الخرطوم: محمد سعيد: على غرار درجات الحرارة المرتفعة خارج قاعة الصداقة ظهيرة امس كانت سخونة المؤتمر الصحافي الذي عقده مدير جهاز الأمن والمخابرات محمد العطا عباس ووزير الإعلام أحمد بلال عثمان، فقد افاض الأول في الكشف عن ملابسات تورط جنوب السودان في دعم المتمردين والجبهة الثورية، واسهب الآخر في الحديث عن العلاقات بين البلدين الجارين ووصولها الى مرحلة اكثر ضبابية في انتظار تحركات دبلوماسية اقليمية تلجم جوبا عن دعم المتمردين وتقنع الخرطوم في العدول عن قرارها بوقف ضخ النفط الجنوبي. قرار من أجل الكرامة مدير جهاز الأمن الفريق محمد عطا المولى عباس جدد الاتهام لدولة جنوب السودان بتوفير الدعم والايواء والوقود والاسلحة والسيارات لمتمردي الجبهة الثورية الى جانب احتلال الجيش الشعبي ل 6 مناطق سودانية، موضحا ان قرار ايقاف النفط الجنوبي لارجعة عنه وان الحفاظ على ارواح السودانيين اغلى من 350 ألف برميل نفط تنتجها جوبا يوميا ، وقال « لو ادونا بترولهم كلو مابساوي ارواح اهالي أبوكرشولا». وقال عباس في مؤتمر صحافي مشترك مع وزير الإعلام، ان القرار اتخذ لحفظ كرامة الشعب السوداني وحفظ ارواح السودانيين، وقال ان عائدات رسوم عبور النفط لاتوازي ارواح اهالي أبوكرشولا ، معلنا عن إخطار الحكومة كل المعنيين بقرار ايقاف نفط جنوب السودان، وقال ان الفنيين والمهندسين سيتخذون الاجراءات الفنية خلال الفترة المقبلة مشددا على ان قرار الرئيس عمر البشير بايقاف النفط لاتراجع عنه سواء ان كانت الاجراءات الفنية تتخذ «خلال 50 يوما او اسبوعا او 60 يوما « . تعزيزات عسكرية ومؤن وعتاد ووقود وكشف عن توفير جوبا ل100 برميل وقود يوم الجمعة الماضية الى جانب 100 برميل اخرى في ذات اليوم تحركت من ولاية الوحدة رغم عملية التأمين تجنبا لكشفها، وقال « يعتقدون ان هناك جواسيس في الجبهة الثورية تمدنا بالمعلومات ولذلك نقلوا الوقود الى منطقة قريبة من طروجي وستصل الى البلدة خلال اليوم او غدا « ، وتابع بالقول « العملية تشرف عليها رئاسة اركان الجيش الشعبي ومدير الاستخبارات بجنوب السودان «. كما اكد عباس ان جوبا دفعت بتعزيزات عسكرية الى متمردي الجبهة الثورية عبارة عن عربات دفع رباعي وقطع غيار ، وقال ان الدعم يشمل الذخائر والاسلحة والمواد التموينية ووثائق ثبوتية لقيادات الجبهة الثورية لتسهيل حركة التنقل بين الدول ، ورأى ان الجبهة الثورية نشأت و»سمكرت» داخل جنوب السودان وبتحركات من قياداتها التي اشرفت على تجميع فصائل الحركات ، وقال ان عشرات الجرحى تم اخلاؤهم الى جنوب السودان وهناك جرحى في مشافي ولاية الوحدة، ووصف عملية الدعم بالممنهجة وليس دعما مؤقتا او عابرا ، واضاف « كلما اخطرنا ونبهنا جنوب السودان بالكف عن الدعم سارعت الى عملية الدعم بشكل اكبر من الاول وتغطيته وتأمينه «. واتهم الجيش الشعبي بالتواجد في 6 مناطق سودانية، وقال ان منطقة سماحة لاتزال محتلة الى جانب منطقة