يعتبر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر..ضرورة من ضروريات الحياة!!بل هو يمثل القطب الأعظم في الدين،والمعروف لغةً-هو اسم لكل فعل يعرف بالعقل أو الشرع، وهو خلاف المنكر، والمعروف اصطلاحاً هو اسم جامع لكل ما عرف من طاعة الله والتقرب إليه والخير والإحسان إلى الناس- سواء كان بالعمل أو القول أو الإشارة- والمنكر-هو كل اعتقاد أو عمل أو قول أنكره الشارع الحكيم ونهى عنه، وهو عكس المعروف. وللأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أهمية كبيرة في حياة الفرد والمجتمع المسلم..وهو المهم الذي بعث الله به النبيين. ولأهميته فإن الله قرنه بالأيمان به في قوله تعالى:(كنتم خير أمة أخرجت للناس، تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله)(آل عمران 110) ولبيان ضرورته وأهميته فإن النبي عليه السلام-حذر ونبه من الآثار الناجمة عن تركه..فقال عليه السلام:(لتأمرن بالمعروف وتنهون عن المنكر أو ليسلطن الله عليكم شراركم ثم يدعو خياركم فلا يستجاب لهم). ولقد كان رسول الله عليه السلام-الإمام الأول لمن أمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر وكان قدوتهم وأسوتهم في الدعوة إلى الله تعالى،وكان صريحاً كل الصراحة، وواضحاً كل الوضوح في قول الحق، وفي الأمر والنهي، وكانت هذه الصراحة مزيجاً من الأدب والذوق والخُلق فما كان غليظاً في قوله، ولا فظاً في أمره ونهيه، بل كان المثل الأعلى في اللين والرفق وحسن الخُلق والعلم بمواقع إنكار المنكر وظروفه وما يترتب على إنكار المنكر من آثار ايجابية وسلبية-وكما قال تعالى: (ولو كنت فظاً غليظ القلب لا نفضوا من حولك). تعود أهمية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلى وجوبه على هذه الأمة،فقد اتفق العلماء على القول بوجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فيما أثر عنهم من الأقوال مستدلين على ذلك بالكتاب والسنة،قال ابن حزم: اتفقت الأمة كلها على وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بلا خلاف من أحد منهم..ولم يكن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فرضاً وواجباً على هذه الأمة فحسب؛ بل كان فرضاً واجباً من قبل على الأمم المتقدمة، كما دل على ذلك القرآن الكريم في مواضع كثيرة..قال الله تعالى:(ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن النكر وأولئك هم المفلحون) ( آل عمران104) وهذه الآية فيها بيان أنه فرض كفاية لا فرض عين-وأنه إذا قام به أمة سقط عن الباقين!!إذ لم يقل: كونوا كلكم آمرين بالمعروف-فإذا ما قام به جماعة سقط الحرج عن الآخرين. خطورة وآثار ما يترتب على ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.. إن ما يترتب على ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أمور عظيمة وآثار في غاية الخطورة!! لقد أخبرنا الله تعالى-أن الأمة التي تقصر في هذا الجانب أمة مطرودة من رحمة الله تعالى،قال تعالى:(لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى بن مريم،ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون)،(كانوا لا يتناهون عن منكراً فعلوه، لبئس ما كانوا يفعلون) (المائدة-78-79). عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقاباً منه ثم تدعونه فلا يستجيب لكم). وللأمر بالمعروف والنهي عن المنكر آثار طيبة على الفرد والمجتمع،ومنها على سبيل المثال: 1 أنه سبب في الخيرية: لقوله سبحانه وتعالى:(كنتم خير أمةٍ أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله) في هذه الآية مدح هذه الأمة ما أقاموا ذلك واتصفوا به. 2 أنه سبب في الفلاح لمن قام به:لقوله تعالى: (ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون)واختص الفلاح بالقائمين به المباشرين له. 3 الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أخص صفات المسلم:لقوله سبحانه وتعالى: (والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيزٌ حكيم)(التوبة 71). 