تقرير: فاطمة رابح: للمرة الثانية وفي غضون عامين مضيا يزور رئيس دولة الجنوب الفريق اول سلفاكير ميارديت السودان منذ انقسام البلاد الي قسمين ، زيارة باتت تحكي وتجسد عمق العلاقة بين الشمال والجنوب وانه لا فكاك من ارتباطهما باي حال من الاحوال رغما عن التوترات بينهما الا ان واقع الحال المعاش يتطلب حدوث تقارب بعد تباعد واخاء بعد جفاء وصفاء عقب تعكير اجواء. وتأتي الزيارة التي توصف بالتاريخية في سياق مختلف عن سابقه الاول وان تشابهت احوال الطقس السياسية في الخرطوموجوبا من اوضاع مأزومة شهدتها الشئون الداخلية لكل طرف كان اللاعب الاساسي فيها هو انعدام الثقة بين البلدين مما وضعهما في تبادل الاتهامات بشأن تقديم الدعم المادي والنفسي لحاملي السلاح الذين يقفون ضد الحكومتين هنا وهناك . الشارع السوداني رحب بصورة حارة ترحيبا حارا وهم يتحدثون ل«الصحافة » امس عن مجئ سلفاكير يحدوهم الامل في ان تحقق المباحثات المشتركة النجاح المطلوب وتعزيز العلاقات لحسن الجوار والتعاون الدائم تلبي تطلعات الشعبين وهم يذكرون تصريحات الرئيسين البشير وسلفاكير يؤكدان انه لا مجال للحرب في بادرة طيبه تجاه الرعايا بحسب ما يوصفون . وتعتبر الزيارة الاولي لسلفاكير للخرطوم كانت في اكتوبر 2011 م حينما استقبله الرئيس عمر البشير انذاك لدفع العلاقات بين البلدين بما في ذلك ابيي ومسألة النفط . واليوم يصل البلاد وسط توقعات سياسيين جنوبيين وشماليين بنجاح الزيارة التي تحمل مضامين ودلالات مهمة للمشاكل العالقة حسبما يشيرون . وان كان الاختلاف في هذه الزيارة يكمن في تبديل الوجه الجنوبي المرافق للرئيس سلفاكير علي عكس ماجري في الاجتماع السابق نسبة للتحولات السياسية التي شهدتها حكومة جوبا مؤخرا باقالة كامل حكومتها والقيام بتعيينات جديدة ابقت خلالها علي بعض الاشخاص القدامى بالطبع معروفون لاهل الشمال. في هذا السياق يري المراقبون واستنادا علي المواقف الرسمية للحكومتين المعلنة فان القمة سودانية خالصة تجمع بين الرئيسين و المنعقدة اليوم تهدف الي تسريع الخطي في تنفيذ اتفاق التعاون ومعالجة القضايا العالقة بما يؤسسس لعلاقة استراتيجية مهمة تؤدي في نهاية المطاف الي التطبيع بين الدولتين مع العلم بأنها تجئ في وقت قصير من موعد انقضاء مهلة حكومة الخرطوم لاغلاق انابيب النفط ، بيد ان يوهانس موسي فوك المحلل السياسي ومستشار سلفاكير يرسم صورة اكثر وضوحا للاجندة التي يحملها رئيس دولته في انها سوف تكلل بالنجاح خاصة فيما يتعلق بقضية النفط وانسيابه عبر الاراضي السودانية دون توقف او الخضوع الي تحديد مهلة وتأمين الجوانب الامنية التي قال انها متوترة بسبب الاتهامات المتبادلة بشأن دعومات الحركات للمتمردين من جانب جوباوالخرطوم ، وتوقع يوهانس في ان تفتح المعابر الحدودية لنقل البضائع الشمالية نسبة لاعتماد دولته الناشئة عليها من الشمال اكثر من دول الجوار باعتبار عوائق تقف في طريقها . يقرأ سابقا من خلال العام المنصرم ان العلاقات التي كانت سائدة متأزمة لحد كبير وصلت حد القطيعة خاصة عقب ضربة هجليج من قبل حكومة الجنوب صنفت من قبل المجتمع الدولي علي اساس انها مهدد للامن والسلم الدوليين وتأرجحت ثانية لطريق مسدود بمقتل زعيم دينكا نقوك كوال دينق في ظروف غامضة لولاء انقاذ الرئيسين للاوضاع بحكمة كاد الامر ان ينجرف نحو الحرب في منطقة ابيي بين المسيرية والدينكا لكن الادوار المقدرة من الوساطة الافريقية برئاسة ثامبو امبيكي لعبت دورا اساسيا في تليين المواقف والدفع بها نحو الامام بخطوات ومرات عديدة وصولا الي اتفاق تعاون مشترك ظلت مشاكله عالقة كما العنقاء تنهض من جديد ادت الي ارباك الوضع الاقتصادي في الدولتين واحجام التجار الشماليين من الذهاب جنوبا كما انحصر الخلاف الي جانب الاتهامات المتبادلة في حصر المناطق «مدعاة» بخلاف خمس مناطق متنازع عليها بين البلدين كانت تتمسك جوبا باحالة الملفات الخاصة بتلك المناطق للتحكيم الدولي بينما ترفض الخرطوم ذلك . وينظر المحلل السياسي عبدالله ادم خاطر في حديثه ل«الصحافة » امس عبر الهاتف في ان الزيارة تحمل مضامين ثرة وذات دلالات ومعني وانه ليس هناك من يفصل علاقة الشعبين الضاربة في عمق الجذور المشتركة الي جانب مصالحهما واعتبر ان زيارة سلفاكير للخرطوم تخدم اكثر من وجهة نظر تساعد في جعل الحلول ممكنة للمشاكل العالقة خاصة الحدود والبترول ، مشيرا الي التنازلات التي قدمها الشمال فيما يخص النفط اكثر من مرة حينما اعلن قفلة لكنه تراجع وهو مؤشر جيد لانفتاح العلاقات بينهما في الجوانب السياسية والامنية والاقتصادية كافة . ويطمئن مصدر رئاسي في حكومة جوبا ان قضية ابيي لن تعكر صفو الاجواء الحالية واستبعد تناولها ضمن الاجندة التي يتناولها الرئيسان لكنه اشار الي ان عملية طرقها تتم عبر الوساطة الافريقية بعيدا عن الاجتماع مبديا امله في ان ينفتح الطريق التجاري عند الرنك وطريق الوحده في هجليج مجرد ان يودع سلفاكير الخرطوم .