باحث مصري: قصة موسى والبحر خاطئة والنبي إدريس هو أوزوريس    حمّور زيادة يكتب: ما يتبقّى للسودانيين بعد الحرب    أنشيلوتي: فينيسيوس قريب من الكرة الذهبية    هجوم مليشيا التمرد الجمعة علي مدينة الفاشر يحمل الرقم 50 .. نعم 50 هجوماً فاشلاً منذ بداية تمردهم في دارفور    عاصفة شمسية "شديدة" تضرب الأرض    «زيارة غالية وخطوة عزيزة».. انتصار السيسي تستقبل حرم سلطان عُمان وترحب بها على أرض مصر – صور    مخرجو السينما المصرية    تدني مستوى الحوار العام    هل ينقل "الميثاق الوطني" قوى السودان من الخصومة إلى الاتفاق؟    د. ياسر يوسف إبراهيم يكتب: امنحوا الحرب فرصة في السودان    الأمن، وقانون جهاز المخابرات العامة    كلام مريم ما مفاجئ لناس متابعين الحاصل داخل حزب الأمة وفي قحت وتقدم وغيرهم    مرة اخري لأبناء البطانة بالمليشيا: أرفعوا ايديكم    تأخير مباراة صقور الجديان وجنوب السودان    الكابتن الهادي آدم في تصريحات مثيرة...هذه أبرز الصعوبات التي ستواجه الأحمر في تمهيدي الأبطال    شاهد بالصورة.. حسناء الفن السوداني "مونيكا" تشعل مواقع التواصل الاجتماعي بأزياء قصيرة ومثيرة من إحدى شوارع القاهرة والجمهور يطلق عليها لقب (كيم كارداشيان) السودان    بنقرة واحدة صار بإمكانك تحويل أي نص إلى فيديو.. تعرف إلى Vidu    أصحاب هواتف آيفون يواجهون مشاكل مع حساب آبل    الفيلم السوداني وداعا جوليا يفتتح مهرجان مالمو للسينما في السويد    من سلة غذاء إلى أرض محروقة.. خطر المجاعة يهدد السودانيين    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    تفشي حمى الضنك بالخرطوم بحري    بالصور.. معتز برشم يتوج بلقب تحدي الجاذبية للوثب العالي    روضة الحاج: فأنا أحبكَ سيَّدي مذ لم أكُنْ حُبَّاً تخلَّلَ فيَّ كلَّ خليةٍ مذ كنتُ حتى ساعتي يتخلَّلُ!    محمد سامي ومي عمر وأمير كرارة وميرفت أمين في عزاء والدة كريم عبد العزيز    مسؤول بالغرفة التجارية يطالب رجال الأعمال بالتوقف عن طلب الدولار    مصر تكشف أعداد مصابي غزة الذين استقبلتهم منذ 7 أكتوبر    لماذا لم يتدخل الVAR لحسم الهدف الجدلي لبايرن ميونخ؟    أسترازينيكا تبدأ سحب لقاح كوفيد-19 عالمياً    مقتل رجل أعمال إسرائيلي في مصر.. معلومات جديدة وتعليق كندي    توخيل: غدروا بالبايرن.. والحكم الكارثي اعتذر    النفط يتراجع مع ارتفاع المخزونات الأميركية وتوقعات العرض الحذرة    النموذج الصيني    غير صالح للاستهلاك الآدمي : زيوت طعام معاد استخدامها في مصر.. والداخلية توضح    موريانيا خطوة مهمة في الطريق إلى المونديال،،    القبض على الخادمة السودانية التي تعدت على الصغيرة أثناء صراخها بالتجمع    الصحة العالمية: نصف مستشفيات السودان خارج الخدمة    إسرائيل: عملياتنا في رفح لا تخالف معاهدة السلام مع مصر    الجنيه يخسر 18% في أسبوع ويخنق حياة السودانيين المأزومة    تنكُر يوقع هارباً في قبضة الشرطة بفلوريدا – صورة    الولايات المتحدة تختبر الذكاء الاصطناعي في مقابلات اللاجئين    زيادة كبيرة في أسعار الغاز بالخرطوم    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    وزير الداخلية المكلف يقف ميدانياً على إنجازات دائرة مكافحة التهريب بعطبرة بضبطها أسلحة وأدوية ومواد غذائية متنوعة ومخلفات تعدين    (لا تُلوّح للمسافر .. المسافر راح)    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الأحد    دراسة تكشف ما كان يأكله المغاربة قبل 15 ألف عام    نانسي فكرت في المكسب المادي وإختارت تحقق أرباحها ولا يهمها الشعب السوداني    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    العقاد والمسيح والحب    راشد عبد الرحيم: يا عابد الحرمين    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أمس حبيت راسك!    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأدوات التعليمية والمناهج مفتاح تشكيل هوية واحدة
