«تزوجت شقيقها للحصول على الجنسية»..ترامب يهاجم إلهان عمر ويدعو إلى عزلها    صحة الخرطوم تطمئن على صحة الفنان الكوميدي عبدالله عبدالسلام (فضيل)    بيان من وزارة الثقافة والإعلام والسياحة حول إيقاف "لينا يعقوب" مديرة مكتب قناتي "العربية" و"الحدث" في السودان    يرافقه وزير الصحة.. إبراهيم جابر يشهد احتفالات جامعة العلوم الصحية بعودة الدراسة واستقبال الطلاب الجدد    المريخ يكسب تجربة البوليس بثلاثية و يتعاقد مع الملغاشي نيكولاس    البرهان يصدر قراراً بتعيين مساعد أول للنائب العام لجمهورية السودان    حسين خوجلي يكتب: السفاح حميدتي يدشن رسالة الدكتوراة بمذبحة مسجد الفاشر    راشفورد يهدي الفوز لبرشلونة    ((سانت لوبوبو وذكريات التمهيدي يامريخاب))    وزير الزراعة والري في ختام زيارته للجزيرة: تعافي الجزيرة دحض لدعاوى المجاعة بالسودان    بدء حملة إعادة تهيئة قصر الشباب والأطفال بأم درمان    نوارة أبو محمد تقف على الأوضاع الأمنية بولاية سنار وتزور جامعة سنار    لجنة أمن ولاية الخرطوم: ضبطيات تتعلق بالسرقات وتوقيف أعداد كبيرة من المتعاونين    قبائل وأحزاب سياسية خسرت بإتباع مشروع آل دقلو    ما حقيقة وصول الميليشيا محيط القيادة العامة بالفاشر؟..مصدر عسكري يوضّح    "المصباح" يكشف عن تطوّر مثير بشأن قيادات الميليشيا    هجوم الدوحة والعقيدة الإسرائيلية الجديدة.. «رب ضارة نافعة»    هل سيؤدي إغلاق المدارس إلى التخفيف من حدة الوباء؟!    الخلافات تشتعل بين مدرب الهلال ومساعده عقب خسارة "سيكافا".. الروماني يتهم خالد بخيت بتسريب ما يجري في المعسكر للإعلام ويصرح: (إما أنا أو بخيت)    شاهد بالصورة والفيديو.. بأزياء مثيرة.. تيكتوكر سودانية تخرج وترد على سخرية بعض الفتيات: (أنا ما بتاجر بأعضائي عشان أكل وأشرب وتستاهلن الشتات عبرة وعظة)    تعاون مصري سوداني في مجال الكهرباء    شاهد بالصورة والفيديو.. حصلت على أموال طائلة من النقطة.. الفنانة فهيمة عبد الله تغني و"صراف آلي" من المال تحتها على الأرض وساخرون: (مغارز لطليقها)    شاهد بالفيديو.. شيخ الأمين: (في دعامي بدلعو؟ لهذا السبب استقبلت الدعامة.. أملك منزل في لندن ورغم ذلك فضلت البقاء في أصعب أوقات الحرب.. كنت تحت حراسة الاستخبارات وخرجت من السودان بطائرة عسكرية)    ترامب : بوتين خذلني.. وسننهي حرب غزة    أول دولة تهدد بالانسحاب من كأس العالم 2026 في حال مشاركة إسرائيل    900 دولار في الساعة... الوظيفة التي قلبت موازين الرواتب حول العالم!    "نهاية مأساوية" لطفل خسر أموال والده في لعبة على الإنترنت    شاهد بالصورة والفيديو.. خلال حفل خاص حضره جمهور غفير من الشباب.. فتاة سودانية تدخل في وصلة رقص مثيرة بمؤخرتها وتغمر الفنانة بأموال النقطة وساخرون: (شكلها مشت للدكتور المصري)    محمد صلاح يكتب التاريخ ب"6 دقائق" ويسجل سابقة لفرق إنجلترا    السعودية وباكستان توقعان اتفاقية دفاع مشترك    المالية تؤكد دعم توطين العلاج داخل البلاد    غادر المستشفى بعد أن تعافي رئيس الوزراء من وعكة صحية في الرياض    دوري الأبطال.. مبابي يقود ريال مدريد لفوز صعب على مارسيليا    شاهد بالفيديو.. نجم السوشيال ميديا ود القضارف يسخر من الشاب السوداني الذي زعم أنه المهدي المنتظر: (اسمك يدل على أنك بتاع مرور والمهدي ما نازح في مصر وما عامل "آي لاينر" زيك)    الجزيرة: ضبط أدوية مهربة وغير مسجلة بالمناقل    ماذا تريد حكومة الأمل من السعودية؟    