4 الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سبب للنجاة من الهلاك:فإنما تهلك المجتمعات، ويحق عليها العذاب،إذا كثر فيها الفساد،وطغى العباد،والآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر هم سبب نجاة المجتمع من الهلاك!!الذي ربما أصابه بسبب الذنوب الحاصلة، وتجاوز حدود الله سبحانه وتعالى بالمعاصي من ارتكاب المحرمات، والإعراض عن الواجبات. 5 الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من المكفرات: فمن فضل الله سبحانه وتعالى على عباده أن جعل لهم من الأعمال الصالحة ما يكون سبباً لتكفير الذنوب، كالصلاة والصوم والحج ونحوها، ومن هذه المكفرات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر،لما في الصحيحين من حديث حذيفة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (فتنة الرجل في أهله وماله ونفسه وولده وجاره يكفرها الصيام والصلاة والصدقة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر). 6 الأمر بالمعروف سبب في كسب الأجر الكثير: فمن أمر بصلاة مثلاً كان له مثل أجر من صلاها، ومن أمر بصدقة أو صوم أو حج أو نحو ذلك من الطاعات،الواجبات أو المستحبات،كان له من الأجر مثل أجر من فعلها،وغير ذلك الكثير من الآثار الحميدة على الفرد والمجتمع. (ومن دعا إلى خير كان له من الأجر مثل أجور من اتبعه). ما الوسائل المشروعة في القيام بالأمر بالمعروف عن المنكر؟ اللسان والكلمة الطيبة: الوسائل المشروعة تختلف باختلاف الآمر والناهي، ولكن الجامع لذلك هو استخدام الحكمة في الأمر والنهي وعدم تجاوز المشرع فيه،وقد بين لنا المصطفى عليه السلام شيئاً من ذلك بقوله: (من رأى منكم منكراً فليغيره بيده،فإن لم يستطع فبلسانه،فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان).بين الحديث درجات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فأعلاها درجة التغيير باليد وهذا يكون في (أهله) أما المنكر الذي في المجتمع فتغييره باليد من اختصاص (السلطان) هو يكتفي بالموعظة..والكلمة الطيبة قال تعالى:(ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن)وهذه الآية تعزز أيضا مفهوم الحديث السابق- أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب وفرض عندما ترى منكراً؟ وكلمة (ادع) في الآية (فعل أمر) فنحن مأمورون بذلك ومن هذه الوسائل ايضاً الإسلام والعدالة- بأن لا يكون فاسقاً: (أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم) البقرة-44)- وأن يكون عنده العلم الشرعي الكافي فيما يأمر به وينهى عنه-وأن يكون حسن الخُلق والسيرة قدوة للناس-وأن يكون مخلصاً لله في قيامه بهذا العمل يبتغي به وجه الله وحده لا شريك له،فإن الله لا يقبل العمل من العبد إلا إذا كان خالصاً لوجهه الكريم. إخوتي الكرام.. لقد انتشر الفساد في المجتمع وخاصة في زماننا هذا..بالتالي انتشر التخلف!!وإن لم ينه بعضنا بعضاً عن منكراً يفعله بعضنا،يستحق إن نُهلك!!عِلة الخير في هذه الأمة هو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والإيمان بالله-فإذا عطلنا شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتفاعل بها ومعها..عطلنا خيرتنا وأصبحنا أمة كأي أمة!!ليس لنا أية ميزة عند الله عزّ وجل!وسنكون في مؤخرة الأمم. هذه مسؤولية تحتم علينا وعلى الأمة الإسلامية أن تقف كالجبل الأشم أمام الشرور والمفاسد التي تكتنف حياة الناس والتي أصبحت مستشرية في مجتمعاتنا وفي زماننا هذا مما يتطلب منا الكثير من الجهد..خاصة العلماء.. والمعلمين.. والإعلاميين-وكان عليه السلام يأمر الدعاة بالتيسير على الناس في مطالب الحياة ويحذرهم من تنفير الناس عن الدين (بشرا ولا تنفرا ويسرا ولا تعسرا وتطاوعا) ومن هذا المنطلق تأتي أهمية تفعيل شعيرة (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) في محاربة هذه المفاسد. وهي سبيل للاتحاد والوحدة والقوة للمسلمين..لصد مؤامرات الأعداء ودعاة العلمانية! ولن تقف مكتوفة الأيدي.. وسيكون النصر حليفنا وهو قادم لا محالة. والله المستعان