الطب الشرعي هو تخصص طبي فرعي يركز على تحديد سبب الوفاة من خلال فحص الجثة، وتتم عملية التشريح من قبل الطبيب الشرعي، وعادة تتم هذه الحالات من خلال التحقيق في قضايا القانون الجنائي والقانون المدني، كما يطلب القاضي التحقيق الجنائي والطب الشرعي في بعض الأحيان للتأكد من هوية الجثة، والاهتمام بالطب العدلي مهم نسبةً لانتشار الجريمة وتطورها حيث باتت متشعبه في الأونة الأخيرة، إضافة إلى ضرورة زيادة المعرفة والثقافة القانونية بين الطبيب والمريض، والتي تتعلق بالطب الشرعي والسموم والأدله الجنائية ومسرح الجريمة ونقل الأعضاء والموت والدم. (2) وفيما يخص تفاصيل المشارح -بشكل عام- قال مدير إدارة الطب العدلي د.هشام زين العابدين ل(السوداني) إن مشرحة مستشفى أم درمان تستقبل يومياً متوسط خمس حالات، فيما تستقبل مستشفى الأكاديمي حالة واحدة، أما مستشفى بشائر فيستقبل من (5 6) حالات، وهذا الأمر يكون في الأيام العادية، بينما هناك حوادث تستقبل فيها بعض المشارح أكثر من عشرين حالة في اليوم الواحد. وعن طريقة التعامل مع الجثث يقول إن التعامل مع الحالات التي تأتي للمشرحة يتم عن طريق أورنيك 8 بعد فتح بلاغ في الشرطة، ثم تدخل الجثة المشرحة تحت قانون 130 القتل العمد و51 إجراءات -(الموت بظروف غامضة)- وهناك جثث أخرى تدخل للمشرحة بشهادة وفاة وذلك لحفظ الجثة، مشيراً إلى أن المدة المحددة التي يفترض أن تبقي بها الجثة داخل المشرحة هي ثلاثة أشهر، لكن حالياًً باتت 45 يوماً فقط فيما يرتبط بقاؤها على حسب سعة المشرحة، وعند امتلاء المشارح بالجثث المجهولة نقوم بأخذ إذن دفن من وكيل النيابة ومن ثم نتحرك لدفنها. وطريقة الدفن تتم بالأرقام للجثث والتي تدفن بمقابر الأمير بأم درمان، مواصلاً أن هنالك جزءاً من تلك المقابر مخصص للجثث المجهولة التي نأتى بها، فيما يتم الاستعانة ببعض فاعلي الخير لإكمال مراسم الدفن، ويضيف: (لعدم توفر المساحة الاستيعابية الكافية نقوم أحياناًً بدفن ثلاثة أشخاص بالقبر)، وأرجع زين العابدين أن الجثث المجهولة الهوية لا تعني أن هؤلاء الموتى ليس لديهم أسر، بل يمكن أن يكون شخص خرج من منزله وتعرض لحادث أو مات فجأة وهو يعتبر مجهول حتى مجيء أهله والتعرف عليه، ويختتم: (هنالك من يخرج من منزله لأقرب مكان ويكون غير حامل بطاقة تعريفية عنه لذلك يصبح مجهول الهوية). (3) بالمقابل نجد أن مشرحة مستشفى أم درمان بها 80 ثلاجة و(غرفة تخزين مبطنة) تستوعب كميات كبيرة من الجثث، أما بشائر فتحتوى على 100 ثلاجة، والأكاديمي به 26 ثلاجة الواحدة تستوعب 9 جثث، فيما يبلغ سعر الثلاجة الواحدة (4580) جنيهاًًً، وعن هذا يقول زين العابدين: (هذه الثلاجات ليست كافية لأننا لدينا مرور سريع فيما تعتمد على مشارح الولاية الكثير من الولايات الأخرى والتى تأتي منها بعض الجثث للتخزين هنا)، ويواصل: (هذه الثلاجات تكون دائمة التشغيل بالمشرحة ( 24 ) ساعة، وتشغل ثلاجة أحياناًً لجثة واحدة بداخلها طوال الوقت). (4) الطبيبة الشرعية بمشرحة الأكاديمي د. أشواق الطاهر إبراهيم ابتدرت حديثها ل(السوداني) قائلة إن وكيل النيابه هو الشخص الذي يقرر الشبهة الجنائية وهو من يحدد إذا كانت وفاة طبيعية أو شبهة جنائية، أما