استضاف منبر الصحافة الدوري بالتعاون مع مركز دراسات المرأة نخبة من الخبراء والمختصين في مجال التربية والتعليم للحديث حول التعليم بالسودان و التعددية الثقافية، عبر طرحه للأسئلة (هل تستوعب المفاهيم السائدة في المناهج التعدد الثقافي)، اتجاهات البحث في السياسة التعليمية هل تعالج حالة المجتمعات المتفاوتة الثقافات والديانات)، (الغابات والاهداف كيفية توحيدها)، (ما هي سلبيات وايجابيات وضع منهج موحد يجمع خلاصة التعدد الثقافي)، (التعدد الثقافي محور يجب مراعاته ام اسقاطه)، (وهل هو مطلوب تقريب القدرات ودمج الثقافت للوصول لسودان موحد اقله عبر المنهج التعليمي)، ونقدم هنا ما دار من تداول حول الموضوع وما قدم من اجابات على الاسئلة: الاعتراف بالتباين واحترامه الاستاذة بمعهد اسلام المعرفة الدكتورة رحاب عبد الرحمن المداخلة تحدثت عن مفهوم التعليم كادارة من ادارات التكافل القومي والموضوع ككل، متسائلة عن: كيف نستخدم الادوات التعليمية كأداة تعزز من الوحدة في السودان في ظل الحراك المختلف الانواع في السودان وتقول: كلنا لابد لنا من ان نعترف بان الادوات التعليمية ادوات مهمة جدا و لها دور كبير في تشكيل الوعي السياسي ولها دور كبير في خلق القواعد المشتركة بين ابناء الشعب الواحد ولها دور في تشكيل هوية واحدة لذلك غالبية الدول تهتم بالادوات التعليمية لانها اداة خطيرة وفعالة بكل ادواتها المباشرة وغير المباشرة وقادرة ايضا اذا اسيء فهمها واستخدامها ان تفكك ابناء الشعب الواحد والفجوة وبالتالي ايضا اذا اعترفنا بان في السودان تعدد لابد من ان نعترف بالتباين واحترام الاخرين ويترتب عليه ان يعبروا عن خصوصيتهم السياسية والعقدية والثقافية، وتشير الى ان المتحدثين اكدوا على ان التعددية قضية راسخة في السودان ولابد للتعليم ان يراعي هذه التعددية منبهة الى ان الدكتورة الشفاء ركزت على النموذج الامريكي في تناولها وتقترح الدكتورة رحاب وبما ان الدولة اسلامية وغالبية الثقافة اسلامية العربية لماذا لا نرجع الى الموروثات الاسلامية مثل ان نستصحب دستور المدينة ففي دستور المدينة كان للرسول صلى الله عليه وسلم نموذج من كيانات متعددة عقدية واجناسها لكن التوحد الكبير الذي واجهه انه استطاع ان يخلق من دستور المدينة اداة عملية للتعاون مع كل انواع الطيف السياسي والعقدي الموجودة وركز على قضية واحدة وهي قضية الجماعة السياسية الواحدة فمثلا في اطار التعامل بين المسلمين وغيرهم فعّل مفاهيم جديدة كمفهوم الاخاء واستبعد المفاهيم الموروثة القديمة القائمة على اساس تعصب القبيلة وتطرح الدكتورة رحاب السؤال: هل يمكن من مناهج التعليم ان نرسخ لقيم الاخاء وتشدد على ان المناهج اذا راعت الاخاء سوف يكون ذلك مفيدا سواء كان للمسلمين او غير المسلمين. مشيرة الى ان الدستور رأى ان الكيانات الثانية ليها الحق في الاعتراف بخصوصيتها وكما ذكر الدكتور ادريس سالم عدم الاعتراف وعدم السماح لهم بالاعتراف يؤدي الى حواجز نفسية يمكن ان تخلق مشاكل وغبن اجتماعي يسبب الكثير من المشاكل كما حدث في ازمة دارفور وتقول اننا لو ركزنا على موروثاتنا الاسلامية سنجد فيها ملامح اصيلة تساعدنا في خلق آليات نفعّل بها الوحدة من خلال التنوع وليس من خلال الانصهار لان الانصهار احيانا مؤشر الى نوع من الذوبان او الاندماج والتلاشي والوحدة من