يعتزم بنك السودان المركزي اجراء تعديلات على سياسته النقدية خلال النصف الثاني من العام الجاري. وعزا د. صابر محمد حسن محافظ البنك المركزي هذه التعديلات الى انحسار تأثيرات الأزمة العالمية على اقتصاد البلاد وزوال الأسباب التي دعت الى اتخاذ سياسات توسعية خلال العامين الماضيين بضخ مبالغ مقدرة للمصارف وخفض الاحتياطي النقدي مما أثر على معدل التضخم وسعر الصرف بصورة مزعجة خلال الاشهر الماضية، الأمر الذي دعا البنك المركزي الى اعادة النظر في سياسته النقدية ليتوجه نحو سياسة تقشفية، رافضا وصفها بالانكماشية. واعلن د. صابر لمديري المصارف خلال لقائه بهم ان البنك المركزي سيبدأ تطبيق هذه التعديلات بسحب كافة ودائعه لدى المصارف عند حلول أجل سدادها ولن يجري تجديدها. هذا اضافة الى رفع الاحتياطي النقدي القانوني للمصارف بالعملتين المحلية والاجنبية الى 11% بدلا عن 8%، مطمئنا المصارف بأن الزيادة في احتياطياتها بالنقد الاجنبي يمكن دفعها بالمقابل المحلي، ودعا مديري المصارف الى التحسب منذ الآن لنتائج هذه الاجراءات التي ستنعكس مباشرة على السيولة بالمصارف، منبها الى انها ستسري اعتبارا من مطلع يوليو المقبل واوضح د. صابر ان الودائع المستهدفة بالسحب هي التي حصلت عليها المصارف عبر الضخ السيولي المعتاد، مستثنيا الودائع الاسعافية الممنوحة لبعض المصارف التي تعاني من مشكلات وفي جانب النقد الاجنبي، شدد المحافظ على الاستمرار في تفعيل الرقابة وايقاع العقوبات حماية للمصلحة العامة «وردعا لمن يقدمون مصلحتهم الخاصة على المصلحة العامة»، داعيا مديري المصارف الى تحمل مسؤولياتهم في التأكد من التزام مصارفهم بالضوابط الموضوعة للتعامل في النقد الأجنبي، مشيرا الى الاجراءات الاخيرة التي اتخذها البنك المركزي ضد صرافات وموظفين وعملاء بما أدى الى تحسن واضح في أداء الصرافات والتزامها بالضوابط. هذا الى جانب اهتمام البنك المركزي بتوفير موارد اضافية للمصارف التي لديها شح في النقد الاجنبي. وأكد د. صابر ان البنك المركزي يتجه الآن الى تفعيل رقابته على المصارف في مجال النقد الاجنبي، آملا ان لا تضطرهم نتائج التفتيش الى اتخاذ اجراءات كالتي اتخذت في حق بعض الصرافات. وأوضح د. صابر ان معالجات المركزي لمشكلة النقد الأجنبي بدأت من جنوب البلاد بالتعرف على الخلل والثغرات ووضع الآليات المناسبة لتصحيح المسار مما أدى للتأثير ايجابا على سعر الصرف، مؤكدا وجود تجارة عملة مع دول اخرى، وقد بادر البنك المركزي بالاتصال بالبنوك المركزية في تلك الدول والتنسيق الوثيق معها للحد من نشاط تجار العملة السودانيين بها. وفي هذا الجانب ايضا أكد المحافظ ان البنك المركزي سيبدأ بمراجعة ضوابط التعامل بالنقد الأجنبي في عدة جوانب وبالذات في جانب الاستيراد والبوند والاستيراد بدون قيمة وفي المناطق الحرة. وقال د. صابر انه سيطلب من المصارف حصر تعاملاتها في النقد الاجنبي بفروع محددة لا يتجاوز عددها ثلاثة او اربعة افرع للمصارف الكبيرة، وعدد أقل للمصارف الاخرى، موضحا ان المقصود بذلك جميع انواع التعامل في النقد الاجنبي دون استثناء، ومؤكدا على ان المصارف ستعطي الوقت الكافي لترتيب اوضاعها وفقا للنظام الجديد. واشار الى ان البنك المركزي ينسق في هذا الشأن مع الجهات ذات العلاقة مثل وزارة المالية والجمارك ووزارة التجارة الخارجية. وكرر د. صابر توجيهه لمديري المصارف بالوقوف بأنفسهم على تنفيذ المنشورات خاصة تلك المتعلقة بحظر العملاء الذي يعني قطع كافة العلاقات بين العميل المحظور والقطاع المصرفي والتحسب لكل محاولات التحايل على هذا الحظر. مذكرا بان التطبيق المطلوب ليس تطبيق نص المنشور فحسب وانما العمل وفق روحه والأهداف التي أصدر من اجلها، مؤكدا ان ثمرة هذه الاجراءات لا يمكن الحصول عليها ما لم يكن هناك تعاون كامل بين جميع الاطراف.