٭ بدا المستشار القانوني لجهاز الأمن سعيداً بإجابتي عن سؤاله لي حول رأيي فيما ينشر على الانترنت من أخبار وتقارير. كان ذلك أمام محكمة الخرطوم شمال وتحديداً أمام القاضي مدثر الرشيد الذي مثلت أمامه في قضية نشر كشاهد خبرة حسب رغبة المدعى عليه، بينما كان المدعي هو جهاز الأمن نفسه، والذي أناب عنه أثنان من المستشارين القانونيين. إجابتي التي أسعدت مستشار الجهاز كانت أن ما ينشر على الانترنت لا يتمتع بمصداقية مؤكدة ولهذا يجب على المتصفح أن يأخذ ما يرد فيه من معلومات وأخبار وتقارير الى آخره بحذرٍ شديد وعدم التسليم بها، وعليه إن كان الأمر يهمه أن يسعى للتثبت والتحقق من المعلومة أو الخبر أو التقرير، وإلا فلا يسلم بالمعلومة ولا يؤسس أو يبني عليها أى حكم أو رأى أو فعل، وأسست إفادتي هذه على أن ثورة المعلومات التي إجتاحت العالم والتطور التكنولوجي الذي رافقها كتفاً بكتف مع ظهور وسائل الاتصال الحديثة ووسائل التواصل الاجتماعي، كل هذا أدى الى سهولة نشر من يشاء ما يشاء من معلومات وأخبار بشكل عاجل وسريع دون أى التزام بشروط واستحقاقات ومطلوبات النشر الصحفي الذي له ضوابطه وأخلاقياته المهنية المعروفة والمرعية لدى الصحافيين المحترفين، ومن ثمّ فإن مثل هذا النشر قد لا يخلو من الغرض والمرض ويفتح الباب لنشر الشائعات وتصفية الحسابات وإشاعة الاكاذيب، ولم أنس بالطبع أن أضيف في إفادتي أن النشر الاليكتروني عرضة أيضاً للاختراق والتحوير والاضافة والحذف على النحو الذي يرغب فيه المخترق والعبث كما يشاء بالمادة المنشورة بعد أن يهكر الموقع أو يستولى على الحساب الشخصي في الفيسبوك أو البريد الاليكتروني الى غير ذلك من الالاعيب والجرائم الاليكترونية.. تلك هى الحقيقة صدعت بها ولم أبالِ إن أسعدت المدعي أو أغضبت المدعى عليه، فلم تكن تهمني قيمتها القانونية عند أىٍ من الطرفين بقدر ما أهمنى أن أقول ما علمته وخبرته بكل حق وصدق.. بهذه الخلفية أنظر اليوم لقضية الزميل الصحفي الشاب الرزين خالد احمد الذي يواجه تهمة نشر اليكتروني قريبة الشبه جداً بالقضية التي كنت شاهداً فيها مع فارق وحيد هو أن المدعى عليه في الأولى كان في موقع القاريء والمتصفح الذي نقل من الانترنت، بينما تضع السلطات في الثانية الزميل الصحفي خالد في موقع الكاتب والناشر على الانترنت، مع ملاحظة أن الزميل خالد نفى ما نسب اليه من نشر اليكتروني ودفع بأن سطواً قد تم على حسابه بالفيسبوك وتلاعب اللص باسمه وعبث بمادته المنشورة على صحيفة السوداني الورقية التي يعمل بها أو ربما أخذها من موقعها الاليكتروني، وأضاف اليها ما اراد وبعض الصور المنشورة على حسابه وعلى موقع الصحيفة، وهذه ممارسة لا أخلاقية بل جريمة بكل المقاييس معروفة وتكاد تكون شائعة لم ينجُ منها من يمتلك موقعاً على النت أو بريداً اليكترونياً أو حساباً على الفيسبوك..الخ، وما اريد ان اخلص اليه خاصة وأن قضية الصحفي خالد الآن أمام النيابة المختصة بجرائم المعلوماتية ولا نود الخوض فيها أكثر من ذلك، هو الاشارة الى السابقة القضائية التي تعتبر الاولى في هذا المجال وهى القضية المعروفة باسم (منال عوض خوجلي ضد وائل طه)، والتي إنتهت بشطب القضية، وأزيد عليها القضية التي كنت شاهداً فيها والتي إنتهت أيضاً بالشطب، وعلى ذلك قس....