قرارات اجتماع اللجنة التنسيقية برئاسة أسامة عطا المنان    تراجع أسعار الذهب عقب موجة ارتفاع قياسية    مناوي : حين يستباح الوطن يصبح الصمت خيانة ويغدو الوقوف دفاعآ عن النفس موقف شرف    عثمان ميرغني يكتب: لماذا أثارت المبادرة السودانية الجدل؟    شول لام دينق يكتب: كيف تستخدم السعودية شبكة حلفائها لإعادة رسم موازين القوة من الخليج إلى شمال أفريقيا؟    الخارجية ترحب بالبيان الصحفي لجامعة الدول العربية    ألمانيا تدعو لتحرك عاجل: السودان يعيش أسوأ أزمة إنسانية    ياسر محجوب الحسين يكتب: الإعلام الأميركي وحماية الدعم السريع    الفوارق الفنية وراء الخسارة بثلاثية جزائرية    نادي القوز ابوحمد يعلن الانسحاب ويُشكّل لجنة قانونية لاسترداد الحقوق    كامل ادريس يلتقي نائب الأمين العام للأمم المتحدة بنيويورك    السعودية..فتح مركز لامتحانات الشهادة السودانية للعام 2025م    محرز يسجل أسرع هدف في كأس أفريقيا    شاهد بالصور.. أسطورة ريال مدريد يتابع مباراة المنتخبين السوداني والجزائري.. تعرف على الأسباب!!    شاهد بالفيديو.. الطالب صاحب المقطع الضجة يقدم اعتذاره للشعب السوداني: (ما قمت به يحدث في الكثير من المدارس.. تجمعني علاقة صداقة بأستاذي ولم أقصد إهانته وإدارة المدرسة اتخذت القرار الصحيح بفصلي)    وزير الداخلية التركي يكشف تفاصيل اختفاء طائرة رئيس أركان الجيش الليبي    سر عن حياته كشفه لامين يامال.. لماذا يستيقظ ليلاً؟    "سر صحي" في حبات التمر لا يظهر سريعا.. تعرف عليه    شاهد بالصورة والفيديو.. المذيعة تسابيح خاطر تستعرض جمالها بالفستان الأحمر والجمهور يتغزل ويسخر: (أجمل جنجويدية)    شاهد بالصورة.. الناشط محمد "تروس" يعود لإثارة الجدل ويستعرض "لباسه" الذي ظهر به في الحفل الضجة    والي الخرطوم: عودة المؤسسات الاتحادية خطوة مهمة تعكس تحسن الأوضاع الأمنية والخدمية بالعاصمة    فيديو يثير الجدل في السودان    إسحق أحمد فضل الله يكتب: كسلا 2    ولاية الجزيرة تبحث تمليك الجمعيات التعاونية الزراعية طلمبات ري تعمل بنظام الطاقة الشمسية    شرطة ولاية نهر النيل تضبط كمية من المخدرات في عمليتين نوعيتين    الكابلي ووردي.. نفس الزول!!    حسين خوجلي يكتب: الكاميرا الجارحة    احذر من الاستحمام بالماء البارد.. فقد يرفع ضغط الدم لديك فجأة    في افتتاح منافسات كأس الأمم الإفريقية.. المغرب يدشّن مشواره بهدفي جزر القمر    استقالة مدير بنك شهير في السودان بعد أيام من تعيينه    مكافحة التهريب بكسلا تضبط 13 ألف حبة مخدرات وذخيرة وسلاح كلاشنكوف    كيف تكيف مستهلكو القهوة بالعالم مع موجة الغلاء؟    4 فواكه مجففة تقوي المناعة في الشتاء    اكتشاف هجوم احتيالي يخترق حسابك على "واتسآب" دون أن تشعر    ريال مدريد يزيد الضغط على برشلونة.. ومبابي يعادل رقم رونالدو    رحيل الفنانة المصرية سمية الألفي عن 72 عاما    قبور مرعبة وخطيرة!    