يقولون إن كتاباً جديداً يحمل عنوان No Easy Day «ليس يوماً سهلاً» سيتضمن معلومات مغايرة لما تم تداوله على أنه الحقيقة في ما يتعلق بالطريقة التي قتل بها زعيم تنظيم القاعدة «أسامة بن لادن» الذي أثار الدنيا ولم يقعدها حتي مقتله في ظروف غامضة، بن لادن أرهق وأتعب ودوخ الأمريكان، حيث يذكر الكتاب أن القوات الخاصة التي قامت بالعملية، وجدت بن لادن أعزل، في وقت كان فيه يحتضر إثر إصابته بعيار ناري في رأسه. مؤلف الكتاب مات بيسونيت والذي استخدم اسماً مستعاراً هو «مارك أوين» في تأليفه للكتاب وذلك خوفاً من المطاردة من قبل انصار بن لادن، هو عنصر سابق في القوات الخاصة البحرية، وقد شارك في عملية اقتحام المنزل المحصن لزعيم التنظيم في الثاني من مايو 2011 في أبوت آباد بباكستان، وكان يقف حينها خلف الرجل الذي كان يقود المجموعة المداهمة، ويقول قاتل بن لادن ومؤلف الكتاب: «في ثانية، أطلقت النار عليه مرتين في جبهته، وكانت المرة الثانية وهو يسقط، فتكوّم على الأرض أمام سريره، فضربته مرة أخرى، في الموضع نفسه، ولم يستمر الأمر أكثر من «15» ثانية»، ويضيف أنه بعد أن أطلق زملاؤه النار، اندفع هو بسرعة عبر مدخل غرفة النوم الواقعة في الطابق الثالث، ليجد بن لادن يتحرك في الغرفة ممسكًا بإحدى زوجاته، راكضاً نحو بندقيته من نوع أي كي 47، التي كانت موضوعة على رفّ في الغرفة. وأشار رجل القوات الخاصة إلى أنه لم يكن لديه حينها أي شك في أنه كان وجهاً لوجه مع الهدف المطلوب، إذ «كان في البيوت التي تدربنا فيها أهداف وضعت عليها صور وجهه، وكانت تلك لحظة تكرار واستعادة للذاكرة، وتَمّ الأمر». بن لادن ولد في 10مارس 1957م وأغتيل على أيدي القوات الأمريكية في الثاني من مايو 2011م في الباكستان، وألقت تلك القوات بجثته سراً في البحر من على متن حاملة الطائرات، وترددت قصة اغتيال بن لادن بعد أسبوع واحد فقط من إعلان الرئيس الأمريكي بارك أوباما أكثر من «84» مليون مرة، وتعتبر قصة اغتياله ثالث أكبر قصة إخبارية في العالم في القرن الحادي والعشرين، والده رجل الأعمال الملياردير السعودي محمد عوض بن لادن، وترتيب بن لادن وسط أخوته السابع عشر من «52» أخاً وأختاً، وتخرج ببكالريوس الاقتصاد من جامعة الملك عبد العزيز ليتولى أعمال والده الذي ترك ثروة تقدر بأكثر من «900» مليون دولار، وفي عام 1988 أسس بن لادن مجموعة جديدة أطلق عليها اسم «القاعدة» وفي عام 1991م وصل الرجل الى السودان، وتحت ضغوط دولية، غادر بن لادن السودان في سنة 1996م متوجّهاً إلى أفغانستان نتيجة علاقته القوية بجماعة طالبان، التي كانت تسيطر على أفغانستان. وهناك بان وجهه الحقيقي، إذ أعلن الحرب على الولاياتالمتحدةالأمريكية. وفى سنة 1998م تلاقت جهود أسامة بن لادن مع جهود أيمن الظواهري الأمين العام لتنظيم الجهاد الإسلامي المصري المحظور، وأطلق الاثنان بياناً يدعو إلى قتل الأمريكان وحلفائهم أينما كانوا، وإلى إجلائهم من المسجد الأقصى والمسجد الحرام. ونتيجة لبيانه ارتكبت القاعدة تفجيرات الخبر وتفجيرات نيروبى ودار السلام، وفي 1999م وضع اسم بن لادن ضمن قائمة المطلوبين التي أصدرها مكتب التحقيقات الفدرالية الأمريكي. وفي 11 سبتمبر 2001م تم تفجير برجي مركز التجارة العالمي في