في ندوة «التعليم بالسودان والتعددية الثقافية» «1/2»
نشر في الصحافة يوم 17 - 06 - 2010

استضاف منبر «الصحافة» الدوري بالتعاون مع مركز دراسات المرأة، نخبة من الخبراء والمختصين في مجال التربية والتعليم، للحديث حول التعليم بالسودان والتعددية الثقافية، عبر طرحه للأسئلة «هل تستوعب المفاهيم السائدة في المناهج التعدد الثقافي»، «اتجاهات البحث في السياسة التعليمية هل تعالج حالة المجتمعات المتفاوتة الثقافات والديانات»، «الغايات والاهداف كيفية توحيدها»، «ما هي سلبيات وايجابيات وضع منهج موحد يجمع خلاصة التعدد الثقافي»، «التعدد الثقافي محور يجب مراعاته ام اسقاطه»، «وهل هو مطلوب تقريب القدرات ودمج الثقافات للوصول لسودان موحد اقله عبر المنهج التعليمي».. ونقدم هنا ما دار من تداول حول الموضوع وما قدم من اجابات على الاسئلة.
٭ ثقافة كل السودان:
في فاتحة المنبر تحدث مدير معهد الدراسات الإفريقية والآسيوية بجامعة الخرطوم البروفيسور الأمين أبو منقة، وقال إن الثقافة السودانية الأم هي ثقافة وسط السودان، والذين يتحدثون عن الثقافة السودانية بصيغة المفرد هم ربما يعنون الثقافة الأم، مشيراً إلى أن هذه الثقافة لا تذكر بأية حال من الاحوال ثقافات الاقاليم الاخرى، الثقافة النوبية في الشمال وثقافة النوبة في جبال النوبة وثقافة البجة أو الهدندوة في شرق السودان وثقافة جنوب السودان باقاليمه المختلفة. ويقول ابو منقة إن لكل من هذه الثقافات خصائصها المتميزة، اما الثقافة السودانية الأم فهي ثقافة لكل أهل السودان تقوم على مرتكزات ثقافية عربية اسلامية، والبعض يعتقد أنها كلها ثقافة عربية اسلامية، وهذا غير صحيح.. نعم تقوم على مرتكزات ثقافية اسلامية عربية، غير أنها تتميز في جل مظاهرها عن الثقافة العربية الاسلامية في البلاد العربية الاخرى، فالثقافة العربية السودانية تختلف عن الثقافة العربية الاسلامية الموجودة في مصر والسعودية ولبنان واليمن، ونسبة المكون الثقافي المحلي غير العربي فيها يبدو أكثر بكثير في ما يبدو للعيان، ذلك لانها- أي الثقافة العربية الاسلامية في السودان- قامت باستيعاب مكونات الثقافة المحلية واعادت اخراجها بوصفها ثقافة عربية، ما يعني أن الثقافة العربية الاسلامية اخذت كثيراً من الثقافة المحلية، واستوعبتها واخرجتها في الطابع العربي، وبالتالي تظهر كأنها عربية، ولكن في الواقع هي محلية، لأنك لا تجدها في أي مكان آخر.. وعلى سبيل المثال فقط نحن نعطي نماذج إلى ما تم استيعابه واعادة اخراجه باعتباره ثقافة عربية اسلامية، أولاً اللغة العربية العامية السودانية. فإذا دخلنا فيها نجد انها تغذت بكثير جداً بألفاظ اللغات المحلية بالاخص اللغة النوبية واللغة البجاوية، فالالفاظ التي دخلت وغذت هذه اللغة العامية التي نتحدثها نجد منها كل الالفاظ التي تنتهي بإيق مثل كوريق - عشميق - سفروق - كبكبيق، هذه كلها كلمات نوبية، والبيجاوية مثل شبال - عنكوليب - كبكاب. والبروفيسور عون الشريف قاسم تحدث كثيراً في هذا الجانب. ونحن لا نحتاج إلى التوقف كثيراً في هذا الموضوع.
