رسمت وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي السودانية جدولاً زمنياً وخارطة طريق لمعالجة الديون الخارجية في مشروع موازنتها للعام المالي الحالي 2020، تضمنت بدء التفاوض في مارس الحالي مع صندوق النقد الدولي للاتفاق حول برنامج الإصلاح الاقتصادي، وسريان تنفيذ البرنامج في إبريل وأكتوبر ونوفمبر المقبلين 2020م، وإعلان تقييم الصندوق لأداء السودان والوصول إلى نقطة القرار حتى يونيو 2021م. وتفيد البيانات الرسمية بأن إجمالي الدين الخارجي للسودان يبلغ نحو 58 مليار دولار، النسبة الأكبر منه فوائد وغرامات تأخير، حيث أن أصل الدين الخارجي يتراوح ما بين 17 و18 مليار دولار، و نسبة 85% من الدين عبارة عن فوائد وجزاءات، بدأت في التراكم منذ عام 1958م. وأشارت بيانات واردة في تقرير مشترك بين البنك الدولي ووزارة المالية والتخطيط الاقتصادي، إلى أن قائمة دائني السودان تضم مؤسسات متعددة الأطراف بنسبة 15 % ونادي باريس 37%، و36% لأطراف أخرى، و14% للقطاع الخاص. وقلل أستاذ الاقتصاد بجامعة الخرطوم البروفيسور إبراهيم أونور من قدرة هذه الخارطة على الخروج بنتائج إيجابية حول إعفاء السودان من ديونه الخارجية، في ظل المعطيات الراهنة التي يمر بها الاقتصاد، ما لم يتم التوصل إلى حل سياسي مع الولاياتالمتحدة الأميركية لإزالة اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب والذي وعدت عبر وفد الخزانة الأمريكية الذي يزور البلاد حاليا بأن رفعه مسألة وقت. إلا أن أستاذ الاقتصاد والعلوم السياسية البروفيسور صلاح الدين الدومة توقع في حديثه مع "السوداني" نجاح الحكومة إلى حد كبير في تنفيذ خارطتها، وخفض حجم الديون، معتبراً أن مصلحة الجهات الدائنة وكذلك أميركا، النهوض باقتصاد السودان وإنعاشه للاستفادة من موارده الضخمة ولقطع الطريق أمام الوجود الروسي والصيني. ودعا المحلل الاقتصادي د. هيثم فتحي المانحين في مؤتمرهم المرتقب في بالخرطوم في يوليو المقبل لمساندة خارطة الطريق التي وضعتها الحكومة لحل مشكلة الديون. وقال فتحي ل"السوداني" إن الكثير من الدول الأوروبية على رأسها فرنسا تستطيع التأثير على المجتمع الدولي والحلفاء لإعفاء السودان من ديونه، "وسبق أن أشادت فرنسا بدور السودان في مكافحة الإرهاب والاتجار بالبشر والحد من الهجرة غير الشرعية"، مشيرا لتعويله على التعاون بين السودان وفرنسا في المجالات الاقتصادية والعمل على جذب القطاع الخاص للاستثمار خاصة في مجال الزراعة والطاقة المتجددة. ولفت فتحي إلى أن المشكلة الحالية للاقتصاد السوداني هي تمويل المشاريع باعتبار السودان دولة مديونة لن تستطيع الحصول على المزيد القروض لتنفيذ مشاريعها الاستثمارية أو تنشيطها. وأكد أهمية حل مشكلة الديون الخارجية حتى يتمكن الاقتصاد السوداني من التعافي والانطلاق من قاعدة جديدة للقروض الميسرة، خاصة أن السودان يستحوذ على إمكانات ضخمة من الثروة المعدنية لاسيما الذهب، وأراض زراعية شاسعة. ويعتبر السودان الدولة الثانية عربياً والعاشرة عالمياً من حيث حجم الديون