الشرطة تضع حداً لعصابة النشل والخطف بصينية جسر الحلفايا    إنت ليه بتشرب سجاير؟! والله يا عمو بدخن مجاملة لأصحابي ديل!    في أزمنة الحرب.. "زولو" فنان يلتزم بالغناء للسلام والمحبة    إيد على إيد تجدع من النيل    حسين خوجلي يكتب: الأمة العربية بين وزن الفارس ووزن الفأر..!    ضياء الدين بلال يكتب: (معليش.. اكتشاف متأخر)!    في الجزيرة نزرع أسفنا    مباحث شرطة القضارف تسترد مصوغات ذهبية مسروقة تقدر قيمتها ب (69) مليون جنيه    من هم قادة حماس الذين استهدفتهم إسرائيل في الدوحة؟    في عملية نوعية.. مقتل قائد الأمن العسكري و 6 ضباط آخرين وعشرات الجنود    الخرطوم: سعر جنوني لجالون الوقود    السجن المؤبّد لمتهم تعاون مع الميليشيا في تجاريًا    وصية النبي عند خسوف القمر.. اتبع سنة سيدنا المصطفى    عثمان ميرغني يكتب: "اللعب مع الكبار"..    جنازة الخوف    حكاية من جامع الحارة    حسين خوجلي يكتب: حكاية من جامع الحارة    تخصيص مستشفى الأطفال أمدرمان كمركز عزل لعلاج حمى الضنك    مشكلة التساهل مع عمليات النهب المسلح في الخرطوم "نهب وليس 9 طويلة"    وسط حراسة مشددة.. التحقيق مع الإعلامية سارة خليفة بتهمة غسيل الأموال    نفسية وعصبية.. تعرف على أبرز أسباب صرير الأسنان عند النوم    بعد خطوة مثيرة لمركز طبي.."زلفو" يصدر بيانًا تحذيريًا لمرضى الكلى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بائع «كيك السمسم والبطيخ» «الحاج الرئيس» هل يحرر فلسطين..؟!
نشر في الصحافة يوم 09 - 06 - 2010

هل يكفي أن نكافئ الشيخ رجب طيب أوردغان رئيس الوزراء التركي فقط بجائزة الملك فيصل العالمية لخدمة الإسلام التي سلمها له خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز ؟ نظير خدماته الجليلة التي قدمها للإسلام والمسلمين؟ ام ينبغي علينا نحن معشر العرب والمسلمين أن نقدم إليه والى دولته أكثر من ذلك؟ وأيهما كان الأجدر بجائزة نوبل للسلام أوردغان أم الرئيس الأمريكي باراك اوباما الذي لم يستطع بعد عام كامل من الحكم في البيت الأبيض أن يقول لإسرائيل ربيبة أمريكا في المنطقة ودلوعتها، كفي عربدة وصلفا وطغيانا وغرورا. إن المال اليهودي هو صاحب القرار في أميركا وكثير من الدول الغربية، إذن أين المال العربي والإسلامي من هذه المعركة، ألم يكن في مقدرونا تكوين لوبي اقتصادي داخل الدول الكبرى للتأثير على القرار؟
