احتفلت سفارة إثيوبيا بالعيد الوطني الذي يصادف الثامن والعشرين من مايو من كل عام.. وهذا هو العيد التاسع عشر.. ونحن عندما نحتفل مع إثيوبيا بهذا اليوم الخالد، انما نحتفل مع دولة صديقة وشقيقة ذات تاريخ طارف وتليد، وتعتبر من أقدم الحضارات في العالم.. ولها حروفها للأبجدية الخاصة بها وعامها الخاص (Calender) وتسكنها ثمانون من الإثنيات والشعوب ذات اللغات والثقافات المختلفة، وكذلك الأديان وعلى رأسها الديانتان الإسلامية والمسيحية.. في تجانس وتعايش سلمي دام قرونا من الزمان.. ولكن في فترتي الحكم الملكي والحكم الديكتاتوري تم انكار هذه الصفات لكل شعوب إثيوبيا، وتم سلبهم حقوقهم الديمقراطية، كما تم فرض لغة وثقافة وتاريخ واحد على هذه الشعوب، وتم التعامل معهم باعتبارهم مواطنين من الدرجة الثانية.. مما أجج الصراعات والحروب الأهلية لسنوات طويلة.. وبعد صراع مرير ضد هذه الأوضاع بقيادة الجبهة الاثيوبية الديمقراطية لشعوب إثيوبيا تمت ازالة الوضع الديكتاتوري، وتم انشاء نظام يقوم على المساواة والاحترام المتبادل.. لذلك يعتبر هذا اليوم من عام 1991م نقطة تحول في تاريخ إثيوبيا.. وانتقل القطر من الاقتصاد التحكمي الى اقتصاد السوق.. وبالتالي جاء احتفال جميع الإثيوبيين في الداخل والخارج بهذا اليوم المجيد. وتربط إثيوبيا بالسودان علاقات متميزة في كل المجالات خدمة لمصالح البلدين، وكما قال سعادة علي عبدو سليمان سفير جمهورية إثيوبيا الفدرالية الديمقراطية لدى جمهورية السودان، بأن العلاقة بين السودان وإثيوبيا ليست كبقية العلاقات بين الشعوب، لأنها بتوجيه ورعاية مباشرة من الرئيسين، ولم تترك للجان مشتركة كما هو الحال في الدول الاخرى، وفي سؤال من جانبي لسعادة السفير عن العلاقات الاقتصادية بين البلدين، ذكرت له ان اقتصاديات البلدين أقرب الى التكامل في ما يختص بتوفر البنيات الاساسية في البلدين والتجارب والمعارف، كما ان السودان يزخر بأراض شاسعة وفائض في الغذاء، في حين تعاني إثيوبيا نقصا احيانا في المحاصيل نتيجة للفيضانات احيانا والجفاف احيانا اخرى.. واعتقد ان البلدين قد بدآ خطوات جادة للاستفادة من امكانات بعضهما البعض في توصيل الكهرباء مثلا للسودان، حيث يوجد فائض في اثيوبيا.. وأمن السيد السفير على ما ذكرته وقال بالفعل نحن نستفيد من الامكانات التي يتيحها لنا السودان من خلال ميناء بورتسودان والتبادل التجاري بين البلدين خاصة البترول الذي بدأ يتنامى من خلال الحدود المشتركة والطرق المهيأة. وفي الرد على اسئلة من اجهزة الاعلام المختلفة صحافيين واذاعيين وقنوات فضائية بدأ السيد السفير اكثر حصافة ودبلوماسية في ردوده التي اتسمت بالموضوعية، بالرغم من سخونة بعضها ودخولها في مساحات تتسم بالحساسية.. مثلا ما جاء في بعض المصادر من تزوير مزعوم في الانتخابات الاثيوبية، الأمر الذي نفاه السيد السفير بشدة ووصفها بادعاءات باطلة. وحول الاستفتاء المقبل في السودان، قال السفير ان هذا شأن داخلي.. وتمنى ان يعالج السودان كل قضاياه في سلام. وحول دورهم في دارفور قال السيد السفير ان دورهم في دارفور ظل حاضرا طوال الفترة الماضية ومازال. أما عن توقيع اتفاق مياه النيل الذي جرى أخيراً فقد قال السيد السفير إن هذا لن يؤثر على علاقاتهم المتطورة مع السودان، وإنهم مبدئياً لا يعارضون أن تستفيد الدول الاعضاء من مياه النيل في شكل مشروعات، على ألا يضر ذلك ببقية الدول الأعضاء.. وألا تنعكس بشكل سالب عند الاستخدام على الآخرين. وقال إن أية مشكلات حالية سيتم حلها بالتعاون المشترك وبالمباحثات في إطار سلمي. وإننا من هذا المنبر نحيي إثيوبيا الشقيقة، وننظر بعين الرضاء والتفاؤل لمستقبل العلاقات المثمرة بين القطرين الشقيقين في ظل العلاقات الحالية المتنامية، خاصة أن السودان ظل يستفيد من عمالة إثيوبية متزايدة، وما يقدمه من تسهيلات في تحويلات تلك العمالة الى بلادها.. وابداء لحسن النوايا قدمت حكومة السودان أخيراً منحة تقدر بعشرين ألف طن من الذرة لمواجهة النقص في الغذاء في إثيوبيا. وقد تمت العديد من الانجازات في عهد الحكومة الحالية في إثيوبيا في مختلف المجالات، مما سنتعرض له لاحقا.. ولكن على سبيل المثال نذكر أن صادرات إثيوبيا كانت في حدود 057 مليون دولار سنويا، وقفزت الآن لتصل الى مليار وخمسمائة مليون دولار او ما فوق ذلك، مما يؤكد السعي الحثيث لدى الحكومة الحاضرة لبناء نهضة تنموية تنعكس رخاءً وازدهاراً على الشعب الإثيوبي الشقيق. مرة أخرى نحيي إخوتنا في إثيوبيا تحت القيادة الرشيدة لسيادة رئيس الوزراء ملس زناوي، ونتمنى لهم مستقبلاً مشرقاً.