أديس أبابا: رئيس التحرير- أحمد دقش وسط ترحيب دولي واسع وقع رئيس الجمهورية المشير عمر البشير ونظيره رئيس دولة الجنوب سلفاكير ميارديت أمس بعد مفاوضات ماراثونية استمرت لخمسة أيام بالعاصمة الأثيوبية أديس أبابا ، على برتكول تعاون يتضمن (9) اتفاقيات، سيتم عرضها على مجلس الوزراء بعد غدٍ الأحد ، في وقت عقد فيه الرئيسان البشير وسلفاكير لقاء مساء امس لم يكن مخططا له، بعد تأجيل عودة البشير للخرطوم لسوء الأحوال الجوية، وقالت المصادر ل(السوداني) إن اللقاء غير المتوقع يعزز الثقة ويساهم في تذليل العقبات. وتم إرجاء قضية أبيي المتنازع حولها بين البلدين وقضية ترسيم الحدود إلى جولة قادمة تحدد لاحقاً، وتصافح الرئيسان عقب توقيع الاتفاقية وسط هتافات وفدي الجانبين، ففي الوقت الذي أكد فيه البشير التزامه بالبروتكول الخاص بأبيي، دعا سلفاكير الوساطة الافريقية إحالة ملف أبيي إلى مجلس السلم والأمن الإفريقي، وتم تأجيل عودة الرئيس والوفد المرافق له للبلاد مساء أمس لسوء الاحوال الجوية بولاية الخرطوم، في الأثناء علمت (السوداني) بجود تحركات مكثفة يقودها مساعد رئيس الجمهورية عبدالرحمن الصادق وزير مجلس الوزراء احمد سعد عمر بشأن التفاوض بين الحكومة وقطاع الشمال، في وقت غادر فيه وزير مجلس وزراء الجنوب دينق ألور قبل توقيع الاتفاقيات بلحظات الى نيروبي. التزامات البشير وأعلن رئيس الجمهورية المشير عمر البشير في كلمة مقتضبة لدى مخاطبته حفل التوقيع، التزام بلاده بالاتفاقات التي تم التوقيع عليها، وتعهد بمواصلة الحوار لتسوية قضية ترسيم الحدود خاصة المناطق المتنازع حولها وأبيي، مؤكداً الالتزام بالبرتكول الخاص بأبيي الذي أقره اتفاقية نيفاشا. ووصف البشير الاتفاق بالنموذجي لقدرة السودانيين والأفارقة على حل الخلافات عبر الحوار، مشيداً بالوساطة الأفريقية واستضافة إثيوبيا للمفاوضات منذ رئيس الوزراء الراحل مليس زيناوي. والتزم بفتح الحدود بين البلدين تسهيلاً لحركة التجارة وتنقل المواطنين بين البلدين ولكن وفقاً للقوانين الدولية، ووعد بفتح صفحة جديدة في العلاقات مع جوبا تعزيزاً للعلاقات الوثيقة التي تربط شعبي البلدين، وطالب وسائل الإعلام بنقل المعلومات من مصادرها وفق المسؤولية المطلوبة. حل المأزق من جانبه أقر رئيس دولة جنوب السودان سلفاكير ميارديت، بصعوبة المفاوضات، وقال "عندما تمت دعوتي للحضور لأديس توقعت أن أمضي به يوماً واحداً، لكنني تفاجأت بصعوبة القضايا وقمت بتمديد إقامتي لخمسة أيام"، ووعد بالمضي قدماً في تنفيذ الاتفاقات الموقعة، وتابع: "طلبت من فريق بلادنا المفاوض الدخول في مفاوضات مع وفد السودان لحل القضايا العالقة"، وطالب الوساطة الأفريقية بإحالة ملف أبيي إلى مجلس السلم والأمن الإفريقي بعد رفض السودان لمقترح الوساطة الإفريقية وأردف: "لا بد من حل هذا المأزق عاجلاً وليس آجلاً". ووصف سلفا كير الاتفاق بأنه يعني "نهاية نزاع طويل" بين البلدين، وأضاف: "اليوم هو يوم عظيم في تاريخ منطقتنا وخصوصا السودان وجنوب السودان، نحن نشهد توقيع اتفاق تعاون ينهي نزاعا طويلا بين بلدينا"، وأشاد سلفا بالتزام وجهود الوساطة الإفريقية وبتعاون نظيره الرئيس عمر البشير في الاجتماعات التي جمعت بينهما في أديس أبابا. من جهته قال الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية في تصريحات للتلفزيون القومي مساء أمس إن الاتفاقيات الموقعة بين البلدين ستعرض على البرلمانيين لإجازتها ، مشيراً الى أن اللجنة الأمنية ستجتمع خلال أسبوع واحد للشروع في تنزيل الاتفاق الأمني على أرض الواقع بتحديد