وتحدث البروف ابو منقة عن عادات الزواج، وقال ان معظم الطقوس المتعلقة بالزواج بجاوية، ابتداءً من الساكويرس والصوت والسبير والسيف وعادة الشبال. والاهم من تلك ان الزوج حتى وقت قريب ينتقل ليعيش في بيت اهل العروس وهي عادة غير عربية، ولا هي في الثقافة العربية، ولا في أي بلد عربي، فالمعروف أن الزوج يتزوج ويأتي بزوجته إلى ديار قومه، أما نحن هنا في السودان والى وقت قريب الزوج يبني في بيت أهل زوجته، وإلى الآن في الشرق العريس يذهب إلى أهل العروس، والعرس في الشرق صعب جداً، لأنه يكون عبارة عن «مسارقة» والعريس يقارب العامين ولا يستطيع أن يدخل بيته، فهذه العادة وغيرها غير عربية.
وأيضا ما يحدث في المآتم بالذات في مسألة الذبائح، صحيح يمكن انتقل الينا الكرم العربي الذي وجد ضالته في العادات الافريقية الآن، وهي اذا توفى الرجل بالذات ترى الذبائح والمشروبات الكحولية، وهذه كلها مسائل قائمة على اسس محلية ولا تجدها في أي مكان آخر، فمثلاً في السعودية نجد الرجل اذا توفى والده يتصل برئيس عمله ويطلب الإذن بأنه سوف يتأخر اليوم. وفي مصر من عاداتهم شراب القهوة من دون سكر في العزاء، أما في السودان فتجد الذبائح، لذلك لا بد من البحث عن القيم المحلية.
ويشير ابو منقة الى عادة الشلوخ، هذه العادة الافريقية مائة في المائة، ويقول في زمن ما عبر التاريخ تم تبنيها من قبل مجموعات عربية، وأخذت مضمونا جديدا، وأصبحت تميز المجموعات العربية، فاصبح للشايقية شلوخ معينة، وللجعليين شلوخ ايضاً وغيرهم، فهذه مسألة تم استخراجها واستيعابها تماماً، واصبحت تخدم عادات عربية اجتماعية صرفة. كذلك عادة الدلوكة والزار، فهذه عادات محلية خالصة كختان الاناث وعادة البطان.
ويؤكد ابو منقة ان كل مجموعة سكانية سودانية استقرت في يوم من الايام أسهمت في ثقافة الوسط ثقافة كل السودان، وهنا يمكن ان اخص بعض الهجرات من غرب افريقيا، وهذه لديها اسهاماتها التي لم ننتبه لها، فمثلا الكيتة الآن أصبح يستقبل بها الرؤساء، ودخلت في عادات الزواج، وايضا الدكوة وهي جذورها افريقية واصبحت سودانية، ووجبة الاقاشي اصبحت لها لوحات مضيئة.
ويقول ابو منقة إن هذه الثقافة لم تتطور بفعل فاعل، بل نشأت بتلقائية وانتشرت و«ما في زول تدخل فيها». مؤكدا اننا لو تركناها كذلك فسوف تستمر، وسوف تخلصنا فيما بعد من الكثير من القضايا، أما بالنسبة للتعددية فإن كل القوانين والأعراف تتفق حول حق الثقافات والمجموعات المختلفة في القطر الواحد، وحقها في البقاء وحقها في التعبير عن نفسها باعتبارها ارثا انسانيا، وقال اريد ان اشير الى ان هذا الحديث مأخوذ من الدكتور ادريس سالم، وهو قد نبه الى ان كل النزاعات السودانية سواء في جنوب السودان أو الشرق أو الغرب أو جبال النوبة والتي وصلت إلى حمل السلاح، ترجع الى التهميش التنموي والاجتماعي والثقافي والمهم الثقافي، مع التأكيد على اهمية الحلول السياسية، إلا ان هذه اذا لم ترتكز على فهم وتحليل الواقع الاجتماعي وخاصة التعدد الثقافي، فقد يكون من الصعب الوصول إلى حلول مستدامة، وبالتالي أية حلول تسقط من حساباتها هذا التعدد الثقافي لا يكتب لها البقاء ولا تكون مستدامة.