بحر العرب والادهم، وقال ان جنوب السودان واحدة من مراكز ايواء المتمردين على مستوى القيادات، وقال انهم موجودون في اويل وواو وراجا وولاية الوحدة في بانتيو وربكونا وشمال الولاية في الحدود ، واضاف « ظللنا نبحث عن وسيلة سياسية لايقاف هذا الدعم ومازلنا نبحث عن ذلك «. وقال ان الحكومة اوفدت نائب مدير جهاز الأمن ومدير الاستخبارات العسكرية في 30 مارس لتنبيه جوبا بالكف عن الدعم وعرضا معلومات على الرئيس سلفاكير ميارديت، كما تلته زيارة البشير الى جوبا وعقد قمة ثانية في اديس ابابا على هامش اجتماعات الاتحاد الافريقي لكن العملية ماتزال مستمرة ، واضاف «بدلا من ان تتخذ جوبا القرار الصحيح وايقاف العمل الضار تصر على ادخال اتفاقات التعاون التسع في مرحلة عدم التنفيذ « . ونوه الى ان جوبا تتخذ مزيدا من عمليات التأمين على الدعم . وزاد « ده كلام اصبح ما ممكن « . وتابع «حركات دارفور ديل ناسنا كانوا معانا ويسهل معرفة المعلومات وهناك آخرون يراقبون ما يحدث وبشهادتهم نتحدث «. الدعم مستمر وقال عباس ان البشير امهلهم اسبوعين وطلب ايقاف الدعم لكن العملية استمرت وماتزال الحركة الشعبية - قطاع الشمال لم تفك ارتباطها مع دولة والجنوب وتمارس المهام وكأنها جزء من رئاسة هيئة اركان الجيش الشعبي وتوزع اليها المهام وكأنه شأن عسكري داخلي وباشراف مباشر من هيئة الاركان الجنوبية، وقال ان شخصا يدعى عزت كوكو ينسق عمليات الدعم مع قائد قوات قطاع الشمال جقود مكوال بعد ان تحول عبد العزيز الحلو الى قائد قوات الجبهة الثورية . وقال عباس ان السودانيين يعلمون كيف تمضي هذه المسيرة وانهم غير قابلين للضغوطات، وكشف عن تقرير اليونسفا الذي حمل توقيعا من مندوب السودان ومندوب جنوب السودان وقائد اليونسفا واقر التقرير بتواجد الجيش الشعبي داخل موقع بمنطقة هجليج السودانية، ورأى ان عدم اكتمال عمليات المراقبة لم تمكنها من ممارسة المهام على الحدود بين البلدين الجارين . عقار ليس في كمبالا وتحدث مدير جهاز الأمن عن المعلومات التي اشارت الى نجاة رئيس الجبهة الثورية مالك عقار من محاولة اغتيال في العاصمة اليوغندية كمبالا، وكشف عن تواجد عقار في بلدة بونج حاليا داخل حدود دولة الجنوب على مقربة من حدود ولاية النيل الازرق، وهو متواجد هناك لاكثر من اسبوع، وقال ان عقار اعتذر عن رئاسة اجتماع للجبهة الثورية، كما ان الحلو مشغول بالعمليات العسكرية، وجبريل ابراهيم ذهب لملاقاة قواته التي فرت من شمال كردفان، واضاف اسند الاجتماع الى مني اركو مناوي لكن الاجتماع أُجل الى وقت لاحق . وقال ان الحكومة لاتقتل خارج ساحات القتال وهذا ليس اسلوبها مهما كانت درجات العداء، وقال ان هذه الممارسات هي من صميم الجبهة الثورية، وتابع « عقار اليمرق شوية من بونج ويتحدث عن استهدافو». وشدد عباس على ان الحكومة لن تصادر النفط المعبأ في الانابيب، واضاف « اذا عندهم حق يشيلوهو او يبيعوهو ونحنا عندنا حق ما بنخلي زول