كتب: عبد الخالق عثمان : تعتبر ولاية النيل الأبيض وبحكم جوارها لدولة جنوب السودان من أكثر ولايات البلاد استضافة للجنوبيين لعشرات السنين، وتجعمهم علاقات راسخة سواء على الصعيد الاجتماعى أو الاقتصادى أو الثقافى بمواطني النيل الازرق، وهذه العلاقات لا يستغربها أى مواطن من مواطنى الولاية خصوصا الذين يقطنون جنوب الولاية بمحليات كوستى وربك والسلام والجبلين، فهناك تداخل كبير وتعايش لا يمكن أن تجده إلا فى النيل الأبيض، فعلى الصعيد الاجتماعى نجد أن هناك تصاهراً منذ قديم الزمان بين قبائل الولاية والقبائل الجنوبية، فالكثير من المواطنين تجد أن لديهم جذوراً جنوبية كأن تجد أن شخصاً ما جدته شلكاوية أو دينكاوية والعكس، فهذا أمر عادى ومألوف بين المواطنين، كما نجد أن هناك الكثير من الأسر استقرت لعشرات السنين فى مناطق النيل الأبيض بما فيها شمال الولاية كالدويم والقطينة وأم رمتة. وهذا التمازج والتعايش السلمى الذى يمتد لتاريخ بعيد، جعل المئات من الاسر الجنوبية تبقى بالولاية رغم الانفصال، بل هناك العشرات منها صوتت للوحدة خلال عملية الاستفتاء، وآثرت البقاء لأنها وجدت من إنسان الولاية كل الترحيب وطيب العلاقات بصورة قوية حتى أصبحت كعلاقات الأهل، ويتجسد ذلك في حالة أسرة موسى دينق التى تقطن في ضواحى كوستى، حيث لم تفكر فى المغادرة للجنوب لإحساسها بالأمان وسط جيرانها من أهل الحى، وأصبح من العسير أن تضحى بهذه الصلات، وأكد رب الأسرة أنه لم يفكر يوماً ما فى الرجيل وقال إنه وجد من الشماليين كل احترام، وإن أبناءه يعيشون حياة كريمة. وفرانسيس قال إنه لا يمكن أن يتخيل حياته إلا فى السودان، وقال إنه ولد فى النيل الأبيض ولديه معارف وأصدقاء كثر، وقال إنه صار جزءاً من المجتمع، وأن لن يرحل إلى الجنوب مهما كانت الأسباب، وأضاف أنه مستعد للتضحية بكل شىء من أجل البقاء بالسودان. وسميرة مواطنة جنوبية تبلغ من العمر سبعين عاماً، قالت إنها ظلت في الشمال منذ نعومة أظفارها، وفيه تزوجت وأنجبت ولدين وثلاث بنات، وقالت إنها لن تترك السودان وتتمنى أن تموت فيه، وذكرت أن لديها علاقات وطيدة مع الجيران وعدد من النساء السودانيات. وأنها تشاركهن فى جميع المناسبات وهن يبادلنها الزيارات والمجاملات، وأضافت أن أحد أبنائها ذهب إلى الجنوب بهدف الاستقرار إلا أنه عاد بعد فترة وجيزة بعد أن وجد صعوبة فى العيش بالجنوب. وبعض المواطنين ذكروا أن الانفصال لم يغير نظرتهم تجاه الجنوبيين، حيث ذكروا أن العلاقة ظلت كما هى إن لم تكن أصبحت أمتن، وقالوا إن الجنوبيين الذين بقوا بالسودان أصبحوا جزءاً منه ولا يمكنهم أن يرحلوا عنه، وأنهم يجدون كل احترام سواء من المواطنين أو من السلطات.