يلحظ المراقبون بعض الامور التي توصف بأنها أشياء غريبة تحدث وسط الزحام، ومن تلك الامور ما نشرته بعض الصحف عن رفض المملكة العربية السعودية او بالاحرى سلطات الطيران المدني فيها هبوط طائرة سودانير البوينج «737» في مطاراتها استناداً الي ما ذكرته تلك الصحف واسندته الى مصادرها عن شكوك حول السلامة الجوية وصحة وحقيقة مستندات الطائرة المشار اليها، واذا صدقت تلك الأنباء فإن مصيراً مجهولاً يتهدد عشرات الآلاف من الحجاج السودانيين والمعتمرين الذين يأملون في السفر الى الاراضي المقدسة عبر الناقل الوطني سودانير. واذا علمنا حجم المشكلات التي ظل يتعرض لها اهل السودان من زوار بيت الله وقبر رسوله الكريم كل عام من ربكة في السفر وتذاكر الطيران، بل وعبر البحر، وما يتعرضون له من « دغمسة» من بعثة الحج وجحافل الموظفين الحكوميين المرتدين قبعة الحزب الحاكم، إذا علمنا كل ذلك واكتفينا بمتابعة قضايا اختلاس اموال الاوقاف السودانية بالسعودية وقضايا الحج السياحي وغسيل الاموال المستحلبة من المسلمين لتحويلها الى عقارات بالمملكة، فإننا لن نسكت على العمليات المستمرة لتدمير الناقل الوطني، ونطالب وزارة العدل مثلما تكرمت بالأمس ونشرت ما بيدها من معلومات عن بعض القضايا، بأن تكمل جميلها بالنشر الاسبوعي لبقية القضايا، خصوصاً المتعلقة بخط هيثرو وجرائم إصدار التقارير الزائفة عن حالة الطائرات المستأجرة بواسطة سودانير والشركات الأخرى. إن حكاية المستندات المضروبة تعيد الى الأذهان فضيحة الطائرة السودانية التي سقطت في مطار الشارقة بالامارات عام 2009م وهي طائرة بوينج «707» ويبدو ان الاماراتيين تحصلوا على حقيقة ما جرى بعد فتح الصندوق الاسود. ولذلك منعوا منذ تلك الحادثة هبوط أية طائرة سودانية في مطاراتها، ومن الواضح ان تلك الطائرة المنكوبة التي اودت بحياة ستة من افضل طواقم الطيران السوداني كانت تتحرك وتطير بموجب أوراق ومستندات فنية مضروبة دون أدنى مسؤولية تجاه الضحايا او العلاقات الدولية التي تحكم عمليات الطيران، واذا تتبعنا حوادث سقوط الطائرات السودانية كافة فإننا سنتوصل الى حقيقة واحدة هي وجود خلل كبير في ملف الطيران، ووجود علاقات مشبوهة واصابع مخربة ونافذة يجب ان تتحمل كامل المسؤولية عن الجرائم الناجمة عن ذلك الفعل. واليوم تتكرر نفس الجريمة، ونكتشف أن هنالك طائرات تتحرك وتأخذ الإذن بالطيران من السلطات المختصة ليتم حظرها ومنعها من الهبوط في مطارات الآخرين بسبب وجود شكوك حول صحة المستندات الفنية وتاريخ صيانة الطائرة المذكورة ومدى مطابقتها لإجراءات السلامة المطلوبة. إن مطارات الآخرين ليست معدة لتقبل الفوضى بالتأكيد، ولذلك فإن سلطات الطيران المدني مدينة للشعب السوداني بتوضيح ملابسات ما جرى، كما أن على وزارة الإرشاد والأوقاف أن توضح للناس ما إذا كانت تعلم بالأمر وتداعياته على العملية برمتها، خصوصاً أنهم يتحصلون من الحجاج والمعتمرين الأموال مقدماً لتفويجهم لاحقاً عبر سودانير، ولن ننسى أن نشير الى الإعلان الغريب الذي دفعت به الإدارة العامة للحج والعمرة بخصوص «زي موحد للحجاج قبل وبعد الإحرام»، باعتبار أن هذا الاعلان تبدو عليه سيماء الدغمسة، فالحجاج السودانيون معروف عنهم الزي السوداني المشهور وهو «الجلابية» وهم يخلعونها لارتداء لباس الإحرام الشرعي ثم يعودون إليها بعد أداء شعائر الحج، فما هو الداعي لتصميم زي جديد للحجاج وفتح الباب للشركات لصناعة زي جديد وتحميله قسراً للحجاج؟ وما علاقة كل ذلك بالخصومات التي تتم من شيكات الحجاج؟ إن الساحة مملوءة بالتناقضات، وهنالك أشياء غريبة تحدث وسط الزحام، وبما أننا طالبنا عدة مرات بفك قبضة الدولة عن خدمات الحج والعمرة وإلغاء الرسوم والأتاوات المفروضة قسراً على الراغبين فيها باعتبارها شعائر مثل الصلاة والصوم ليس من الإسلام صناعة وسطاء وسماسرة فيها، فإننا نكرر الدعوة هنا إلى إلغاء ما يسمى الإدارة العامة للحج والعمرة، مثلما ألغى رئيس الجمهورية من قبل هيئة الحج والعمرة، على خلفية «الدغمسة» المستمرة في أعمالها.