نيالا: عبد الرحمن إبراهيم: مثلما يترقب الوالدان مولدهما الجديد، هكذا هم سكان ولايات دارفور الخمس الذين يبدون في حالة ترقب دائم لوصول الطوف التجاري قادماً من العاصمة عبر كردفان، فوصوله يعني جريان الحياة في أوردة التجار والمواطنين، وتأخره يمثل قمة المعاناة. فاذا كانت السلع والمواد الغذائية تنساب طبيعياً لمعظم ولايات البلاد، فإن وضع دارفور يختلف كلياً منذ اندلاع الأزمة في 2003م التي فرضت واقعاً جديداً ألقى ظلاله السالبة على المواطنين الذين ظلوا يدفعون فاتورة تأخر وصول الطوف لأسباب أمنية، فالاقليم الذي تعادل مساحته مساحة دولة فرنسا لا توجد فيه صناعة ويعتمد كلياً على ما تنتجه مصانع العاصمة وما يأتي من وراء البحار، والطوف لا يحمل مواد غذائية وحسب، بل يحمل ما هو اهم من ذلك بكثير، فالدواء يأتي منقولاً ايضاً عبر الشاحنات وكذلك الوقود، وعندما يتأخر الطوف عن الوصول الى دارفور تصاب الحياة بالشلل التام وتتوقف الحركة التجارية، بل حتى اصحاب الورش تتوقف آلياتهم بسبب عدم وجود الوقود الذي يعني تأخره ان مدن الاقليم الكبرى ستدخل في ظلام دامس، وهكذا يظل سكان الإقليم تحت رحمة الطوف التجاري الذي تتجمع شاحناته في مدينة النهود وتتحرك وسط حراسة أمنية مشددة حتى لا تجد الحركات المسلحة سبيلاً الى الظفر بغنيمة الطوف، وهذه الإجراءات تسهم في تأخر وصول الطوف الذي تستسرق رحلته في بعض الاحيان اكثر من شهر لمسافة لا تتجاوز السبعمائة كيلومتر، وذلك بسبب المهددات الامنية ووعورة الطرق. ونقل السلع عبر الطوف التجاري ضاعف من اسعارها ليتحمل في النهاية المواطن المسؤولية ويدفع فاتورة عدم استقرار الاوضاع الامنية وعدم تشييد طريق الانقاذ الغربي، وينفي المنسق الاعلامي للغرفة التجارية بجنوب دارفور محمد توم وقوفهم وراء ارتفاع الاسعار، مؤكداً ان هناك تجاراً لديهم بضاعة على متن شاحنات منذ مارس الماضي ولم تصل حتى الآن مما عرض جزء منها للتلف، ويقول إنه في حالة تعذر تسيير الطوف يتم ترحيل المواد الاستهلاكية والوقود عبر القطارات التي قال انها تعاني ايضا من عقبات متعددة تحول دون انتظام رحلاتها مما يؤدي الى تراكم البضائع في بابنوسة، وقال إن سعر ترحيل الطن قفز من «300» جنيه إلى «800» جنيه بالقطار، وعبر الشاحنات تضاعف من «600» جنيه الى «1200» جنيه، ويقول رئيس الغرفة التجارية موسى عبد العظيم إن التاجر ايضاً يعاني من تأخر الطوف وارتفاع تكلفة الترحيل، ويرى ان نهاية معاناة مواطني دارفور تتوقف على الاستقرار الأمني والانتهاء من تشييد طريق الإنقاذ الغربي.