: قبل انطلاق صافرة التعديل الوزارى وربما باعتبار ما سيكون، فقد استبق الوزيران كرتى ود. مصطفى عثمان وتبادلا وزاريتهما، وأصبح كل يقوم بمهام الآخر من موقعه، وصحف الأمس شاهدة على ذلك، فقد أوردت معظم الصحف أن السيد كرتى دعا الصين لزيادة استثماراتها فى البلاد، وأنه بحث مع المسؤولين الصينيين فرص توسيع نشاط الشركات الصينية فى البلاد ..الخ، فى مجالات الزراعة والتعدين والصناعات التحويلية، من جانب آخر ذات الصحف وفى نفس اليوم أبرزت خبر قيام السيد د. مصطفى وزير الاستثمار بعمل حفل وداع لسفيرى دولة الكويت وسلطنة عمان، وذلك بمناسبة انتهاء فترة عملهما بالسودان، حيث تم ذلك بمنزله بحىّ «يثرب»، وحضر حفل الغداء حوالى «15» سفيرا وعدد من قيادات المؤتمر الوطنى يتقدمهم السيد والى الخرطوم ووزير الدولة بالخارجية صلاح ونسى وأمين صندوق إعمار الشرق والفريق الفاتح عروة «زين» ود. غازى صلاح الدين والدكتور كمال عبيد، بالإضافة إلى عدد من قيادات الصحف، وليس هناك شك في أن اى سودانى يرغب ويتطلع إلى أن يجد السفراء من الدول الشقيقة والصديقة المعاملة التى تليق بهم، وأن تعبر حكومتنا قبل شعبنا عن آيات التقدير والاحترام لهؤلاء السفراء، لاسيما سفراء الدول التى تقف الى جانب الشعب السودانى، ونحن لا نعترض على مثل هذا النشاط إلا أننا نجده غريباً ولا يتفق مع الأعراف الدبلوماسية، فما تم فى منزل الدكتور مصطفى اسماعيل يحتاج الى تعريف وتفسير، فهو أولاً ليس وزيراً للخارجية وحتى «لو قلنا السفراء مستعجلين يسافروا»، والسيد كرتى غير موجود، فوزارة الخارجية بها عدد من وزراء الدولة «وزير الدولة بالخارجية صلاح ونسى حضر الحفل» ولديها وكيل ومدير، ومهام استقبال وتوديع السفراء هى من صميم العمل الدبلوماسى لوزارة الخارجية وللمراسم المعمول بها، فضلاً عنها صلاحيات متفق ومنصوص عليها فى المرسوم الدستورى رقم «34» لسنة 2005م، ولم تشذ التعديلات الى أدخلت لاحقاً على التوصيف الوظيفى عن هذه القاعدة، إذن الدكتور مصطفى اسماعيل وزير الاستثمار يقيم غداءً فى منزله وليس فى أى مكتب حكومى لوداع السفراء كما جرت العادة دبلوماسياً و «يعزم» مجموعة من المسؤولين الحكوميين وقيادات الحزب الحاكم ورئيس شركة «زين» للاتصالات وقيادات صحفية، وهذا يخرج الدعوة من الطابع الاجتماعى الظاهر فى التوليفة المنتقاة بدقة والمعبرة عن اهتمامات صاحب الدعوة، وفى نفس الوقت يقوم بنشاط دبلوماسى بروتوكولى ومن اختصاص وزير آخر، ولو افترضنا جدلاً أن الوزير كرتى قد أناب السيد وزير الاستثمار «وهو أمر مستبعد» فى أن يقوم مقامه فى أداء هذه المهمة، فلا أظنه يقبل أن تتم الدعوة فى منزل السيد مصطفى إسماعيل وزير الاستثمار، ولو أننا وجدنا العذر لاهتمامات وزير الخارجية الاستثمارية بحكم وظيفته وبنص المرسوم الدستورى رقم «34» لسنة 2005م، فإننا نستغرب جداً لاهتمامات د. مصطفى فى العلاقات الدبلوماسية رغم أن طبيعة عمله بوصفه وزيراً للاستثمار قد تحتم عليه مقابلة السفراء والوزراء الاجانب وحتى رؤساء الدول، ولكن بالتنسيق مع وزارة الخارجية وموافقة رئاسة الجمهورية، ولكن ما تم فيه تجاوز للبروتكول والتقاليد الدبلوماسية لا يمكن السكوت عليه، وهو تعدٍ سافر على صلاحيات السيد وزير الخارجية فى حضور وزيره للدولة السيد صلاح ونسى الذى بحكم موقعه يفترض أن يقوم مقام وزير الخارجية فى غيابه، ثم ما هى ضرورات الاستعجال وعمل «العزومة» أثناء زيارة وزير الخارجية للصين؟ وطبقاً للبروتكول لا تنتهى مهام السفير الا بعد وداعه وشكره على فتره عمله فى السودان، وليس من المرجح أن السادة السفراء المحترمين قد ابدوا تعجلاً. الدستور الانتقالي لسنة 2005م والمرسوم الدستورى رقم «34» لسنة 2005م واللوائح والموجهات الصادرة للسيد وزير الاستثمار وهى التكليف المباشر لوزارته، تتضمن وضع استراتيجية وسياسات وأولويات الاستثمار ومتابعة تنفيذها وتنسيق الخرائط الاستثمارية الاتحادية والولائية والمحلية، والسعى لتحسين مناخ الاستثمار وتسهيل إجراءاته، والسعى لجلب الاستثمارات المحلية والاقليمية والدولية وتوجيهها نحو المشروعات الاستراتيجية المخططة والاشراف على تنفيذ قانون تشجيع الاستثمار واللوائح الصادرة بموجبه، وجعل الاستثمار جاذباً بتطويرأساليب ترويج الاستثمار. ويبدو أن السيد الوزير قد ترك كل هذه المهام الضخمة واهتم فقط بموضوع الترويج، وقد سجل فى هذا الجانب فشلاً ذريعاً وتجربة السعودية وقطر خير مثال لذلك، أما قانون الاستثمار فقد تم تقديمه رسمياً فى الرياض قبل إجازته من المجلس الوطنى الذى اختتم دورته دون إجازة القانون، وهو بالتالى يعتبر ساقطاً ولا وجود له، وما هى الجهة التى تكفلت بسداد تكاليف «الدعوة المنزلية» لوداع السفراء من الدول الشقيقة؟ أخشى أن تكون دفعتها وزارة الخارجية أو وزارة الاستثمار، وإلا فليعلن السيد وزير الاستثمار أنه دفعها من حر ماله. إنه تبديل المواقع باعتبار ما سيكون، والحمد لله الذى أفاض بنعمته علينا، اذ ألهم السادة الوزراء تبديل مواقعهم طواعية دون مشقة وقلق ومظان انتظار التعديل الوزارى، وبيدي لا بيد عمرو.. انهم يجعلون التسريبات حقيقة!!