ربك: عبدالخالق بادي: كشفت الكوارث التي شهدتها البلاد فى خريف هذا العام عن المعدن الحقيقي للشعب السوداني، حيث تداعت الكثير من الجهات المجتمعية والرسمية والقطاع الخاص من أجل مد يد العون للمتضررين من السيول والفيضانات التى اجتاحت بعض ولايات القطر وعلى رأسها ولاية الخرطوم ، ما كان له الأثرالطيب فى نفوسهم وخفف عنهم الكثير من المعاناة بعد أن فقدوا منازلهم ومقتنياتهم ، فكان تدافع المواطنين بمختلف فئاتهم لمد يد العون، ولم يختلف الحال في الولايات التي هب شبابها ايضا لاغاثة واعانة المتضررين. واكدت هذه الظاهرة الإيجابية حديث الرسول صلى الله عليه وسلم :(الخير في وفي أمتي إلى أن تقوم الساعة) أو كما قال عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، خاصة بعد أن زرع بعض الضعفاء اليأس والإحباط فى نفوس المواطنين ورسخوا لمفاهيم غريبة بعيدة عن الدين ،مثل مفهوم أن عمل الخير صار عملة نادرة، وأن معاملة الناس تغيرت للأسوأ، وأن الظروف الاقتصادية الصعبة غيرت أخلاقيات المجتمع واذهبت الكثير من الخصال الحميدة التى ظل يتمتع بها لعقود طويلة مثل المروءة والتكافل. إلا أن الرد جاء قويا وسريعا وذلك عبر ظاهرة جميلة تلك التي تابعها الجميع وأشادوا بها ،وهى ظاهرة المجموعات الشبابية ، التى نظمت حملات نفير للكثير من المناطق التى تعرضت للسيول ،حيث أكدت أن السودانيين بخير رغم ما يبثه المحبطون من إشاعات، وما قامت به هذه المجموعات التى لاتتراوح أعمار المنضوين تحتها الثلاثين عاما (أى من الجيل الحديث) ، كان له أثر كبير فى إزاحة الكثيرمن المرارات عند المتضررين من الكوارث ،بعد أن تلكأت بعض الجهات المناط بها تقديم المساعدات فى إنقاذهم وتدارك الموقف فى الوقت المناسب ،واكتفى بعضها فقط بالفرجة وإطلاق التطمينات عبر أجهزة الإعلام ظنا أن ذلك سيشفع لهم وسيجمل صورتهم أمام المجتمع وذلك بحسب مواطنين. عدد من المهتمين وعلماء الإجتماع قالوا ان ظاهرة النفير هى إرث سودانى أصيل توارثته الأجيال منذ آلاف السنين ،وأضافوا بأن ما حدث كان عبارة عن بعث لهذه القيمة الإنسانية السودانية الجميلة كماذكروا ، إلا أنهم عادوا وعبروا عن استغرابهم لسعى بعض الجهات لمحاربة الشباب الذين استنفروا المواطنين لمساعدة المنكوبين ،وأضافوا بأن هناك من سعى لتسييس الأمر والبعض كان دافعه الحسد والغيرة السالبة،وأكدوا أن عمل الخير يجب أن يجد الدعم والمساندة مهما كان مصدره حتى لاتضيع أرواح مواطنين بسبب التناحر والتباغض. ويقول الباحث الاجتماعي عثمان حسن ان المجموعات الشبابية كشفت النقاب عن سوء أداء العديد من الجهات الرسمية وبعض منظمات المجتمع المدنى وضعف تعاملها مع الكوارث، حيث تأكد أنها تعمل فقط من مكاتبها ولاوجود لها علي ارض الواقع مهما كان حجم المصيبة التى تلحق بالمواطين ،وزاد: لاحظنا أن بعض المصالح ومنظمات المجتمع المدنى لم تتحرك إلا بعد أن تحركت المجموعات الشبابية ،وحتى بعد أن تحركت كان أداء للواجب، بل أن هناك من سعى للتكسب من الكوارث كما ورد فى الأخبار ،أن عددا من الجهات والجمعيات الطوعية جمعت مساهمات من الأسواق وبعض الخيرين ،إلا أنها حولتها لمنفعتها الخاصة وبطريقة لم تلق غير الإدانة والكثيرمن السخط والإستنكار من المواطنين . ويشير الاستاذ في علم الاجتماع الطاهر عبدالله إن ظاهرة المجموعات الشبابية وللنجاح الكبير الذى حققته بالخرطوم وعدد من الولايات ومنها النيل الازرق خلال عملها فى تخفيف أضرار خريف هذا العام، أصبحت أسوة وقدوة رائعة، فكان من الطبيعى أن تنتقل إلى بقية الولايات ،حيث تحركت الكثيرمن المجموعات الولائية خاصة التى واجهت سيولا وأمطارغزيرة كولاية النيل الأبيض ،ولعل أبرزها مجموعة (عباد الرحمن) التى نشطت بمدينة الدويم التي ساهمت فى تصريف مياه الأمطار وإصلاح بعض الأضرار التى لحقت ببعض منازل الحى ،وتسعى لردم بعض الشوارع وبناء عدد من الكبارى لتسهيل حركة المواطنين.