تشتهر منطقة « القماير» بمدينة أم درمان بصناعة الفخار وتنتشر فيها العديد من المصانع المخصصة لمزاولة هذه المهنة ، ويمارس العشرات مهنة تصنيع العديد من الأوانى المصنوعة من الطين ، و تعتبر صناعة الفخار فى السودان واحدة من أقدم الصناعات اليدوية التى تواصل صمودها رغم رياح التغيير محتفظة بروادها ومستخدميها. وتمر صناعة الأجسام الفخارية والأوانى بعدة مراحل تبدأ بتشكيلها من الطين ، ومن ثم تترك في الهواء حتى تجف ، وبعدها تدخل الفرن لتبدأ عملية الحرق ، أما الزخرفة فتكون اما عن طريق النقش أو بالصب في القوالب. ويرجح مهتمون دخول صناعة الفخار من مصر الى السودان فى العام 1825 ، وتعتمد مهنة صناعة الفخار على المهارة والسرعة التى يجب أن يتمتع بهما كل من يعمل فى هذا المجال ، انها صناعة تقليدية لكنها تمثل جزءا مهما من حضارة وتراث السودان ، وحتى الآن ما تزال هذه المهنة رائجة ولديها زبائن كثر. وعن التربة المستخدمة في صناعة الفخار ، قال محمد اسماعيل « هناك أنواع معينة من التربة تستخدم في هذه الصناعة ، ونعتمد في صنع الفخار على مادة أساسية وهي التربة الصلصالية ، اضافة الى الماء الذي يلعب دورا أساسيا في التكوين والتذويب ، والفرز، واضافة الألوان المطلوبة. ويشرح احد الصنايعية الذين يعملون فى هذه المهنة منذ سنوات بعيدة مراحل تجهيز الخلطة الطينية المستخدمة لصناعة الفخار ، بالقول « نقوم أولا بخلط التربة بنسب محددة حسب اللون المطلوب ، وبعدها نخلط مزيج التربة بالماء ويسكب في بركة ، حيث يقوم العمال يدويا بتحريك المزيج لتنزل الشوائب والحصى الى قاع البركة ، بعدها ينقل الماء المتبقي مع الرمل الناعم يدويا الى بركة ثانية ، ويجب أن يبقى المزيج في هذه البركة لمدة يومين قبل أن ينقل الى بركة ثالثة وأخيرة وبعد تجهيز الطين يوضع على أحواض كبيرة ، ويقسمه العمال الى قطع بحسب الحجم المطلوب صنعه ، ومن ثم تنقل الى الدولاب اليدوي حيث يجلس الحرفي «المعلم» ليقوم بعملية صنع الفخار ورسم الزخرفات عليه بطريقة الحفر أو استعمال التلوين الزيتي المناسب وعند الانتهاء منها توضع القطعة في مكان مظلل لمدة يومين حتى لا تتشقق ، ومن ثم توضع في فرن حراري درجته 900 حيث تشوى فيه لمدة سبع ساعات قبل أن يطفأ الفرن ، ويبقى الفخار فيه لمدة يومين أو ثلاثة أيام حتى يبرد. ويعتمد أصحاب مصانع الفخار على أفران تعتمد فى عملها على الطريقة القديمة التقليدية باستخدام الحطب ، وتبنى الأفران أيضا من الطين على شكل كوخ مغلق وبه فتحتان ، احداهما أرضية لادخال الحطب واشعال النار فيه ، والأخرى فى أعلى الفرن لاخراج الدخان وتعتبر الازيار من أن أهم الصناعات الفخارية الى جانب المزهريات المخصصة لنباتات الزينة المنزلية ، وأوانى أخرى تستخدمها النساء ومع أن سوق الصناعات الفخارية لا يزال يستقطب عددا لا بأس به من المهتمين بالتراث والموروثات القديمة ، الا أن أصحاب المهنة فى السودان يشتكون من عدة صعوبات تتمثل فى قلة العمال المهرة لمهنة تعتمد أساسا على الخبرة والمهارة العالية. كما أن العائد المادى لصناعة الفخار لم يعد كافيا لمواصلة هذه المهنة ، اذ تباع معظم المنتجات الفخارية بحدود خمسة جنيهات.