الجمعة الماضية، أصدرت لجنة إزالة التمكين واسترداد الأموال المنهوبة، قراراً بمصادرة (73) في المائة من أسهم صحيفة (الرأي العام)، سُجلت ضمن خطة تمويهية لإخفاء أموال المؤتمرالوطني ، باسم اثنين من أبناء غازي صلاح الدين العتباني وزوج كريمته، وأمرت اللجنة برد الأسهم للخزينة العامة ، باعتبارها أموالاً تخص الشعب ، ظل الحزب وزبانيته يرتعون فيها فساداً طوال (30 ) سنة. في ذلك اليوم توقع محمد الفكي سليمان، نائب رئيس لجنة التمكين، صراخا ونواحا للفاسدين وأعوانهم وأربابهم ، وقد كان، صرخوا بملء حناجرهم، لأنهم خسروا وسيخسرون المزيد من أموال السحت التي أرهقت بطونهم الشرهة والنهمة. (2) في هذه المساحة، وقبل أيام، انتظرت صدور بيان توضيحي من دكتور غازي صلاح الدين العتباني، لأن الأسهم ذهبت بعد الثورة إلى عدد من أفراد أسرته الصغيرة، ابنيه وزوج كريمته، فربما تعلقت الحادثة بثوبه بشكل أو بآخر، أكثر من غيره . وبدلاً من أن يفعل ذلك، أو يصمت، لجأ صلاح الدين إلى الإعلام ، وخرج بتصريح نقلته عنه صحيفة "متاريس الإلكترونية"وجه فيه انتقادات عنيفة للحكومة، التي ذكر أنها أسوأ وضع يمر على السودان، وأن الحكومة تفتقر للأهلية الأخلاقية والسياسية، وأن شباب الثورة تعرضوا لخديعة من "قحت" التي أدارت ظهرها لمطالبهم في الحرية والسلام والعدالة، قبل أن يقول إن ما يحدث من فساد الآن أكبر من ذلك الذي حدث خلال كل الحكومات المتعاقبة… من حق غازي كمواطن وكرئيس حزب سياسي، أن ينتقد كما يشاء ووقت ما يريد، لكن من حقنا أيضاً التعجب لأحاديث الخديعة ومجافاة الأقوال للأفعال، لأن الرجل قيادي في الحركة الإسلامية، حيث سلوك الخديعة والخيانة أصيل فيها، مارسته ضد كل خصومها ، وفي حق شيخها ومؤسسها حسن الترابي، والمعركة ضد العراب أدارها غازي نفسه بخبث وتشفٍ،حتى أنهم كادوا يخرجون الترابي من الدين. (3) نعم، من حقه أن ينتقد ويضرب الخدود ويشق الجيوب على ضياع عهد الفساد والاستبداد، لكن ليس من حقه أن يطلق صرخة جنونية وهو يدعو الجيش للتدخل لأخذ التفويض الذي تم منحه له من قبل الشعب سابقا، طبقاً لما جاء في التصريح وهي دعوة تستند إلى كذب صريح ،لأن الشعب لم يمنح تفويضاً للجيش في يوم من الأيام، والشعب خرج في ديسمبر المجيدة ضد النظام البائد وعسكره، وخرج في 30 يونيو ضد محاولات العسكرة الجديدة، التي يتوق لها الفاسدون حتى توقف حرب تعريتهم اليومية، ويدرك الشعب أن تلك الحرب ليست مجرد إلهاء له عن قضاياه الحقيقية، كما يحاول أن يصورها غازي العتباني، بل هى أموال، تنتزع من تنظيم فاسد وأسر فاسدة ، تريد أن تخلق حاضنة عسكرية جديدة، تحتمي بها لتواصل مسيرة الفساد والاستبداد. (5) في مطلع مايو الماضي، أعد الراحل، علي محمود حسنين ومعه( 3 ) من عتاة المحامين،عريضة اتهام انقلاب 30 يونيو المشئوم، وكان اسم غازي صلاح الدين العتباني، ممن شملهم الاتهام، لكن اللجنة الكسيحة الخاصة بالتحري حول الانقلاب التي شكلها النائب العام، لم تستدع غازي ، وتركته حراً طليقاً ، آمناً من العقاب، لذا من الطبيعي أن يسيئ الأدب، بدعوته نهاراً جهاراً للجيش للانقلاب على الثورة ، وهو أمر سيتكرر من أمثاله ، لأنها عقليات انقلابية ،فطمت وتربت على ذلك، ولن يتبدل حالها ، مهما كانت الدروس والعبر.