المنطقة منزوعة السلاح وانسحاب قوات الطرفين للمسافة التي حددتها الاتفاقية بإشراف من الاتحاد الإفريقي والأممالمتحدة. تفاصيل الاتفاقيات اشتملت الاتفاقات الموقعة على ملف الترتيبات الأمنية وقع عليه من جانب الحكومة وزير الدفاع الفريق عبدالرحيم محمد حسين ونظيره الجنوبي جون كونغ نيون، كما وقع البلدان على عدد من الاتفاقات تمثلت في "أوضاع المواطنين، التجارة والموضوعات ذات الصلة، الحدود، بجانب اتفاقية حول القضايا الاقتصادية الأخرى التي تضم الأصول والديون والمتأخرات والمطالبات، كما وقعا على اتفاقية حول التعاون بين البنوك المركزية والمعاشات، بجانب اتفاقية حول النفط"، وقع عليهما من جانب السودان رئيس وفد الحكومة إدريس محمد عبدالقادر وعن الجانب الجنوبي وقع باقان أموم. أوباما يرحب ورحب الرئيس الأمريكي باراك أوباما باتفاق الخرطوموجوبا، وقال إن شعبي البلدين يستحقان العيش في السلام بعد أن عانيا خلال عقود بسبب الصراع . واعتبر في بيان أطلقه البيت الأبيض أن الاتفاق انطلاقة لقاعدة جديدة لدعم الرؤية العالمية لدولتين قابلتين للحياة تعيش كل واحدة منهما في سلام مع الأخرى كما يمثل تطورا جوهريا لحل القضايا الاقتصادية والأمنية البارزة بين البلدين، وأشار الى أن الشعبين في السودان وجنوب السودان اللذين عانيا بشكل كبير خلال عقود بسبب الصراع يستحقان أن ينعما بمكاسب السلام الدائم الذي يستطيع أن يتحقق من خلال المفاوضات والحوار المتواصل والتنفيذ المستمر للاتفاقات التي تم التوصل إليها حتى الآن والعمل المخلص لحل بقية القضايا". علامة فارقة في سياق متصل رحب وزير الخارجية البريطاني وليام هيج في بيان له بالاتفاق واعتبره علامة فارقة نحو حل الخلافات المعلقة بين الجانبين وتبني علاقة بناءة على أساس حسن الجوار"، معلناً استعداد بلاده لدعم تطبيق هذه الاتفاقيات . من جانبه هنأ الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون حكومتي السودان وجنوب السودان على توقيع عدد من الاتفاقيات . وأوضح المتحدث باسمه فى بيان له أمس، أن الاتفاق يشكل اللبنات الأساسية الهامة لبناء أساس قوي لمستقبل مستقر ومشرق فى العلاقة بين الدولتين. وأشاد مون بالرئيسين عمر البشير وسلفا كير ، لإثباتهما أنهما رجلي دولة محنكين الشيء الذى جعل التوصل إلى اتفاق شامل ممكن، ولأنهما مرة أخرى اختارا السلام على الحرب . وكشف البيان عن انعقاد اجتماع على المستوى الوزاري حول السودان وجنوب السودان على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 67 برئاسة الأممالمتحدة بنيويورك. من جانبه دعا الاتحاد الأوروبي الدولتين لتنفيذ الاتفاقيات التي تم التوصل إليها دون تأخير، خاصة فيما يتعلق بتدفق النفط واستئناف التجارة عبر الحدود لأنها ستفيد اقتصاد كلا البلدين وتحسن من حياة الناس المعيشية، ورحبت الممثلة العليا للسياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون بالخطوات التاريخية التي اتخذها البلدان والروح الإيجابية التي سادت الاجتماعات وأشارت إلى أن اتفاق الترتيبات الأمنية يسهم في تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة الحدودية من خلال نشر فرق المراقبة المشتركة وأكدت استعداد الاتحاد الأوروبي لتقديم أي مساعدات للاتفاقيات الموقعة، وقالت إن إيجاد حل نهائي لأزمة أبيي هو جزء هام من تنفيذ خارطة طريق الاتحاد الأفريقي ومجلس الأمن 2046، وأعربت عن قلق الاتحاد الأوروبي إزاء الصراع في ولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان وشددت على ضرورة دخول الوكالات الإنسانية دون قيد أو شرط.