يرى قادة الأمتين العربية والإسلامية اننا لسنا قادرين على خوض معارك حربية مع عدوتنا اللدود إسرائيل، لأننا لم نعد لها ما استطعنا من قوة، ويرون أننا يمكن بل من المؤكد سوف نخسر أية معركة معها لا محالة، ولا يرى هؤلاء أن ما فعله حزب الله ضد إسرائيل يؤهلنا للمغامرة بحرب مع العدو الصهيوني، لكن مهما كانت مبررات هؤلاء الاستسلاميين والانهزاميين يجب أن تكون معركتنا معها «إسرائيل» يجب أن تكون معركة عمل متواصلة، معركة انجاز، معركة تطور وتعليم مستمرة، لقد تركنا مركب الحضارة والشفافية والإصلاح والانجاز، ولم نبحر فيه، وهو ما جعلنا نخسر معاركنا كلها رغم اننا أمة القرآن أمة اقرأ، الأمة التي وصفها الله تعالى بأنها خير أمة أُخرجت للناس، لذلك كان طبيعيا أن نفرح لمجرد أن أحفاد العثمانيين الجدد، حاولوا كسر حصار جائر ظالم على إخواننا في غزة، لكننا ونحن نتقزم ونتقهقر لم نحسن حتى التعبير عن الفرح، فكانت مسراتنا خجولة وبائسة، وتضامننا مع الذين استهدفتهم الآلة الحربية الإسرائيلية الغاشمة، كان تضامنا صوريا محنطا لا روح فيه ولا صدق، سيدة تركية يموت زوجها المجاهد في أحضانها في عرض البحر الأبيض المتوسط، بعد أن أمطره جنود العدو الصهيوني، وصبوا جام رصاصهم على جسده الطاهر، وأمطروه نارا شيعت روحه السمحة الى بارئها مع دعوات من كانوا على ظهر السفينة «مرمرة» وهي بالمناسبة تحمل اسم ذات الجامعة التي تخرج فيها السيد رجب طيب أوردغان، هذه السيدة تقول وهي تحتضن زوجها الشهيد المضرج بالدماء القانية إن مصابها لا يساوي شيئا أمام معاناة أهالي غزة الذين تقتلهم إسرائيل بشكل بطئ كل يوم أمام سمع وبصر كل سكان العالم، ونساء المسلمين والعرب يقدمن العري الساخن ومشاهد الجنس الرخيص على شاشات الفضائيات التي لم يرتق معظمها الى مستوى التحديات التي تجابه الأمة، وقادتنا الا من رحم ربي يخشون حتى من الإدانة والشجب للجريمة النكراء، ولا زالوا متمسكين بمبادرتهم البائسة كأنها كتاب مقدس، انزل على نبينا محمد أو موسى او عيسى أو داؤود، فلكم أعزائي القراء أن تتصوروا حجم صرف العرب على سفاسف الأمور ودنايا المقاصد من خلال الإحصائيات أدناه:
الحصيلة الشهرية من الرسائل الخلوية، التي تظهر على الشريط الموجود أسفل الشاشة في بعض القنوات الفضائية العربية التي لا رسالة ولا هدف لها سوى تضليل الشباب العربي، تقارب «8» ملايين دولار!
تكلفة إنتاج الفيديو كليبات الخاصة بأغاني التعري والفن الهابط في العالم العربي تقارب «16» مليار دولار سنويا.
مجموع الدخل السنوي للخادمات في البيوت العربية هو «35» مليار دولار، أي ما يقارب «3» مليارات دولار شهريا..!!
مجموع ما تنفقه المرأة العربية على مستحضرات التجميل في السنة الواحدة هو «2» مليار دولار «منها 1.5 مليار حصة المرأة الخليجية»..!!
مجموع ما تنفقه الدول العربية مجتمعة على البحث العلمي هو «1.7» مليار دولار سنويا، أي ما نسبته «0.3%» فقط من الناتج القومي الإجمالي.
«للمقارنة: في فرنسا 2.7%، السويد 2.9%، اليابان 3% «أي 10 أضعاف ما تنفقه الدول العربية مجتمعة»، وفي إسرائيل 4.7% حسب إحصائيات اليونسكو لسنة 2004م».
عدد العاطلين عن العمل في مملكة النفط يقارب النصف مليون مواطن سعودي، أي ما نسبته «10%» من مجموع السكان.
عدد الأميين في العالم العربي يفوق ال «100» مليون، يعني ثلث العرب لا يستطيعون القراءة ولا الكتابة.
والمواطن الأمريكي يقرأ« 11» كتابا في السنة والأوربي يقرأ « 7 » كتب، أما العربي الذي ينتمي لأمة اقرأ فيكتفي بربع صفحة في العام.