شاهد بالصورة.. "كنت بضاريهم من الناس خائفة عليهم من العين".. وزيرة القراية السودانية وحسناء الإعلام "تغريد الخواض" تفاجئ متابعيها ببناتها والجمهور: (أول مرة نعرف إنك كنتي متزوجة)    حملة مشتركة ببحري الكبرى تسفر عن توقيف (216) أجنبي وتسليمهم لإدارة مراقبة الأجانب    عزمي عبد الرازق يكتب: عودة لنظام (ACD).. محاولة اختراق السودان مستمرة!    انخفاض أسعار السلع الغذائية بسوق أبو حمامة للبيع المخفض    ضبط أخطر تجار الحشيش وبحوزته كمية كبيرة من البنقو    البرهان يصل الرياض    ترامب يعلن: الجيش الأمريكي سيبدأ بشن غارات على الأراضي الفنزويلية    قوات الجمارك بكسلا تحبط تهريب (10) آلاف حبة كبتاجون    مسيّرتان انتحاريتان للميليشيا في الخرطوم والقبض على المتّهمين    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (حديث نفس...)    حريق سوق شهير يسفر عن خسائر كبيرة للتجار السودانيين    مياه الخرطوم تكشف تفاصيل بشأن محطة سوبا وتنويه للمواطنين    محافظ بنك السودان المركزي تزور ولاية الجزيرة وتؤكد دعم البنك لجهود التعافي الاقتصادي    الصحة الاتحادية تُشدد الرقابة بمطار بورتسودان لمواجهة خطر ماربورغ القادم من إثيوبيا    مقترح برلماني بريطاني: توفير مسار آمن لدخول السودانيين إلى بريطانيا بسهولة    الشتاء واكتئاب حواء الموسمي    عثمان ميرغني يكتب: تصريحات ترامب المفاجئة ..    "كرتي والكلاب".. ومأساة شعب!    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بائع «كيك السمسم والبطيخ» «الحاج الرئيس» هل يحرر فلسطين..؟!
نشر في الصحافة يوم 09 - 06 - 2010

هل يكفي أن نكافئ الشيخ رجب طيب أوردغان رئيس الوزراء التركي فقط بجائزة الملك فيصل العالمية لخدمة الإسلام التي سلمها له خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز ؟ نظير خدماته الجليلة التي قدمها للإسلام والمسلمين؟ ام ينبغي علينا نحن معشر العرب والمسلمين أن نقدم إليه والى دولته أكثر من ذلك؟ وأيهما كان الأجدر بجائزة نوبل للسلام أوردغان أم الرئيس الأمريكي باراك اوباما الذي لم يستطع بعد عام كامل من الحكم في البيت الأبيض أن يقول لإسرائيل ربيبة أمريكا في المنطقة ودلوعتها، كفي عربدة وصلفا وطغيانا وغرورا. إن المال اليهودي هو صاحب القرار في أميركا وكثير من الدول الغربية، إذن أين المال العربي والإسلامي من هذه المعركة، ألم يكن في مقدرونا تكوين لوبي اقتصادي داخل الدول الكبرى للتأثير على القرار؟
يرى قادة الأمتين العربية والإسلامية اننا لسنا قادرين على خوض معارك حربية مع عدوتنا اللدود إسرائيل، لأننا لم نعد لها ما استطعنا من قوة، ويرون أننا يمكن بل من المؤكد سوف نخسر أية معركة معها لا محالة، ولا يرى هؤلاء أن ما فعله حزب الله ضد إسرائيل يؤهلنا للمغامرة بحرب مع العدو الصهيوني، لكن مهما كانت مبررات هؤلاء الاستسلاميين والانهزاميين يجب أن تكون معركتنا معها «إسرائيل» يجب أن تكون معركة عمل متواصلة، معركة انجاز، معركة تطور وتعليم مستمرة، لقد تركنا