لشاعرة الكويتية سعاد الصباح، اسم كبر ب «الشعر» فاجتازت قصائدها الحدود وتناقلتها الشفاه والأقلام. ü وهي في الأصل «أميرة» .. لكن الشعر هو الذي جعل منها «ملكة» وصنع لها امبراطورية عظمى وعرشاً وصولجاناً. ü ولولا «الشعر» لكانت سعاد واحدة من الأميرات «لا أكثر» تنعم بالديباج والحلي والحلل.. تسافر بالطائرات وتتسوق من أرقى المحال العالمية، وتهنأ بالحياة الرغدة والأيام الغضة. ü لكن الشعر جعلها تنعم بالمجد ونفحة الخلود، وتسافر على جناح غيمة وتتنزه بين الحدائق المرجانية والنجوم والقمر. ü القصيدة أضافت إلى عمرها عمراً وطرزت ثيابها عبقاً ونكهة، وأكسبت صوتها ألقاً وشفافية، ومنحت حضورها كثافة وخصوصية، وصبغت أناملها بالرحيق والوهج، وعبأت كفيها بالزئبق والتمر والعسل، وأضفت على جمالها جمالاً. ü فبالشعر تتلألأ المرأة وتتزين. والمرأة بلا قصيدة كالزهرة بلا عطر «أو كما يقول صديقنا محفوظ عابدين». ü والمرأة التي تهزم القصيدة، امرأة استثنائية وامرأة «فوق المألوف». ü كتبت سعاد الصباح بالسيف والقلم، لا بأحمر الشفاه، وأقلام الدلال، فنالت رضا القراء والمعجبين على امتداد الساحة العربية. ü لكن الذي يعجبني أكثر في قصائد سعاد هو «الوفاء» و«الإخلاص». هذان اللذان برزا بشدة وقوة وجلياً في تعاملها مع زوجها بعد رحيله. ü بعد رحيل زوجها «الشيخ عبد الله المبارك» كتبت سعاد قصيدتها «آخر السيوف» وهي من أجمل القصائد في مقام الوفاء والإخلاص.. لكن سعاد قالت إن القصيدة لم تقل إلا الأقل الأقل مما يستحقه زوجي من الحزن والإكبار واللوعة.. لقد كان عمري وبيتي وأحلامي، وبغيابه غاب عمري وبيتي وأحلامي.. ü بعد رحيل «المبارك» أشعلت سعاد سيجارة وتلذذت بها «وهي التي تكره التدخين وتمقت التبغ. كان زوجها «المبارك» يحب التدخين في حياته ويكثر منه فأرادت بعد غيابه ألا تغادر رائحة التبغ الحيطان». ü وكتبت: «ليتني سيجارة في ثغرك الحلو، الرجاء/ أشعل السيجارة الحسناء يلهبني الشرر/ واملأ الجو دخانا/ انه في جدب أيامي كرشات المطر».. ü وهذه الكلمات لو وقعت عليها إحدى شركات إنتاج السجائر لاستخدمتها في الإعلان. ü وفاءً وإخلاصاً لذكرى زوجها الراحل، أحبت سعاد السجائر «الضار» والمتلف للصحة، والمطلوب في المكافحة.. فسيجارته كانت تستثيرها وتكتبها بألف لون ولون على حيطان المكان على حد تعبيرها.. ü يهيأ لي - الآن - ان الوفاء والإخلاص، اللذين زانا قصائد سعاد هما اللذان منحاها العنفوان والخلود، والانتشار. ü الاخلاص والوفاء يمنحان القصيدة العافية، والقصيدة تمنح المرأة الألق، والمرأة التي تهزم القصيدة تظل امرأة استثنائية وفوق المألوف.