تصريح عبد الرحيم حمدي بأنهم يحضرون لجنازة للصناعة، أثار غضب وزارة الصناعة، فكان الرد عليه من خلال أجهزة الإعلام في المؤتمر الصحفي الذي عقده وزير الدولة للصناعة علي أحمد عثمان، ثم الإعلان الصحفي الذي جاء في شكل صفحة كاملة في الصحف يحكي إنجازات الصناعة خاصة في الخمسة أعوام الأخيرة..!! حديث حمدي ليس بعيداً عن الحقيقة، ولكن لا بد أن نفرق بين الجهود الجبارة التي بذلتها وزارة الصناعة لتطوير هذا المرفق المهم، وبين ما تحقق فعلاً.. لقد كان الناتج بالفعل ضيئلاً.. وذلك لسبب بسيط، وهو أن الكثير من مشاكل الصناعة ليست في يد الصناعة، وهو أمر قد اعترف به من قبل أخونا علي أحمد عثمان وزير الدولة بالصناعة.. وهنالك أمثلة واضحة كالشمس تبين ذلك. لقد بدأت الصناعة مشروعها الحيوي لإنقاذ الصناعة منذ سنوات بتكوين محفظة لاعادة مصانع الغزل والنسيج سيرتها الأولى.. واستقطبت لها كل الجهات. واتضح أن المشكلة تمويلية وتسويقية، وقد رفعت الوزارة الأمر لمجلس الوزراء الذي أصدر قرارات إلزامية.. وقد تحسن الموقف وبدأت المصانع تعمل بطاقتها التصميمية أو أقرب منها... ولكن الأمر سرعان ما توقف لعدم التزام الجهات المشترية بما تم الاتفاق عليه.. كما أن كل المحاولات التي جاء ذكرها في بيان وزارة الصناعة هي مجرد محاولات لم تثمر شيئاً، سواء أكان الأمر متعلقاً بمصرف التمويل الصناعي الذي ظل كخيال المآتة دون أن يحقق شيئاً يذكر، أو التخفيضات الجمركية في مدخلات الانتاج، وغيرها مما جاء ذكره في بيان وزارة الصناعة.. إن مشكلة الصناعة الحقيقية هي أن جهات وهيئات تؤول إليها بعض مشاكل الصناعة لا تلتزم بتوجيهات الصناعة، لأن هذه المؤسسات تسيرها عقليات ايرادية لا تستجيب لتوجيهات جهة لا تستطيع أن تعوضها ما تفقده من ايرادات. كما أن ما تحقق من إنجازات لبعض المصانع التي تنتج سلعاً استراتيجية كالسكر لا دخل للصناعة فيه.. وانما هي جهود ذاتية.. وحتى السكر يعاني الآن من مشاكل انتاجية بعد أن انخفض الانتاج هذا الموسم وخلق فجوة تسعى الجهات المختصة لملئها بعيداً عن وزارة الصناعة.. ثم أين جهود وزارة الصناعة في انقاذ مئات المصانع التي أصبحت مصانع تعبئة للزيوت وليست للانتاج، وهل هي مسؤولة حتى عن نوعية الانتاج من ناحية مواصفات ومقاييس. نحن لا بد أن نواجه الحقيقة المرة، وهي أن الانتاج الصناعي في البلاد يعاني من مشاكل معقدة، وأصبح عاجزاً عن المنافسة، خاصة بعد الإغراق السلعي الذي عمَّ الأسواق.. فأين دور وزارة الصناعة في حماية انتاجنا الوطني..؟! أما عن مساهمة الصناعة في الناتج القومي، فهو مجرد كلام لا يستند على أرقام حقيقية، وإنما هي تقديرات درجت على ذكرها بعض الجهات المعنية دون واقع ملموس، شأنها في ذلك شأن بقية الأرقام المشكوك فيها..!! بصراحة وزارة الصناعة وزارة كسيحة، وبيانها بيان تنويري بما تعانيه من مشاكل تحيط بمفاصلها وتحد من تحركها... مشاكل الصناعة في أيدي الجمارك، الكهرباء، المياه، وزارة التجارة، الجبايات في العاصمة والولايات، وزارة الزراعة، وزارة المالية والعديد من الجهات الأخرى والتي تحركها مصالحها المرتبطة بتكوينها، ولا تستطيع أن تفعل شيئاً سوى بذل مزيدٍ من المحاولات لإنجاح مساعيها لحلحلة مشاكل الصناعة. ثم أين كانت وزارة الصناعة طوال عشرين عاماً لتحدثنا اليوم عن الاكتفاء في سلع أساسية كالاسمنت؟! وأين الاكتفاء الذاتي في السكر الذي انخفض هذا العام إلى ما دون الستمائة ألف طن، بعد أن تجاوز السبعمائة ألف طن، أما الدقيق فلا نسأل عنه وزارة الصناعة وإنما الاستثمارات الضخمة لانتاج مليون ونصف المليون طن دقيق.. ولكن مع الأسف من قمح مستورد... فهل بذلت جهداً في تخفيض الرسوم الجمركية على هذا القمح الذي ظلت المصانع تبيعه بأسعار فوق المعدل العالمي..؟!