مركب الحضارة والشفافية والإصلاح والانجاز، ولم نبحر فيه، وهو ما جعلنا نخسر معاركنا كلها رغم اننا أمة القرآن أمة اقرأ، الأمة التي وصفها الله تعالى بأنها خير أمة أُخرجت للناس، لذلك كان طبيعيا أن نفرح لمجرد أن أحفاد العثمانيين الجدد، حاولوا كسر حصار جائر ظالم على إخواننا في غزة، لكننا ونحن نتقزم ونتقهقر لم نحسن حتى التعبير عن الفرح، فكانت مسراتنا خجولة وبائسة، وتضامننا مع الذين استهدفتهم الآلة الحربية الإسرائيلية الغاشمة، كان تضامنا صوريا محنطا لا روح فيه ولا صدق، سيدة تركية يموت زوجها المجاهد في أحضانها في عرض البحر الأبيض المتوسط، بعد أن أمطره جنود العدو الصهيوني، وصبوا جام رصاصهم على جسده الطاهر، وأمطروه نارا شيعت روحه السمحة الى بارئها مع دعوات من كانوا على ظهر السفينة «مرمرة» وهي بالمناسبة تحمل اسم ذات الجامعة التي تخرج فيها السيد رجب طيب أوردغان، هذه السيدة تقول وهي تحتضن زوجها الشهيد المضرج بالدماء القانية إن مصابها لا يساوي شيئا أمام معاناة أهالي غزة الذين تقتلهم إسرائيل بشكل بطئ كل يوم أمام سمع وبصر كل سكان العالم، ونساء المسلمين والعرب يقدمن العري الساخن ومشاهد الجنس الرخيص على شاشات الفضائيات التي لم يرتق معظمها الى مستوى التحديات التي تجابه الأمة، وقادتنا الا من رحم ربي يخشون حتى من الإدانة والشجب للجريمة النكراء، ولا زالوا متمسكين بمبادرتهم البائسة كأنها كتاب مقدس، انزل على نبينا محمد أو موسى او عيسى أو داؤود، فلكم أعزائي القراء أن تتصوروا حجم صرف العرب على سفاسف الأمور ودنايا المقاصد من خلال الإحصائيات أدناه:
الحصيلة الشهرية من الرسائل الخلوية، التي تظهر على الشريط الموجود أسفل الشاشة في بعض القنوات الفضائية العربية التي لا رسالة ولا هدف لها سوى تضليل الشباب العربي، تقارب «8» ملايين دولار!
تكلفة إنتاج الفيديو كليبات الخاصة بأغاني التعري والفن الهابط في العالم العربي تقارب «16» مليار دولار سنويا.
مجموع الدخل السنوي للخادمات في البيوت العربية هو «35» مليار دولار، أي ما يقارب «3» مليارات دولار شهريا..!!
مجموع ما تنفقه المرأة العربية على مستحضرات التجميل في السنة الواحدة هو «2» مليار دولار «منها 1.5 مليار حصة المرأة الخليجية»..!!
مجموع ما تنفقه الدول العربية مجتمعة على البحث العلمي هو «1.7» مليار دولار سنويا، أي ما نسبته «0.3%» فقط من الناتج القومي الإجمالي.
«للمقارنة: في فرنسا 2.7%، السويد 2.9%، اليابان 3% «أي 10 أضعاف ما تنفقه الدول العربية مجتمعة»، وفي إسرائيل 4.7% حسب إحصائيات اليونسكو لسنة 2004م».
عدد العاطلين عن العمل في مملكة النفط يقارب النصف مليون مواطن سعودي، أي ما نسبته «10%» من مجموع السكان.
عدد الأميين في العالم العربي يفوق ال «100» مليون، يعني ثلث العرب لا يستطيعون القراءة ولا الكتابة.
والمواطن الأمريكي يقرأ« 11» كتابا في السنة والأوربي يقرأ « 7 » كتب، أما العربي الذي ينتمي لأمة اقرأ فيكتفي بربع صفحة في العام.
