ليس هناك مفاوضات أو حوار يقوم على اشتراطات مسبقة فكل المفاوضات التي نشأت في السودان نشأت ونجحت بعد أن رفعت كل الشروط المسبقة». ولكن الدكتور امين يعود ويؤكد على مطلوبات الحوار الابتدائية، ويقول ان هناك أشياء تساعد على تهيئة المناخ و فمثلاً الكف عن التصريحات العدائية من جانب الطرفين . وكل الأطراف المطلوب منها تهيئة المناخ والتمهيد ثم بعد ذلك نجلس على مائدة حوار مبدئي لنتحدث كيف يمكن أن تتهيأ الساحة وتكون بيئة صالحة لحوار منتج، ثم ننطلق من هذا إلى مرحلة أخرى كيف يمكن أن نضبط هذا الحوار بأجندة مناسبة وأجندة يمكن ان يترتب على الاتفاق حولها عمل وإجراءات تؤدي إلى مصالحة حقيقية في الساحة وليس مجرد تخفيف فقط لحالة للتنازع الموجودة في الساحة السياسية. ولأن مسلسل الحوار بين المؤتمر الوطني والقوى المعارضة مر بكثير من المحطات والمنعطفات ، خلال العقدين الماضيين، قبل ان يعود الى مربع الفشل الذريع ، فثمة ما يدعو للبحث الان في مستقبل هذه «النسخة» وما فرص تخطيها مرحلة « الكلام» الى مصاف العمل الجاد. . ؟ استاذ العلوم السياسية بجامعة الخرطوم الشفيع محمد المكي يؤكد ان الحديث عن اطلاق «حوار» يعني ان هنالك ما يستدعي ذلك الحوار،لكنه يبدي تشككا في اتفاق جميع الاطراف على وجود أزمة تستدعي هذا الحوار بالاساس، وهو لهذا يعتقد ان « الكلام عن الحوار مجرد كلام»، لان الواقع يؤكد ان أي طرف له رأي في الطرف الاخر . ويشير الدكتور الشفيع محمد المكي الى ان المبادرات الحوارية في الساحة السياسية «تطرح ثم تبرد» بين الفينة والاخري، مما يعني انها تكون في بعض الاحيان للاستهلاك الاعلامي او بغرض التكتيك. ويواصل قائلا « لهذا لا أحس بجدية في الاشياء المطروحة بشأن الحوار، وقد تكون لها اهداف ثانية غير العنوان المطروح، وان كانت الناس جادة في الوصول عبرها لهدف فحتما ستصل اليه». ويرى استاذ العلوم السياسية بجامعة الخرطوم بان اي نجاح لعملية الحوار بين الحكومة والمعارضة مرهون بتوافر قناعة لكلا الطرفين بوجود أزمة حقيقية تستدعي الجلوس للحوار حول كيفية حلها، لافتا الى ان تقاليد العمل السياسي ، حتى في الانظمة السياسية الراسخة، تستوجب وجود حزب حاكم وأحزاب معارضة، وتفرض على الحزب الحاكم الاعتراف بالمعارضة واحترام رؤيتها، متسائلا» ألا تعترف الحكومة بهذه الاحزاب؟» ومردفا» مثل هذا الحوار يجب ان يؤسس له، ويجب ان يكون هنالك اعتراف متبادل من قبل الطرفين، وان يكون الحاكم صندوق الاقتراع، وهذه قواعد اللعبة».