* نهار يوم 10 أبريل الماضي كان المدير السابق لجهاز الأمن المهندس صلاح قوش يخبر البشير بأنهم في اللجنة الأمنية للنظام السابق كانوا قد وضعوا خطة لفض الاعتصام في اليوم التالي أي 11 أبريل. * حوالي العاشرة مساء العاشر من أبريل قام قوش بخطوة كادت أن تفسد كل شيء، ولكن كان لا بد منها إذ حضر للبشير مرة أخرى ودون موعد أو إخطار سابق وجعل من ظاهر تلك الزيارة التأكيد للرئيس المخلوع على خطة وقرار فض الاعتصام وباطنها التأكد من أن معلومة انحياز اللجنة الأمنية في غد لثورة الشعب لم تتسرب إليه ! * زيارة قوش الأخيرة للبشير وربما الحالة التي بدا عليها وطريقة خروجه من عنده حيث كان يتحرك للخلف ووجه مقابل للرئيس دون أن يعطيه ظهره؛ كل ذلك جعل البشير لأول مرة يشك في أن ثمة أمرا ما يجري من خلفه. * عندما غادر قوش البشير سارع الأخير للاتصال برفيقه ومحل ثقته الفريق أول عبد الرحيم محمد حسين وطلب منه أن يستفسر مدير عام الشرطة وقتها وأحد أعضاء اللجنة الأمنية حول خطة فض الاعتصام. * مدير الشرطة نفى للفريق أول عبد الرحيم عزمهم فض الاعتصام في غد وأن الأمر ما يزال محل تشاور، وكان هذا خطأ آخر في عدم الاتفاق على كل التفاصيل، وربما تغييب بسبب عدم الثقة الكاملة. * عبد الرحيم محمد حسين سارع بإبلاغ البشير عدم وجود خطة واتفاق على فض الاعتصام صبيحة 11 أبريل، وطلب منه الرئيس السابق التحرك سريعا إلى مبانى الجهاز لمقابلة قوش واستفساره أكثر والسيطرة على قوات الجهاز، إن تبدى له أمر آخر. * تعمد قوش إبقاء عبد الرحيم خارج مكتبه أطول وقت ممكن بعد أن قابله على عجل وعندما بدأ عبد الرحيم يتململ اتخذ قوش الخطوة الأولى على طريق التغيير بتوجيه أحد ضباطه باعتقال عبد الرحيم وكان أول معتقل من النظام السابق لم تشرق عليه صبيحة 11 أبريل! * عبد الرحيم المصاب بالعديد من الأمراض المزمنة طلب من الضباط مرافقته إلى منزله القريب من مباني الجهاز لأخذ كامل أدويته والتي بتناولها على مدار الساعة وصحبته بالفعل قوة كبيرة والفجر يقترب من الإفصاح. * من داخل غرفة نومه تناول عبد الرحيم تلفون موبايل احتياط كان يحتفظ به هناك، وأخطر البشير في عجالة بأن انقلابا طرفه قوش قد وقع وأنه رهن الاعتقال. * خرج البشير إلى باحة مقر الضيافة ليتأكد من حرسه الخاص، ولكنه اكتشف تغييرا كاملا في أطقم الحراسة فتيقن من أمر الانقلاب ليصل غير بعيد المفتش العام للجيش الفريق البرهان ويخطره بقرار التغيير الذي تم. * حوار قصير بين البرهان والبشير ربما هو الأصعب من نوعه بين قائد واحد ضباطه قطعه البرهان بنوبة من البكاء المفاجئ والبشير يقر بالتسليم ويصفه ومن معه بأنهم (أولاده في الجيش) ويوصيهم على البلد. * عندما نقل الفريق البرهان للفريق أول ابن عوف كانت الأوامر تصدر ببدء بث مارشات عسكرية على الإذاعة والتلفزيون القومي مع التنويه لبيان قريب من القوات المسلحة. * على بعد أمتار من مطبخ القرار كان آلاف من شباب وشابات السودان في انتظار الإعلان عن الاستجابة لمطلبهم بانحياز الجيش للشعب ووضع حد لحكم الإنقاذ بعد أن أوصلوا الثورة سقفها الأعلى بالوصول إلى بوابات القيادة العامة للقوات المسلحة وأصبح الخيار إما الإطاحة بالحكومة أو الشهادة على أسوار القيادة. على الطريق الثالث هذا النص (مهدى) إلى قوى الحرية والتغيير بمناسبة اقتراب موعد تصحيح مسار الثورة.