ليس هذا فحسب بل أن هناك 30 الف مصري هجروا بلدهم وتزوجوا باسرائليات، لم لا فهن كتابيات وشقراوات، ولا يهمهم سحب جنسياتهم طالما هم يكثرون من نسل الصهاينة، لم يقل احد منهم أنه جعل زوجته تدخل الإسلام، ولا يهمه أن يصبح ولده أو بنته يهودية ومتصهينة، وفي وقت تتصاعد فيه الدعوات عالميا لكسر الحصار تفتح مصر معبر رفح على استحياء، انحناءً لعاصفة تهب على إسرائيل وتلفح وجوه قادتها القميئة، وسوف تتحين الفرص وتبحث عن أي سبب لإغلاقه مجددا، فالعدو في نظر النظام الحاكم في مصر ليس إسرائيل إنما حماس التي يرونها امتدادا لحركة الإخوان المسلمين التي يضيقون عليها منذ عقود، أين علماء الأمة وما دورهم في تحريض شعوبهم النائمة، يقولون أنهم ربما يسيروا سفينة في الخامس عشر من يوليو المقبل، إذا وجدوا من يمولها، أين الصحافيون الشرفاء ولماذا لم يشاركوا في تلك السفن التي تحاول كسر الحصار على غزة؟ يقولون إنهم مشغولون بلقمة عيشهم ويصارعون أنظمة استبدادية لا تقل في بطشها عن إسرائيل، تضعهم في السجون وتعذبهم عذابا نكرا، لذلك فهم يطلبون من أهالي غزة ان يلتمسوا لهم العذر، أين أساتذة الجامعات وأهل الثقافة والفن والقريض؟ يقولون: إنهم لا يستطيعون مبارحة مدارج كلياتهم، لأنهم يسابقون الزمن في اللحاق بإسرائيل وأمريكا وأوربا في التطور العلمي، ويرون أن ركوب سفن الحرية مضيعة للوقت، وأنه بالعلم والعلم وحده سوف يهزمون إسرائيل بعد خمسمائة عام من الآن تقريبا، أما المثقفون فيرون أن الكتابة عن البطيخ الذي كان يبيعه السيد رجب طيب اوردغان عندما كان يافعا مع كيك السمسم لمساعدة والده العامل البسيط في خفر السواحل، أفضل من المشاركة في تلك السفن العبثية، كون البطيخ مفيد في حرارة الصيف ويرطب الأكباد، في زمن الفجائع، والسمسم مفيد هو الآخر كونه خال من الكولسترول الضار بصحة القلوب، أما الشعراء الذين يتبعهم الغاوون والذين هم في كل واد ومحفل هائمون، فهم أيضا مشغولون في وصف الفاتنات، وبالكتابة عن جمال البحر الذي ابحرت فيه السفينة «مرمرة» سيما بعد اختلاط دماء الشهداء بزرقته. ولعلهم الوحيدون القادرون على تصوير مشاهد الصراع بين أولئك المتضامنين الذين القي بهم في عرض واسماك القرش التي التهمتهم. وقد ينبري لنا أناس ويصفوننا بالجهل، فيقولون لنا انه لا توجد اسماك قرش في مياه المتوسط، إنما تماسيح نيلية مسالمة تماما كالجنود الاسرائيليين الذي فعلوا ما فعلوا بالمتضامنين دفاعا عن النفس، ليس الا.
لكن تعالوا معي نقرأ سيرة رجل عصامي فريد في عصره معتز بإسلامه ولغته التركية، شجاع وجرئ هو السيد رجب طيب أوردغان الرجل الطيب الذي جعل أحفاد القردة والخنازير يرتعبون.
فالعلاقات الاجتماعية الدافئة من أهم ملامح شخصيته، فهو أول شخصية سياسية في تركيا يرعى المعوقين في ظل تجاهل حكومي واسع لهم، ويخصص لهم امتيازات كثيرة مثل تخصيص حافلات، وتوزيع مقاعد متحركة، بل أصبح أول رئيس حزب يرشح عضواً معوقاً في الانتخابات وهو الكفيف «لقمان آيوا» ليصبح أول معوق يدخل البرلمان في تاريخ تركيا.
ولا يستنكف أن يعترف بما لديه من قصور علمي لعدم توفر الفرصة له للتخصص العلمي أو إجادة لغات أخرى غير التركية، لذلك فقد شكل فريق عمل ضخماً من أساتذة الجامعات والمتخصصين في شتى المجالات للتعاون معه في تنفيذ برامج حزب الرفاه والفضيلة أثناء توليه منصب عمدة استانبول.
