بات المتشردون أبرز ملامح العاصمة. وبالرغم من الاحصائيات الصادرة عن وزارة الرعاية الاجتماعية بالولاية التي حصرتهم في حدود «9» آلاف متشرد إلا أن المراقبين وعلماء الاجتماع يؤكدون أن الأعداد الحقيقية لشريحة المتسولين اضعاف ما ذهبت اليه ارقام الوزارة الولائية، مستدلين برصيف الشارع ومؤشراته في ظل عدم وجود الاحصائيات الرسمية. وبغض النظر عن التباين في الاحصائيات فإن ظاهرة انتشار المتشردين باتت تتصاعد في السنوات الأخيرة، ويعتبرها البعض أبرز مهددات السلام الاجتماعي.. «الصحافة» التي ظلت طيلة الفترة الماضية تطالب بضرورة فتح ملفات التشرد واتخاذ التدابير اللازمة لمواجهتها، تلقت في الأيام الماضية شكاوى من بعض الممارسات التي يقوم بها بعض المتشردين، تقول زينب محمود وهي آنسة في الثلاثين إنها تعرضت لخطف شنطتها اليدوية من قبل متشردين بجوار سينما كلزيوم، وقد فشلت محاولات البعض في تعقب الطفل الهارب. وحول ما تحتويه الشنطة قالت زينب انها تحتوي على اوراقها الثبوتية اضافة الى موبايل ومبلغ مائتي جنيه. ويقول ياسر عبد الرحمن محمد «أعمال حرة» إن المتشردين يساهمون في زيادة معدلات الجريمة. ويرى ياسر إن ارتفاع معدلات النزوح حول العاصمة أسهم في زيادة أعداد المتشردين، خاصة ان النزوح اخرج شريحة كبيرة من دائرة الانتاج، مما أدى لتفكك الأسر وبات الأطفال يخرجون للشارع بلا رقيب، وصاروا صيدا سهلا لمجموعات المتشردين التي تلقفتهم، وباتوا جزءاً من نسيجها. ويرى ياسر أن الاهتمام بالريف يعني القضاء على ظاهرة التشرد، كما ان على السلطات والاجهزة الرسمية اعادة الاجانب الذين يشكلون غالبية المتشردين بشوارع الخرطوم، خاصة ان المتشردين مصابون بامراض عديدة. وتشير محاسن الهادي الباحثة الاجتماعية الى أن اعداداً كبيرة من المتشردين يكونون في حالة من اللا وعي نتيجة ادمانهم بعض المواد المخدرة، مثل السلسيون الذي يشكل خطرا على حياتهم، اذ انه يؤدي للاصابة بامراض الصدر مثل السل وتليف الكبد، مشيرة الى ان تعاطي السلسيون يجعل الاطفال المتشردين في حالة عدوانية فيتحرشون بالفتيات. وطالبت محاسن وزارة الرعاية الاجتماعية بالولاية باصلاح الأوضاع في مجمعات الايواء المعدة لهذه المجموعات، ومواصلة الجهود في اعادتهم لأسرهم. صديق أحمد الهادي من منطقة شرق النيل قال إنه كان شاهد عيان عندما قام أحد المتشردين بالتحرش باحدى الآنسات بالشارع الرئيسي بحلة كوكو. وعندما شعر بخوفها حاول جاهدا ان يرميها ارضا، وقد نجح المارة في ادراك الموقف، وتم تسليم المتشرد الى شرطة حلة كوكو. ويرى صديق ان الجرأة وصلت بهذا المريض للاعتداء على احداهن امام الملأ، ومثل هذه التوجه يمكن ان يتكرر بصورة اخطر ما لم تتدارك الجهات المختصة الموقف. ويرى صديق كذلك أن مراكز الشباب التي شيدتها ولاية الخرطوم أخيراً قادرة على استيعاب واعادة صياغة هؤلاء الشباب، اما تجاهلهم فيعني أننا سنشهد خلال بضع سنوات بروز قبيلة جديدة لا تفرخ غير المجرمين والمتفلتين من قيم المجتمع وموروثه.