ما هي حكاية التهديدات بالتصفية الجسدية التي راجت هذه الأيام ؟ ان السودان ابعد البلدان الأفريقية عن نشاط الجماعات الارهابية وعصابات المافيا - اللهم الا عصابات أسواق المواسير وداعموهم الأساسيون- ولذلك تبدو عملية تلقي التهديدات او تنفيذها مستغربة في هذه البلاد لاعتبارات شرطية وأمنية وقضائية شتي ومن المهم النظر الى مثل هذه المواضيع من خلال أبعادها الشخصية والمصلحية لندرك أن مثل هذه التهديدات غالباً ما تكون ذات أهداف اقتصادية أو تجارية يرغب مرسلوها في التكويش علي أموال أو تحريزها وحمايتها ، وقبل أن تشيع حكاية تهديد الدبلوماسيين السعوديين شهدت مدينة بحري في العام الماضي حكاية من هذا القبيل ربما كانت مؤشراً ابتدائياً لظهور عصابات أصحاب ربطات العنق من كبار التجار ورجال الأعمال الذين لا يحبون من يقف أمام طموحاتهم الاجرامية في كسب المال . فقد حكي أ.أ.أ وهو مصرفي كبير عمل في عدد من البنوك العامة والخاصة وله اسهامات وتاريخ مقدر في تطوير العمل المصرفي حتى وصل الى درجة المدير ، حكي هذا المصرفي قصة أقرب الى الأفلام البوليسية حينما فوجئ بعربات غامضة ومواتر تطارده وتتربص به ويستقبل هاتفه التهديدات بسبب بلاغ تم فتحه بواسطته العام الماضي ضد بعض التجاوزات ، البلاغ يحمل الرقم 2691/2009 ومسجل بشرطة مدينة الصافية وبأكثر من خمس مواد خطرة من القانون الجنائي ويمكن للسيد مدير عام الشرطة طلب البلاغ والاطلاع علي التفاصيل وهذه مناشدة من الشاكي بصفة خاصة ، وقد أخذت الشرطة علماً بكل تفاصيل هذه الجريمة ولكن يبدو أن الأمور توقفت في منعطف محدد بحيث لم يتم توقيف الجناة حتى تاريخه وظل المصرفي وأسرته يعيشون تحت الهواجس والتهديدات لولا تطمينات بعض المخلصين والقيادات الأمنية التي تتابع المسألة باهتمام شديد وتنتظر الوقت المناسب للانقضاض والقضاء علي المجرمين ، لولا هذا لهلك أ.أ.أ وأسرته الكريمة ونحن هنا نستعرض جانباً من القضية التي شغلت الأوساط المصرفية والأوساط المهتمة كثيراً . تتلخص القضية في أن المصرفي قام باستخلاص أموال تخص البنك كانت قد ضلت طريقها الى احد العملاء ، ولكن يبدو كما يقول المثل « تحت السواهي دواهي » فبدلاً من الحصول علي ترقية وتحفيز وجد المصرفي نفسه وجهاً لوجه مع المشكلات والتحديات والتوقيف عن العمل بطريقة تعسفية غير مفهومة ثم التهديد بالتصفية مثلما يحدث الآن للدبلوماسيين السعوديين . ان أسلوب العصابات يبدو غريباً علي أهل السودان ومن المهم أن يفهم أولئك المجرمون الجدد أن هذا الأسلوب مكانه شوارع مدن الولاياتالمتحدةالأمريكية كما يحدث في أفلام الكاوبوي ، وان الشرطة السودانية وقادتها الكرام سيكونون عيناً ساهرة ويدا أمينة كشعارها بالضبط ولا مجال للتلاعب بمقدراتها ، وان كافة الأجهزة الأمنية والعدلية تستطيع العمل بفاعلية وجدارة من اجل الحفاظ علي الأمن والاستقرار والحيلولة دون ترويع الآمنين ، وان الفصل بين المتنازعين يجب أن يكون أمام ساحات القضاء وحده ولا مجال لاستخدام الأغطية الرسمية . ان ما يميز بلادنا الحبيبة أنها تعيش في أمان الله يأتيها رزقها رغم « السبابة والوسطاء » الرسميين وأتباعهم ، ومن المهم الحفاظ علي هذا الوضع لأن أعداء البلاد يريدون أن تشيع الفوضى في كافة جنباتها فيتم نسف السلام الاجتماعي ويضطر البعض للاقتصاص لأنفسهم بأيديهم ويعم الخراب ولذلك يتوجب علي الأجهزة كافة أن تقوم بواجباتها علي الوجه الأكمل بسطاً للأمن ومتابعةً للظواهر الاجرامية ذات الطبائع الاقتصادية ولتكن البداية بمتابعة أسواق المواسير والداعمين الرئيسيين له والتحري عن الجرائم والتجاوزات التي ضربت الجهاز المصرفي لأن المصارف أصبحت في هذا الزمن مكاناً مناسباً تقصده عصابات الجريمة المنظمة وغسيل الأموال .