مناوي: المدن التي تبنى على الإيمان لا تموت    الدعم السريع يضع يده على مناجم الذهب بالمثلث الحدودي ويطرد المعدّنين الأهليين    وزير الطاقة يتفقد المستودعات الاستراتيجية الجديدة بشركة النيل للبترول    المالية توقع عقد خدمة إيصالي مع مصرف التنمية الصناعية    أردوغان: لا يمكننا الاكتفاء بمتابعة ما يجري في السودان    بالصورة.. "حنو الأب وصلابة الجندي".. الفنان جمال فرفور يعلق على اللقطة المؤثرة لقائد الجيش "البرهان" مع سيدة نزحت من دارفور للولاية الشمالية    بالصورة.. "حنو الأب وصلابة الجندي".. الفنان جمال فرفور يعلق على اللقطة المؤثرة لقائد الجيش "البرهان" مع سيدة نزحت من دارفور للولاية الشمالية    أردوغان يفجرّها داوية بشأن السودان    القادسية تستضيف الامير دنقلا في التاهيلي    تقارير تتحدّث عن قصف مواقع عسكرية في السودان    بمقاطعة شهيرة جنوب السودان..اعتقال جندي بجهاز الأمن بعد حادثة"الفيديو"    اللواء الركن"م" أسامة محمد أحمد عبد السلام يكتب: الإنسانية كلمة يخلو منها قاموس المليشيا    وزير سوداني يكشف عن مؤشر خطير    شاهد بالفيديو.. عودة تجار ملابس "القوقو" لمباشرة البيع بمنطقة شرق النيل بالخرطوم وشعارهم (البيع أبو الرخاء والجرد)    مانشستر يونايتد يتعادل مع توتنهام    ((سانت لوبوبو الحلقة الأضعف))    شاهد بالصورة والفيديو.. حكم راية سوداني يترك المباراة ويقف أمام "حافظة" المياه ليشرب وسط سخرية الجمهور الحاضر بالإستاد    شاهد بالفيديو.. مودل مصرية حسناء ترقص بأزياء "الجرتق" على طريقة العروس السودانية وتثير تفاعلا واسعا على مواقع التواصل    بالصورة.. رجل الأعمال المصري نجيب ساويرس: (قلبي مكسور على أهل السودان والعند هو السبب وأتمنى السلام والإستقرار لأنه بلد قريب إلى قلبي)    إحباط محاولة تهريب عدد 200 قطعة سلاح في مدينة عطبرة    السعودية : ضبط أكثر من 21 ألف مخالف خلال أسبوع.. و26 متهماً في جرائم التستر والإيواء    الترتيب الجديد لأفضل 10 هدافين للدوري السعودي    «حافظ القرآن كله وعايشين ببركته».. كيف تحدث محمد رمضان عن والده قبل رحيله؟    محمد رمضان يودع والده لمثواه الأخير وسط أجواء من الحزن والانكسار    وفي بدايات توافد المتظاهرين، هتف ثلاثة قحاتة ضد المظاهرة وتبنوا خطابات "لا للحرب"    أول جائزة سلام من الفيفا.. من المرشح الأوفر حظا؟    مركزي السودان يصدر ورقة نقدية جديدة    برشلونة ينجو من فخ كلوب بروج.. والسيتي يقسو على دورتموند    شاهد بالفيديو.. "بقال" يواصل كشف الأسرار: (عندما كنت مع الدعامة لم ننسحب من أم درمان بل عردنا وأطلقنا ساقنا للريح مخلفين خلفنا الغبار وأكثر ما يرعب المليشيا هذه القوة المساندة للجيش "….")    "واتساب" يطلق تطبيقه المنتظر لساعات "أبل"    بالصور.. أشهرهم سميرة دنيا ومطربة مثيرة للجدل.. 3 فنانات سودانيات يحملن نفس الإسم "فاطمة إبراهيم"    بنك السودان .. فك حظر تصدير الذهب    بقرار من رئيس الوزراء: السودان يؤسس ثلاث هيئات وطنية للتحول الرقمي والأمن السيبراني وحوكمة البيانات    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    غبَاء (الذكاء الاصطناعي)    مخبأة في باطن الأرض..