نيويورك، ومبنى وزارة الدفاع الأميركية «البنتاغون»، من قبل «19» شاباً من أتباع بن لادن، مما أدى في نهاية ذلك اليوم إلى قتل نحو ثلاثة آلاف. الكتاب الجديد الذي يطرح في الأسواق في الذكرى الحادية عشرة لأحداث الحادي عشر من سبتمبر، ربما يسلط الضوء على رواية جديدة ومغايرة للرواية الرسمية الأمريكية حول اغتيال بن لادن، وهو ما قد يسبب له متاعب قانونية نظراً لكشفه بعض المعلومات التي قد تعتبرها الحكومة مساساً بالأمن الوطني، وخيانة للأمانة العسكرية. وقيل كلام كثير حول بن لادن وحول الطريقة التي اغتيل بها، وكتبت عنه آلاف المقالات وبشتى اللغات، وألفت فيه عشرات بل مئات الكتب، حتى بدت شخصية الرجل أسطورية، وأمريكا ودول كثيرة كانت تصفه بأنه لم يكن سوى إرهابي كبير، بينما أنصاره كانوا يرون فيه رجلاً مجاهداً عظيماً، لكن ما هي حقيقة الرجل؟ وطالعت كتاباً آخر تتحدث فيه زوجته الأولى نجوى وابنه عمر عن الرجل، وأردت أن أشرك معي القراء في مطالعته، وعنوان الكتاب «إنه بن لادن» لجين ساسون، وتجد فيه السيرة الكاملة لأسامة بن لادن كما رواها ابنه عمر وزوجته نجوى، ودوَّنتها جين ساسون صديقتهما الموثوقة، والكتاب يقع في «490» صفحة من القطع المتوسط، وتتناول مؤلفته من خلاله شخصية بن لادن وأسراره الدفينة من خلال أقرب الناس إليه، كما أنها تحاول الدخول إلى عمق تفكير أسامة بن لادن، ويتناول الكتاب تمركزه في أفغانستان ومغادرتها، وعودته إلى السعودية، وارتباطه الملتبس بأحداث 11 سبتمبر، كما يرصد تحركاته المعلنة والسرية، وإقامته الاختيارية والقسرية في مختلف المدن والكهوف، ويطرح شبكة علاقاته وتعرُّضه للمخاطر، ومحاولات الاغتيال التي استهدفته وأفراد أسرته، ويتحدَّث عن حياته الزوجية مع جميع زوجاته، يفصّل علاقته بأبنائه الذين كان يطلب منهم القيام بعمليات انتحارية، والذين حرمهم العلم والطعام! إنه بن لادن كتاب يذهب إلى أبعد من ذلك، مؤرِّخاً للقاعدة ولأسامة بن لادن شخصياً، ويحدِّد مصير أفراد عائلته، كما يتحدث الكتاب عن أيام ذهبية لبن لادن وأسرته الكبيرة في مدينة الرياض بالعاصمة السودانية الخرطوم، ويتناول استثمارات الرجل وشبكة علاقاته هناك ومحاولة اغتياله من قبل مجموعة تكفيرية وهواياته الخ. وتقول مؤلفة الكتاب أنه يتضمن معلومات تنشر لأول مرة عن الرجل، وعائلته، وتهدي كتابها الى جميع الأبرياء الذين عانوا أو فقدوا حيواتهم في هجمات إرهابية عبر العالم، والي الأسر التي مازالت تتألم وتتفجع عليهم، وتبدي الكاتبة بعض الملاحظات حول بن لادن، مشيرة الى أن الرجل حرص منذ اللحظة التي استرعى فيها انتباه العالم على إخفاء حتى أدق التفاصيل غير الشخصية المتعلقة به وبزوجاته وأولاده، حيث غذى غياب المعلومات الخاصة عنه وعن عائلته المباشرة مخيلة العالم منذ 11 سبتمبر 2011م، وقد نشر كثيراً من الكتب عنه وعن تنظيمه، وتشير المؤلفة الى أن كتابها هو الأول الذي يكتب من داخل حياة عائلة بن لادن ويتضمن روايات شخصية مباشرة من زوجته الأولى نجوى وابنهما الرابع عمر، وتنوه بأن الكتاب يتعلق بالحياة الخاصة بأسامة بن لادن وعائلته، وتشير إلى أن زوجته نجوى عاشت في عزلةً انصياعاً لرغبات زوجها، ورغم ذلك لا تعرف زوجة بن لادن سواه، أما الغرب فلا يعرف عنه