ينوم بيهو حسب الاتفاق «. دليل إضافي ورأى ان عمليات ايواء الجرحى الى جنوب السودان والسيارات والوقود التي نقلت الى الجبهة الثورية ادلة مادية كافية لاثبات تورط جنوب السودان في عملية دعم المتمردين، موضحا ان بعض الاعترافات وردت من الاسرى والجرحى، وقال « السودانيون الذين نقلوا الى مشافي جنوب السودان اصيبوا في المعارك وليس في شجار عادي وهذه ادلة مقنعة «. وقال ان الجبهة الثورية دخلت أبوكرشولا وعرجت الى أم روابة ثم خرجت، وتساءل من اين لهم كل هذه الدعومات اللوجستية . القرار للحفاظ على أرواح السودانيين وشدد مدير جهاز الأمن على ان القرار اتخذ على الرغم من مصلحة البلدين في استئناف النفط عبر الاراضي السودانية والحصول على عائدات رسوم العبور ، لكنه عاد وقال ان هذه ليست المعادلة الوحيدة في العملية، بل ان هناك ارواح السودانيين. وتابع «الاهالي في أبوكرشولا ذبحوا كما تذبح الشاة ولو أدونا 350 ألف برميل كلها في تقديري لاتساوي ارواح أهالي أبوكرشولا «. وقال عباس ، ان الحرب مهلكة وتستهلك الموارد وتحتاج الى استدامتها، وقال ان السودان فقد ايرادات نفط جنوب السودان لقرابة عامين ولم تعتمد في الموازنة العامة، وكانت جوبا تعتقد ان ايقافها للنفط يمكن ان يسقط النظام الحاكم في الخرطوم، موضحا ان البشير وجه القطاع الاقتصادي باجراء التدابير اللازمة لتجاوز موارد نفط جنوب السودان، وقال ان معدلات النمو ارتفعت في هذه الفترة الى 4% وان مشاريع التنمية مستمرة ولم تكبح . إمهال جوبا 60يوما ً من جانبه اعلن وزير الإعلام والمتحدث الرسمي باسم الحكومة أحمد بلال عثمان ان الحكومة مستعدة لمراجعة موقفها شريطة ان تكف جوبا عن الاستمرار في دعم الجبهة الثورية ، ورأى ان فترة 60 يوما كافية كي تعود جوبا الى رشدها وتتخذ قرارا صحيحا بايقاف الدعم . حزمة واحدة أو تلغى وكشف عثمان عن ان نفط جنوب السودان الذي وصل الى ميناء بورتسودان السبت الماضي سيسمح له بالتصدير او البيع والحصول على نصيب الخرطوم بحسب الاتفاق، مشددا على ان الحكومة لن تسمح بتطبيق آحادي لاتفاق التعاون، واضاف « نعتقد ان جوبا اذا كانت جادة وعلى استعداد لتنفيذ الاتفاقات وايقاف الدعم عن المتمردين ليس لدينا مانع من التعاون معها ، ولكن نريد ان نلتمس جدية من الطرف الآخر « . وتابع « المصفوفة تسير بحزمة واحدة تنفذ معا او تلغى معا «. وشدد على ان الخرطوم ستخطر شركات النفط والدول المالكة لهذه الشركات بالخطوة، وقال انه لايمكن رهن الأمن القومي بحفنة دولارات، كما ان الحكومة ستتخذ التدابير الدبلوماسية مع الاتحاد الافريقي والمجتمع الدولي لتنويرها بالقرار والاسباب التي ادت الى اتخاذه ، واتهم دولة يوغندا بتعكير العلاقة بين السودان وجنوب السودان لمصالحها الاقتصادية . وقال وزير الإعلام ان الحكومة تعتزم المضي قدما في طلب السلام شريطة عدم المساس بأمنها، وطالب جوبا بالانسحاب من 6مناطق احتلتها على الرغم من تنفيذ الجيش عملية