حادثة غريبة في الخرطوم    رونالدو يفاجئ جمهوره: سأعتزل كرة القدم "قريبا"    صفعة البرهان    حرب الأكاذيب في الفاشر: حين فضح التحقيق أكاذيب الكيزان    دائرة مرور ولاية الخرطوم تدشن برنامج الدفع الإلكتروني للمعاملات المرورية بمركز ترخيص شهداء معركة الكرامة    عقد ملياري لرصف طرق داخلية بولاية سودانية    السودان.. افتتاح غرفة النجدة بشرطة ولاية الخرطوم    5 مليارات دولار.. فساد في صادر الذهب    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    الحُزن الذي يَشبه (أعِد) في الإملاء    السجن 15 عام لمستنفر مع التمرد بالكلاكلة    عملية دقيقة تقود السلطات في السودان للقبض على متّهمة خطيرة    وزير الصحة يوجه بتفعيل غرفة طوارئ دارفور بصورة عاجلة    الجنيه السوداني يتعثر مع تضرر صادرات الذهب بفعل حظر طيران الإمارات    تركيا.. اكتشاف خبز عمره 1300 عام منقوش عليه صورة يسوع وهو يزرع الحبوب    (مبروك النجاح لرونق كريمة الاعلامي الراحل دأود)    المباحث الجنائية المركزية بولاية نهر النيل تنهي مغامرات شبكة إجرامية متخصصة في تزوير الأختام والمستندات الرسمية    حسين خوجلي يكتب: التنقيب عن المدهشات في أزمنة الرتابة    دراسة تربط مياه العبوات البلاستيكية بزيادة خطر السرطان    والي البحر الأحمر ووزير الصحة يتفقدان مستشفى إيلا لعلاج أمراض القلب والقسطرة    شكوك حول استخدام مواد كيميائية في هجوم بمسيّرات على مناطق مدنية بالفاشر    السجائر الإلكترونية قد تزيد خطر الإصابة بالسكري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إدارة الجامعة ومؤسساتها
جامعة الخرطوم.. الحاضر والمستقبل «17»
نشر في الصحافة يوم 16 - 06 - 2010

نظم المجلس البريطاني بالخرطوم بالتعاون مع الجامعة في الفترة 1- 3 مارس 2010م مؤتمرا عن تعليم اللغة الإنجليزية في المرحلة الجامعية تحت شعار «جاء وقت التغيير». فقد شدد المؤتمرون على أن الاهتمام باللغة الإنجليزية في الجامعات سيضمن تخرج أجيال أساتذة مقتدرين لتدريسها في مراحل التعليم العام. وقد لاحظت إقبال عدد كبير من خريجي اللغة الإنجليزية على الدراسات العليا فيها، مما يدعوني لأن اقترح على الجامعة والمجلس البريطاني تأسيس معهد للغة الإنجليزية بالجامعة، يحمل اسم الدكتورة غريزلدا الطيب، أرملة البروفيسور عبد الله الطيب، فقد حقق مركز عبد الله الطيب للغة العربية نجاحا في مهامه بفضل من الله ثم بجهود من تداولوا إدارته. ولعل إنشاء صنو لهذا المعهد للغة الإنجليزية يصيب نجاحا مماثلا، فيكون الضلع الثالث في مثلث معاهد الترجمة واللغة العربية واللغة الإنجليزية. وربما ترى الجامعة أن تستفيد من خدمات قدامى أساتذة اللغة الإنجليزية في المدارس الثانوية للعمل في هذا المعهد بنظام الزمالة، ومنهم متمكنون فيها أمثال الأستاذ عبيد خيري، الأستاذ حالياً بجامعة المدينة المنورة بالمملكة العربية السعودية. فأمثاله سيغنون المعهد بخبراتهم. والمثل الإنجليزي يقول المكنسة الجديدة تكنس جيداً لكن القديمة تعرف كل الأركان A new broom sweeps clean, but an old one knows all the corners ومعرفة خبايا «الأركان» في تدريس اللغات مسألة في غاية الأهمية.
