: لا أحد يجرؤ على نكران دور الإرشاد في تحريك دفة الإنتاج الزراعي إذ بدونه لا يكون بالمستوى الذي يُتطلع إليه بيد أنه يكون عديم الجدوى إن كانت مقومات الإنتاج الزراعي الأخرى في عداد المفقودين بمعنى أوضح أن الإرشاد الزراعي لاسيما الذي لا يرتبط بالمزارعين على أرض الواقع ملاحمة بالغيط من شاكلة ذلكم المبثوث عبر وسائل الإعلام المختلفة من إذاعة وصحافة وتلفاز ، ولعل الأخير اهتدت إليه حكومة ولاية الجزيرة ليكون على يده مخرج الزراعة بشيخ المشاريع الزراعية مشروع الجزيرة العتيق، رد الله غربته وسهل أمر إعادته إلى سيرته الأولى . فكما أسلفت في فاتحة مقالي أن الإرشاد الزراعي عملية لابد منها إن أردنا زراعة بإنتاج ومواصفات جيدة غير أن ما يجلب السخرية والتهكم التفات حكومة الولاية إلى مشروع الجزيرة من باب آخر الأولويات عبر تخصيص قناة زراعية تلهم المزارعين وتطلعهم على آخر صيحات التقانة الحديثة والوسائط والوسائل الزراعية المبتدعة في سائر بقاع الأرض خاصة بالدول المتقدمة في المجال الزراعي بشقيه النباتي والزراعي، تلكم الدول التي تفوقنا بسنين ضوئية يستعصي عدها بالرغم من عدم امتلاكها لمعشار ما نملك من مقومات زراعية طبيعية من مياه وأراضي وخلافه ومع ذلك تتعامى حكومة الولاية التي لا يحس لها ركزا فيما يجري أمام ناظريها بالمشروع من تراجع تتضاعف عجلته عروة إثر أخرى فلا يتحرك تراجعه عبقرية القائمين على أمر حكومة ولاية الجزيرة إلا بمقدار العكوف على بذل 200 ألف دولار في سخاء دون أن يطرف لها جفن بأن صنيعها هذا لا يتوافق مع فقه ترتيب الأولويات . فالعروة الصيفية التي انطلقت بمشروع الجزيرة أواخر مايو وبداية يونيو المنصرمين أقل ما توصف به التثاقل والبطء جراء الافتقار إلى مقومات انطلاقها بالصورة المطلوبة ، ولعل وصف والي الجزيرة لبداية العروة الصيفية بألا بأس عليها دليل اعتراف من حكومة الولاية على أن ثمة ما يعتريها من منغصات نأتي على ذكرها لاحقا وقبل ذلك علينا أن نقف وقفة تأمل أمام صنيع حكومة ولاية الجزيرة وتكالبها على إنشاء قناة فضائية زراعية لبث الوعي والإرشاد الزراعي وسط قطاع مزارعي المشروع، وهذا أمر لعمري لا يقف أمامه عاقل في الظروف الطبيعية بيد أنه يكون مدعاة للمعارضة والوقوف أمام مده في ظل الظروف الحرجة التي يمر بها مشروع الجزيرة، فأيهما أولى بالدعم تأسيس وتأهيل البنيات التحتية وتوفير المدخلات ومساعدة المزارعين عبر بسط التمويل الزراعي بمختلف درجاته وأنواعه وجعله في متناول اليد بشروط ميسرة، أم إنشاء قناة فضائية إرشادية تخاطب مزارعي المشروع بأن افعلوا كذا وتحاشوا كذا عند زراعتكم في وقت يكون قلب المشاهد لها من قبل المزارعين يتقطع ويقطر دما وعيناه تفيض حزنا ألا يجد ما يستعين به على زراعته . فيا سيادة الوالي يقيني التام أن سياسة إعمال فقه ترتيب الأولويات لا تغيب عن مخيلتك ساعة من عمر الزمان لأجل انشادك بحق المكلومين والمهضومين من مزارعي الجزيرة أن تعمل وسعك في مساعدتهم على تخطي قضاياهم الأساسية من توفير مياه الري لزراعاتهم التي تموت محاصيلها وتصبح قاعا صفصفا تذروه الرياح في كثير من الأحايين جراء عدم وصول مياه الري ، ولا تنسى أن تعرج إلى مراقي معاناتهم الحقيقية التي غدت حجر عثرة أمام ارتفاع مستوى الإنتاج والإنتاجية فلم تقو على مغادرة دائرة دون الوسطية إن لم تكن الذيلية بسبب الافتقار إلى التمويل اللازم لتسيير وإنجاز العمليات الفلاحية والزراعية، فهل نما إلى سمعك أن تكلفة حراثة الفدان بالمشروع بالمحراث العادي تجاوزت الثلاثين جنيها وأن تكلفة حراثته بالمحراث القرصي 70 جنيها وأن تكلفة حراثة أبوستة 30 جنيها في وقت يعز على الغالبية العظمى من مزارعي توفير لقمة العيش اليومي، ولا تنسى أن سعر جوال سماد اليوريا 230 جنيها بسعر السنة الماضية والله أعلم بما سيصل إليه سعره هذا العام ، ومع تلك المعضلات الجمة والعقبات الكؤود تسعى أنت وحكومتك إلى إنشاء وتأسيس قناة فضائية زراعية مالكم كيف تتخذون قراراتكم ؟. فمشروع الجزيرة في الوقت الراهن أولى معوقات انطلاقه افتقاره إلى إدارة قوية الأذرع ممتدة الأيدي تضع نصب عينها كل شاردة وواردة بالغيط لا أن تكون الإدارة كالتعليم عن بعد لا يرى لها أثرا إلا عند جباية الرسوم إذ لا يكتب لأي مشروع أيا كان ضربه زراعيا - صناعيا - تجاريا صحيا - تعليميا إلخ النجاح في ظل افتقاره إلى إدارة توجه وتراقب وتبطش وتشدد إن لزم الحال، أما أن يكون المشروع سائبا يسرح فيه العاملون دون حسيب أو رقيب فإن ما يستدعيه غياب الإدارة انتشار الفوضى، فلأجل هذا إن كان لحكومة الولاية يد طولى وعزم أكيد على إعادة البريق لمشروع الجزيرة فلترينا ما يدلل على ذلك بتنصيبها وتوزيعها لإدارة قوية متينة للمشروع لا أن يترك أمر إدارة شؤونه لروابط مستخدمي المياه الذين تقعدهم قلة الخبرة وضعف المفهوم علاوة على الفاقة عن القيام بما هو مرسوم لهم من أدوار خططها ورسمتها نصوص قانون المشروع لسنة 2005 م . ومن ثم على وزارة مالية الولاية التي تتوانى في توفير 200 ألف دولار لإيجار الفضائية الزراعية بغية تمكينها من حجز مقعد لها بين الفضائيات على القمر الصناعي أن تعمل على ضمان مزارعي المشروع أمام البنك الزراعي عند طلبهم للتمويل الزراعي ولا نقول التكفل بتحمل تبعاته عوضا عن ترك المزارعين تحت رحمة شروط البنك الزراعي وأن تعمل على دعم الجازولين لأصحاب التراكتورات حتى تنخفض تكلفة تحضير الأرض ومن بعد ذلك لها أن تلتفت إلى تمويل القناة الزراعية حتى لا يحاكي إنشاؤها بالمشروع المثل «عريان ولبسوه صديري» .