وترى الصحيفة أن العقوبات ليست "سياسة" وإنما "أداة" يمكن أن تكون فعالة إذا كانت جزءا من سياسة أوسع وأشمل، إلا أنها وجهت انتقادا حادا لسياسة أوباما نحو السودان، ووصفتها بالفوضوية، معتبرة أنها لم تكن تركز على إحلال السلام بالسودان. وقالت الصحيفة إنه من غير الواضح ما ستكون عليه سياسة الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب نحو السودان، إلا أنها رجحت أن تتأثر سياسة ترامب نحو الخرطوم بمن سيعينه لمنصب الأمين العام للشؤون الإفريقية، ومن أبرز المرشحين للمنصب، مدير مركز إفريقيا بمجموعة التفكير الأمريكية (اتلانتيك كاونسل)، بيتر فام، ويعتبر فام من المناصرين بشدة لرفع العقوبات عن السودان، ويرى أنها غير مجدية، إلى جانب الأستاذ الجامعي الأمريكي لبناني الأصل وليد فارس كبير مستشاري حملة ترامب للأمن القومي ومحاربة الإرهاب وشؤون الشرق الأوسط. من جانبها قالت صحيفة "نيويورك تايمز" إن الإدارة الأمريكية تخطط لتغيير موقفها العدائي من السودان– عقب مرور ما يقرب من العقدين من الزمان –، وترفع عنه العقوبات التجارية. معتبرة أن القرار الذي يعتبر الأول منذ مطلع التسعينيات من القرن الماضي، سيمكن السودان من التبادل التجاري على نطاق واسع مع الولاياتالمتحدة، والسماح له بشراء السلع من بينها الآليات والجرارات وقطع الغيار المختلفة، إلى جانب جذب استثمارات تشتد الحاجة إليها في ظل الانهيار الاقتصادي الحالي. في المقابل، سوف يعمل السودان على تحسين وصول المساعدات الإنسانية، وإيقاف دعم متمردي دولة جنوب السودان، والتعاون مع الاستخبارات الأمريكية. ولفتت الصحيفة إلى أن مسؤولي الإدارة الأمريكية أكدوا أن السودان أظهر تقدما في كثير من هذه الجبهات، ولكن للتأكد من استمرار إحراز تقدم ستكون هنالك ستة أشهر لمراجعة الأمر التنفيذي، ويمكن أن تعاد هذه العقوبات في حال فشل السودان في أن يفي بالتزاماته. ونقلت الصحيفة عن محللين قولهم إن العلاقات الجيدة مع السودان، يمكن أن تعزز الأصوات المعتدلة داخل البلاد، وتعطي حوافزَ لإيقاف العنف. في ذات الاتجاه مضت وكالة "أسوسيتيد برس" الإخبارية حيث قالت إنه قبل أسبوع من مغادرة الرئيس باراك أوباما لمنصبه وقع أمرا تنفيذيا يبطل بشكل دائم مجموعة واسعة من العقوبات المفروضة على السودان، عقب ستة أشهر يتم خلالها التأكد من استمرار السودان في جهوده لمكافحة الإرهاب، وفي غضون ذلك سمحت وزارة الخزانة الأمريكية للمواطنين الأمريكيين بالقيام بأعمال تجارية في السودان، وتصدير المنتجات، بشكل فعال وفوري، وتم إلغاء تجميد الأصول السودانية بالولاياتالمتحدة. ولفتت الوكالة الأمريكية إلى أن الإعلان عن القرار جاء عقب أكثر من عام من المحادثات الأمريكية السودانية، لتعزيز التعاون في خمسة مجالات من بينها مكافحة الإرهاب، ووصول المساعدات الإنسانية لمناطق الحاجة، وإنهاء الصراع في دارفور، وعدم توفير ملاذات آمنة لمتمردي دولة جنوب السودان، ومحاربة جيش الرب للمقاومة. وأشارت الوكالة إلى أن الأمر سيترك لإدارة ترامب لتقرر ما إذا كانت ستمضي في ذات الاتجاه، وسترفع العقوبات عن السودان بحلول الثاني عشر من يوليو المقبل، أم أنها ستعيد فرض العقوبات. وأضافت الوكالة أن الرئيس المنتخب دونالد ترامب الذي من المقرر أن يتقلد منصبه في العشرين من الشهر الحالي، لم يعلق علناً على العقوبات على السودان، إلا أن مستشار حملته للأمن القومي وليد فارس كان قد قال في وقت سابق إن ترامب يعارض رفع العقوبات عن السودان. ونقلت الوكالة عن مسؤولين بالإدارة الأمريكية أنهم يتوقعون أن يفسح تخفيف العقوبات المجال لزيادة التجارة في المنتجات الزراعية، والآلات والمعدات الطبية، وأجهزة الحاسوب. من جانبه قال مسؤول رفض الكشف عن هويته في حديثه ل"أسوسيتيد برس" إن الإدارة الأمريكية أطلعت فريق ترامب على الخطة، ولكنه أضاف أنه لا يمكن التنبؤ بما ستكون عليه سياسة ترامب. في ذات الأثناء نقلت صحيفة "وول ستريت جورنال" عن مسؤول بارز بالإدارة الأمريكية قوله إن السودان كان قد أعرب عن رغبته منذ فترة طويلة في رفع العقوبات الأمريكية المفروضة عليه، فضلا عن غيرها من القيود، التي ترجع إلى عقدين من الزمان، مشيرا إلى أنه خلال العامين الماضيين، بحثوا عن وسيلة للتعامل مع السودان بطريقة تمكنهم من معالجة عدم الثقة بين الجانبين، وإيجاد نهج يمكن من خلال معالجة الأشياء التي تقلق الإدارة الأمريكية، والتي من بينها كيفية تعامل الحكومة مع الشعب. ونقلت صحيفة المال الأمريكية عن مسؤول أمريكي آخر قوله: "لقد منحناهم جزرة كبيرة، وفي ذات الوقت عصا كبيرة"، مشيرا إلى أن الأمر التنفيذي يسمح لإدارة ترامب بالتراجع عن القرار إذا لم يف السودان بالتزاماته. من جانبه رحب معهد "واشنطن إنستيتيوت" بالخطوة، وتحدث عن فوائد محتملة لتخفيف العقوبات على السودان، معتبرا أنه قد يشجع السودان على التحول نحو سياسات أكثر إيجابية في الشرق الأوسط، وأنه قرار قد يجد الترحيب من قبل دول مجلس التعاون الخليجي.