وفي مقدمة هموم دول العالم وعلمائها اليوم، قضايا بيئية متصلة بالتغير المناخي والتصحر ونظرة سريعة لاهتمام الرئيس الأمريكي باراك أوباما بهذه القضايا كما يبدو من مؤهلات كبار مساعديه في هذا المجال تقنع المتشكك بأهمية هذه المسائل في عالم اليوم. وفي الجامعة معهدان مهمان معنيان بالقضايا البيئية: معهد الدراسات البيئية ومعهد دراسات التصحر واستزراع الصحراء، والأخير يستضيف كرسي اليونسكو للتصحر. وينشط المعهدان في تنفيذ برامج دراسات عليا بالإضافة لعقد الندوات والمؤتمرات، ويصدر كرسي اليونسكو نشرات قيمة مهمة تدل على الجهد المقدر الذي تبذله إدارته الكفؤة بقيادة مدير الكرسي الأستاذ المرموق البروفيسور مختار أحمد المصطفى، أستاذ فيزياء التربة بكلية الزراعة. لقد سعى الكرسي بنجاح للتنسيق مع الجهات الحكومية المسؤولة عن مكافحة التصحر، والذي هو مهدد أساسي للتنمية الحيوية المستدامة، وشمل عمله حملات توعية بمخاطر التصحر وما هو مطلوب على الصعيد الشعبي لمكافحته في شتى ولايات السودان كما أنه عقد، بدعم من اليونسكو، دورات تدريبية للعاملين في مجال الموارد الطبيعية في كل الولايات المتأثرة بالتصحر. ومطلوب من الجامعة أن تولي تطوير معهدي الدراسات البيئية ودراسات التصحر واستزراع الصحراء اهتماما كبيرا، وان تساند كرسي اليونسكو في مهامه، خاصة أن الدراسات البيئية في مجملها متداخلة مع علوم كثيرة في كليات الجامعة، كما ذكرت عندما تحدثت في حلقة سابقة عن ارتباطها، مثلا، بمناهج كليات العمارة في الجامعات البريطانية. إن أي دعم للقضايا البيئية سيجذب دعما موازيا من هيئات دولية ومنظمات غير حكومية محلية وأجنبية.
ويعبأ معهد الدراسات والبحوث الإنمائية بقضايا تنمية المجتمع، فيربط الجامعة بالمجتمع وجهود تنميته، وغني عن القول إن هذا دور على قدر كبير من الأهمية في المجتمعات النامية. وبالمعهد وحدة للتوثيق والمعلومات، ولقد أسس حديثا بمكتبته، بالتعاون مع البنك الدولي، مركز معلومات التنمية، وهو يمثل مكتبة إقليمية وإيداعية لمطبوعات البنك الدولي بالسودان. وجدير بالذكر أن للمعهد علاقات خارجية واسعة، إقليمية ودولية، مع جهات مختصة في مجالات اهتماماته.
لقد أقدمت جامعة بخت الرضا على خطوة لفتت الأنظار ونالت ثناء عالميا، عندما أسست في عام 1995م كلية لتنمية المجتمع تلتحق بها سيدات ربات بيوت وغيرهن، من مناطق النيل الأبيض، لم ينلن قسطا كافيا من التعليم. وكلية تنمية المجتمع بجامعة بخت الرضا لها مراكز عديدة تتلقى فيها الطالبات دروسا في اللغة العربية والثقافة الإسلامية والعلوم المنزلية والتربية، ويحصلن في نهاية دراستهن التي تستغرق بضعة شهور على شهادات معتمدة من الجامعة. وقد وجدت هذه الكلية إقبالا منقطع النظير من السيدات. وكما ذكرت في مناسبة سابقة، فهذه تجربة يجدر بالجامعة، خاصة معهد الدراسات والبحوث الإنمائية، الاستفادة منها، كما يمكن أيضا الاستفادة من تجارب مماثلة في جامعة الأحفاد.
