الخرطوم: تهاني عثمان : كان صباح الاربعاء الماضي يمضي طبيعيا في جامعة بحري رغم اتجاه طلاب كلية الطب الي الاعتصام من اجل تحقيق مطالب تتعلق بتحسين البيئة الجامعية وبالفعل توصل الطلاب والادارة الي اتفاق علي ان يتم معالجة ذلك في غضون عشرة ايام ، الا ان طلاب المستوي الاول كانوا بعيدين عن المشاركة في ذلك الاعتصام حيث ارتأوا الجلوس في قاعات الدرس والتحصيل ولم يكونوا يدرون ما يخبئه لهم القدر . ففي الوقت الذي جلسوا في القاعة المجاورة للمشرحة بمستشفى امدرمان التعليمي ، كانت في الاتجاه الآخر في صمت قاتل تتسرب المادة المستخدمة في حفظ الجثث في المشرحة لتجد في اجساد الطلاب مستقرا لها حين فتحت امامها ابواب الاهمال ، وعقارب الساعة تشير الي حوالي الساعة الثانية عشرة منتصف النهار لم تكن تلك الطالبة تدري بان الماء المبرد في « الكولر » يحتوي علي جرعات سمية ، الا بعد ان اخذت تشتم رائحة بدت لها غريبة اعقبها طعم غير مستساغ وما هي الا دقائق وينكشف بان التغيير ما هو الا نتيجة لمادة حافظة تستخدم لحفظ الجثث وتسمي الفورملين، يتم بها غمر الجثث حتي لا تصبح الجثة عرضة للتحلل او تتغير رائحتها . وكشف مصدر طبي «للصحافة» : ان التسريب نتج عن غمر احدى الجثث بالمادة بنسبة اكبر من المطلوب وبطريقة يشوبها شئ من الاهمال وعدم المبالاة ، وتسربت علي اثرها عبر التكييف الي القاعة الدراسية للطلاب اللصيقة بالمشرحة ، وقالت احدي الطالبات التي اصيبت بحالة تسمم: ان يوم الاربعاء كانت كل دفعات كلية الطب جامعة بحري في حالة اعتصام نتيجة مطالب بتحسين البيئة ، عدا طلاب المستوي الاول والبالغ عددهم 245 طالبا وكنا ندرس في قاعة صغيرة لا تكفي كل طلاب الدفعة لذا يغيب الكثيرون وحتي من يحضرون لا يجدون راحتهم ، وان القاعة المجاورة للمشرحة بها مشاكل في التهوية سواء بالنسبة للتكييف او المراوح وان منافذ التهوية الخاصة بالقاعة تقع في اتجاه المشرحة وهي عبارة عن باب ونافذتين ، واشتكت احدي الطالبات من تغير طعم مياه مبرد المياه وشككت في احتوائه علي مادة الفورملين قبل ان يتأكد ذلك ، واكتشفنا بعدها ان المادة وصلت حتى دورات المياه وتعرضت ثلاث حالات للتسمم تم نقلها لطوارئ مستشفى امدرمان ، واخذنا ننادي بالمايكرفون والملصقات عن تلوث المياه وقالت احدي الطالبات ان مسؤولا من المشرحة خاطب الطلاب بانه قد تم معالجة الامر وتنقية المياه ولكن بدخولهم القاعة تعرضوا الي جرعة سمية كبيرة ادت الي دخول حوالي30 طالبا في حالات اختناق ، تم منح 2 منهم الاوكسجين نتيجة مرضهم بالازمة ، وبعضهم تم منحهم دربات وحالات اخضعت لغسيل المعدة وحالة واحدة تم حجزها في العناية المكثفة لانها شربت جرعة كبيرة من المياه وهي اول حالة تم اكتشافها . وتقول احدي الطالبات ان احدى طالبات الدفعة دخلت دورة المياه للتأكد من تسرب المادة الي توصيلات الحمام لكنها تعرضت الي حالة اختناق وحدث لها صعوبة في التنفس وبدأت ترتجف ، وعندها كان لون المياه بني ويحدث رغوه ، اتجهنا الي ادارة المشرحة وكان المدير وقتها يتحدث