عرف السودان التعدين كنشاط اقتصادي في الاعوام القليلة الماضية وللتعدين وزارة قائمة بعد ان كان مجرد ادارة من الادارات تتبع لوزارة الطاقة والتعدين سابقاً وتقوم الوزارة بإدارة المرفق والترويج له وتسويق الاستثمار فيه وفتح أبواب السودان للمستثمرين في هذا المجال الواعد وقدمت الشركات العالمية من كل حدب وصوب للاستثمار في مجال التعدين وقامت الدولة ممثلة في وزارة المعادن بوضع ضوابط ولوائح واتفاقيات وشروط للشركات المتقدمة للدخول في هذا المجال واجيزت اتفاقية قسمة الانتاج مع الشركات التي نالت امتيازات للتنقيب عن المعادن في السودان، وكان يتوقع للقطاع ان يحل الازمة المالية التي ضربت السودان بعد الانفصال وتفاءل الجميع بدخول الشركات الاجنبية للاستثمار وشهدت البلاد تصدير المعادن النفيسة للخارج وانتعشت خزينة الدولة وامتلأت جيوب المتعاملين في التعدين بشقيه الاهلي والمنظم وهذا هو الجانب الايجابي المرئي والمشاهد للجميع. ولكن التعدين وشركاته الأجنبية في السودان يخفي بين ثناياه جوانب سالبة لا تترآي للبعض وتتمثل في ظلم كثير من العاملين الذين التحقوا للعمل في الشركات الاجنبية الكبرى جاءت شركة «اس بي اس يو» وهي فرع لشركة «اس بي مايننق الاسبانية» بغرض الاستثمار في تعدين الذهب ومنحت امتيازات عدة وباشرت الشركة عملها في الثلاث سنوات الماضية واستوعبت عددا من السودانيين للعمل في مختلف اداراتها وذلك وفق ما فرضته عليها اتفاقيتها مع وزارة المعادن. في شهر يونيو الماضي اوقفت الشركة نشاطها المكتبي بعد ان اوقفت أعمالها في الحقل وسحبت معسكرها ومعداته الى الخرطوم دون ان تخطر العاملين بتلك الخطوة ولم توضح المغزى من ذلك التصرف ولم تمنح العاملين رواتبهم منذ يونيو الماضي حيث كانت تتعلل إدارة الشركة في رئاستها في مدريد العاصمة الاسبانية بأنها تواجة عقبات في التحويل والمعاملات المالية كافة مع البنوك العالمية وطالبت إدارة الشركة العاملين بالصبر وتحمل الازمة العارضة في تلك المرحلة وستقوم الشركة بمنح العاملين استحقاقاتهم كافة متى ما تغلبت على العقبات المصرفية وبطيبة السودانيين صدق العاملون ما قيل لهم وواصلوا عملهم بصورة طبيعية أملاً في ان تنفرج تلك الأزمة ويتسلموا حقوقهم المتأخرة والآجلة فور إنفراج الأزمة. قام العاملون بالاستدانة للإيفاء بالتزاماتهم على أمل أن يسددوا ديونهم لاحقاً، ومرت الايام والاحوال تزداد سوءا وكانت إدارة الشركة تعدهم في كل مرة بأن المشكلة في طريقها للحل خلال ايام ويصرفوا استحقاقاتهم فمرت الشهور والشركة تمارس التخدير ذاته والوعود الجوفاء واصبح العاملون بلا عمل ولا دخل ولا أمل في صرف استحقاقاتهم من قبل إدارة الشركة، التي لا زالت تحتفظ بسجلها لدى الجهات الرسمية ولها اتفاقيات سارية مع وزارة المعادن في وقت لا زال العاملون في حيرة من أمرهم ولا يدرون ماذا يفعلون ولا كيف يصرفون أمور اسرهم حياتهم خاصة انهم لن يتمكنوا من الالتحاق بأى وظيفة أو عمل ما لم تتضح علاقتهم بالشركة. سلك العاملون كل الطرق الرسمية والإدارية في المطالبة بحقوقهم وكانت أولى خطواتهم المطالبة لدى المدير العام للشركة - سوداني الجنسية - الذي خاطب رئاسة الشركة في اسبانيا ولم يتم الرد عليه طيلة الثلاثة شهور وطرق العاملون المتضررون كل الأبواب بحثا عن استحقاقاتهم ولتحديد علاقتهم بالشركة الهاربة حتى يتسنى لهم الالتحاق باعمال آخرى. انها رسالة الى الجهات المعنية بالامر في وزارة المعادن في اداراتها المختلفة لمتابعة الامر. عمار دفع الله محمد