عادت قضية العلاقات السودانية الفرنسية المتذبذبة للاضواء من جديد على خلفية زيارة نائب رئيس الجمهورية الاستاذ علي عثمان محمد طه، لمدينة نيس الفرنسية للمشاركة في الاجتماع التشاوري الذي عقد بين الاممالمتحدة والاتحاد الافريقي والسودان ، ووزراء خارجية كل من فرنسا ، مصر ، جنوب افريقيا والجزائر وممثلين لاريتريا والجابون. واعتبر طه، لدى مخاطبته الاجتماع، دعوة فرنسا للسودان للمشاركة في القمة ، خطوة في سبيل دعم التواصل بين البلدين ،مبينا ان هناك لجنة للتشاور السياسي بين البلدين علي مستوي السفراء، وقال ان السودان عرض على الجانب الفرنسي تجديد هذه اللجنة ،وان تكون هناك مشاورات اوسع في المستقبل لتجاوز النقاط التي تشكل عقبة في طريق ازدهار العلاقات بين الخرطوم وباريس. وقد توقفت لجنة الحوار بين البلدين على خلفية رفض السودان لمبادرة فرنسية لانهاء أزمة المحكمة الجنائية الدولية، وتدعو الى «تغيير جذري» في الحكومة السودانية قبل الانتخابات يشمل كل ما يتعلق بحقوق الانسان ووجود بعض الاشخاص في الحكومة، وليست المرة الاولى التي يتحدث فيها نائب رئيس الجمهورية عن العلاقات السودانية الفرنسية، فقد التقى علي عثمان محمد طه بالرئيس الفرنسي ابان انعقاد اعمال الجمعية العامة للامم المتحدة بنيويورك العام الماضي، وصرح طه وقتها بأن الجانب الفرنسي تحدث عن امكانية قبول تجميد النشاط السياسي لمسؤولين في الحكومة مقابل التراجع عن موقف فرنسا الداعم لتوقيف الرئيس عمر البشير، ورجح البعض ان هذا الموقف تطابق مع الرد الفرنسي على مساعد رئيس الجمهورية الدكتور نافع علي نافع الذي زار باريس ايضا، حيث ناقش موضوعات مماثلة مع المسؤولين الفرنسيين، لكنه الوفد الحكومي رفض الدخول في اي تفاهمات مع الفرنسيين بشأن ملف الجنائية، ودعا باريس الى ممارسة ضغوط على زعيم حركة تحرير السودان عبد الواحد محمد نور الموجود بأراضيها، ونقل نافع للمسؤولين الفرنسيين خلال محادثات اجراها بمقر وزارة الخارجية الفرنسية حينئذ، رفض الحكومة للخوض في اي حوار بشأن المحكمة الجنائية، باعتبار ان الملف مقفول ولا سبيل لفتحه من جديد او حتى النقاش فيه، وصرح وقتها سفير السودان لدى باريس مصطفى سليمان ان الوفد قطع بعدم الدخول في تفاوض بشأن الامر باعتبار ان الحكومة تجاوزته تماما ، وان على الجهات التي تتبناه ان تفعل ما تشاء، وعليها تداركه كما ترى، واعتبر سليمان ان ملف الجنائية هو نقطة الخلاف بين البلدين، غير انه قال ان الوفد لمس رغبة باريس في اقامة علاقات طيبة مع الخرطوم خاصة وان لها الكثير من المصالح في المنطقة. وقبل ذلك عُقدت في العاصمة الدوحة ، قمة هي الأولى من نوعها التي تجمع الرئيس عمر البشير بالرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي برعاية ومشاركة أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، وحسب ما تناقلته وسائل الاعلام فان القمة تناولت في الأساس اطار الأزمة في اقليم دارفور وكيفية حلها. وتقترح باريس خارطة طريق لحل الأزمة تشمل مساندة القوات المختلطة، مادياً ومن الناحية اللوجستية، والمساعدة في العملية السياسية التي يقودها الاتحاد الأفريقي والأممالمتحدة، واحترام وقف اطلاق النار ووضع حد نهائي لعمليات الاعتداء واللصوصية ولتوفير حيذ للمناقشات السياسية على نحو تتغير معه حياة سكان دارفور بصورة فورية، اضافة الى أن الخارطة ترى أنه لا يمكن أن تتم تسوية الوضع في دارفور من دون تسوية تداعياته المزعزعة للاستقرار في المنطقة. ففرنسا تقول انها قلقة ازاء الوضع في شرقي تشاد وفي شمال شرقي جمهورية افريقيا الوسطى. وتدعم بشكل تام فكرة التزام كل من الأممالمتحدة والاتحاد الأوروبي في المنطقة من خلال عملية منبثقة عن هيئة السياسة الأوروبية للأمن والدفاع ومن خلال تواجد مدني للأمم المتحدة في معسكرات تشاد. ومن الممكن للدور الفرنسي أن يساعد في تهيئة الأجواء ودفع الأطراف للتفاوض خاصة وأن أحد قادة الحركات المسلحة بالاقليم وهو عبدالواحد محمد نور مقيم بفرنسا، كما أنها تستطيع المساهمة في دفع عجلة التطبيع المتحركة بين الخرطوم وانجمينا، والتأثير على بعض دول الجوار للمساهمة في دعم جهود السلام في دارفور واستمرار حالة التهدئة على الحدود السودانية التشادية.