اعادة الانتشار طبقا لاتفاق التعاون، وقال ان هذه الخروقات لايمكن ان تستمر ولذلك قررت الخرطوم ايقاف النفط الجنوبي من المرور عبر الاراضي السودانية. واضاف « كان ينبغي على الطرف الآخر مراجعة اوراقه وليس المسارعة الى الدعم وقرار ايقاف النفط اتخذ بعد مشاورات مكثفة «. وقال ان الحكومة ستخطر دولة الجنوب رسميا بقرار ايقاف النفط الى جانب الشركات المنتجة والجهات المختصة، مشددا على ان الحكومة ماتزال على ذات النهج في تعزيز السلام وهي حريصة على ذلك. وافاد بان الحكومة قادرة على حماية مصالحها الاقتصادية والسياسية. وقال انه لاحديث عن اي تفاوض مع الحركة الشعبية - قطاع الشمال في يونيو الجاري. خطة المعارضة أحلام ليست لها سيقان وقلل وزير الإعلام من خطة تحالف المعارضة بالاطاحة بالنظام الحاكم خلال مائة يوم تبدأ من مطلع يونيو الجاري ، ووصفها بانها احلام ليست لها سيقان. وقال « زعم الفرزدق. . . مية يوم شوية مفروض يزيدو شوية وليس كل الأمنيات محققة « . وتابع بالقول « اترك الاجابة لفطنة السودانيين ولن نقبل بحكومة انتقالية يتحدث عنها محمد ضياء الدين «. أمريكا . . دور رئيسي وطالب وزير الإعلام الولاياتالمتحدةالامريكية بلعب دور رئيسي ومتوازن في تقريب وجهات النظر وشقة الخلافات بين الخرطوموجوبا . وقال اذا كانت واشنطن حريصة على استمرار علاقات جيدة يجب ان لاتتهم الحكومة بمحاولة خنق الدولة الوليدة . واضاف « لايمكن للحكومة ان تخنق الجنوب وهي التي اعترفت بالانفصال «. سد الألفية . . خير وفير ولا أضرار وقال وزير الإعلام ان سد النهضة الاثيوبي سيعود بالخير الوفير على السودان، مؤكدا ان اثيوبيا اشركت السودان في كافة العمليات المتعلقة بإنشاء السد. وكشف بلال عن مغادرة وزير الري والسدود أسامة عبد الله الى القاهرة مطلع الاسبوع المقبل كما ان اللجنة العشرية التي تضم مندوبين من السودان ومندوبين من اثيوبيا ومندوبين من مصر الى جانب 4 خبراء عالميين في مجال المياه بددت كافة المخاوف المثارة بشأن سد الألفية وبثت تمطينات كبيرة ، وقال ان الحكومة جاهزة لايفاد خبراء وفنيين سودانيين للعمل في إنشاء السد . وقلل عثمان من المخاوف التي اشارت الى امكانية انهيار السد واغراق السودان، وقال ان التكنولوجيا تقدمت كثيرا ولايمكن ان تجازف الشركة الايطالية التي تشيد السد بسمعتها ، مشيرا الى ان الخرطوم حريصة على توطيد العلاقات مع القاهرةواديس ابابا . وقال ان السودان تنازل عن 22 قرية وحوالي مليون شجرة نخيل وحضارة بكاملها في اقصى شمال السودان لتنفيذ السد العالي من اجل المصريين في العام 1964 . وطلب ممن وصفهم بعدم المعرفة بقدسية العلاقات بين السودان ومصر بعدم التدخل وتعكير الأجواء بين البلدين ، واستبعد حدوث زلزال في منطقة إنشاء السد جراء انهيار السد ، وقال ان هناك سدودا ظلت متينة لعشرات السنين ولم تنهار مثل سد الروصيرص والسد العالي الذي يسع حوالي 162 مليار متر مكعب من المياه .