لقد ظللت أتابع باهتمام ما يكتبه دكتور عبد الملك محمد عبد الرحمن بصحيفتكم الغراء عن جامعة الخرطوم، في ما يتعلق بمختلف المناشط الاجتماعية والثقافية والعلمية والبحثية، وهنالك جانب مهم اود ان ادلو بدلوي فيه، وهو جانب المختبرات والبحث العلمي. أبدأ فأقول إن المختبرات والبحوث العلمية تتطلب الكثير، وعندما تذكر البحوث العلمية فيجب أن يسبقها إعداد المختبرات بصورة حديثة تتماشى والتقنيات الحديثة، وما لفت نظري في جامعة الخرطوم أنها مؤسسة اكاديمية رائدة وعريقة وتضم نخبة طيبة من أعضاء هيئة التدريس المشهود لهم بالكفاءة عالميا ومحليا، ولكن هناك بعض الملاحظات التي ظلت تؤرقني لفترة طويلة من الزمن، ويمكن أن تساعد في اثراء البحث العلمي والارتقاء بمستويات الطلاب العلمية. فبحكم تخصصي فإن جامعة الخرطوم والجامعات السودانية الاخرى تفتقر الى الكفاءات الفنية العاملة داخل المعامل والمختبرات، حيث أنني اعتقد ان المختبرات هي العمود الفقري في الابحاث والدراسات التطبيقية، وهي ليست مجرد مبانٍ تبنى واجهزة حديثة تستورد، حيث ان هناك فئة مهمة جدا تشكل غيابا كاملا، وهي اهم من المباني والاجهزة، الا وهي فئة التقنيين المؤهلين عمليا واكاديميا. وانا هنا اشير بالتحديد الى تقنيي العلوم SCIENCE TECHNOLOGISTS وما يؤسف له ان كليات المختبرات العلمية محدودة جدا في الجامعات السودانية، مع ملاحظة انها غير معدة الاعداد الصحيح من ناحية المقررات العلمية والعملية وكذا الاجهزة. واذا نظرنا لهذه الكليات في الدول المتقدمة نجد انها كليات متخصصة يقوم بالتدريس فيها اساتذة مدربون على مثل هذه التقنيات بالتركيز على الجانب التطبيقي والأبحاث، واذا نظرنا الى الوراء ما يقارب الخمسة واربعين عاما.. نجد ان جامعة الخرطوم تبنت تأهيل التقنيين بابتعاثهم الى المملكة المتحدة للحصول على المؤهلات التقنية من CITY & GUILDS بالاشتراك مع THE INSTITUTE OF SCIENCE TECHNOLOGY ومدة الدراسة خمس سنوات مقسومة الى جزءين: 1- PART 1 GENERAL (A.I.SC.T) 2- PART 2 SPECIALISATION (M.I.SC.T) مع إتاحة الفرصة أثناء الدراسة للتدريب العملي في مصانع الأجهزة والمعدات المعملية، ولكن مع الاسف الشديد فإن الجامعة قد توقفت عن ابتعاث التقنيين بعد فترة من السنوات، ولقد شهد منتصف ستينيات القرن الماضي الى منتصف السبعينيات تأهيل وعودة عدد كبير من التقنيين على مستوى عالٍ من التأهيل. وجل هؤلاء إما تقاعد او انتقل الى الرفيق الاعلى. في الختام آمل أن تتبنى جامعة الخرطوم إحياء نظم وتأهيل للتقنيين، وإنشاء معهد او كلية تقنية معدة اعدادا تاما لتأهيل هذه الفئة اسوة بكلية المختبرات الطبية. وما الاحظه في هذه الايام وجود اجهزة متعددة ومتقدمة، بينما يقل عدد الذين يمكنهم التعامل معها، مما يقود كثيرا الى تعطلها وعدم كفاءتها ومصداقية النتائج. كبير تقنيين متقاعد جامعة الخرطوم