- أبدأ بالدعاء لكم ولحكومة ولاية الخرطوم ومجلسها التشريعى الموقر بالتوفيق فى تحمل المسؤولية الكبيرة التى على عاتقكم فهى أكبر من مساحة مياه النيل التى تحيط بولايتكم... واهنئكم ....بثقة شعب الولاية فى اختياركم لمواصلة مسيرتكم فى التنمية والعطاء..دفعنى للكتابة اليكم تشكيل حكومة الخرطوم والغاء وزارات من بينها وزارة البيئة والاثار. الأخ الوالي مع احترامى الشديد لقراركم الا اننى اري فيه عدم التوفيق فيما يخص الغاء وزارة البيئة والآثار. قبل صدور القرار كنا نحن البيئيون نتطلع لأن تتطور هذه الوزارة لتصبح تحت اسم وزارة البيئة فقط وأن تعود الآثار الي وزارتها الأم مع السياحة والسبب فى ذلك لان البيئة اصبحت مرتبطة بكل منشط ولذا من الافضل أن تكون لوحدها أوتربط بمكونات مناشطها الأساسية مثل « البيئة والموارد الطبيعية - أو البيئة والحياة البرية - أو البيئة والغابات .....» ولكن المفاجأة جاءت فى الغائها كوزارة وان تعود كملف يرعاه وزير رئاسة الولاية مع ملفات أخرى. الأخ الوالي عندما قررت حكومة الوحدة الوطنية بولاية الخرطوم ومجلسها التشريعى انشاء هذه الوزارة كان ذلك نتيجة جهود لسنوات طويلة لاقناعهم للاهتمام بقضية البيئة ورفع ملفها لمستوى وزارة. وان هذه الوزارة البكر والتى اكملت عامها الثانى فقط منذ انشائها استطاعت أن تبنى خلال هذه الفترة القصيرة هياكلها القانونية باصدار قانون حماية وترقية البيئة وكونت اقسامها وعينت كوادرها لتنطلق فى دورها الرئيسي بالرقابة وحماية البيئة واصحاحها ولكن جاء قراركم الان بالغاء هذه الوزارة محبطا ومخيبا لآمال البيئيين وحماتها وعذركم فى ذلك تخفيف الانفاق الحكومى. يؤسفنى عدم اتفاقى مع هذا الرأى فحماية البيئة ليست من الكماليات ليتم الغاؤها وتنشأ وزارات جديدة بدلا عنها. فالدولة التى لاتهتم أو تلتزم بشؤون البيئة ستكون عكس التوجه العالمى الذي جعل من قضية البيئة شغله الشاغل وانشأ لها منظمات عالمية واقليمية ووطنية واتعجب أن تهتم ولاية الخرطوم بقضية الاستثمار الاجنبى وأسأل أى نوع من الاستثمار الذي سيأتى لولاية تلغى وزارة البيئة؟ الأخ الوالي ان دستور السودان الانتقالى لسنة 2005 قد وزع السلطات في مجال البيئة واعطى حكومات الولايات سلطة التنفيذ والرقابة فى مجال حماية البيئة و قد اظهرت الدولة التزامها نحو البيئة بانشائها مجلس أعلي للبيئة والموارد الطبيعية تحت رعاية السيد رئيس الجمهورية عام 1993 ثم وزارة اتحادية عام1995« البيئة والتنمية العمرانية» وأنشأت حكومة الجنوب عام 2005 وزارة للبيئة والحياة البرية فى جوبا، كما أنشأت الانقاذ ضمن ثورة التعليم العديد من كليات ومعاهد الدراسات البيئية والموارد الطبيعية التى يعاني خريجوها الآن من البطالة بسسب تضييق الفرص لمثل هذا القرار. لقد كانت ولاية الخرطوم الاولى بين الولايات الشمالية التى انشأت وزارة ولائية للبيئة ولكن ليست الاولى فى السودان حيث سبقتها ولاية جنوب الاستوائية التى انشأت وزارة ولائية للبيئة منذ تكوين حكومة الجنوب فى عام 2005 وفى الولايات الشمالية جاءت البحر الأحمر فى المرتبة الثانية بعدكم حيث انشأت وزارة للبيئة والسياحة فى عام 2008 وحافظت عليها فى الحكومة الديمقراطية الحالية تأكيدا على التزام ولاية البحر الأحمر نحو قضايا البيئة والتزاما بتوجه الدولة نحو البيئة. والسؤال هل دور وزارة البيئة فى تلك الولايات مطلوب أكثر من ولاية الخرطوم؟ والعكس فولاية الخرطوم هي اكبر الولايات التى تعانى من الضغوط البيئية حيث أنها تحتضن أكبر المناطق الصناعية وبها اكبر توسع عمرانى فى المبانى والطرق والكبارى ومن أكثر المدن التى بها رقعه خضراء يهددها هذا التوسع كما ان الحزام العشوائي السكنى للنازحين الذي يحيط بمدن العاصمة المثلثة كالسوار على المعصم أو يتوسطها كالثوب الجديد المرقع يشكل بيئة فى غاية التدهور وقد تطلعنا خيرا الى انشاء هذه الوزارة عسي ان تكمل اجهزتها الرقابية وتشريعاتها البيئية لتؤدى دورها المطلوب ولكن!!!!! الأخ الوالي الخرطوم الآن تواجه أكبر المشاريع الاستثمارية البيئية ببناء مقالب ومكبات حديثة للنفايات وبناء محارق للنفايات الخطرة والطبية وتواجه أكبر تحد بيئي ببناء شبكات الصرف الصحى والسطحى للمدن الثلاث بجانب مخططات انشاء مدن سياحية وسكنية عملاقة على شواطئ النيل وكباري طائرة على الطرق الكبيرة أو السريعة المهمة ذلك فى نظرى يجعل من أهم الوزارات حاليا هى البيئة، والبني التحتية والاستثمار . ولذا لابد من جهاز ولائي بيئى رقابى وتنسيقى قوى مدعوم بميزانيات وخبرات وكوادر مدربة حتى يمكن المحافظة على التوازن البيئي والتنسيق بين الاستثمار والتنمية وحماية البيئة من أضرارها على المواطن السوداني. وأقول لك أخي الوالي امامك التحدى الكبير قريبا فى هذا الخريف الذى بدأ الآن وقراركم بالغاء وزارات البيئة والبني التحتية سيؤدي ولو مؤقتا الى ربكة شديدة سيكون ضحيتها مواطن العاصمة المثلثة ونتيجتها فوضى في خدمات اصحاح البيئة فى هذا الوقت الحرج ورغم أنكم قد صرحتم باعداد الميزانيات المطلوبة الا أننا نشاهد الآن الاعداد للخريف لايختلف عن سابقه، فأكوام مخلفات تخرج على جوانب المجارى لتعود اليوم الثانى لمجاريها ونفس الأماكن التى غرقت العام الماضى كما هى تنتظر رحمة ربنا هذا العام. الأخ الوالي مازال تشكيل حكومة الخرطوم لم يكتمل والفرصة مازالت متوافرة لحل امر البيئة وعدم رجوعها الى مجرد ملف قد يهجر ويضيع بين العديد من الملفات. والله من وراء القصد....وفقكم الله وزارة البيئة والتنمية العمرانية