ودعة: 30 يونيو المصري سيحدث تغييرات ضخمة ليس على الخارطة المصرية الداخلية فحسب، بل ان المؤشرات تتجه الى تغيير يمتد خارج مصرالى المنطقة العربية وإلى تخوم الاقليم، ان الذي حدث بعد عزل الرئيس المصري د. محمد مرسي و المواجهة و الضغوط التي تعرض لها حزب التحرير و العدالة و جماعة الاخوان المسلمين التي دفعت بالجماعة لتكون في مواجهة مع الاكثرية الساحقة من المصريين و تصاعد نبرة المنادين باقصاء الجماعة من الحياة السياسية المصرية و اي جماعة اخرى تتخذ من الدعوة الدينية غطاءً لتمرير الاجندة السياسية و القفز الى سدة الحكم و بالعدم ارهابه و محاربته وتهديد السلام الاجتماعي الداخلي و تقسيم المواطنين الى مسلمين وكافرين، كل هذا وتداعياته ستترك آثارها على الوضع الداخلي المصري لسنوات عديدة و تمتد نتائجها الى مناطق امتيازات الاسلام السياسي و على الاخص جماعة الاخوان المسلمين و التنظيم الدولي للجماعة، فمن ناحية فإن المرحلة الدموية التى دشنها الاخوان بعد عزل مرسي في رابعة و النهضة والتي استهدفت كل شيء، المواطنين والشرطة والجيش والكنائس ومؤسسات الدولة، هذه الحملة المخططة من العنف لم تستثن أحدا ولم تبق شيئا، تخسر الجماعة للمرة الرابعة ولا تتعظ وتعميها شهوة السلطة من ادراك أن مصر دولة متعددة تاريخيا، وحتى في ظل الحكم الشمولي أستطاع المصريون خلق مناخات للتنوع الثقافي وبالرغم من كل الظروف استطاعت الحركة الفنية والمسرحية الابقاء على وتيرة معقولة من التواصل مع الجمهور واستمرت حركة التنوير بثبات مع الوضع في الاعتبار ازدياد نفوذ الجماعات الدينية والسلفية مستغلة الفقر و احتياجات البسطاء من المواطنين المصريين. الجديد في أمر التغيير المصري هو انفتاحه خارجيا، متطلعا الى استعادة دور مصر "الريادي" في المنطقة وتبني رؤية أستراتيجية تربط استقرار الاوضاع الداخلية في مصر باستقرار الاقليم العربي، مع ادراك كامل لما يعتري الاقليم من ضعف وما يواجهه من تهديدات، هذه صحوة مصرية بعد سنوات من الانكفاء على الذات والتخلى طواعية أو بضغوط أمريكية وغربية عن الاهتمام بالشأن العربي... إن ما يحدث فى مصر بعد عزل مرسي يرسل أشارات تتمرد على الاوضاع التي كانت سائدة ورغبة اكيدة في التحرر من قيود المساعدات الامريكية و الاروبية، 30 يونيو قلب الطاولة على مشروع الشرق الاوسط الجديد، ويمهد طريق الاستعداد لتولي زمام المبادرة فيما يختص بالتوسع والتغلغل الايراني والتركي وتدخلهما السافر في شؤون الدول العربية، يظهر ذلك في عزم السلطة المصرية الجديدة في التصدي لمحاولات توطين المتشددين في سيناء، ان اهم نتائج التغيير حتى الآن تتعدى اسقاط مشروع "أمريكا الأخوان" بهدف تمكين " الاسلام المعتدل"فى الحكم في كل الشمال الافريقى كمرحلة أولى لعودة الخلافة بزعامة الخديوية الجديدة «تركية - مصرية»، وتتعدى ذلك لاعادة ترتيب البيت العربي بهدف التصدي ومواجهة تكتل الاصطفاف الشيعي الذي تقوده ايران ويضم العراق وسوريا ولبنان وأجزاء من الخليج، و يمكن من اجهاض محاولات حثيثة لخلق قطبين اسلاميين بقيادات شيعية من جهة واخرى سنية تتحالف مع امريكا لضرب اي امكانية للوحدة العربية و شغل المنطقة في حروب طائفية على نطاق واسع، تمتد حيرة المراقبين والمحللين من الموقف الامريكي مما يحدث فى المنطقة، الامريكان ودون مقدمات اكتشفوا ان ما تفعله الحكومات العربية التي حكمت لعشرات السنوات لا يتفق مع المعايير الامريكية وكأن هذه الحكومات قد استلمت مقاليد الحكم قبل سنوات قليلة أو أن المعايير الامريكية هي في طور التكوين، المعايير الامريكية تصطف مع الشيعة في العراق و البحرين و لكنها ضد الشيعة في ايران و سوريا و لبنان، المعايير الاخلاقية الامريكية مع حكم الاخوان في مصر و «بين بين فى تونس و ليبيا» و ضد حكمهم في السودان، متى يعلم من بيدهم الامر ان الامريكان مع مصالحهم فقط ولا يضعون بالاً للعناوين التي تحكم في بلادنا، ان الامل يأتى هذه المرة من مصر، على مستوى السلطة المؤقتة تصريحات تحمل اكثر من رسالة مفادها ان «مصير مصر يتحدد داخل مصر، ايران وتركيا لن تقودا المنطقة العربية، مصر عائدة لممارسة دورها القومى»، هكذا قالت الرئاسة المصرية وبلسان الناطق باسم الرئيس عدلى منصوريقول بعد اجتماع مع الاستاذ سامح عاشور رئيس الحزب الناصرى في مصر ونقيب المحامين المصريين ورئيس اتحاد المحامين العرب، و لهذا دلالات عظيمة و التزامات كبيرة و تحديات تستلزم اصطفاف القوميين على كل المستويات، غنى عن القول أن صيغ العمل القومي السابقة أثبتت فشلها سواء كان ذلك على مستوى الاحزاب والتيارات القومية من بعثية وناصرية أو على صعيد الجامعة العربية وعليه لابد من اجراء المراجعات الضرورية لتحرير العمل القومي من هيمنة الدولة وسطوة الانظمة، ان التحديات التي تواجه الامة كافية لوحدها للتحريض على لم شمل الامة استهداءً بالمشروع القومي في التوحد بالتراضي و على اساس التحرر من كل القيود بارساء قيم التسامح و الديمقراطية و سيادة حكم القانون، ليس من الممكن تصور اي جدوى لمشروع عربي من دون ان تكون مصر هي مركزه و قلبه، فيا ايها الذين يؤمنون بالقومية و حلمها المشروع تضامنوا مع مصر، وهذا بمثابة دعوة للجميع.