الأمانة العامة لمنظمة الدعوة الإسلامية، وفي بيان لها أمس حول قرار لجنة إزالة التمكين بإلغاء تسجيل المنظمة والتوصية بإلغاء قانونها الخاص ومصادرة ممتلكاتها، لم ترد صراحة على أخطر اتهام من اللجنة للمنظمة، الخاص بتسجيل البيان الأول للانقلاب العسكري، الذي نفذته الجبهة الإسلامية، داخل مقر المنظمة، وحاولت الأمانة بقدر المستطاع الالتفاف على الاتهام وغيره من الاتهامات بعبارات فضفاضة ومغالطات لا طائل منها، أرادت منها استدرار بعض التعاطف . تسجيل البيان داخل مقر المنظمة، لا ينبغي أن ينتهي بقرار حل المنظمة ومصادرة ممتلكاتها، وحسب، بل التحقيق حول من تورط فيه، وتقديمهم للمحاكمة جنباً إلى جنب مع منفذي ومدبري انقلاب 30 يونيو المشئوم، لأن الفعل هو قمة التدخل في الشؤون الداخلية وترك اثرا تدميريا على السودان سياسيا وامنيا واقتصادياً، علماً بأن هناك أسماء إعلامية معروفة تردد اسمها في ترتيب التسجيل، وقد تمت مكافأتها على فعلها طوال الثلاثين سنة بالتنقل بين الوظائف العليا في مؤسسات الدولة الإعلامية. لا يفيد هنا الزعم باستفادة البلاد من خدمات المنظمة وتجاهل الاستفادة العظمى لعناصر النظام المخلوع من خدمات ووظائف المنظمة، ومن عجب أن الأمين العام للمنظمة الذي كان يوماً ما وزيرا في نظام البشير يريد منا أن نضع كل ذلك، تحت لافتة الأخطاء الفردية. (2) بيان الأمانة العامة للمنظمة، تجاهل كذلك عن عمد الحديث الواضح من لجنة إزالة التمكين، حول وجود قانون خاص للمنظمة صدر 1990 ما ينفي الإدعاءات التي صاغتها الأمانة العامة عن أن السودان مجرد دولة مقر، وحدود علمنا المتواضعة أن تحديد دولة المقر يتم عبر اتفاقية خاصة بين الدولة والمنظمة، وليس عبر قانون خاص يستبيح الدولة وأموالها وأراضيها وسيادتها . (3) الأمانة العامة ذكرت، أن للمنظمة مجلس أمناء مكون من 70عضوا ينتمون إلى 24 دولة من دول العالم، وقد تشرف المجلس طوال السنوات الثلاثين الماضية برئاسة المشير عبد الرحمن محمد الحسن سوار الذهب حتى وفاته رحمه الله، وفي هذه الفقرة محاولة فاضحة للتكسب من سيرة سوار الدهب، عليه شآبيب الرحمة والغفران، لكن الرجل نفسه ورغم تاريخه السياسي وموقعه في منظمة دعوية يفترض فيها الحياد والبعد عن الصراعات السياسية، ظل يعمل كرئيس دائم للجان الخاصة بترشيح المخلوع عمر البشير، مع كل دورة انتخابية، وهو ما يؤشر الى أن تسجيل البيان لم يكن عملية عابرة داخل المنظمة . (4) هدد البيان بتصعيد الموقف الرافض لقرارات إزالة التمكين، لرئاسة الجمهورية ووزارة الخارجية، وهذا ينم عن جهل فاضح أو تعمد التضليل، ولا أدري هل لا يعلم الأمين العام للمنظمة عطا المنان بخيت، أنه لا وجود لهيكل في السلطة الانتقالية، اسمه رئاسة الجمهورية بموجب الوثيقة الدستورية، وأن هناك مجلس سيادة، عضوان فيه يترأسان اللجنة، التي تعمل بموجب قانون، أما إن كان الرهان على قرار من فرد، فيكون السفير واهماً مهما كان منصب ذلك الفرد، وعليه إذا ارادت المنظمة استئناف قرار الحل فعليها أن تعلم أولاً طرق الاستئناف في الدولة الجديدة وليست دولة الجبهة الإسلامية . (5) ساءني جدا التعليق المؤيد لقرارات لجنة إزالة التمكين، من وزير العدل نصر الدين عبد الباري، ذلك لأن الوزير عضو في لجنة الاستئناف، وما كان عليه التعبير عن موقفه في هذا الوقت لانه جهة سيلجأ اليها المتظلمون في النهاية، ولا يمكن أن يظهر الوزير موقفه الآن وذلك من قواعد العدالة وابجدياتها . .