٭ هل من المعقول وفي ظل هذه التخمة التي يعيشها الوطن من خدمات الاتصالات الجوالة والثابتة والانفجار الضخم في هذه الثورة التي تمددت كما الأخطبوط في قلب السودان وأطرافه، أن تعيش المنطقة التي تقع في قلبها ما يعرف مجازاً لا حقيقة مدينة الصحافيين بالوادي الأخضر، في عزلة مخجلة وخارج تغطية جميع شركات الاتصالات؟ ٭ وإليكم حقيقة ما حدث خلال الأيام الماضية، فقد علمت أن عدداً غير قليل من أسر الصحافيين ومن بينهم بالطبع أبناء أختي، قد ركبوا اللواري وقبلوا صوب المدينة الواقعة داخل امتداد الوادي الأخضر بشرق النيل، هاربين من جحيم الإيجارات وقسوة المؤجرين ولظى الدولار الذي يجرجر خلفه المسغبة وضنك العيش والنكد، ميممين وجوههم شطر الوادي في رحلة محفوفة بالآمال والآلام والحزن الدفين، واستقرت جموعهم كما اتفق في بيوت أهم ما فيها أنها تستحوذ على أربعمائة متر محاطة بطوب البلك، وهذه محمدة كبيرة تسجل لاتحاد الصحافيين الذي استطاع أن ينتزع لمنسوبيه هذه الأمتار وفي أطراف العاصمة من أفواه تجار الأراضي وسماسرة الجشع. ٭ مدينة الصحافيين عبارة عن جزيرة معزولة ومحاطة بجبال ترابية تقبع تحتها هذه الأحواش. وصدقوني مع إطلالة الخريف الذي يدق الأبواب هذه الأيام، ستكتشفون ذات العبقرية الهندسية السودانية التي أغرقت العاصمة بالأنفاق «عفراء مثلاً» قد غسلت مدينة الصحافيين بنصف سحابة تسقط في نجوع أراضي البطاحين. ٭ مدينة الصحافيين وكما سمعت من عدد من الزملاء، أنها ستصبح منصة إعلامية وبها مركز إعلامي مزود بأحدث ما توصلت اليه تكنولوجيا الاتصالات، خيبت ظني تماماً عندما صمتت فيها جميع هواتف الزملاء الصحافيين في أول ليلة سكن إجباري، وظننت في البداية أن ثمة أخطاء تقنية تواجه هاتفي في السعودية، واستعنت بجوال أحد الزملاء لكنه فشل أيضاً، فرددت المشكلة إلى هاتف محدثي، ثم انتقلت الى هاتف آخر وجربت على جميع الشبكات (زين، سوداني، mtn) وكلها باءت بفشل ذريع، واستفسرت عن حال الشبكة بمدينة الصحافيين من أحد الزملاء بالخرطوم ليصدمني بالخبر الشين «المنطقة ديك ما فيها شبكة يا زول». ٭ حينها أيقنت أن كثيراً من الزملاء الذين يسكنون مدينة الصحافيين بالوادي الأخضر، سيتم الاستغناء عن خدماتهم وسيتوجهون إما لرعي الضأن في سهول البطانة، أو الاعتماد على الزراعة المطرية في البلدات التي تحيط بهم من كل جانب، وبذلك فليفرح الخريجون الجدد ومن هم في طوابير الجلوس لامتحان القيد. [email protected]