وتأسس معهد أبحاث السلام بالجامعة والحرب تجتاح جنوب البلاد، فأدى دورا ملحوظا في نشر ثقافة السلام. والآن وقد وضعت حرب الجنوب أوزارها ولاحت تباشير انتهاء حرب أخرى في غرب السودان، فإن ذلك لا يعني تراجع أهمية هذا المعهد. فمع ظهور شبح انفصال جنوب السودان عن الوطن الأم ربما سيتضح أن الحفاظ على السلام أصعب في الواقع من إخماد الحرب. إن كثيرين يتخوفون استنادا على أسباب موضوعية، من ألا يحدث استقرار في شمال السودان إن انفصل الجنوب، كما أن هناك أيضا من يتخوف، مثل الدكتور واني تومبي الأستاذ بجامعة جوبا، من ألا يتحقق الاستقرار في دولة جديدة في الجنوب «واني تومبي: الانفصال ومهددات الاستقرار في جنوب السودان» سلسلة دراسات سودانية، مركز دراسات الشرق الأوسط وإفريقيا 2009م. وفي مقبل الأيام سترنو الأبصار صوب الجامعة، كما تفعل دائما في أوقات المحن والشدائد، تستهدي بحكمتها لتنير لها الطريق. وستحسن الجامعة صنعا إن هى، ممثلة في معهد أبحاث السلام وأساتذتها واتحاد طلابها، بذلت الجهد الجهيد، حتى في هذا الزمن المتأخر، لصد مد مشروع الانفصال. ومع ذلك، سواء ظل السودان موحدا أم لا، سيظل ترسيخ السلام مطلوبا. غير أن هذا لا يمكن، في رأيي أن يتم إلا في وجود الديمقراطية منهجا للحكم وممارسة مسؤولة من الحاكم والمحكومين. إن نشر ثقافة الديمقراطية المنضبطة هى أيضا من صميم مهام معهد أبحاث السلام. فقد أكدت ذلك وثيقة الإعلان العالمي للتعليم العالي في المؤتمر العالمي للتعليم العالي «اليونسكو، باريس 5-9 أكتوبر 1998م» حين ذكرت في بندها الثاني أن من أولويات Priorities التعليم العالي ترسيخ حقوق الإنسان والتنمية المستدامة والديمقراطية والسلام في إطار العدالة Consolidation of human rights, sustainable development, democracy and peace, in a context of justice-. ويمكن أن يدعو المعهد السياسين لندوات وحلقات دراسية تناقش إخفاقات نظم الحكم منذ استقلال البلاد، ووسائل توطين ديمقراطية مبرأة من العيوب التي أودت بها أكثر من مرة، لأننا إن لم نفعل ذلك فسيكون مصير أية ديمقراطية قادمة ذات مصير سابقاتها: الفشل.
