تقرير:فاطمة رابح: واجهزة الاعلام المحلية والعالمية تصوب كاميراتها واهتمامها نحو القاعة الرئاسية بقاعة الصداقة التي كانت تحتضن مباحثات الرئيسين عمر البشير وسلفاكير ميارديت امس ،لفت دخول قادة القوى السودانية المعارضة نظرها وجذب اهتمام عدساتها ،وقبل ان يتعرفوا على تفاصيل المفاجأة ،دخل القادة السياسيون في مباحثات منفردة مع رئيس دولة الجنوب. حيث انخرط الفريق اول سلفاكير في اجتماعات قصيرة مع زعماء الاحزاب ،وكانت البداية برئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي الاصل مولانا محمد عثمان الميرغني ،ومن ثم التقي الامام الصادق المهدي زعيم حزب الامه، ليقابل بعد ذلك الامين العام للمؤتمر الشعبي الشيخ حسن الترابي ، واخيرا جلس رئيس دولة الجنوب الى سكرتير الحزب الشيوعي سيد خطيب،وعقب خروج الزعماء سعت اجهزة الاعلام لتحقيق صيد ثمين باستنطاقهم ،الا ان البروتوكول الدقيق الذي تم وضعه حال بين اجهزة الاعلام ومعرفة مادار داخل الغرف المغلقة بين سلفا وزعماء اكبر الاحزاب السودانية . الا ان الامين العام للمؤتمر الشعبي الدكتور حسن الترابي خفف من حسرة رجال السلطة الرابعة ، حينما اشار في حديث مقتضب رغم الابتسامة التي ارتسمت على وجهه الى انه يستبشر خيرا بمستقبل افضل لعلاقة الشعبين بالدولتين،وقبل ان يستمع الى افادات الاعلاميين خرج الترابي وذات الابتسامة التي تميزه مرسومة على وجهه. حاولت اجهزة الاعلام فك طلاسم لغز اللقاء المفاجئ للرئيس الجنوبي مع قادة الاحزاب السودانية والذي لم يعلن عنه ويبدو انه لم يكن مدرجا في جدول برنامج زيارة سلفا ،الا ان الامين السياسي للمؤتمر الشعبي كمال عمر المح وفي حديث جاء مقتضبا ايضا الى ان اللقاء تم بترتيبات بينهم وبين الجانب الجنوبي. وتبعت (الصحافة) القادة الاربعة الى خارج القاعة الا انها فشلت في استنطاقهم ،الا انه بدأ على تعابير وجوههم والتحايا التي القوا بها على من قابلهم بابتسامات ،تشي بأن لقاءاتهم مع رئيس دولة جنوب السودان جرت في جو ودي وجاءات مخرجاتها مرضية لكل الاطراف ،ولكن معرفة كنه هذه المخرجات تبدو في علم الغيب ،الا ان فرضية اتفاق الاطراف على ضرورة التطبيع الكامل للعلاقة بين البلدين التي ظل ينادي بها قادة الاحزاب الذين التقاهم سلفاكير هي الارجح ،واستبعد مراقبون ان تكون لقاءات سلفا كير قد تناولت قضايا داخلية تهم السودان ،وذلك لأن الاجواء السائدة بين البلدين تفرض عليه عدم تناول اجندة مع المعارضة بخلاف الحديث عن عودة العلاقة الى طبيعتها بين البلدين. الا ان بيانا اصدره حزب الامة القومي اوضح مادار بين رئيس دولة الجنوب وقادة القوى السياسية ،حيث دعا الحزب من خلال بيانه الى تنفيذ ما تم الاتفاق عليه دون تردد لمصلحة الشعبين الشقيقين، وتطوير العلاقة من التعاون إلى التوأمة الكاملة في كافة المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية، الى جانب توسيع إطار التعاون وعدم حصره في النطاق الرسمي والانتقال به إلى آفاق قومية وشعبية بما يعزز ويرسخ تلك العلاقة ويشكل ضمانة قوية للعلاقات وحمايتها من الانتكاس. وناشد االبيان ابعاد قضية البترول وقضايا التجارة والحريات الأربع عن المساجلات والمناورات، والالتزام بإنفاذها، فضلا عن احترام الاتفاقيات الأمنية وإحالة أية خلافات إلى الآلية الافريقية المتفق عليها، وعدم التصرف المنفرد في مثل هذه القضايا حتى لا ينزلق البلدان الى مربع الحرب ثانية .وفي ذات الاطار جدد الامة القومي دعوته لتكوين مفوضية حكماء من البلدين لحل المسائل الحدودية العالقة املا في ذات الوقت ان يدعم الجنوب السلام الشمالي والعكس بحيث يدعم الشمال السلام الجنوبي بهدف احلال الامن والاستقرار. وغير بعيد عن بيان حزب الامة، يشير الامين السياسي للمؤتمر الشعبي كمال عمر الى عمق العلاقة بين البلدين ،مشيرا في حديث ل(الصحافة) الى ان المواطنين في الدولتين تجمع بينهم اواصر ووشائج راسخة وضاربة بجذورها في الاعماق البعيدة،وان حزبه تجمعه بشعب الجنوب علاقة جيدة ،وقال انه كان من الطبيعي ان يلتقوا رئيس دولة الجنوب وذلك لبحث مسار علاقات البلدين ،وقال عمر ان سلفاكير كان يتحدث وهو متفائل بمستقبل جيد للدولتين الجارتين ،كاشفا عن تلقي الامين العام للمؤتمر الشعبي الدكتور حسن الترابي دعوة من رئيس دولة الجنوب لزيارة جوبا خلال الفترة القادمة. ويعتقد مراقبون ان لقاء الرئيس الجنوبي قد جاء بعلم الحكومة ،مشيرين الى ان ذلك يمثل خطوة جيدة تصب في مصلحة المؤتمر الوطني الذي يبحث عن تقارب داخلي وخارجي ،ويرى المحلل السياسي الدكتور حسن الساعوري ان زيارة رئيس دولة جنوب السودان امس لم يكن طابعها رسميا فقط،بل كان الجانب الشعبي حاضرا ،وهو المتمثل في لقاء سلفاكير بقادة الاحزاب السودانية .وحول دلالات هذه اللقاءات يشير الساعوري في حديث ل(الصحافة) الى ان اول الدلالات توضح ان الاتفاق الاخير ليس بين نظامين حاكمين ،بل بين دولتين فمقابلة القوى السياسية المعارضة لنظام الانقاذ ومطالبتها بإنفاذ الاتفاق تعنيان ان القضية بين البلدين لم تعد حكرا على نظامين حاكمين بل بين دولتين ،وذلك لأن الانظمة تذهب وتبقى الدول ،والاحزاب السودانية تريد للاتفاق ان يظل مستمرا بصرف النظر عمن يحكم بالدولتين ،وقال الساعوري ان اللقاءات بين سلفا وقادة القوى السياسية السودانية تصب في مصلحة تنفيذ الاتفاق الموقع بين البلدين ،مؤكدا بأنها ستكون مراقبة لهذا الامر وتحرص على تطبيقه من اجل اعادة الاستقرار بين البلدين.