منذ السنوات وانا اكتب مقالات في الصحف والمجلات في داخل السودان وخارجه عن ضرورة تحقيق الوحدة في السودان وتحقيق التنمية في كافة المجالات وان ننسى خلافاتنا وجراحاتنا في سبيل وحدة السودان وهذه الوحدة هي خط احمر لا يمكن تجاوزها بأية حال من الاحوال ولكن نحن في السودان بكل اسف نفرط في وحدة السودان من اجل تحقيق مصالحنا الذاتية الدنيا ايها السادة امل والم ونهاية والعالم من حولنا يتجه نحو تحقيق الوحدة لاسيما ونحن نعيش في عصر العولمة الذي اصبح فيه العالم عبارة عن قرية كونية صغيرة بالمعنى السيسيولوجي وليس الجغرافي على حد تعبير المارشال مك ماهون الخبير الاتصالي الكندي المعروف لدى العاملين في كافة وسائط الاتصال فالدول الاوربية بالرغم من خلافاتها وحروبها واختلاف لغاتها ادركت اهمية الوحدة حيث وصلت الى استخدام عملة اوربية واحدة «اليورو» باستثناء المملكة المتحدة التي تتمسك بالاسترليني؟، ونحن في السودان ومنذ استقلال السودان للاسف نتحدث كثيرا عن الديمقراطية والتي لم نطبقها في كافة مؤسساتنا التربوية والسياسية ودخلنا في مناقشات بيزنطية هل دخل الاسلام في السودان من الشرق والغرب وهل نحن عرب وافارقة وكان الاجدر ان نعمل لتحقيق الوحدة والانسجام بين كافة القبائل السودانية ومنذ التوقيع لاتفاقية اديس ابابا في عام 2791م من القرن الماضي وقد حضر توقيعها الاستاذ الدكتور منصور خالد والراحل المقيم جعفر محمد علي بخيت والفريق جوزيف لاقو وحكيم السودان ابيل الير يدير الجنوب وممثل الكنائس العالمية واهلنا في الجنوب يديرون شؤون جنوب البلاد ويشاركون في الحكومة المركزية واتفاقية نيفاشا حققت مكاسب كثيرة في كافة المجالات لا يمكن حصرها وبمقتضاها انسحبت القوات المسلحة من جنوب البلاد وعملت الحكومة والشعب في شمال البلاد جعل الوحدة جاذبة ولكن بعض الانفصاليين بكل اسف جعلوا الوحدة مستحيلة وما حدث بعد تحطم طائرة الراحل جون قرنق «ما حدث يوم الإثنين الأسود» واصرار الانفصاليين في الجنوب في تغيير العملة من الدينار الى الجنيه بالرغم من تكلفة طبع العملة الجديدة وكان الاجدر بهم بدلاً من تغيير العملة الاهتمام بالبنية التحتية وانشاء مختلف المدارس والجامعات وتحقيق الوحدة بين مختلف القبائل التي نحترمها ونقدرها ليست بينها لغة مشتركة. ايها السادة الدول لا تنشأ على اساس اللون ولو كان الامر كذلك لعاشت قبيلة الهوتو والتوتسي في رواندا في سلام بالرغم من ان لون هاتين القبيلتين اسود ونحن نحب اللون الاسود!!! وكانت من نتيجة الحرب الاهلية التي نشبت في رواندا ان القيت نصف مليون جثة في البحر حزنت اسماك البحر وتماسيحه!!! الاستعمار البريطاني وكما ذكرت في مقالات عديدة هو الذي اغلق الحدود بين الشمال والجنوب ولم يعمل على انشاء مدارس وجامعات في جنوبنا العزيز وكان من المنطقي ان يطالب النخبة الجنوبية التعويضات والاعتذار من المملكة المتحدة ولكن بعض هذه النخب بكل اسف في ببغائية ممجوجة يلقون اللوم على اخوانهم في شمال البلاد. انا اعيش في شمال البلاد وبالتحديد في قرية سروج واكد ابونا آدم لو جاء في هاتين القريتين لما وجد اي تطور وبالرغم من ذلك الشماليون يتمسكون بوحدة السودان!! وهنا اتساءل: ما هو مفهوم بعض النخب الجنوبية للشمال؟ الشمال ايها الاخوة هو البوتقة التي ينصهر فيها كافة ابناء السودان في جنوب البلاد وشرقه وغربه وجنوبه ونحن ندين بشدة واستنكار لبعض الاصوات التي تنادي في شمال البلاد بضرورة انفصال الجنوب وهؤلاء يمثلون انفسهم ولا يمثلون الشعب السوداني البطل الذي قام باكبر ثورة في التاريخ «الثورة المهدية» وهؤلاء القلة في شمال البلاد لا يعرفون بكل تأكيد قرى شمال البلاد ولا يعرفون شيئا عن معاناة سكان هذه القرى وهم يتحدثون من فنادق خمسة نجوم ويأكلون الكفيار في الوقت الذي لا يجد معظم سكان السودان فتة الفول!!! بعد ان تحدث عن عجزنا في التمسك بوحدة السودان نتحدث في ايجاز عن ما جاء في عنوان هذا المقال ايها السادة كما هو معلوم للكل ان البرلمانات في كافة دول العالم تسن القوانين والتشريعات وهي تطبقها في داخل البلد الذي تنتمي اليه تلك البرلمانات باستثناء الكونجرس الامريكي بمجلسيه الشيوخ والنواب. نحن في السودان لن ننتخب اعضاء هذين المجلسين