لقد سبق أن تحدثت عن مدرسة العلوم الإدارية، ونوَّهت بدورها في تقديم برنامج ماجستير العلوم الإدارية الذي أثبت نجاحه. وتقوم المعاهد والمراكز بدور كبير في البحث العلمي بالجامعة، ويمكن أيضا أن يقوم الباحثون فيها بمهام تدريسية في الكليات التي تقدم مقررات في تخصصاتهم. كذلك تنظم هذه المعاهد والمراكز محاضرات ومعارض وندوات عامة دورية في مجالات اختصاصاتها على غرار ندوة كتاب الشهر التي ينظمها معهد الدراسات الافريقية والآسيوية «وهذا المعهد كان قد نظم لقاءين ناجحين، مؤتمر عالمي عن اللغات الإفريقية وندوة عن العلاقات السودانية البريطانية»، أو مثل ندوة البروفيسور عبد الله الطيب، وهى ندوة نصف شهرية في الأدب العربي يقدمها معهد عبد الله الطيب للغة العربية، ويؤمها الكثيرون من المهتمين باللغة العربية من داخل الجامعة وخارجها، أو مثل محاضرات وندوات معهد الدراسات والبحوث الإنمائية الدورية. وقد درج معهد الدراسات الحضرية على تنظيم معرض سنوي لتلاميذ ولاية الخرطوم تحت عنوان «المدينة بعيون الأطفال» يعرض فيه الأطفال لوحات فنية لمشاهد من المدينة، ويتحدثون عما يتمنون أن يروه من صروح عمرانية فيها، أو عن المشاهد العمرانية التي لا تعجبهم رؤيتها عندما يمرون بها في رحلاتهم اليومية بين المنزل والمدرسة. وفي كثير من الدول المتقدمة «كندا مثلا» يهتم مخططو المدن بمعرفة آراء شرائح مختلفة من سكانها في تخطيطها، ويأتي هذا النشاط لمعهد الدراسات الحضرية الذي ابتكره الأكاديمي المحترم المهندس الدكتور بشرى الطيب، المدير المؤسس للمعهد، في هذا الإطار.
إن نشر الوعي والثقافة العامة في المجتمع عبر المنتديات والإصدارات الثقافية من صميم واجبات الجامعة نحو مجتمعها. وقد أعجبت بتجربة جامعة السودان المفتوحة في نشر الثقافة المجتمعية عبر إدارة للتثقيف والتنوير، ومن بين مهامها إصدار كتيبات دورية علمية ثقافية في حجم «كتيب التعريفة» الذي كان يصدره مكتب النشر بوزارة المعارف السودانية في زمن المربي الكبير الأستاذ عوض ساتي «ليت تلك العهود الذهبية تعود ومعها مجلة الصبيان!». ولعل الجامعة تفكر في الاستفادة من هذه التجربة، خاصة أن القائم على أمرها هو البروفيسور عبد القادر محمود، أستاذ التاريخ واللغة المروية بالجامعة سابقا، الذي احتفت به صحف بريطانية عند تخرجه في جامعة ديرهام، ومن بعد كرمته جامعة الملك سعود حين كان يعمل بها فعينته براتب خاص تقديرا لتميزه في تخصص نادر «ستحسن الجامعة إن هى عينته أيضا بها تعيينا مشتركا Joint appointment أو زميلا». غير أن الإنصاف يقتضي أيضا الإشادة ببرامج علمية ثقافية دورية تنظمها الجامعة، مثل البرنامج الثقافي العلمي في كلية العلوم، وندوات معهد عبد الله الطيب للغة العربية ومعهد الدراسات والبحوث الإنمائية، كما لا بد من تشجيع كلية الهندسة وقد بدأت تقدم برنامجا ثقافيا علميا بها. ويمكن التنسيق في تنظيم مثل هذا النشاط مع عمادة شؤون الطلاب والروابط الطلابية واتحاد الطلاب، لأن الطلاب كانوا دائما ومازالوا مبتدرين للنشاط اللا صفي .وقد كانت كلية العلوم رائدة في الاهتمام بالنشاط الثقافي العلمي، فأنشأت مبنى ليستضيف وحدة لترويج العلوم Popularization of Science وأعدت نظاما أساسيا لها. وأهيب بإدارة الجامعة أن تتجاوب مع هذا المشروع لأهميته وإكراما لكلية العلوم التي ابتدرته.
وقد ظلت قاعة الشارقة تلعب دورا كبيرا كمسرح للنشاط الثقافي والفكري والسياسي في البلاد. إن الإقبال الكثيف على القاعة من الساعين لعقد نشاطاتهم بها يجعلني اقترح على الجامعة النظر في إنشاء أخت لها بكلية التربية تحمل اسم العاصمة «القومية» أم درمان، أو «أم العواصم» كما سماها الشاعر توفيق صالح جبريل، هذه المدينة التاريخية المحبة للفكر والثقافة، والموصولة بوجدان الشعب السوداني. وإن دعت الجامعة المفكرين والخيرين من أهل هذه المدينة «الإمام الصادق المهدي مثلا» لدعم وتمويل هذا المشروع، فستجد من يستجيب لها، ولدينا شواهد على صواب الفكرة في المباني التي شيدها أو وهبها للجامعة السادة صديق ودعة وأصدقاء الشيخ حسن بليل وأسامة داؤود والمهندس محمد أحمد الشيخ وحسن تاج السر وغيرهم من أفاضل الناس.