عبر الهاتف مع احدهم بانهم يعانون من تداخلات في توصيلات المياه ، واتصلنا بادارة الجامعة عبر مكتب الاشراف في قاعة ود الجبل التي يباشر منها الاشراف علي طلاب المستوي الاول والخامس بالجامعة وابلغنا المسجل بالكلية بتفاصيل الحادث وانه بعد الساعة 12 من منتصف النهار كانت ثلاث حالات فقط . واكد احد الطلاب بان مسئولا من المشرحة قال للطلاب ان «صهريج المشرحة والحمامات » ومياه المبردات يربطها خط توصيل واحد وانه في حالة حدوث انقطاع في مياه المبرد «الكولر» يحدث سحب تلقائي له من مياه صهريج المشرحة وهو صهريج غير مستخدم اصلا وتم غسله مسبقا بكمية من الفورملين مسبقا والمياه المخزنه به راكدة، وقال انهم عملوا علي معالجة المشكلة واغلاق التوصيلات وتم تغيير المياه وبعد هذه التطمينات عاودنا الدخول للقاعة لتلقي محاضرة اخري ولكن وقتها كانت المادة كثيفة في القاعة الي درجة توقف التنفس والاختناق واصبحت بحالة من الاختناق نقلت علي اثرها لحوادث المستشفى ودخلت في حالة من التشنج حتى تم اعطائي جرعة من الاوكسجين وبعدها زاد العدد وكان يتم توزيعهم ما بين مستشفى البقعة وآسيا والنيل الازرق ولكن تم ارجاعهم الي مستشفى حوادث امدرمان لعدم تحرير اورنيك 8 باعتبار الاشتباة الجنائي وبموجب اورنيك 8 خضعت جميع الحالات للعلاج وحتي السادسة من مساء ذات اليوم الاربعاء تم اخلاء جميع الطلاب . وحضر عميد كلية الطب ونائبه ورئيس الحرس الجامعي ووقفوا علي وضع الطلاب وقيل ان العدد وصل الي 33 حالة .تم منح 2 منهم الاوكسجين نتيجة مرضهم بالازمة ، وبعضهم تم منحهم دربات وحالات اخضعت لغسيل المعدة وحالة واحدة تم حجزها في العناية المكثفة لانها شربت جرعة كبيرة وهي اول حالة تم اكتشافها .ورفضنا في يوم الخميس دخول القاعة والدراسة فيها وكونا نحن الطلاب لجنة للجلوس مع الادارة وتحديد مصير الدراسة. وابلغ احد اساتذة الجامعة « الصحافة » بما تعرض له الطلاب جراء تسرب مادة الفورملين المستخدمة في حفظ الجثث بالمشرحة، وقال : ان المادة المستخدمة في حفظ الجثث من التحلل او تغيير الرائحة قد تسربت عبر مياه الشرب في مبردات المياه وعبر المكيفات الي الطلاب ودخلوا في حالة من السعال والاختناق وتم اجراء اللازم لهم في المستشفى قبل ان يتم تخريجهم من المستشفى في السادسة من ذات اليوم . وقال مصدر طبي متخصص في افادة« للصحافة » فضل حجب اسمه : ان الفورملين مثله مثل أي مادة اذا ما ذابت يمكن ان تصل حساسيتها الي درجة الوفاة ، وهي مادة تثير الاغشية وتدخل الدم وتشبه الكحول في درجات تأثيرها علي الجسم ، والفورملين يؤثر علي البصر ويؤدي الي حدوث حموضة في الدم وتحويله الي حمضي ويمكن ان يتجه الي الجهاز التنفسي ويحدث حالات اختناق ، وفي اتصال « الصحافة » بمدير مشرحة امدرمان التعليمي البروفيسور جمال يوسف أحمد نفي ورود أي حالات تسمم ، او تسرب لمواد من المشرحة ، وتبادر الي علم « الصحافة » ان الطلاب قد فتحوا بلاغات ضد المشرحة بخصوص ما تعرضوا له من تسمم وهناك اجراءات قانونية يسيرها الطلاب حول هذه الحادثة .