ولكن الحكومة الامريكية التي اصبحت شرطي العالم تعمل على فرض تشريعاتها وقوانينها في الدول الاجنبية وتتحدث عن ضرورة تطبيق الديمقراطية على طريقتها في الدول العربية ومن بينها السودان، هذان المجلسان ومنذ قيام الانقلاب الانقاذي في السودان فرضا الحصار على الشعب السوداني ويصدران قرارات كثيرة وظالمة لا يتسع المجال لذكرها وهي معروفة للكل بعض النخب في جنوب البلاد وبكل اسف يذهبون لهذين المجلسين ويطالبون بأن يعمل اعضاء هذين المجلسين لفصل الجنوب عن شمال البلاد وهؤلاء يساندهم قلة حاقدة وتخدم المصالح الاسرائيلية ولم يخجلُ هؤلاء الذين ذهبوالهذين المجلسين ولم يحصل في تاريخ العالم وافريقيا ان يذهب الزعماء وبعض المتمردين لهذين المجلسين. ايها السادة الولاياتالمتحدةالامريكية كانت لها الريادة في تجارة الرقيق ولن تسمح للامريكيين من اصول افريقية في تولي اي منصب في كافة المستويات وفي أوائل الستينيات من القرن الماضي لم يكن مسموحا بان يستخدم الامريكيون من اصول افريقية المركبات العامة وحين قام مارتن لوثر كنج بالحقوق المشروعة للامريكيين من اصول افريقية تم اغتياله وهرب الذي قام باغتياله من السجن!! وكما ذكرت في مقالات عديدة على صفحات جريدة الصحافة الغراء ان كندليزا رايس وزيرة الخارجية الامريكية السابقة ذكرت انها في جولتها المكوكية لم تجد في السفارات الامريكية في الخارج امريكيين من الاصول الافريقية. ايها الاخوة من ابناء جنوب بلادنا ان الوحدة في مصلحة اهلنا في جنوب البلاد واما الأحاديث الجوفاء عن بترول الجنوب فآبار البترول لها عمر افتراضي وامريكا التي تحجون اليها تعمل على ايجاد بدائل للبترول!! واقول لبعض الانفصاليين وهم قلة إن الولاياتالمتحدةالأمريكية تخطط لجعل جنوب البلاد مقراً لأفريكم وبعض الإنفصاليين في الجنوب يرحبون بذلك بينما كافة الدول الافريقية رفضت بقوة السماح لافريكم في ارضها. والجدير بالذكر وان الذكر ينفع المؤمنين القلة في شمال البلاد وجنوب البلاد وهم لا يقلون خطورة عن مدام كوكس وسوزان رايس مندوبة الولاياتالمتحدة في الاممالمتحدة والمجموعة السوداء بكل اسف. واتساءل لماذا يذهب بعض الانفصاليين الى الكونجرس الامريكي بينما بمقتضى اتفاقية نيفاشا الاستفتاء في موعده في العام القادم وقد ذكر المشير البشير انه يلتزم بالموعد المحدد. اخيرا اوجه حديثي لكل السودانيين ان انفصال الجنوب بكل اسف سيكون كارثة بمعنى الكلمة لذا يجب علينا جميعا ان نطالب بالغاء اتفاقية ابوجا مع الابقاء على كافة المزايا التي وردت فيها وللدول الافريقية ان انفصال جنوب البلاد سيكون بداية النهاية للاتحاد الافريقي. وعلى الدول العربية ان تؤيد وحدة السودان وترفض انفصال الجنوب. ونقول للدول العربية ان اسرائيل والتي كتبت في الكنيست عبارة «من الفرات الى النيل» لها اطماع في الاستفادة من مياه النيل وفي تفكيك الدول العربية والاسلامية وما يجري في الساحة العربية والافريقية يؤكد في جلاء دور اسرائيل التخريبي. ايها السادة علينا في افريقيا والعالم العربي والافريقي والسودان ان نرى بعيون مفتوحة وليس بعيون الموتى ما يجري الآن في الكونجرس الامريكي وكافة الدول الاوربية هذه الدول ستعترف بالدولة الجنوبية التي لن تتحقق بعون الله بفضل الوحدويين في جنوب البلاد وشماله. والله من وراء القصد خارج النص: نقول في صدق واخلاص لكافة الاحزاب في السودان انه لا قدر الله تم فصل الجنوب عن الشمال سيكون هذا مسؤولية هذه الاحزاب التي وافقت «في منح الجنوب تقرير المصير» وليس الانفصال سيكون مسؤولية المؤتمر الوطني بل هي مسؤوليتنا كلنا والتاريخ سوف لا يرحمنا وعلينا ان نعمل على التمسك بوحدة السودان. الوقت ايها السادة ليس وقتاً للحديث الممجوج عن الانتخابات التي جرت مؤخرا في البلاد التاريخ لا يتكرر ولكن يجب الاستفادة من دلالاته وعبره مع التمسك بايجابياته وترك سلبياته. ونقول للاخوة في الشمال والجنوب عليهم ان يقرأوا بعيون مفتوحة ما قامت به الولاياتالمتحدة من تدمير شامل للعراق وتحججت بوجود اسلحة الدمار الشامل وما تقوم به حاليا بحرب ظالمة في افغانستان. ندعو الله سبحانه وتعالى ان يحقق لبلادنا الاستقرار دكتوراة في فلسفة التربية من جامعة كيندي وسترن الأمريكية