ليس هذا فحسب بل أن هناك 30 الف مصري هجروا بلدهم وتزوجوا باسرائليات، لم لا فهن كتابيات وشقراوات، ولا يهمهم سحب جنسياتهم طالما هم يكثرون من نسل الصهاينة، لم يقل احد منهم أنه جعل زوجته تدخل الإسلام، ولا يهمه أن يصبح ولده أو بنته يهودية ومتصهينة، وفي وقت تتصاعد فيه الدعوات عالميا لكسر الحصار تفتح مصر معبر رفح على استحياء، انحناءً لعاصفة تهب على إسرائيل وتلفح وجوه قادتها القميئة، وسوف تتحين الفرص وتبحث عن أي سبب لإغلاقه مجددا، فالعدو في نظر النظام الحاكم في مصر ليس إسرائيل إنما حماس التي يرونها امتدادا لحركة الإخوان المسلمين التي يضيقون عليها منذ عقود، أين علماء الأمة وما دورهم في تحريض شعوبهم النائمة، يقولون أنهم ربما يسيروا سفينة في الخامس عشر من يوليو المقبل، إذا وجدوا من يمولها، أين الصحافيون الشرفاء ولماذا لم يشاركوا في تلك السفن التي تحاول كسر الحصار على غزة؟ يقولون إنهم مشغولون بلقمة عيشهم ويصارعون أنظمة استبدادية لا تقل في بطشها عن إسرائيل، تضعهم في السجون وتعذبهم عذابا نكرا، لذلك فهم يطلبون من أهالي غزة ان يلتمسوا لهم العذر، أين أساتذة الجامعات وأهل الثقافة والفن والقريض؟ يقولون: إنهم لا يستطيعون مبارحة مدارج كلياتهم، لأنهم يسابقون الزمن في اللحاق بإسرائيل وأمريكا وأوربا في التطور العلمي، ويرون أن ركوب سفن الحرية مضيعة للوقت، وأنه بالعلم والعلم وحده سوف يهزمون إسرائيل بعد خمسمائة عام من الآن تقريبا، أما المثقفون فيرون أن الكتابة عن البطيخ الذي كان يبيعه السيد رجب طيب اوردغان عندما كان يافعا مع كيك السمسم لمساعدة والده العامل البسيط في خفر السواحل، أفضل من المشاركة في تلك السفن العبثية، كون البطيخ مفيد في حرارة الصيف ويرطب الأكباد، في زمن الفجائع، والسمسم مفيد هو الآخر كونه خال من الكولسترول الضار بصحة القلوب، أما الشعراء الذين يتبعهم الغاوون والذين هم في كل واد ومحفل هائمون، فهم أيضا مشغولون في وصف الفاتنات، وبالكتابة عن جمال البحر الذي ابحرت فيه السفينة «مرمرة» سيما بعد اختلاط دماء الشهداء بزرقته. ولعلهم الوحيدون القادرون على تصوير مشاهد الصراع بين أولئك المتضامنين الذين القي بهم في عرض واسماك القرش التي التهمتهم. وقد ينبري لنا أناس ويصفوننا بالجهل، فيقولون لنا انه لا توجد اسماك قرش في مياه المتوسط، إنما تماسيح نيلية مسالمة تماما كالجنود الاسرائيليين الذي فعلوا ما فعلوا بالمتضامنين دفاعا عن النفس، ليس الا.
لكن تعالوا معي نقرأ سيرة رجل عصامي فريد في عصره معتز بإسلامه ولغته التركية، شجاع وجرئ هو السيد رجب طيب أوردغان الرجل الطيب الذي جعل أحفاد القردة والخنازير يرتعبون.
فالعلاقات الاجتماعية الدافئة من أهم ملامح شخصيته، فهو أول شخصية سياسية في تركيا يرعى المعوقين في ظل تجاهل حكومي واسع لهم، ويخصص لهم امتيازات كثيرة مثل تخصيص حافلات، وتوزيع مقاعد متحركة، بل أصبح أول رئيس حزب يرشح عضواً معوقاً في الانتخابات وهو الكفيف «لقمان آيوا» ليصبح أول معوق يدخل البرلمان في تاريخ تركيا.
ولا يستنكف أن يعترف بما لديه من قصور علمي لعدم توفر الفرصة له للتخصص العلمي أو إجادة لغات أخرى غير التركية، لذلك فقد شكل فريق عمل ضخماً من أساتذة الجامعات والمتخصصين في شتى المجالات للتعاون معه في تنفيذ برامج حزب الرفاه والفضيلة أثناء توليه منصب عمدة استانبول.