إن توفير المعلومات عما يجري في الجامعة أمر آخر مطلوب الاهتمام به، وهناك جهتان تقع مسؤولية ذلك عليهما، وكلاهما تتبعان لمكتب مدير الجامعة، الأولى إدارة الإعلام والثانية إدارة شؤون الخريجين.
إن من الممكن أن تبث إدارة الإعلام أخبار الجامعة اليومية عبر شبكة المعلومات لمنسوبي الجامعة، ويشمل ذلك أخبارهم الاجتماعية. إن صدور صحيفة الجامعة التي تحررها إدارة الإعلام بانتظام ضروري، وفي بعض الجامعات تضم هيئة تحرير مثل هذه الصحيفة أساتذة وطلاباً من قسم الإعلام بالجامعة وأمين المكتب الثقافي بالاتحاد، بالإضافة لمدير إدارة الإعلام، وأحيانا يكون رئيس قسم الإعلام بالجامعة رئيسا للتحرير أو مديرا للصحيفة. ومثل هذا الترتيب يساعد في أداء العمل الكبير الذي يقوم به مدير الإعلام في إعداد الصحيفة وإصدارها بانتظام، ويوفر عبر أمين الاتحاد الثقافي شبكة من طلاب مراسلين للصحيفة في الكليات، ويهيئ لطلاب الإعلام ميدانا للتدريب على العمل الصحفي.
إن إدارة الخريجين وحدة مهمة في الجامعات العالمية، حيث يتعدى دورها مجرد إطلاع الخريجين بالبريد والبريد الإلكتروني بما يجري في الجامعة لربطهم بها، مع أهمية هذا الدور، إلى حثهم على المساهمة المادية والمعنوية في دعمها . إن هناك أدلة من كليات الجامعة تثبت استعداد الخريجين للتجاوب مع مثل هذه المبادرات. فقد استنهضت كلية الطب البيطري أخيراً خريجيها فوفروا لها تبرعا أوليا قدره مليون جنيه «جديد». كما أن كلية الهندسة دعت خريجيها لدعمها، وتبشر جهودها بنتائج طيبة جدا. ولا بد هنا أن أذكر أن هذا السعي الحميد كان نتيجة مبادرة من مجلس الجامعة قادها رئيسه الجديد البروفيسور الأمين دفع الله، وهو أمر يحمد له. وما دمنا في سياق الحديث عن جهود كلية الهندسة لاستقطاب دعم خريجيها خاصة والعاملين في المجالات الهندسية عامة، فإن الواجب يقضي أن يذكر بالشكر والعرفان أشخاص وجهات من خارج الجامعة وداخلها قدموا لكلية الهندسة الكثير : المهندس مكاوي محمد عوض، المدير السابق للهيئة القومية للكهرباء وعضو مجلس الكلية سابقاً، الذي أهدى قسم الهندسة الكهربائية والإلكترونية محولا كهربائيا وكوابل ومعمل قدرة كهربائية حديثاً، والمهندس مهدي بشير محمد علي، المدير السابق لشركة السكر السودانية وعضو مجلس الكلية سابقا، الذي جهز قاعة ميرغنى حمزة بالكلية تجهيزا كاملا، والمهندس يوسف عوض الكريم، الأمين العام السابق لوزارة التخطيط العمراني، وخلفه المهندس عماد فضل المولي اللذين دعما الكلية في مشروعاتها الإنشائية، وشركة الفريق «م» عثمان إبراهيم General Diesel الهندسية التي تبرعت بمبلغ أربعين مليون جنيه «قديم» لقسم الهندسة المدنية، والمهندس إبراهيم الأمين، مدير هيئة الموانئ البحرية الذي أسس معهد الهندسة البيئية بمبلغ أربعة عشر ومائة مليون جنيه «قديم»، والمهندس حمزة الفاضلابي، المدير السابق لهذه الهيئة الذي تبرع لقسم الهندسة المدنية بعدد كبير من الحواسيب والبروفيسور عبد الرحيم السيد كرار، أستاذ علم الفيروسات بكلية الطب البيطري، الذي يسر بجهد شخصي توفير خمسة وعشرين ألف دولار من شركة الاتصالات سوداتل لمعمل النفط بالكلية. ولا بد من الإشادة بإدارات الكلية المتعاقبة التي أفلحت في تأمين اعتماد مبلغ ستة عشر مليون دولار، معظمها من بنك التنمية الإسلامي، لتطوير الكلية، وقد أطلقت الآن برامج الاستفادة منها.
