٭ رمضان شهر للصيام، والقيام، طلباً ورجاء للتقوى، قال تعالى: (يأيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون) الآية 381- البقرة. ٭ ومع ذلك، تجد الاهتمام ب (الأكل)، قد أخذ حيزاً في رمضان، في ديار العرب والمسلمين، إلى الدرجة التي أجزم أن مجلة (فتافيت)، قد سجلت ارتفاعاً ملحوظاً في مبيعاتها في هذا الشهر الفضيل، وأن برامج الطبخ وتقديم الوجبات في الفضائيات، حققت ارتفاعاً ملحوظاً في نسبة المشاهدة، يمكن قياسه من خلال فقرات الاعلان، التي تتخلل هذه البرامج. ٭ (فتافيت) و(سفرة)، أصبحتا قناتين، تجذبان المشاهد صنو (الجزيرة)، و(العربية) وال (CNN). ٭ (شبكة وصنارة)، ومطبخنا العربي (محمد أورطهلي)، و(مع أسامة)، و(حورية رمضان)، ومكرونات طارق، و(مطبخ منال العالم)، و(لا بالأحلام)، لنورمين هنو، برامج يصطف الناس حولها، تذكرك ببرنامج صديقي العزيز عادل الباز (مواقع النجوم) وبرنامج أستاذنا الجليل حسين خوجلي (أيام لها ايقاع). ٭ وقنواتنا الفضائية، أيضاً (ما مقصرة)، تخطف رجلها كل يوم، لتزور فنادق الخمسة نجوم، وتنهل من ندى مطابخها. ٭ وبسبب هذه البرامج، انسربت الى المائدة السودانية، أكلات وأكلات.. ٭ ولا زلت أذكر ونحن تلاميذ، أصيب أحدهم بمغص واسهال، اضطره للخروج من الفصل الدراسي، أثناء الحصة أكثر من مرة. وعندما سأله الأستاذ: إنت أكلت ايه؟ أجاب التلميذ و(براءة الأطفال في عينيه): أكلت أكلة، عملتها لينا أمي، من أكلات ماما سكينة. ٭ وماما سكينة (لصغار السن)، كانت من أميز اللواتي اضطلعن بهذه الفقرة، من خلال برنامج الأسرة، التي تبثه اذاعة ام درمان في ذاك الزمان. ٭ بسبب هذه الهجمة البرامجية الشرسة، عرفت المائدة السودانية، (على مستوى التحلية)، أصنافاً جديدة، من شاكلة: چيس كيك، وسويسرول، وتوفلت كيك، وترافيل، وفارت بالفواكه، وتدحرجت (أم علي)، والمهلبية والبسبوسة، والكنافة، الى الخلف.. ٭ يا سلام ما أجمل الكنافة والقطايف. ٭ قد عرفت الكنافة والقطائف، منذ زمن بعيد، قيل إنها قدمت أول ما قدمت لسليمان بن عبد الملك، ليتسحر بها، وكان ذلك في أول المائة الثانية من الهجرة، وقد صنعها له طهاة حلب. ٭ قال ابن فضل الله في المسالك، كان معاوية رضى الله عنه، يجوع في رمضان جوعاً شديداً، فشكا ذلك إلى محمد بن أتال الطبيب، فاتخذ له الكنافة، فكان يأكلها في السحور، فهو أول من اتخذها. ٭ وكانت الكنافة والقطائف، من أنواع الحلوى التي قلما تخلو منها موائد الصائمين في شهر رمضان أيام الفاطميين. ٭ واحتفى الشعراء بالكنافة والقطائف، ويحتوى ديوان العرب على قصائد، قيلت خصيصاً في القطائف والكنافة. ٭ ولعل الشاعر أبو الحسين يحيى الجزار، أشهر شعراء الكنافة، اشتهر بها واشتهرت به: حتى قيل: قيس ولبنى، وجميل وبثينة، وابن زيدون وولادة، وأبو الحسين والكنافة. ٭ فالكنافة كانت بالنسبة إلى أبي الحسين، فتاة أحلامه، وهي المعشوقة التي تتأبى عليه وترميه بالغدر، وهو المعذب الحائر الذي يتعجب كيف تتهمه بذلك، وهو الحافظ للود، الأمين على العهد، فهي الحبيبة التي ملكت مشاعره، يقول أبو الحسين: عجبت لها في هجرها كيف اظهرت على جفاء صد عني جنانها ترى اتهمتني بالقطائف فاغترت تصد اعتقاداً ان قلبي خانها ٭ وأبو الحسين يرى في الكنافة والقطائف، لذة أعذب وأحلى من لثم المراشف: تا الله ما لثم المراشف كلا ولا شم المعاطف بألذ وقعا في حشاي من الكنافة والقطائف ٭ تُرى هل نحلم، فيما تبقى من ليالٍ رمضانية (ورمضان انقسم)، ببرامج تمنح النفس الصحة والعافية، من شاكلة (مواقع النجوم) و(أيام لها ايقاع)، أم (نتكل على الله)، ونوطِّن أنفسنا مع أسامة الشيف، وحورية زنين ونورمين هنو؟. ٭ وكان الله في عون العبد ما كان (العبد في عون أخيه).