الخرطوم : عايدة ناجي: التضحية كلمة بسيطة لكنها تحمل فى ثناياها معان كثيرة وجميلة فى الوقت نفسه لا يعرفها سوى اولئك الذين تتعمق دلالاتها في وجدانهم ويقومون بفعلها من اجل الغير، وعلى نطاق الاسرة كثيرا ما تأتي التضحية من اجل الاخوان يقوم بها الابن الكبير في الاسرة او «البكر» الذى دائما ما تقع على عاتقه مسؤولية التربية مع الاب فى الاسر الفقيرة التى غالبا ما يكون رب الاسرة وحيدا لا يجد من يساعده في تلبية الحاجات الاساسية للاسرة المتمثلة فى المأكل والمسكن والتعليم، وفى ظل هذه الظروف القاسية نجد الابن الكبير ودون تفكير منه قد ضحى بمستقبله وترك التعليم والتوجه الى حيث العمل ليستطيع من خلاله الحصول على مال يساعد به والده واخوته في العيش الكريم حتى يواصل اخوته التعليم بصورة تمكنهم من مواجهة تحديات الحياة. «الصحافة» وضعت الموضوع على طاولة النقاش وخرجت بان التضحية خاصية مميزة للمجتمع السودانى دون غيره من المجتمعات، وابتدرت فاطمة احمد حديثها «للصحافة» حيث ذكرت ان رب احدى الاسر التى تقطن المنطقة المستقرة بها تعرض لحادث مروري ادى الى اصابته بالشلل الكلي واصبح عاجزا عن العمل وكان يعول خمسة ابناء اكبرهم كان يدرس بالمرحلة الثانوية ونتيجة لتلك الظروف التى تعرض لها اضطر ابنه الاكبر الى ترك التعليم ليعمل فى احد المطاعم لمساعدة اخوانه على مواصلة تعليمهم. من جانبه يقول عبد الفتاح انه من اولئك الذين قاموا بالتضحية من اجل اخوته الصغار تاركا تعليمه من اجلهم الا انه عاد ليقول انهم لم ينسوا جميله اذ اصبحوا من خيرة المجتمع وعوضوه عن التنازل الذى قدمه من اجلهم عندما كانوا في الصغر وذلك بتمليكه سوبر ماركت باسمه والصرف على تعليم ابنائه في اكبر المؤسسات التعليمية بالسودان. «هادية»، شابة في العقد الثاني من عمرها تضحيتها من نوع اخر فهي لم تضح بتعليمها بل تكبدت المشاق من اجل مواصلته لكي تتمكن به من الحصول على وظيفة في المؤسسات المرموقة وبالفعل تحقق لها ما كانت تصبو اليه هادية حيث رفضت الزواج على الرغم من كثرة المتقدمين لها واصرت على البقاء مع اخوتها ووالدتها التي توفي زوجها واصابها المرض مبكرا واصبحت لا تقوى على العمل لتوفر متطلبات ابنائها المتزايدة يوما عن الآخر. وفي السياق ذاته يقول الحاج آدم ان هذه الخاصية يتمتع بها الشعب السوداني كغيرها من الصفات الجميلة التى تكمن في السودانيين ولابد من المحافظة عليها ويذكر مثالا ان احد زملائه كان مثالا للتضحية العظيمة التي لابد من ضربها في كل مكان حتى يتعلم الآخرون منها معنى الصبر والعمل من اجل الآخرين دون التفكير في النفس فقط ما يؤدي الى توليدالاحترام حيث انه كان شابا في مقتبل العمر ومقبلا على الزواج وفجأة توفي والده بسكتة دماغية وبوفاة والده اختلطت كل الامور عليه ما توجب عليه اعادة ترتيبها مرة اخرى ولم يدر ظهره للوراء بل «دق صدره» وتحمل كل الاعباء التي سقطت على كاهله وواجهها بكل شجاعة حتى تمكن من الوصول باخوته الى بر الامان. وتقول صفية: ان مسألة التضحية صعبة جدا ولا يستطيع اي شخص القيام بها الا اولئك الذين يتمتعون بالصبر وتحمل الامور وان احدى زميلاتها تتمتع بهذه الخاصية لانها تعمل على مساعدة والدها بممارستها للدروس الاضافية للطلبة في منازلهم وعدم مواصلتها للمرحلة الجامعية وذلك لان والدها دخله بسيط وبعملها هذا استطاعت ان توفر الاحتياجات التي لا يستطيع الوالد تغطيتها، وتضيف صفية ان زميلتها كانت على علم بان اخوتها سيردون لها هذا الجميل يوما ما. السؤال هل ستظل التضحية علامة بارزة ام تتأثر سلبا بغلبة الماديات والظروف الاقتصادية الراهنة؟