سوى الإرهابي. وتتحدث نجوى بن لادن هكذا تسميها الكاتبة جين ساسون حسبما هو متبع لدى الغربيين، حيث ينسبون الزوجة الى زوجها، لكن اسمها الحقيقي نجوى غانم تتحدث عن طفولتها بقولها: لم أكن في ما مضى زوجة لبن لادن بل كنت طفلة بريئة، ترادوها أحلام الفتاة الصغيرة، أتذكر الفتاة الصغيرة التي كنتها، والأيام السعيدة التى تمتعت بها، وعشت وأخوتي وأهلي في فيلا متواضعة في اللاذقية السورية تلك المدينة الساحلية الجميلة، حيث عاش سبعة أشخاص في ذلك المنزل، وكنت الثانية من حيث الترتيب، وكان والدي تاجراً، وكان يوفر لهذه الأسرة التي هاجرت من اليمن الى سوريا من مهنة التجارة الشاقة حياة مرفهة، ولما كنت الابنة التي تجلب الفخر لوالديها وأصبحت ناضجة كفاية لأفهم ما يقوله الناس من حولي، صرت أدرك الحديث الودي المتعلق بكل من الجمال الداخلي والخارجي لعائلتي. وعن طريقة ارتداء ملابسها تقول: لم توافق والدتي وأنا في سن المراهقة على طريقتي في اللبس، فهي مسلمة محافظة تغطي شعرها بوشاح وترتدي ملابس تلفها من عنقها الى أخمص قدميها، وأنا تمردت على هذا اللباس التقليدي، وقاومت توسلاتها بترتداء ملابس محتشمة، بل رفضت أن البس البلوزات التى تغطي ذراعي أو التنانير التي تصل الى رسغي، وأنا خجلة لأني كنت أجادلها في هذا الشأن وسببت لها مثل هذا الأسى، وتضيف نجوى: لقد شكلت المدرسة لذة فتحت ذهني، وعن هواياتها في الصغر تقول: كنت لاعبة كرة مضرب ماهرة، كما أحببت ركوب دراجتي الملونة، وكنت أرسم المناظر الطبيعية على القماش والأواني الفخارية الناعمة، تقول إنها فنانة بلا لوحات. وعن كيفية زواجها من أسامة بن لادن تقول: سمعت عرضاً أهلي وهم يتحدثون عن زواج عمتي علياء سراً من زوجها الأول الموسر السعودي الكبير محمد بن لادن، بفضل صداقته المميزة مع الملك السعودي عبد العزيز، وكان الزواج قصيراً ورزقت منه عمتي عليا بصبي سمياه أسامة، ثم تزوجت عمتي بعد الطلاق بمحمد العطاس وهو سعودي عمل لحساب عمتي عليا والدة بن لادن، وتصف نجوى طفولة أسامة بن لادن بقولها: كان فخوراً لكنه لم يكن متغطرساً، لطالما بدا رقيقاً بلا ضعف ورزيناً بلا قساوة، لم التق أبداً مثل هذا الصبي الناعم الكلام، لم يفكر أحد في أسامة على أنه ضعيف الإرادة برغم مشكلة الوداعة لأن طبعه قوي وحاسم، وتقول نجوى أن عمتها عليا والدة اسامة بن لادن كانت تزورهم برفقة اسامة في سوريا، فكانت واخوانها يلعبون مع بعض، وكانت لهم مغامراتهم الصبيانية، وتضيف مرت علينا أوقات حزينة، ففي الثالث من سبتمبر 1967م كان والد أسامة بن لادن «محمد» راكباً في طائرة صغيرة سقطت وتحطمت ومات بسببها وهو في الحادية والستين ومعه أشخاص عديدون آخرون، وصدمني أن أسامة فقد والده. تقول نجوي: فقدت الانفعال، ومرت أيام الطفولة السعيدة بسرعة كبرى ودخلت سنوات مراهقتي فأخذت عواطف غير متوقعة تسري كالدوامة بيني وبين ابن عمتي أسامة، لم يتفوه أسامة بأي شيء لكن عينيه البينتين أخذتا تشعان بالسرور كلما دخلت الغرفة. وارتعشت بسعادة عندما شعرت باهتمام ابن عمتي الشديد، وسرعان ما طفت مشاعرنا الخفية الى السطح وتغير حياتنا الى الأبد. في الحلقة الثانية نتعرف على كيف تزوجت نجوى ببن لادن، وكيف توالت زيجات الرجل حتى وصلت إلى أربع زيحات.