وينصح البروفيسور الأمين أبو منقة في ما يختص بالمنهج التعليمي وفي ظل النظام الفيدرالي، بأنه لا بد من مناهج تدرس في المراحل الابتدائية للأطفال في سن «7-10» تأخذ في الاعتبار الثقافات المحلية الاقليمية، وبذلك نكون قد انشأنا اجيالا جديدة يمكن ان تتعاش مع المتغيرات الموجودة في العالم في ظل العولمة.
٭ منظومة القيم والتربية الوطنية:
عميد مرحلة الاساس بكلية التربية بجامعة السودان الدكتورة الشفاء عبد القادر، وبعد ان شكرت صحيفة «الصحافة» ومركز دراسات المرأة، قالت ان برنامج التعليم متعدد الثقافات بدأ في الثمانينيات في الولايات المتحدة الامريكية، وكان يهدف الى خلق مجتمع مثالي يمكن لثقافات متنوعة أن تتعايش فيه باحترام متبادل، ولكن من خلال تجنب الهيمنة او الانصهار ضمن ثقافة مهيمنة. ولكن هذا البرنامج رغم انه قدم خدمات متعددة مثل خدمات المعلومات، العروض في الفصل، التدريب ذي الحساسية الثقافية، تخطيط المناسبات الثقافية.. إلا انه لم يعمر كثيراً، لفشله في عدم اكتمال النموذج ووجود عدم المساواة الاجتماعية، لأنه في الاصل قام بتصميمه الافارقة الامريكان في امريكا للتعايش مع المجتمع الامريكي، وهم جاءوا من ثقافات افريقية متعددة، وامريكا بلد متعدد الثقافات لوجود عدد كبير من السكان الوافدين من مناطق مختلفة بثقافات مختلفة ومجتمعة مع بعض.
وتقول الدكتورة الشفاء بوجود أربعة محاور للتعدد الثقافي في السودان، إذ قالت: لدينا تعدد ثقافي داخلي في داخل الوطن، فكل قبيلة وكل عشيرة وكل بلد لها ثقافاتها والأسرة المختلفة، ولدينا تعدد ثقافي باعتبارنا شعبا مسلما في وسط الدولة الاسلامية، وايضاً العالم الاسلامي متعدد الثقافات، ونحن ايضاً في داخل هذه المنظومة لدينا ثقافتنا المختلفة ليس المتعددة داخلياً، لأنها بذلك سوف تنصهر وتخرج في العالم الاسلامي وفي داخل الوطن العربي، وفي داخل الوطن الافريقي وفي العالم. وقالت: إن التعليم يسقط التعددية الثقافية، فهي للإسقاط وليست ازالة او ابعاداً للتعدد، وانما انصهار هذا التعدد في بوتقة واحدة يتم من خلاله تحقيق اهداف التعليم.
وتجيب الشفاء على السؤال «كيف تنصهر الثقافات داخل المناهج التعليمية» قائلة: أولاً في مناهجنا الآن لا نستطيع ان نضم كل المناهج بكل لهجة وبكل لغة، انما صهرنا هذه اللغات في لغة واحدة هي اللغة العربية، بالتالي أسقطنا تعدد اللغات واللهجات المختلفة لتكون لغة واحدة هي اللغة العربية، ومعها اللغة الانجليزية إلى جانبها، لأنه في بعض مناطق السودان لا يُتعامل مع اللغة العربية، بالتالي اللغتان حتى لا تكون اكثر من مائة لغة للمنهج، فهنالك لغتان هي العربية والانجليزية. ايضاً كل قبيلة وكل جهة لها اعرافها وتقاليدها وقيمها الخاصة، فكلها انصهرت في منظومة العالم الإسلامي بوصفها ثقافة، وفي منظومة العالم العربي الافريقي كل هذه المنظومات نضمنها في القيم المتضمنة في المنهج.