خلال التنوع تتيح للاخرين التعبير عن ثقافتهم . وتشير الدكتورة رحاب الى ان التعليم يمكن ان يسقط التعددية وتقول ان الانظمة الحاكمة اذا كانت دكتاتورية يمكن ان تسقط التعددية لانها تكون غير محايدة في مناهجها وفي كل مكونات العملية التعليمية ولن تبرز المكونات المختلفة وانما تركز على جانب واحد اما اذا كانت الكيانات السياسية منشغلة بالصراعات فهذا ايضا يضعف العملية التعليمية ولا يعزز التعليم نفسه وتقول انه اذا كان التعليم منصبا على قضايا التنمية و تعزيز الولاء و ترسيخ قيم الاخوة فانه لا يخدم التعددية بالصورة السالبة وانما يعززها بالصورة الايجابية، مشددة على ضرورة ان يراعي التعليم عصر العولمة وتقول ان المناهج الى الآن في مرحلة الاساس تتحدث عن (غنمي غنمي وقطتي صغيرة) في حين انه في بلدان اخرى يتم تعزيز حب البلد وكيفية قبول الآخر للطفل منذ مراحل مبكرة جدا قبل المرحلة الابتدائية ، وتقول ان التعليم يبدأ من الاسرة وليس من المدارس فقط فاذا عززت الاسرة ثقافة التسامح وقبول الآخر ينشأ الطفل وهو متقبل للآخرين ولا ينفر منهم. التعايش مع التنوع وكيل وزارة التعليم العام الدكتور معتصم عبد الرحيم قال في مستهل حديثه انه لابد له ان يذكر باننا الان تحكمنا اتفاقية السلام الشامل ودستور السودان الانتقالي وفيه ما فيه من حيث اثبات الحقوق والممارسات بالاضافة الى دستور جنوب السودان و15 دستور لكل ولاية من الولايات الشمالية ودساتير الولاياتالجنوبية ال 10 ويقول ان هذا يعتبر تنوعا ثقافيا (فكل ناس عندهم دستور على مستوى ولايتهم مثبت فيه على المستوى الثقافي وعلى مستوى الحقوق الاعتراف بهذا التنوع والعمل على العيش وفقه والدعوة اليه وتربية الاطفال وفق مقتضياته واهدافه) ويقول ان هذا موجود في اتفاقية السلام وكل الدساتير التي تحكم السودان ومنها القانون الذي صدر عام 2001م لتنظيم وتخطيط التعليم العام فهو ايضا فيه مساحة لكل ولاية من الولايات ان تضع في المقررات الدراسية ما تشاء من كل ما له ارتباط بالواقع التاريخي او الجغرافي لها او من قضايا تتعلق بالمواطنين (لكن وضع شرط للولايات اذا وضعت المقرر الذي يضم المحتوى الذي تريد فينبغي في هذه الحالة ان يتم التداول حوله مع المركز القومي للمناهج والبحث التربوي من اجل القضايا التربوية وليس من اجل المحتوى الجغرافي او الثقافي او السياسي). ويمضي الدكتور عبد الرحيم الى تأكيد انه لا يوجد الآن في السودان ما يمنع اي مواطن سوداني من ان يعيش حياته بالطول والعرض مع اختلاف القبيلة والعرق والدين ويستدرك بالقول (لكن المشكلة الحقيقية هي مشكلة كيف نعيش هذا كيف نجعله واقعا) ويتساءل (هل هناك قوة تمنع من يريد ان يعبر عن نفسه) ويقول، لكي نكون علميين علينا ان نحدد اي حالة لاي مجموعة لاي فرد لاي قبيلة حاولت ان تعيش وتأخذ كل الحقوق المضمنة في الدساتير وفي الاتفاقية الشاملة وانها ووجهت من قبل مجموعة اخرى حكومية او غير حكومية ووقفت في وجهها، مؤكدا انه لا يوجد انسان منع من ان يمارس حياته وفق الوضعية التي يعيشها. ويشير وكيل وزارة التعليم الى ان بعض اولياء الامور اتوا الى الوزارة واحتجوا على اجراء الامتحان لابنائهم باللغة العربية وقالوا (لا يمكن ان يتم امتحانهم بنفس اللغة العربية التي يتحدث بها طلاب آخرون منذ ولادتهم او حتى منذ هم في بطون امهاتهم