يبدو لى ان البرلمان «قاعد ساى» وان غالبية اعضائه اتوا للتمتع بظل المبنى الذى شيده المرحوم جعفر نميرى بعلاقاته الخارجية مع رومانيا، فكم سمعنا وشاهدنا اعضاء برلمانات دول اخرى يتلاكمون بالكراسى وبالايدى ويحمى وطيس المعارك بينهم من اجل صوت الحق الذى نابوا الشعب عنه، لأنهم يدركون انهم لم يأتوا لجودية او فسحة او مجاملة، فدورهم النقد والهرش والرقابة والمحاسبة وسن قوانين تنفع رعاياهم، ونريد من العضوا البرلمانى ان يعلم انه وبروحه المعنوية العالية فوق الوزير، وان يقعقع بالشنان لرئيس الوزراء والولاة، ويضرب القراف عشان الجمل يخاف، وان يكون في حالة طنين دائم مذكراً بأنه عين صاحية راعية للحقوق، وقد شاهدنا في الماضى كيف ان تونى بلير رئيس وزراء بريطانيا وقف امام البرلمان يتصبب عرقاً في مساءلة ومحاسبة ومشهودة، والبرلمان في صناعة القرارات كالصاج في الطهى ان لم يكن ساخنا بدرجة عالية يكون الطعام نيئاً ورديئاً، فقد صرح اعضاء البرلمان متوددين «لا يوجد وزير فاسد»، فما الفساد الذى يفهمه الاعضاء؟ هل هو اخذ المال مباشرة؟ هناك فساد في التقصير الإدارى والبطء وغض الطرف، ألا يعتبر التجنيب فساداً؟ ومنه ما دار بشركة الاقطان والاوقاف؟ وما اكتشفته إشراقة من شبابيك في وزارتها؟ ودخول قوات خليل ام درمان؟ هل اقلتم وزيراً في مثل هذه الاحداث؟ فسرقة المال من الخزينة افضل من تساهل في قرار يضر مصالح الملايين؟ فأنتم الغائبون، اما من كان فاسداً فموجود بلحمه ودمه في كل الولايات. فقد تم اختياركم بدقة، بحيث تحسنون الطاعة وتسمعون الكلام وتحبون المال الذى تفقدونه. وقاتل الله الدكتاتورية التى قبضت على كل مفاصل المال، فهو عصا في يدها تسير به الولاة واعضاء البرلمان في خنوع وهم باسمون، وقد قيل «الثعبان الفي خشموا جرادة ما بعضى»، ومن يستجدى الوزراء لا يحاسبهم، فقد اضعتم البلاد والعباد واضعتمونا.. وقيل ان واحداً من جماعتنا من الجزيرة جيء به عضواً في البرلمان فنام في الجلسة، واستيقظ سائلاً جاره كيف اُدخلت هذه التربيزة الكبيرة إلى هنا؟ وقال آخر من نفس المنطقة «أحضر للهواء البارد والشاى والقهوة والظرف» فمن يقولون هكذا لا يرجى منهم نقد ولا يعطون وزيراً عيناً حمراء. نوح الخليفة أبو جولة السعودية