وتشير الشفاء الى اننا اذا رجعنا الى المناهج السودانية نجدها عاملة تماماً بكل القيم ولم تسقط أية قيمة خاصة المنهج المنقح الجديد. وتقول اننا اذا اطلعنا عليه واخضعناه لدراسات وتحليل خاصة بالجامعة، نجد منظومة القيم موجودة ومتضمنة ولم تصهر، لأن المعلم اساساً يجب أن يكون مدرباً على استخدام صهرها وتحويلها الى سلوك داخل الفصل. وتشير الى انها في تحليل المقررات لاحظت وجود الثقافات المتعددة في المقررات، فمثلا الرحل وهي قبائل مختلفة لها عاداتها وتقاليدها، وذلك في مقررات الاساس وقمت بالاطلاع عليه لانه تخصصي، وكذلك الآلات الموسيقية لكل قبيلة موجودة ويصورها معرفة للتلميذ - المدن - الحياة الزراعة بكل طقوسها وتقاليدها، والأشياء التي تصاحب الفيضان والحصاد، فهذه كلها موجودة في منظومة القيم في المقرر التعليمي. ونلاحظ انها تدور حول مواضيع مشتركة بين القبائل في كل أنحاء السودان. والتضامن هذا نجده كثيراً جداً في القصص والحكايات وفي الامثلة في القواعد. وتشدد الشفاء على ان قيم التعايش والتسامح لا بد ان تكون مشتركة بين المسلمين والمسيحيين، الجنوبيين والشماليين في الغرب والشرق، فهي موجودة في اي مكان. واية اسرة سواء أكانت مسلمة او مسيحية تنادي بهذه القيم، وتتمنى أن تكون هذه القيم في ابنائها، وبالتالي لا نقول ان المنهج لا يسقط التعددية الثقافية، وذلك باجماله لها، والمفهوم ليس لدى كذلك، وانما يسقطها بالا تكون منفردة، انما تنصهر لتعطي منظومة واحدة يستطيع كل السودان ان يعمل بها، لكن لا تستطيع ان تصمم منهجا للجنوب ومنهجا للشرق ومنهجا للغرب، فبذلك نكون قد قسمنا أنفسنا منذ البداية، فلا بد أن يكون المنهج موحداً لكل السودان، ومن الأمثلة التي اذكرها دائماً في مسألة التعدد والانصهار في بوتقة واحدة، النيل في السودان يضم بحر العرب - الجبل - الغزال نهر السوباط - النيل الازرق - الابيض - نهر عطبرة، ألم ينصهروا معاً ليكونوا نهر النيل؟ وهذه كانت تعددية لكل نهر على حدة كلها انصهرت وكونت نهر النيل، فالانصهار اصلاً موجود، ولكن التحدث بحساسية في هذه المواضيع تحت تعددية ثقافية مهما كانت التعددية الثقافية، ففي النهاية نحن كلنا نتحدث باسم وطن واحد وديانات واسم افارقة وعرب، ولذلك التعليم سيساعد أكثر في تضمين القيم وابرازها وتحويلها الى سلوك عام، فقط يحتاج إلى تبصرة كثيرة عن التربية الوطنية حتى نستطيع التعامل مع هذه التعددية، ودور الصحافة والاعلام المرئي والمسموع يبرز هذه الموضوعات بصورتها الصحيحة حتى ينشأ هذا الجيل الجديد وهو متشرب بهذه المفاهيم. والمشكلة الآن ان الجيل الجديد غير متشرب بهذه المفاهيم، ونعزو ذلك الى أسباب منها غياب السينما المتجولة، لأن التلميذ عندما يعود الى المنزل يفتح القنوات الاخرى، وأنا اعتقد انه اذا عادت السينما المتجولة لكي تعرض للأطفال في المدارس اشياءهم الثقافية والعلمية والوطنية، سوف نربي الأجيال تربية وطنية سليمة.