ويميزه احترام الكبار وأصحاب التخصص، فهو لا يتردد في تقبيل أيدي أهل الفضل عليه، ومن ذلك أنه أصرَّ على أن يصافح ضيوفه فردا فردا خلال «مؤتمر الفكر الإسلامي العالمي» الذي تبنته بلدية استانبول عام 1996م مما أكسبه احترام العديد من الشخصيات الإسلامية الثقيلة. وانتشل رجب طيب اوردغان بلدية استانبول من ديونها التي بلغت ملياري دولار إلى أرباح واستثمارات، وبنمو بلغ 7% بعد تعيينه رئيسا لها، بفضل عبقريته ويده النظيفة وقربه من الناس، لاسيما العمال ورفع أجورهم ورعايتهم صحيا واجتماعيا، وقد شهد له خصومه قبل أعدائه بنزاهته وأمانته ورفضه الصارم لكل المغريات المادية من الشركات الغربية التي كانت تأتيه على شكل عمولات كحال سابقيه، فبعد توليه مقاليد البلدية خطب في الجموع وكان مما قال:
«لا يمكن أبدا أن تكونَ علمانياً ومسلماً في آنٍ واحد. إنهم دائما يحذرون ويقولون إن العلمانية في خطر.. وأنا أقول: نعم إنها في خطر. إذا أرادتْ هذه الأمة معاداة العلمانية فلن يستطيع أحدٌ منعها. إن أمة الإسلام تنتظر بزوغ الأمة التركية الإسلامية.. وذاك سيتحقق! إن التمردَ ضد العلمانية سيبدأ»
وعن سر هذا النجاح الباهر والسريع قال أردوغان: «لدينا سلاح أنتم لا تعرفونه إنه الإيمان، لدينا الأخلاق الإسلامية وأسوة رسول الإنسانية عليه الصلاة والسلام».
كانت فكرة الزواج حاضرة في ذهنه ولكنه لم يصادف سعيدة الحظ.. قام خطيباً في أحد تجمعات حزب السلامة، وكان في الجمع شابة تركية محافظة خفق له قلبها، وقالت لصديقتها: هذا هو فارس أحلامي الذي رأيته في المنام.
وتتلخص القصة في أن الفتاة «أمينة» ذهبت لهذا التجمع مع صديقتها الكاتبة التركية الإسلامية «شعلة بو كسلشنر» وقالت لها في الطريق: لقد رأيت في المنام شاباً وسيماً فصيحاً بليغاً يقف خطيباً أمام الناس، رأيته فارس أحلامي وأبا لعيالي، وسأبذل جهدي في البحث عنه.
عندما وقف أردوغان خطيباً خفق قلبها وانفرجت أساريرها عن فرحة غامرة، وضغطت على يد صديقتها الكاتبة قائلة: إنه هو! انظري إليه إنه فارس أحلامي الذي ظهر لي في المنام.
تزوج الشابان «رجب وأمينة» في 4 يوليو 1978م، وسارا على درب واحد ببنيان أسرة مثالية ويشاركان في عملية البناء الوطني. ورزقا ولدين وبنتين. أحد الأولاد اسمه نجم الدين تيمناً بالزعيم نجم الدين أربكان، وإحدى البنات تتلقى دراستها حالياً في أمريكا، حيث لم يسمح لها بالدراسة في الجامعات التركية وهي ترتدي الحجاب، لم يتردد اوردغان في إرسال بناته لأمريكا لإكمال تعليمهن، بعد أن أغلقت الأبواب أمامهن داخل تركيا بسبب ارتداء الحجاب، ولم يلتفت للحملة الإعلامية الشرسة التي تعقبته أثناء ذهابه للحج أو العمرة مع زوجته المحجبة، حيث راحت تستهزئ به أثناء دراسته بالمدرسة الابتدائية سأل مدرس التربية الدينية طلابه عمن يستطيع أداء الصلاة في الفصل ليتسنى لبقية الطلاب أن يتعلموا منه.
رفع رجب يده فناوله المدرس صحيفة «جريدة» ليصلي عليها. رفض الطالب رجب الصلاة على الصحيفة، لأن بها صور نساء سافرات.. وأدى الصلاة صحيحة أمام زملائه. دهش المدرس وأعجبه تصرف الطالب الصغير فأطلق عليه لقب «الشيخ رجب».
والتحق رجب طيب اوردغان بمدرسة الإمام خطيب الدينية، وواصل دراسته حتى تخرج في الثانوية بتفوق، وانتظم في الدراسة بكلية التجارة والاقتصاد في جامعة مرمرة باسطنبول.