لان دراسات علمية اثبتت ان الطفل يسمع الكلام واللغة وهو في بطن امه) فتم وضع منهج للغة العربية الخاصة يدرس ويجلس للامتحان به في مرحلة الاساس والثانوي من لا يتحدث اللغة العربية منذ الميلاد، مشيرا الى محاولاتهم المستمرة في تسهيل الأمور وتذليل الصعاب، ويقول (انا اتحدث من واقع عملي كوكيل وزارة التعليم العام وفي بعض الاحيان اتى اخواننا الوزراء ومن ذوي المناصب الدستورية من الحركة الشعبية وهم من دعاة الانفصال يأتون الينا في وزارة التعليم العام ويطلبون العون لتقديم خدمات تعليمية في الحلة أو القرية التي ينتمون اليها مش في الولاية ويطلبون اساتذة ومنهج قومي وعربي، ويدفعون الالاف والملايين لشراء الكتب بالمنهج القومي واللغة العربية) ويشير الدكتور معتصم الى وجود اكثر من 350 الف طالب وطالبة يدرسون المنهج القومي ويقول مع انه حصل تعريف للمنهج اليوغندي، والكيني في الجنوب ولكن لا يزال الان 350 الف ولد وبنت في الولاياتالجنوبية وفي اطار التسامح والتسهيل يدرسون بالمنهج القومي مشيرا الى ان بعضهم لا يستطيعون باللغة العربية فهم الكيمياء والفيزياء والرياضيات لذلك بعض الكتب ترجمت الى اللغة الانجليزية ويوضع الامتحان باللغة الانجليزية ويصحح الاجابات الاساتذة المختصين حتى لا يحرم اي طالب سوداني حقه. ويتناول الدكتور معتصم عبد الرحيم الجانب العملي في المسألة ويقول (شاركت في المفاوضات قبل التوقيع على نيفاشا وفي مفاوضات التربية كنت اقود الوفد الذي يمثل حكومة السودان والاخ وزير رئاسة مجلس الوزراء السابق ممثلا للحركة الشعبية وفي واحدة من الخلافات بيني وبين ممثل البنك الدولي وكنا نتفاوض حول ماذا تكون لغة التدريس فكان طرحنا نحن كوفد حكومة ان يتم التدريس في المرحلة الاولى باللغة العملية وقلنا لهم في جوبا مثلا اذا وجدنا فصل من النوير يدرس بلغة النوير واذا كان الفصل فيهو شلك ونوير ودينكا الناس واتفق الناس على التدريس بلغة الدينكا نحن ما عندنا مانع ولو عاوزين تدرسوهم بالانجليزي ما عندنا مانع كوفد حكومي، ونحن نقول انه يجب ان نحتكم للحاجة العملية وهل عندك مدرس يدرس بلغة الهدندوة هل عندك مدرس يدرس بلغة البجا) ويمضي الى تقرير ان هذا عمليا لا يمكن ولكن هذا هو الموقف الفكري ويجب التدريس باللغة التي يوجد بها المقرر والاستاذ وبعد ذلك اهل الطالب يجب ان يقرروا في المرحلة الاولى التي لا يمكن ان يقرر فيها هو ويقول (أرى ان يكون هذا هو المبدأ) مشيرا الى انه من المهم لهم في الوزارة ان يكون الطالب داخل الفصل وان لا يكون في الشارع والسوق (فالهدف هو ان يكون الطالب بالفصل بغض النظر عن اللغة التي يدرس بها) مستشهدا بالآية الكريمة »ومن آياته خلق السموات والارض واختلاف ألسنتكم وألوانكم ان في ذلك لآيات للعالمين« مستنبطا ان التنوع صفة الكون التي خلقها الله ويقول (كون هذا لونه كذا ولسانه كذا هذه آية من آيات الله سبحانه وتعالى فكما خلق شجرة وجبال بالوان مختلفة وازهار خلق الالسن مختلفة كنوع من التنوع الذي في مجمله يأتي باللوحة المتكاملة) مشددا على ان الذين يتسبب لهم اختلاف الالوان واللغات في مشكلة هم من الجهلاء لان الله ختم الآية بالعالمين. ويؤكد الحكتور معتصم عبد الرحيم على ضرورة التعايش مع هذا التنوع ويدعو الى عدم الذهاب الى مسائل القشور ويقول ان هذا موجود في نص الدستور ويجب