٭ غياب السياسة الثقافية:
الاستاذ بجامعة الخرطوم الدكتور ادريس سالم الحسن، قال: إن مسألة الثقافة والتعددية الثقافية مسألة كبيرة وكثيرة الجوانب العصية. وقد اعفاني بروفيسور ابو منقة من الاتيان باشكال هذه التعدديات. وقال ان النقطة التي اشار لها بروف ابو منقة بأن الثقافة السودانية ذات نكهة خاصة تأخذ من المحلية جوانب كثيرة، هي نقطة مهمة للغاية، وبداية كيف يمكن ان تكون لدينا مناهج تربوية مبنية على هذا الاساس؟ والاشارة الى كيف ان التعددية تدخل في المناهج المختلفة، فكما اشارت دكتورة الشفاء فإننا نحتاج الى أن نتعرف على التعددية الثقافية، بجانب كيف يمكن ان نجعل التعددية الثقافية منعكسة في المناهج التعليمية لمجموعات تواجه مشكلة التعددات الثقافية مثلما في السودان، وهل هذه تكون في منهج موحد او مناهج متعددة من ناحية، لكن قبل هذا ما هي الفلسفة التي توجه وضع هذه البرامج، وأنا لا أريد أن ألوم وزارة التعليم العام، لسببين، الاول هو في الاساس لا توجد لدينا اية سياسة ثقافية على أي مستوى من المستويات منذ الاستقلال، فقد كانت تتخذ حسب الموقف والتوجه سواء اكان توجها عربيا اسلاميا أو غيره، مما ادى الى تهميش ثقافات اخرى، وهذا ادى الى تهميش بعض الثقافات، وهذا سبب الكثير من المشاكل حتى في المجتمعات مثل مجتمعات دارفور، فهي مجتمعات اسلامية ذات ثقافة اسلامية، لكن من الواضح أن فهمهم للتوجهات الاسلامية مختلف. وهل العروبة والاسلام شيء واحد ام شيئان منفصلان؟ وهذا واحد من الاسئلة المهمة جدا، فعدم وجود سياسة الثقافة منذ الاساس يسبب مشكلة حقيقية. والشئ الثاني انه لماذا وزارة التعليم او الناس الذين يضعون المقرر يواجهون بمشاكل حقيقية؟ فالظروف التي يمر بها السودان ظروف معقدة للغاية، وبالتالي من الصعب جدا وضع سياسة للمناهج مبنية على التعددية الثقافية من دون أن نعرف الحاصل. مثلا في الجنوب توجد مناهج كينيا ويوغندا، والآن غير معروف مستقبل الجنوب، هل سيتوحد ام ينفصل.. فهذه مشكلة. وناس وزارة التعليم العام هم في وضع ليس من صنعهم، ولكن بالرغم من ذلك هل يمكن أن يكون لدينا منهج قومي في نفس الوقت يعكس التنوع والتعددية الثقافية الموجودة في المجتمعات السودانية وفي انحاء السودان كله؟ فهذا يتطلب ما نسميه عادة بادارة التنوع الثقافي، فالآن وبالرغم من أن اتفاقية السلام تشير الى جوانب كثيرة، لكن الى الآن لم تتنزل إلى ارض الواقع من حيث هل هناك طريقة لادارة هذا التنوع وما يتعلق بادارة المناهج؟ فهذه مسألة اخرى وهذه قضية من القضايا المهمة التي لا بد من معالجتها، وايضا هذه القضية التعددية الثقافية وانعكاسها في المنهج يتطلب رؤية فلسفية، وماذا نعني بالتعددية الثقافية عموما وماذا نعني بالتعددية الثقافية وانعكاسها في المناهج؟ فهل يكون المنهج فيه شكل عام، بمعنى ان يعطي صورة لرؤية قومية يكون داخلها تنوع للمجتمعات مثل ما قال بروف ابو منقة أنت تريد ان توحد الشعور القومي، لكن لا بد ان تعطي كل مجموعة ذاتيتها وخصوصيتها وحرية التعبير عن هذه الذاتية والخصوصية، فهذه مشكلة تتطلب تبادل الآراء، والى حد ما مسائل كهذه لا بد من مواكبة العصر فيها. وايضا دكتورة الشفاء تحدثت عن السينما المتجولة والناس تتحدث عن الانترنت، فمن من الاطفال سوف يشاهد هذه السينما؟ وهذه من القضايا التي يمكن المناقشة حولها، ومنها ما الذي يمكن ان يناسب اطفال هذا العصر؟ وهذه من الاشياء التي يجب الانتباه لها، ويجب أن نكون مقنعين للكبار والصغار، والى اي مدى يمكن عرض هذه الافكار بصورة تتيح لنا رؤية مستقبلية يكون فيها هؤلاء الشباب- الذين سيكونون قادة المستقبل- مؤمنين بالوطن والإنسانية ومقدراتهم الحقيقية، ومؤهلين للاعتراف بالتعددية الثقافية عند الآخرين، وتكون هذه منعكسة في تفكيرهم وخططهم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.