ويميزه احترام الكبار وأصحاب التخصص، فهو لا يتردد في تقبيل أيدي أهل الفضل عليه، ومن ذلك أنه أصرَّ على أن يصافح ضيوفه فردا فردا خلال «مؤتمر الفكر الإسلامي العالمي» الذي تبنته بلدية استانبول عام 1996م مما أكسبه احترام العديد من الشخصيات الإسلامية الثقيلة. وانتشل رجب طيب اوردغان بلدية استانبول من ديونها التي بلغت ملياري دولار إلى أرباح واستثمارات، وبنمو بلغ 7% بعد تعيينه رئيسا لها، بفضل عبقريته ويده النظيفة وقربه من الناس، لاسيما العمال ورفع أجورهم ورعايتهم صحيا واجتماعيا، وقد شهد له خصومه قبل أعدائه بنزاهته وأمانته ورفضه الصارم لكل المغريات المادية من الشركات الغربية التي كانت تأتيه على شكل عمولات كحال سابقيه، فبعد توليه مقاليد البلدية خطب في الجموع وكان مما قال:
«لا يمكن أبدا أن تكونَ علمانياً ومسلماً في آنٍ واحد. إنهم دائما يحذرون ويقولون إن العلمانية في خطر.. وأنا أقول: نعم إنها في خطر. إذا أرادتْ هذه الأمة معاداة العلمانية فلن يستطيع أحدٌ منعها. إن أمة الإسلام تنتظر بزوغ الأمة التركية الإسلامية.. وذاك سيتحقق! إن التمردَ ضد العلمانية سيبدأ»
وعن سر هذا النجاح الباهر والسريع قال أردوغان: «لدينا سلاح أنتم لا تعرفونه إنه الإيمان، لدينا الأخلاق الإسلامية وأسوة رسول الإنسانية عليه الصلاة والسلام».
كانت فكرة الزواج حاضرة في ذهنه ولكنه لم يصادف سعيدة الحظ.. قام خطيباً في أحد تجمعات حزب السلامة، وكان في الجمع شابة تركية محافظة خفق له قلبها، وقالت لصديقتها: هذا هو فارس أحلامي الذي رأيته في المنام.
وتتلخص القصة في أن الفتاة «أمينة» ذهبت لهذا التجمع مع صديقتها الكاتبة التركية الإسلامية «شعلة بو كسلشنر» وقالت لها في الطريق: لقد رأيت في المنام شاباً وسيماً فصيحاً بليغاً يقف خطيباً أمام الناس، رأيته فارس أحلامي وأبا لعيالي، وسأبذل جهدي في البحث عنه.
عندما وقف أردوغان خطيباً خفق قلبها وانفرجت أساريرها عن فرحة غامرة، وضغطت على يد صديقتها الكاتبة قائلة: إنه هو! انظري إليه إنه فارس أحلامي الذي ظهر لي في المنام.
تزوج الشابان «رجب وأمينة» في 4 يوليو 1978م، وسارا على درب واحد ببنيان أسرة مثالية ويشاركان في عملية البناء الوطني. ورزقا ولدين وبنتين. أحد الأولاد اسمه نجم الدين تيمناً بالزعيم نجم الدين أربكان، وإحدى البنات تتلقى دراستها حالياً في أمريكا، حيث لم يسمح لها بالدراسة في الجامعات التركية وهي ترتدي الحجاب، لم يتردد اوردغان في إرسال بناته لأمريكا لإكمال تعليمهن، بعد أن أغلقت الأبواب أمامهن داخل تركيا بسبب ارتداء الحجاب، ولم يلتفت للحملة الإعلامية الشرسة التي تعقبته أثناء ذهابه للحج أو العمرة مع زوجته المحجبة، حيث راحت تستهزئ به أثناء دراسته بالمدرسة الابتدائية سأل مدرس التربية الدينية طلابه عمن يستطيع أداء الصلاة في الفصل ليتسنى لبقية الطلاب أن يتعلموا منه.
رفع رجب يده فناوله المدرس صحيفة «جريدة» ليصلي عليها. رفض الطالب رجب الصلاة على الصحيفة، لأن بها صور نساء سافرات.. وأدى الصلاة صحيحة أمام زملائه. دهش المدرس وأعجبه تصرف الطالب الصغير فأطلق عليه لقب «الشيخ رجب».
والتحق رجب طيب اوردغان بمدرسة الإمام خطيب الدينية، وواصل دراسته حتى تخرج في الثانوية بتفوق، وانتظم في الدراسة بكلية التجارة والاقتصاد في جامعة مرمرة باسطنبول.