والسيد اوردغان يعد بحق نموذجا للقيادة الواعية، واحد ابرز الإسلاميين الحركيين الفاعلين والمستنيرين على الساحة الدولية. وقد قال ردا على مذبحة أسطول الحرية: «قد تكون صداقتنا قوية وأيضا عداوتنا كذلك قوية» وقال: «لن ندير ظهورنا لغزة» لقد أطلق عددا من الكلمات أشد من الرصاص الذي صبته إسرائيل من قبل على غزة وأمطر به جنودها أجساد من كانوا على ظهر الجميلة «مرمرة»، فهزت كلماته شعوب العالم، وأسمعت من به صمم، وخرجت الأعلام الحمراء في مختلف بلاد العالم تشيد بشجاعته وجرأته، لأنهم لم ينسوا ما قاله في القمة العربية في سرت بليبيا عندما أسمع العالم لغة جديدة: «نحن نريد في هذه المرحلة رؤية نهاية الطريق، وليس خارطة الطريق فالقدس هي قرة عين جميع العالم الإسلامي.. وإن احتراق القدس يعني احتراق فلسطين، وبالتالي الشرق الأوسط برمته ولا يمكن تسوية المشكلة في ظل الاعتداءات الإسرائيلية». وأضاف: «تعالوا لنحطم الأحكام المسبقة ونعدل الصور والأفكار الخاطئة المتعلقة بنا.. تعالوا لنؤسس معا مستقبلا يؤسس بين الحضارات، وليس فيه صراع بين الحضارات، وبهذا المنظور لا أحد يستطيع الزج ب «الإسلاموفوبيا» في العالم الإسلامي.. ومن يتهمنا بذلك يرتكبون جرائم إنسانية» هذه الكلمات القوية لم يجرؤ أحد من القادة العرب والمسلمين التفوه بها، وهو ما جعل شعوبنا من المحيط الى الخليج ترى في الرجل صلاح الدين الأيوبي الجديد القادم من جبال الأناضول لتحرير فلسطين السليبة، ولذلك فإن موقفنا المتخاذل من قضية شعبنا الفلسطيني تستحق منا توقفا ومراجعة للنفس، اذا لا يعقل أن ننتظر من الاوربيين والأتراك أن يحرروا القدس من أيدي الصهاينة، ونحن نعجز حتى عن صياغة بيانات شجب وأدانة لأفعال المحتل الصهيوني، ويجتمع قادة الأمة العربية بعد فوات الأوان ثم لا يصدرون سوى بيان باهت مثل وجوههم، يقدم الهدايا والجوائز للصهاينة نظير قتلهم لأهل غزة وكل من يحاول التعاطف والتضامن مع قضيتهم، لماذا لا تسير كل دولة عربية سفينة مثل «مرمرة» تحمل فيها شبابنا العاطل ليجدوا وظائف تقودهم الى الجنة طالما لم يجدوا في أوطانهم عيشا كريما، لماذا لا يمول المقتدرون وأثرياء الأمة سفن دعاة الحرية من الغربيين وغيرهم لكسر الحصار، كيف يتسنى لأولئك المتخمين السمان وضع أموالهم في البنوك الخارجية ويبخلون بها على الجوعى من بني جلدتهم لتكوي بها جباههم وجنوبهم يوم لا ينفع مال ولا بنون الا من أتي الله بقلب سليم، وكيف يقابل هؤلاء الله بقلوب سليمة وهم لا يحسون بمعاناة أهل غزة، وانينهم تحت سياط جلاديهم من الصهاينة البغاة ؟ وأذكر أن الإمام الخميني عليه الرحمة قال ذات يوم لو حمل كل مسلم علبة ماء صغيرة بحجم علبة الصلصة لأغرقنا إسرائيل، لكن أين تلك الأيادي التي تحمل علب الصلصة؟ للأسف صارت أيادينا ترتجف وترتعب خوفاً من بطش الصهاينة، وصارت لا تجيد حتى رفع الدعاء الى عنان السماء بأن يزيل ما بنا من غمة. لكن مهما يكن من أمر فلا بد من توجيه التحية لتركيا وقيادتها الواعية الشجاعة، والخزي والعار لقادتنا، ويبدو أن شعوبنا أصابها ما أصاب حكامها، ولا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.. فلن يردع خوفنا وهواننا إسرائيل ويثنيها عن مجازرها، ولن يساوي عندها كل العرب والمسلمين جلعاد شاليت، لكنها ترى في أوردغان وبلده أمة جديدة قد ولدت، وربما تؤدي إلى نهايتها بإذن الله.
٭ كاتب وصحافي سوداني مقيم في قطر


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.