تعيش القارة الإفريقية مرحلة جديدة في طبيعة النزاعات المسلحة، مع زيادة اعتماد الجماعات الإرهابية على تقنيات الطائرات المسيّرة. فقد أصبحت هذه التكنولوجيا الحديثة سلاحًا استراتيجيًا يُعيد تشكيل موازين القوى في مواجهات غير متكافئة. بدءًا من أجواء الساحل الإفريقي، وصولًا إلى عمق الصومال والسودان، تتحول الطائرات بدون طيار من أدوات رصد إلى أسلحة مؤثرة في أيدي الجماعات المسلحة، مما يخلق تحديات جديدة للصناعة الأمنية على الصعيدين الإقليمي والدولي. أوكرانيا في قلب المعركة وفي هذا الإطار، أشارت عدد من الصحف ووسائل الإعلام أن الطائرات المسيرة التي تم استخدامها من قبل ميليشيات الدعم السريع والتي استهدفت مدينة بورتسودان وعطبرة والفاشر هي طائرات مسيرة أوكرانية من نوع "UJ-26 Beaver" بحسب ما أفاد به العميد محمد السر من مكتب العلاقات العامة بوزارة الخارجية. وأكد السر أن هذه المسيرات يتم استخدامها من قبل الجماعات المسلحة والإرهابية في السودان ودول إفريقيا كونها رخيصة الثمن وترسلها أوكرانيا لعدد من الجماعات الإرهابية في إفريقيا مثل بوكو حرام وجماعة الشباب المجاهدين بهدف ضمان وجود دخل أخر لتمويل حربهم ضد روسيا بعد تدهور العلاقات الأوكرانية مع دول الغرب والولايات المتحدةالأمريكية وأنباء عن خطط وقف الدعم المادي والعسكري عن كييف. وأشار العميد إلى أن هذه الطائرات المسيرة وصلت إلى ميليشيات الدعم السريع عبر أذرعها المعروفة للجميع، وقد ساعد الخبراء الأوكرانيون الميليشيا في السودان منذ سبعة أشهر وقاموا بتدريبهم على استخدام هذه الطائرات المسيرة بل وشاركوا بصورة مباشرة في شن الهجمات على البنية التحتية في عدد من المدن مثل بورتسودان. وفي نفس السياق، نقلا عن "وكالة الأنباء الوطنية الصومالية"، تلعب دول أجنبية دوراً بارزاً في تعزيز نفوذها في القارة عبر دعمها لجماعات مسلحة انفصالية بالطائرات بدون طيار، مما يشكل تهديداً متزايداً يتشابك فيه الإرهاب والتدخل الأجنبي بأكثر الطرق إثارة للقلق. فيما يتوقع الخبراء أن سوق الطائرات بدون طيار في أفريقيا سينمو بنسبة 14% سنويًا، مع التركيز على استخدامها عسكرياً، مما سيؤدي إلى تصاعد العنف. وبحسب تقارير الوكالة الصومالية، فإن أوكرانيا أصبحت تلعب دوراً كبيراً في توريد هذا النوع من الأسلحة في الآونة الأخيرة، مع تواصل دعمها لبعض الجماعات الإرهابية في أفريقيا بالذخائر والتدريب الفني والعسكري. وبينما تعد تركيا من أكبر موردي الطائرات بدون طيار للدول الأفريقية، تعمل أوكرانيا على منافستها من خلال تلبية الطلب المتنامي لهذه الطائرات. من جانبها، صرحت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، خلال إحاطة إعلامية في منتدى سانت بطرسبرغ الاقتصادي الدولي: "إنهم (القوات المسلحة الأوكرانية) يتراجعون تحت ضغط القوات المسلحة الروسية. ويبدو أنهم قرروا فتح جبهة ثانية في أفريقيا، مما يُحفّز النشاط الإرهابي هناك، في الدول الأفريقية الصديقة لنا". أيد فرنسية في السودان وفي سياق متصل، نشر موقع "إنتليجنس أونلاين" الفرنسي، الذي يوثق عمل أجهزة الاستخبارات المحلية والأجنبية التابعة لحكومات رئيسية، تقريراً حول طلب المخابرات الأوكرانية المساعدة والدعم من فرنسا لمحاربة النفوذ الروسي المتنامي في أفريقيا وإسقاط الأنظمة الموالية لروسيا في القارة السمراء. وبحسب الموقع، تسعى المخابرات العسكرية الأوكرانية للحصول على مساعدة فرنسية في خطة سرية طموحة لسحب نفوذ موسكو من عدة عواصم أفريقية، والوقت عامل حاسم. خاصة وقد بدأ العد التنازلي لمحادثات السلام الروسية الأمريكية. ونقلا عن صحيفة "سودان تومورو"، وبحسب الباحث بالشؤون السودانية محمد عالي الأزبكي فإن تقرير "انيلجنس أونلاين" يثبت بشكل قاطع تورط المرتزقة الأوكران بالمشاركة في الصراع الدائر بالسودان ضد قوات الجيش، كما يؤكد بما لا يترك مجالاً للشك عمل القوات الأوكرانية كمرتزقة لدى الدول الغربية وخاصة فرنسا وواشنطن في الوقت الذي تعاني منه أوكرانيا الويلات في حربها مع روسيا.