والسيد اوردغان يعد بحق نموذجا للقيادة الواعية، واحد ابرز الإسلاميين الحركيين الفاعلين والمستنيرين على الساحة الدولية. وقد قال ردا على مذبحة أسطول الحرية: «قد تكون صداقتنا قوية وأيضا عداوتنا كذلك قوية» وقال: «لن ندير ظهورنا لغزة» لقد أطلق عددا من الكلمات أشد من الرصاص الذي صبته إسرائيل من قبل على غزة وأمطر به جنودها أجساد من كانوا على ظهر الجميلة «مرمرة»، فهزت كلماته شعوب العالم، وأسمعت من به صمم، وخرجت الأعلام الحمراء في مختلف بلاد العالم تشيد بشجاعته وجرأته، لأنهم لم ينسوا ما قاله في القمة العربية في سرت بليبيا عندما أسمع العالم لغة جديدة: «نحن نريد في هذه المرحلة رؤية نهاية الطريق، وليس خارطة الطريق فالقدس هي قرة عين جميع العالم الإسلامي.. وإن احتراق القدس يعني احتراق فلسطين، وبالتالي الشرق الأوسط برمته ولا يمكن تسوية المشكلة في ظل الاعتداءات الإسرائيلية». وأضاف: «تعالوا لنحطم الأحكام المسبقة ونعدل الصور والأفكار الخاطئة المتعلقة بنا.. تعالوا لنؤسس معا مستقبلا يؤسس بين الحضارات، وليس فيه صراع بين الحضارات، وبهذا المنظور لا أحد يستطيع الزج ب «الإسلاموفوبيا» في العالم الإسلامي.. ومن يتهمنا بذلك يرتكبون جرائم إنسانية» هذه الكلمات القوية لم يجرؤ أحد من القادة العرب والمسلمين التفوه بها، وهو ما جعل شعوبنا من المحيط الى الخليج ترى في الرجل صلاح الدين الأيوبي الجديد القادم من جبال الأناضول لتحرير فلسطين السليبة، ولذلك فإن موقفنا المتخاذل من قضية شعبنا الفلسطيني تستحق منا توقفا ومراجعة للنفس، اذا لا يعقل أن ننتظر من الاوربيين والأتراك أن يحرروا القدس من أيدي الصهاينة، ونحن نعجز حتى عن صياغة بيانات شجب وأدانة لأفعال المحتل الصهيوني، ويجتمع قادة الأمة العربية بعد فوات الأوان ثم لا يصدرون سوى بيان باهت مثل وجوههم، يقدم الهدايا والجوائز للصهاينة نظير قتلهم لأهل غزة وكل من يحاول التعاطف والتضامن مع قضيتهم، لماذا لا تسير كل دولة عربية سفينة مثل «مرمرة» تحمل فيها شبابنا العاطل ليجدوا وظائف تقودهم الى الجنة طالما لم يجدوا في أوطانهم عيشا كريما، لماذا لا يمول المقتدرون وأثرياء الأمة سفن دعاة الحرية من الغربيين وغيرهم لكسر الحصار، كيف يتسنى لأولئك المتخمين السمان وضع أموالهم في البنوك الخارجية ويبخلون بها على الجوعى من بني جلدتهم لتكوي بها جباههم وجنوبهم يوم لا ينفع مال ولا بنون الا من أتي الله بقلب سليم، وكيف يقابل هؤلاء الله بقلوب سليمة وهم لا يحسون بمعاناة أهل غزة، وانينهم تحت سياط جلاديهم من الصهاينة البغاة ؟ وأذكر أن الإمام الخميني عليه الرحمة قال ذات يوم لو حمل كل مسلم علبة ماء صغيرة بحجم علبة الصلصة لأغرقنا إسرائيل، لكن أين تلك الأيادي التي تحمل علب الصلصة؟ للأسف صارت أيادينا ترتجف وترتعب خوفاً من بطش الصهاينة، وصارت لا تجيد حتى رفع الدعاء الى عنان السماء بأن يزيل ما بنا من غمة. لكن مهما يكن من أمر فلا بد من توجيه التحية لتركيا وقيادتها الواعية الشجاعة، والخزي والعار لقادتنا، ويبدو أن شعوبنا أصابها ما أصاب حكامها، ولا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.. فلن يردع خوفنا وهواننا إسرائيل ويثنيها عن مجازرها، ولن يساوي عندها كل العرب والمسلمين جلعاد شاليت، لكنها ترى في أوردغان وبلده أمة جديدة قد ولدت، وربما تؤدي إلى نهايتها بإذن الله.
٭ كاتب وصحافي سوداني مقيم في قطر


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.