أمس عند الثانية عشر ظهراً امتلأت قاعة وكالة السودان للأنباء على جنباتها بالإعلاميين والمهتمين بشأن الطفولة، لحضور المؤتمر الصحفي الخاص بإعلان العفو الرئاسي ل(21) طفلاً اعتقلتهم الحكومة في معركة (قوز دنقو) بدارفور، هدأت الأنفاس والحضور يستمعون للمأساة التي كان يرويها الأمين العام لمدعي جرائم دارفور مولانا الفاتح محمد طيفور والأمين العام للمجلس القومي لرعاية الطفولة سعاد عبد العال عن حال أولئك الأطفال، والتي أدت لوفاة (مجتبى أحمد) الذي كان أصغر المعتقلين بعد إصابته بالسل الرئوي وفشل بالكبد، ولأن صحة حماية الأطفال وتوفير أبسط حقوقهم لا يختلف فيها اثنان، لاحق الحضور كل من طيفور وعبد العال بالأسئلة لمعرفة مزيد من المعلومات عن أسباب الوفاة. المعلومات كانت شحيحة من قبلهم، ورأى الحضور أنها لا تروي ظمأ الأسئلة التي تدور بخلدهم، فيما وجد آخرون لهم العذر بحجة أن تدفق المعلومات ربما لا يكون مفيداً وفق تقديرات المنصة التي أكدت أنه تم توفير فريق طبي لعلاجهم منذ أن تم استلامهم لكن حالة الطفل كانت حرجة. الطبيب المعالج للأطفال الذين تم اعتقالهم، محمد موسى قال إن الطفل مجتبى كان يعاني من السل الرئوي وفشل بالكبد ووصل مرحلة متأخرة من المرض، وهذه كانت من أسباب الوفاة، مشيراً إلى أن جميع الأطفال كانت حالتهم مزرية ويعانون من الجوع وحالات جفاف وأنيميا، وكان ضغط دمهم (90 على 60)، وأشار إلى أن أغلب الحالات كانت تعاني من نقص المناعة وأمراض المناطق الحارة، وقال "كان (7) أطفال مصابون بسل رئوي (7) إصابات بالبلهارسيا، بجانب إصابات المعركة وتم نقلهم لمستشفى دار العلاج لإجراء عمليات جراحية لبعضهم، والآن بلغوا الصحة تماماً. اختطاف الأطفال مدعي عام جرائم دارفور الفاتح طيفور قال إن الأطفال الذين تم اعتقالهم في معركة قوز دنقو لم يصلوا مرحلة المسئولية الاجتماعية وتم عزلهم مباشرة ومنذ اللحظات الأولى وكانت حالتهم الصحية حرجة ويحتاجون لمتابعة طبية، وتم عزلهم ووضعهم في أحد دور الرعاية وإخضاعهم للعلاج الطبي ومن ثم تم إجراء التحريات اللازمة وإجراء الفحص الطبي، وثبت وجود (21) طفلاً، تم إغراؤهم بأن يمارسوا العمل المسلح ضد بلدهم وهناك آخرون كانوا في طريقهم للمدرسة وآخرون بالسوق. وقال إن رئيس الجمهورية المشير عمر البشير أصدر القرار (864) بالعفو عن هؤلاء الأطفال ووجه بتسليمهم للمجلس القومي لرعاية الطفولة، وسيقوم المجلس بمعالجة الآثار النفسية والجسدية الكبيرة التي لحقت بهم بالإضافة لمعالجة الآثار الجسدية بشراكة مع ال(دي دي آر) لإعادة دمجهم في المجتمع. وأشار إلى شطب بلاغ بولاية الخرطوم تجاه أحد الأطفال وسينضم لهذه المجموعة. وانتقد السلوك الذي تمارسة الحركات المسلحة باختطاف الأطفال وإجبارهم للقيام بالأعمال العسكرية والسخرة من نظافة وطبخ وخدمات مختلفة داخل المعسكرات، وقال "هذا سلوك مرفوض من قبل المجتمع السوداني الذي يعرف المحبة ورعاية الأطفال، كما أنه يتعارض مع قانون الطفل لسنة 2010م وقانون العقوبات والإجراءات الجنائية والاتفاقيات التي وقعت عليها حكومة السودان. دمجهم بسرية وخلال المؤتمر قالت الأمين العام للمجلس القومي لرعاية الطفولة سعاد عبد العال نريد من الأممالمتحدة أن تنتقل من مربع الإدانة إلى مربع اتخاذ إجراءات صارمة تجاه الحركات الخارجة عن القانون لحماية الأطفال في السودان وفي إفريقيا بصورة عامة في مناطق النزاعات، مشيرة إلى أن الأطفال المعتقلين تم فصلهم في دور انتظار آمنة وتم إخطار المجلس الذي ظل يتابع حالتهم باستمرار وتابع سير الإجراءات القانونية منذ فتح البلاغات الجنائية تجاه الأسرى لدى مدعي عام جرائم دارفور والذي بدوره باشر التحقيقات حتى صدور العفو الرئاسي، وقالت "سيتم دمج الأطفال في مجتمعاتهم بسرية تامة حتى لا يؤثر ذلك على مستقبلهم"، وأضافت "ما يهمنا تأمين الأطفال وحمايتهم والمحافظة على خصوصيتهم" مشيرة إلى وجود فريق طبي يشرف على الأطفال منذ أن تم استلامهم، وقالت "الآن هم موجودون في منطقة بحري في منزل تم تجهيزه لاستقبالهم". وقالت "هذا القرار يبرهن اهتمام رئيس الجمهورية والمجلس القومي لرعاية الطفولة بشئون الأطفال عموماً لا سيما ضحايا الاستغلال والتجنيد القسري"، مشيرة لقرارٍ سابق بالعفو عن (108) طفل استخدمتهم الحركات في دخول أم درمان في 2008م. فيما رحب ممثل اليونسيف بالعفو الرئاسي للأطفال، وأكد تعاونهم مع المجلس القومي لرعاية الطفولة وتقديم الدعم النفسي للأطفال، مشيراً إلى تبني السودان ل(9) معايير دولية للأطفال في مناطق النزاع، وقال إن الحركات تقوم بالزج بالأطفال في مناطق النزاع وتتركهم يبحثون عن حماية أنفسهم وهم بذلك يعرضون حياتهم للخطر.