ان نتعايش مع بعض بالرغم من كل هذا التعدد. مداخلات: في مداخلتها قالت الاستاذة آمنة محجوب سرور من ادارة ادارة التدريب والتأهيل التربوي: ان المشكلة في وجود حساسيات وليس في عدم وجود المدرس المدرب وعدم وجود المرشد، وتقول ان للمعلم الحق في ان يضرب الامثال بالمنطقة والبيئة مشيرة الى ان الكتاب غير مقيد مشددة على ان الحل في وجود معلم مدرب ليعالج النقص الموجود في المقرر منبهة الى اهمية التربية ثم التعليم. وتقول مشاركة بوجود مطالب من البعض بالتدريس بلغات مختلفة تلبي احتياجات المناطق المعينة وترد على ذلك بالقول ان وضع منهج بلغة كل منطقة يتطلب قدرا كبيرا من المال وليس هناك ميزانية لعمل ذلك . وفي مشاركتها تقول نجوى عبد اللطيف ان الغاية العليا من التعليم هي بناء الشخصية وان لم يتحقق ذلك فالعملية التعليمية فاشلة، وتقول ان الثقافة ما هي الا انعكاس للسلوك وينبغي التركيز عليها مشيرة الى ان التعليم ليس فيه ثقافات محلية وكذلك يخلو من قبول الآخر. بينما يذهب الاستاذ عثمان علي عثمان الى وجود تطرف في المنهج ويضرب مثلا بمادة التاريخ حيث نجد المنهج يعكس تاريخ السودان القديم متسائلا عن المعنى من تدريس التركية مثلا، ويقول انه لا بد من تغيير في المنهج يؤدي الى قبول التنوع ويقول انه منذ اتفاقية السلام لو كان وضع منهج يتضمن الفترة من الاستقلال الى الاتفاقية فان ذلك كان سيعكس الهوية السودانية وتاريخ السودان. تعقيب: في عودتها الثانية للحديث تقول الدكتورة الشفاء انها لم تقصد انصهار الثقافات وانما جعلها في بوتقة واحدة وتقول انه لا بد ان نضع لكل واحدة مساحة ولكن توجد اشياء مشتركة مشيرة الى انه لا بد ان يتضمن المقرر تجسيد كل الاشياء السودانية بمختلف مناطق السودان لان الطالب في المدرسة يأتي بشغف لمعرفة المعلومة عكس المنزل وتنبه الى ان المشكلة في المعلم الذي يوصل المعلومة الى الطالب (لذلك لا بد من وجود المعلم المدرب الذي يستطيع ان يربط المقرر بالواقع). وفي تعقيبه يقول الدكتور ادريس سالم ادريس ان الدستور والاتفاقية كلها تركز على التنوع وحرية الثقافة متسائلا: هل توجد آليات وهل توجد رؤيا لتنفيذ مواد الدستور في ارض الواقع؟ مشيرا الى ان اللغات المحلية هي لغات قومية ولا بد للدولة من طريقة لتنفيذ ذلك، مشيرا الى ضرورة الاستفادة من تجارب الآخرين مثل تجربة اثيوبيا ويضيف (لكن المشكلة تبقى قائمة فمن الذي سوف يقوم بذلك على مستوى المدرسة لذلك لا بد من وجود استاذ مدرب). وتدعو الدكتورة رحاب الى استصحاب الخبرات وتشير الى ان المنهج مفتقر الى المواد الثقافية التي تحث الطالب على حب وطنه وتعلق على ما اثير حول دراسة تاريخ الوطن العربي بانه لا بد من وجود الدوائر المتحاضنة ولا بد من الارتباط بالثقافة الاسلامية والعربية والسودانية. وفي تعقيبه على المتداخلين يشير الدكتور معتصم عبد الرحيم الى انهم في الوزارة ومنذ 5 سنوات يحضرون لمؤتمر التعليم للجميع ويقول ان المؤتمر سيضم عددا من الافراد من مختلف الجهات والالوان واللغات و سوف يناقش المؤتمر قضايا التعليم في السودان، ويعلن عن فتح باب الوزارة لاي مقترحات من الاخوة في الصحف ويطلب الوكيل من (الصحافة) ومركز دراسات المرأة الاستمرار في هذا العمل حتى يستفيد منه الاخوة في الوزارة مشددا على ضرورة الوصول الى مقرر موحد يشتمل كل الثقافات.