التشريح فهنالك معظم الأسر ترفض تشريح جثة ذويهم، لكن نطلب منهم الرجوع لوكيل النيابة وهو من يقرر ماذا يحدث وطالما لديه شبهة لا يستمع إليهم، وأحياناً يكون هنالك طرف من الأهل لديه مصلحة في عدم التشريح أو الأسرة تعلم الحقيقة وتريد التكتم على الأمر، وتواصل: (نحن كطب شرعي غرضنا ليس العقاب من التقرير بل حفظ حقوق الناس حتى الأحياء منهم. فالحماية تطولهم من بعض الحوادث وتجعلهم ينتبهون لأشياء دقيقة)، وتضيف: (هنالك مواسم يحدث فيها تكدس بالمشرحة مثل الأعياد ونكون مترقبين لما سيحدث من حوادث بالمرور السريع ويكون هنالك جثث كثيرة مما يزيد من صعوبة عملنا حيث تتكدس الكثير من الجثث التي يستصعب التعرف عليها ونأخذ وقتاً طويلاً في تجهيزها، وهنالك بعض الجثث نقوم بتجميعها لأنها مقطعة الاجزاء لذلك تسليمها يأخذ وقتاً لأن جمعها يتم بالقطعة مراعاة للأهل وعدم مقدرتهم على تحمل المنظر). (5) وعن أول الخطوات التي يقومون بها تقول د.أشواق: (أولاً يتم تفييش الجثة ويتم تصويرها وتجميع المتعلقات والأوصاف الخارجية للشخص وطوله ووزنه والعلامات الموجودة داخل الجثة والعينات وعمل ملف كامل ويكون هذا الملف بالأدلة الجنائية في لوحة المجاهيل ويتم وضعه في الأرشيف برقم وبداخله رقم البلاغ ، وعندما يتم الدفن يكتب مكان الدفن ورقم الشاهد)، وتضيف د.أشواق أن التعرف على الجثث من قبل الأهل أحياناًً يحدث عن طريق الملابس الشخصية والشكل الخارجي أو بعض الملحقات مثل ساعة يد إذا وجدت أوال(dna) والأهل تكون صدمتهم أكبر مع تشوه الجثة، مؤكدة بأنه لا يتم تسليم الجثة إلا بعد تعرف الأهل عليها لأن هناك تغييرات تحدث في الشكل وربما يصيبهم ذلك في لبس أثناء التعرف على الميت، مضيفة أن وكيل النيابة يضع أسئلة يحتاج من الطبيب الشرعي الإجابه عليها، وهم بدورهم يجدون أسئلة جديدة خارج أسئلته، مواصلة: (نحن كأطباء شرعيين نحتاج أن نكون داخل مسرح الجريمة للحصول على بعض الأدلة فمثلاًً لو كان هنالك شخص توفى بعد تناوله وجبة بمنزله فنحتاج أن نكون هنالك لأخذ عينة من بقايا الأكل، لكن هذا الشيء غير مفعل في السودان وجودنا داخل مسرح الجريمة نادر جداًً).! (6) لإيجاد معالجة للجثث المجهولة الهوية بالمشارح المختلفة ولتطوير بيئة العمل داخل تلك المشارح نفسها يضع عدد من الأطباء الشرعيين بعض الملاحظات والتوصيات وفي مقدمتها إيجاد حلول سريعة لمسألة التمويل الضعيف للأطباء الشرعيين، بالإضافة إلى الحفاظ والإبقاء على الأطباء الموجدين بالبلاد وتحسين أوضاعهم لأن بعضهم ليست لديه عيادات خاصة، كما أن هنالك 20 طبيباً هاجروا لخارج السودان نسبة للظروف الاقتصادية، وفي هذه النقطة تحديداً تقول د.أشواق: (حالياً لدينا 14 طبيباً شرعياً، 4 منهم مغادرين قريباً وال( 10) متبقين موزعين في المشارح والمستشفيات)، وتواصل: (نحتاج لتهيئة بيئة العمل، ونحتاج أيضاًً للتوعية والتثقيف الصحي بأهمية المشارح ومعرفة دور الطبيب الشرعي، بالإضافة إلى ضرورة تفعيل شراكة فعالة بين وزارة الصحة والداخلية ووزارة العدل والقضاء ومنظمات المجتمع المدني المهتمة بحقوق الإنسان لأنهم شركاء في هذه المسؤولية فهي ليست مسؤولية الصحة وحدها، كما نحتاج لتوفير معينات العمل).