جاء تشكيل الوزارة الجديدة حاوياً نقلة كبيرة للامام فى مجال شؤون حماية البيئة. فالمؤسسات والهيئات التى أصبحت فى التشكيل الجديد ضمن وحدات وزارة البيئة الاتحادية، دليل واضح على تفهم اصحاب القرار لمفهوم البيئة، حيث أن هذه الوحدات الجديدة ستكون إضافة حقيقية للعمل البيئى فى المرحلة القادمة. فصندوق الإسكان والتعمير هو ذراع قوي فى هيكل التنمية العمرانية، والتصحر هو المشكلة البيئية الاولى فى السودان، فوضعها مع البيئة يمركز الخطط والحلول، والارصاد حلقة أساسية فى منظومة البيئة وتغير المناخ وثغب الأوزون، أما الغابات فيكفى ما حدث لها فى الآونة الاخيرة من قطع جائر وإزالة لتحل محلها الابراج الاسمنتية، مما ادى الى تدهور ملحوظ فى مساحاتها وتنوعها الحيوى، والحمد لله الآن عادت هيئة الغابات الى وضعها الطبيعي ضمن وحدات البيئة. وبالنظر الى الخطط والبرامج البيئية على المستوى العالمي، نجدها تعمل جاهدة لإعادة الرقعة الخضراء من الغابات الى مكانها الطبيعى، فالحزام الأخضر العظيم (The Great Green Wall) الذى سينفذ عبر إفريقيا من السنغال الى جيبوتى ماراً بالسودان هو برنامج بيئى سيؤدى تنفيذه الى تحسن المناخ وتقليل الزحف الصحراوي فى هذه المنطقة التى اصابها الجفاف والتصحر. وحقيقة أن قطاع البيئة قد نال فى التشكيل الوزاري الجديد دفعة قوية الى الأمام، وتعدل اسم الوزارة الى «البيئة والغابات والتنمية العمرانية» وأصبحت من الوزارات القليلة فى السودان التى ستدار بثلاثة وزراء نسبة للمهام الكبيرة التى أضيفت الى اعبائها، وهذا دليل على أن مفهوم البيئة وأهميتها اصبح مستوعباً وواضحا لدى متخذي القرار على المستوى الرئاسى، كما أصبحت الوزارة ضمن مجموعة القطاع الاقتصادي فى مجلس الوزراء. فالمطلوب الآن من وزارة البيئة الاتحادية أن تزيد جهدها وتطور سياساتها ونهجها وتراجع هيكلتها وترفع من قدراتها لتواجه اعباءها الجديدة فى المرحلة المقبلة. ومن هنا فإني أشكر كل من ساهم فى اتخاذ هذا القرار و «من لا يشكر الناس .... لا يشكر الله». وعلى المستوى الولائى لا بد أن نشكر د. الخضر والى الخرطوم الذى تقبل الرأي الآخر واستجاب لرغبات البيئيين بإعادة وزارة البيئة الولائية بعد إلغائها وسماها «وزارة البيئة ومرافق المياه». وأضاف اليها ملف الصرف الصحي، فكانت خير إعادة، حيث أن المياه من مكونات البيئة الأساسية «الماء- التربة - الهواء» كما أن الصرف الصحي من المشاكل البيئية التى تحتاج الى مركزية القرار والحلول، فشكرا أخي الوالي، فحقا أنك لم تخذل الجماهير التي أعادت ثقتها فيكم عبر صندوق الانتخابات، فنتمنى لك كل توفيق فى قيادة هذه الولاية. إذن البيئة فى التشكيل الجديد قد كسبت ولم تفقد الا وزيرها السابق د. أحمد نهار، الرجل الطيب المحترم الذى يقدر الصغير والكبير، والذى اصبح واحدا من البيئيين فى السودان، ولم يتخل عنهم حتى بعد حل حكومة الوحدة الوطنية السابقة، فجاء وشارك البيئيين احتفالاتهم بيوم البيئة العالمى، وافتتح معرضهم فى حدائق المقرن. وقد انتقل الآن الى وزارة «الآثار والسياحة والحياة البرية»، وهذه ايضاً من الوزارات ذات الصلة الوثيقة بالبيئة، بل الحياة البرية ومحمياتها الطبيعية إحدى حلقات المنظومة البيئية، فنتمنى له كل توفيق ونجاح فى تكليفه الجديد. ولا بد أن نذكر وزيرة الدولة السابقة المهندسة تريزا سريسيو ايرو التى انتقلت الآن وزيرة للدولة بوزارة الاتصالات وتقانة المعلومات، وكان لها نشاط ملحوظ فى مشاركاتها فى المحافل البيئية الدولية والاقليمية حتى اخذت مكانا مرموقا وسط وزراء البيئة الافارقة، فلها منا التحية والتقدير والتوفيق فى موقعها الجديد. ومن مكاسب البيئة أن آلت قيادة الوزارة الى الوزير المقتدر المهندس/ جوزيف مالوال دينق، ومن مؤشرات أسبوعه الأول أشعر بأن هذا الرجل جدي، وسيحدث طفرة فى هذه الوزارة، ويعاونه وزيرا دولة، الأستاذ مبروك سليم مبروك والأستاذة فدوي شواي دينق. ونحن نأمل كثيراً فى قيادتهم الرشيدة لسفينة البيئة فى المرحلة القادمة، فلهم منا أطيب الأمنيات والتوفيق، ونسأل الله أن نكون لهم سنداً قوياً إن شاء الله. خبير بيئي وزارة البيئة والغابات والتنمية العمرانية