إن سهولة الاتصال الالكتروني يتيح لإدارتي الإعلام وشؤون الخريجين أداء مهامهما بسرعة ويسر. كما أن إدارة الخريجين تستطيع أن تستفيد من تجارب إدارات مماثلة في الجامعات العالمية، ويحسن بالجامعة أن تبعث لهذه الجهات من وقت لآخر بمسؤولين في هذه الإدارة للتدريب واكتساب الخبرات.
إدارة دار نشر جامعة الخرطوم منوط بها توفير الكتاب الجامعي للطلاب، والحق يقال إنها تفعل ذلك الآن بكفاية عالية وتوفر المراجع، خاصة الأجنبية بأسعار في متناول الطلاب، وزيارة واحدة لمعرض كتبها بشارع الجمهورية ومقابلة مديرها المقتدر الدكتور أحمد حسن قرينات ستقنعك بصدق ما أقول. وحتى يتيسر للطلاب والأساتذة معرفة الكتب المتوافرة فإني اقترح وجود أجنحة بمكتبات الكليات أو أية أماكن أخرى مناسبة بالكليات، تعرض فيها هذه الكتب. ولقد تفضلت دار النشر أخيراً برفد جمعية صناع الحياة الطالبية بمعرض كتب مصاحب لمعرض نظمه طلاب الهندسة الكهربائية والالكترونية في كلية الهندسة، وليت هذا يصبح تقليدا ثابتا في كل معارض ومهرجانات الطلاب الأكاديمية.
وما دمنا نتحدث عن قضايا النشر وحيازة المعرفة، فإني أود أن أشدد «إن كان الأمر يحتاج إلى تأكيد» على أهمية الاستفادة لأقصى حد من شبكة المعلومات الدولية، وبالجامعة شبكة معلومات الكترونية، تديرها إدارة تقانة وشبكة المعلومات في الجامعة، نباهي بها في إمكاناتها وتميز وعطاء قياداتها الإدارية السابقة والحالية «الدكتورة نهى مدثر، ثم البروفيسور سامي شريف، والآن الدكتورة إيمان أبو المعالي» الآخرين. وكمثال فقط لوجه من وجوه هذه الاستفادة اقترح على الجامعة الاشتراك في المجلة العلمية الإلكترونية «العلوم مباشرة Science Direct» التي يبلغ عدد صفحاتها حاليا ما يقارب إحدى عشرة مليون صفحة، وبها كل الاوراق البحثية العلمية البحتة والتطبيقية المنشورة في الدوريات العالمية. وسيكون هذا الاشتراك أعظم هدية تقدمها الجامعة لأساتذتها الصابرين المرابطين، وليتها تخصص أيضا لكل منهم جهاز حاسوب في مكتبه كما تفعل كلية الهندسة، وفوق ذلك أن تهدي الجامعة لكل من ينشر منهم ورقة في دورية عالمية جهاز حاسوب محمول، مرة كل ثلاث سنوات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.